لماذا يتعين على الحكومة السعودية التدخل لتغيير السياسية المصرفية؟

الخميس 29 سبتمبر 2022 07:43 م

سلط تحليل اقتصادي الضوء على مخاطر السياسية المالية التي تنتهجها السعودية في الوقت الحالي، ذاهبا إلى أنه عليها الاستفادة من تجربة دول شرق آسيا، كاليابان وكوريا الجنوبية والصين، وتجنب نهج دول جنوب شرق آسيا، كتايلاند والفلبين.

وذكر التحليل المطول الذي نشرته مدونة "LSE's Middle East Center" التابعة لكلية لندن للاقتصاد، أن فشل السعودية في الاستثمار فيما يتعلق بالصناعات التحويلية القادرة على الإضافة للناتج المحلي الإجمالي للبلاد، يعكس تجاهل المملكة الدروس المستفادة من تاريخ شرق آسيا الحديث في هذا الصدد.

وأوضح التحليل أن كلا من اليابان وكوريا وتايوان والصين، يرجع نجاحها الاقتصادي، إلى التقيد الصارم بمراحل التنمية، حيث أعطت أولوية لإصلاح الأراضي حتى تصل إلى حالة إنتاج عالية، ثم التحول إلى التصنيع وزيادة الصادرات، فيما ركزت على تقديم الخدمات في مرحلة لاحقة.

وأشار إلى أنه بدلاً من ذلك، شجعت البنوك السعودية نمطًا من السلوك المرتبط بدول جنوب شرق آسيا الأقل نجاحًا، مثل تايلاند والفلبين، حيث نتجت مشكلاتهم عن محاولتهم تخطي مرحلة التصنيع.

وبالتعمق أكثر في التناقض بين الترتيبات المالية التي اتخذتها دول شرق آسيا الناجحة وتلك الخاصة بجيرانها الأقل نجاحًا في جنوب شرق آسيا، نكتشف أن القضية الرئيسية، حسب التحليل، هي مسألة التنظيم.

ويتابع التحليل "الأنظمة المالية في اليابان وتايوان وكوريا والصين ظلت تحت إشراف دقيق، وتم الحفاظ على ضوابط تدفقات رأس المال الدولية حتى مرحلة متقدمة من النمو".

وكانت الآلية الرئيسية لضمان تمويل أهداف سياسة الدولة هي الإقراض المصرفي، الذي فرض ضوابط للتصدير على الشركات المصنعة من خلال تقديم الائتمان فقط للشركات القادرة على الالتزام بمتطلبات التصدير.

من ناحية أخرى، عادة ما تختار دول جنوب شرق آسيا، على أساس النصائح السيئة من البلدان الغنية، تحرير البنوك وإزالة ضوابط رأس المال.

نتيجة لذلك، بدأت البنوك التي تسيطر عليها الشركات العائلية في الانتشار.

ومع إعطاء تلك الشركات الحرية في توجيه الأموال حيثما تشاء، كانت الشركات العائلية تميل إلى تفضيل نوعين من الشركات: إما غير صناعية، أو إذا كانت تعمل في التصنيع، تهتم فقط ببيع المنتجات محليا.

في شرق آسيا، من خلال ربط الدعم بأداء الصادرات، حفزت الحكومات التحديث التقني السريع في التصنيع، وسرعت وتيرته إلى مستويات غير مسبوقة.

بينما شهدت بلدان جنوب شرق آسيا نقيض ذلك، فعلى الرغم من أن رواد الأعمال لم يكونوا أقل قدرة، فشلت السياسة الحكومية في إلزامهم بالتصنيع أو فرض قيود التصدير عليهم.

وبدلاً من ذلك، كانت هناك مشروعات صناعية ممولة من الحكومة، ولكن مع وجود حد أدنى من المنافسة بين الشركات وعدم وجود إكراه على التصدير، كانت العوائد على جميع أنواع استثمارات السياسة الصناعية منخفضة للغاية.

ووفق التحليل، فإن هناك إشارة واضحة ومقلقة على أن السعودية قد تكون على وشك اتباع طريق جنوب شرق آسيا، بدلاً من طريق شرق آسيا، هذه الإشارة توفرها إحصاءات الأعوام في الفترة ما بين 1985 إلى 1989.

خلال تلك الفترة، ارتفع التمويل من البنوك للمؤسسات المختلفة من 3٪ إلى 12.5٪، لكن حصة القطاع الصناعي في الائتمان انخفضت من حوالي 10٪ إلى 6٪، مع إشارة ضمنية لا لبس فيها إلى أن الأموال كانت تذهب إلى الأماكن الخطأ.

وبحسب التحليل، فإنه خلال نصف القرن الماضي، وبعيدًا عن رعاية الصناعة، ركزت البنوك السعودية على 3 قطاعات، هي التجارة، والعقارات، والاستهلاك الشخصي، والتي تقدم مساهمة ضئيلة في الناتج المحلي الإجمالي.

في عام 1969، شكلت هذه القطاعات الثلاثة 70٪ من الائتمان الممنوح من البنوك، وبينما انخفض هذا الرقم في التسعينيات، ارتفع مرة أخرى مؤخرًا، ليصل إلى 68٪ في عام 2019.

في الوقت الحالي، تخفي ثروة البلاد النفطية المستمرة، آثار هذه السياسة على الاقتصاد، ولكن لن يستمر هذا الوضع إلى ما لا نهاية.

وذكر التحليل ما لم تغير البنوك السعودية نهجها بشكل حاسم، فإن المملكة تواجه مستقبلاً غامضًا بشكل واضح.

وأضاف أنه إذا استمرت القروض التي تعزز نمو الناتج المحلي الإجمالي عند مستواها الحالي - 59٪ مقارنة بـ 109٪ للبلدان المتقدمة - يبدو من غير المرجح أن تتحقق الأهداف المحددة في رؤية 2030، والتي من بينها محفظة صادرات متنوعة.

وعلى الرغم من أن البنوك قد تبدو هي الجهة الشريرة في هذا الصدد، إلا أنه في الواقع سيكون من غير المناسب إلقاء اللوم عليها.

حيث تتمثل مسؤوليتهم الأساسية في تحقيق أرباح جيدة لمساهميهم، وقد حققوا نجاحًا كبيرًا في هذا الصدد، فقد كان متوسط ​​هامش الربح الصافي السنوي في الفترة من 2005 إلى 2018، 40٪ مقارنة بـ 12٪ للبنوك في البلدان المتقدمة.

لكن المشكلة تكمن في الحكومة التي فشلت في السيطرة على أنشطة البنوك.

وبدلاً من ترك البنوك لأجهزتها الخاصة (كما فعلت دول جنوب شرق آسيا)، يجب على المشرعين في المملكة فرض سيطرتهم (على طريقة دول شرق آسيا) على البنوك، وإلزامهم بتوجيه الائتمان إلى القطاعات ذات القيمة المضافة في مواكبة لخطط التنمية في المملكة.

وخلص التحليل إلى أن مستقبلا مشرقا ينتظر السعودية، فقط إذا كانت الحكومة تستخدم الحماية والإعانات كآليات لتوجيه المواهب الريادية نحو التصنيع بدلاً من الخدمات، وهو الذي يمكن من خلال تحقيق منافسة عالمية.

وذهب التحليل إلى أنه بهذه الطريقة فقط يمكن تحقيق التوافق المناسب بين التنمية الوطنية والمصالح التجارية.

المصدر | مدونة إل سي إي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية السياسية المصرفية جنوب شرق أسيا شرق أسيا

لماذا لن تفلح خطة جذب الصناعات التحويلية في النهوض بالاقتصاد السعودي؟