استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

اليمن: مأزق الخيارات وارتباك تاريخي

السبت 6 سبتمبر 2014 09:09 ص

لا أحد بمقدوره التكهن بالتفصيل بما ستحمله الأيام القادمة، لكن هناك واقعا على الأرض يشير بما لا يدع مجال للشك، الى أن بلاد اليمن ذاهبة لا محالة إلى زمن يختلف كل الاختلاف عن سابقه. 

فعلى الرغم من مبادرة الخليج التي سعت إلى ترويض الوضع الجامح خلال ما اصطلح عليها بثورة التغيير، وقادت إلى حوار طويل تم الانفاق عليه بشكل منقطع النظير، وعلى الرغم من الدول الراعية، والبند السابع، ومندوب الأمين العام للأمم المتحدة الذي قام بأدوار مكوكية ورفع تقارير نمطية عن مسارات الحوار ومخرجاته إلى مجلس الأمن… إلا أن جمر العمق، النابت من مخزون الأزمات المتراكمة تاريخياً، ظل يتصاعد كأصابع الحمم المتوهجة. فهناك على الجبال بقي «أنصار الله» الحوثيون يراقبون ويشاركون ويعدّون الذات، وفي مدن الجنوب كان «الحراك الجنوبي» يسيّر جموعه الشعبية مرة تلو الأخرى، بدون أن ينتبه أحد لحقيقة ما هو على الأرض.

وعلى صعيد آخر كانت وما تزال مجموعات «أنصار الشريعة» التابعة لتنظيم «القاعدة» تنفّذ عملياتها في أماكن مختلفة وتصل غير مرة إلى قلب عاصمة اليمن صنعاء، بل إلى أماكن يفترض أنها أكثر المواقع تحصيناً. كل ذلك بينما في صنعاء كانت «حكومة الوفاق» غارقة في تقاسم السلطة بين الأحزاب الموقعة على المبادرة الخليجية التي انصرفت الى إدارة حروبها الإعلامية الشرسة في ما بينها، متجاهلة أن هناك جبالا من الاستحقاقات السياسية والاجتماعية وأن الاقتصاد، عصب الحياة، ينهار بشكل مخيف. 

الحقيقة أنه من الصعب أن توجد صيغة شاملة وعادلة كمرجعية تتم على أساسها معالجة الأزمات اليمنية، ولو عبر مراحل متسلسلة، فما تزال هناك شرائح واسعة من المثقفين والسياسيين تعتقد أن المبادرة الخليجية كانت بمثابة مسكّن للألم، وأن مؤتمر الحوار أنتج وثائق نظرية نخبوية ولم تمس القضايا الكبرى بشكل عملي وواقعي، حيث تركت الاحزاب الكبيرة ومؤسسة الرئاسة أثراً كبيراً لإراداتها السياسية على نتائج الحوار، ضاربة عرض الحائط طموح الآخرين، وتم من خلال ذلك القفز فوق المربعات الخطرة بطريقة لم تكن معها نظرات الكثير من المتحاورين قد فارقت موطئ أقدامهم.   

كما وجه الكثيرون سهامهم الى رؤية الأقاليم، التي قسمت الجنوب الى جزئين والشمال الى أربعة .. وفيما اعتبرها الجنوبيون التفافاً على قضيتهم، اعتبرها الكثيرون في الشمال مخاطرة كبيرة، معللين ذلك بأن المجتمع اليمني في غالبه مجتمع قبلي لم يصل الى مرحلة من الديمقراطية الراسخة التي تؤهله للتعايش مع الصيغة الاتحادية بأبعادها السياسية والاقتصادية، خاصة ان الدولة لم تزل ضعيفة ولا تمتلك مؤسسات قوية، وكذلك لا توجد طاقة مالية ولوجستية للدولة حتى تمكنها من وضع الأسس الكفيلة لبناء نماذج فيدرالية قابلة للحياة.

إذن هناك أزمة حقيقية الآن وربما تكون فاصلة إذا لم تستطع الأطراف جميعها وضع المعالجات الصائبة، خاصة أن العالم اليوم منشغل إلى حد التخمة ببناء تحالف دولي وإقليمي واسع لمواجهة ما سموه بخطر»الدولة الاسلامية»، كما أن الغرب وباتجاه آخر يتعامل بقلق بالغ مع الأزمة الأوكرانية، وهكذا فليس من المتوقع أن يكون لليمن موقع متقدم في اهتمام العالم الان، إلا بالقدر اليسير جداً.

إن اكثر السيناريوهات قتامة هو أن ينزلق اليمن الى حالة العنف وتختلط كل اوراق الدين والسياسة والقبيلة والمذهب والجهات، ويذهب الشمال في إتون صراع عنيف اذا لم تكن هناك قوة مركزية كبيرة تلملمه بعد حين، في ما سيصبح الجنوب صيداً ثميناً لمجموعات إسلامية متطرفة منتشرة هناك منذ فترة طويلة. وفي هذا السياق فإنه يصعب الرهان على الجيش اليمني المنقسم في ولاءاته اصلاً بصورة تكفي لإضعاف عقيدته العسكرية، وكذلك كونه موزعا على جغرافيا كبيرة وواسعة وأمامه تحديات لا حصر لها، ناهيك عن الاقتصاد المتهاوي الذي لن يسعف الدولة الضعيفة لكي تعيش فترة كافية ريثما تنتهي من المواجهة على جبهات متعددة. وهنا تكون الخاتمة وتنفتح الفضاءات أمام احتمالات كبيرة ومجهولة.  

لهذا فإنه من الحكمة والعقل الاكتراث بتحليل ما سيؤول اليه الوضع في اليمن بصورة مركَّزة، فقليل الكلام يدل على كثيره، وربما يُلهم الجميع ضرورة التنبه من أن التمترس خلف المواقف القديمة لم يعد يجدي نفعاً.

وإذا ما تم توظيف الخيال السياسي بطريقة عملية فانه يتعين الاستنتاج أن هناك مسارات مختلفة في اليمن شمالاً وجنوباً، فالشمال سيذهب إلى صراعات قد تطول إذا لم تكن هناك صيغة حقيقية للتعايش المذهبي وعدم استجلاب العدوى الإقليمية، والحؤول دون اقتحام مجموعات متطرفة للمشاركة في ساحات الوغى تحت مبررات الجهاد. وكذلك إذا تم بشكل تدريجي كبح مراكز القوى الفاسدة التي تسببت بكثير من الأزمات التي تظهر اليوم على السطح.

وفي الجنوب فإن هناك اعتقادا بأن العالم، حتى إن أبطأ، سيتدخل بشكل أو بآخر في إطار تحالفاته التي يجري الإعداد لها ضد المجموعات المتطرفة إذا ما سعت «خلايا أنصار الشريعة»، وهي كثيرة، لإسقاط المدن الجنوبية ومعها مواقع الحقول البترولية، خاصة في محافظة حضرموت. ذلك لأن سقوط الجنوب أو بعضه في يد تلك المجموعات سيسبب أزمة كبيرة للمنطقة بأسرها، ويصبح خليج عدن من باب المندب الى خليج القمر على حدود عمان بكل خطوطه الملاحية بحراً غير آمن.  

إن أكثر ما يمكن عمله اليوم هو أن توقف الأحزاب عبثها الإعلامي وتسعى للاعتراف بالآخر، فلم يعد هناك ما يمكن تسميته بأقليات هنا أو هناك،
ولم تعد هناك خطوط سياسية حمراء يرسمها الأقوياء، بل يجب الان النظر الى كيفية الخروج من مأزق الخيارات والارتباك التاريخي واستحضار مقدمات حقيقية لفتح باب ما لحلول مستدامة، ويجب ان يتحمل الجميع قسوة الحلول ومرارتها من أجل البقاء ومن أجل الحياة.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

اليمن الحوثيين القاعدة المبادرة الخليجية

الدول الراعية قلقة من الدعوة لإسقاط حكومة اليمن .. والحوثيون ينصبون مخيمات اعتصام مسلحة

أمريكا قلقة من تعاون مقاتلي سوريا الأجانب مع مصنعي القنابل اليمنيين

اليمن: هل يطمح الرئيس السابق بالعودة إلى الرئاسة؟!

204 مليون دولار منحة سعودية لانتشال اليمن من أزمة عجز الموازنة