فورة التاجيلات والتحويلات.. قد يكون هذا الوصف معبرا بشكل جزئي عن حالة "حظر تجول غير رسمية" أُعلنت في مصر، لاسيما في العاصمة القاهرة، قبل ساعات من الجمعة 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وهو اليوم الذي يشهد دعوات متزايدة للخروج في احتجاجات ضد نظام رئيس البلاد "عبدالفتاح السيسي".

أنباء متوالية، منذ بدايات مساء الخميس، عبر وسائل إعلام محلية تفيد بإعلان السلطات غلق عدد من الطرق الحيوية والميادين بالعاصمة، بذريعة أعمال صيانة، وكذلك وقف خطوط مواصلات لنفس السبب المعلن، علاوة على تأجيلات لمختلف الفعاليات، حتى الترفيهية.

ووفقا لمراقبين، وأمام هذه التطورات، بات المشهد يشي بأكبر من مجرد استعدادات أمنية لصد أية تظاهرات محتملة، حيث يرى البعض أن هناك شيئا ما يجعل نظام "السيسي" لا يريد أي نوع من أنواع الحراك في ذلك اليوم، بغض النظر عن حجمه، لاعتبارات تتعلق باستمرار حضور قادة عالميين بمؤتمر المناخ الذي تستضيفه شرم الشيخ، ومنهم الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، الذي ينتظر أن يتباحث مع "السيسي"، الجمعة.

ميدان سفنكس

ومساء الخميس، أعلنت محافظة الجيزة غلق ميدان سفنكس كليا، وتحديداً الاتجاه المؤدى إلى شارع أحمد عرابى؛ لربط جسم كوبرى 15 مايو الحالى بالتوسعة الجديدة، بداية من الساعة الــ 1 صباح يوم الجمعة ولمدة شهر، زاعمة أن القرار يأتي ضمن أعمال مشروع توسعة وتطوير محور 26 يوليو البديل.

سلطات نفس المحافظة، أعلنت إغلاق شارع الملك فيصل الحيوي الذي يربط ميدان المحافظة بمناطق جنوبها.

وقالت إدارة المرور إنه سيتم غلق شارع الملك فيصل وتقاطعه مع شارع الشيخ الشربيني "المطبعة"، فى الاتجاهين، لإجراء إصلاحات، ويتكرر الغلق فى الفترة من الساعة 12 وحتى 5 صباح بعد غد السبت للغرض ذاته، بحسب ما نقلت صحيفة "اليوم السابع" المقربة من السلطات.

وإلى الغرب قليلا بنفس المحافظة، أعلن جهاز مدينة السادس من أكتوبر إغلاق أجزاء كبيرة من محور 26 يوليو، بسبب أعمال القطار المعلق "المونوريل".

ويأتي القرار، رغم أن وزير النقل "كامل الوزير" أعلن تأجيل افتتاح "المونوريل" لمدة عام.

تعطيل مواصلات

وكان لافتا أن شركة "مواصلات مصر"، شبه الحكومية، أعلنت، عبر صفحتها على "فيسبوك"، عن توقف أسطول الحافلات التابع لها، الجمعة، عن العمل بذريعة الصيانة.

وحذفت الشركة المنشور في وقت لاحق، بعد تعرضه لسيل من التعليقات الساخرة من مواطنين.

تأجيل فعاليات رياضية وترفيهية

وعلى نفس المنوال، توالت الأنباء في صحف محلية حول تأجيلات لفعاليات رياضية وترفيهية، وإبعادها تماما عن يوم الجمعة، المعروف بكونه إجازة رسمية في البلاد ومليئا بهذه العفعاليات.

فقد تلقى نادي الزمالك خطابا رسميًا من الاتحاد المصري للكرة الطائرة، بتأجيل مباريات يومي الجمعة والسبت المقبلين، مع إخطار النادي بمواعيد المباريات الجديدة في وقت لاحق.

وقرر الاتحاد المصري للكرة الطائرة؛ تأجيل جميع المباريات المقرر إقامتها يومي الجمعة والسبت 12 – 11  نوفمبر الجاري، والتي تشمل الدرجة الأولى وآنسات، بجانب جميع المراحل السنية.

كان من المقرر أن يخوض الفريق الأول لكرة الطائرة بنادي الزمالك؛ مباراة أمام نظيره سموحة يوم السبت المقبل بصالة محمد حسن حلمي، بينما كان فريق الآنسات سيخوض مواجهة هامة أمام الأهلي غدًا الجمعة على صالة الأخير.

حل "أنغام"

من جهتها، قررت الشركة المنظمة تأجيل حفل المطربة "أنغام"، بمنطقة التجمع الخامس، شرق القاهرة، والذى كان من المقرر إقامته يوم 11 نوفمبر الجارى، إلى 2 من شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل.

بدورهم، أعلن المنظمون لحفل المطرب "محمد منير" والذي كان مقررا الخميس 10 نوفمبر، إلى 2 ديسمبر.

ولم تذكر شركة "زوم فور إفنت" المنظمة للحفل سبباً واضحاً للتأجيل، لكنها قالت في بيان نشرته صفحة رسمية لـ"منير، على "فيسبوك"، قبل أيام: "حرصاً وحفاظاً على أمن وسلامة جمهورنا العظيم، وبناءً على رغبة الجميع بأن يكون الحفل يوم الجمعة 2 ديسمبر، وحرصاً منا على إقامة حفل تاريخي أسطوري آخر للكينغ محمد منير والفنان الأردني عزيز مرقة بالإسكندرية، قررنا تغيير موعد الحفل ليقام يوم الجمعة 2 ديسمبر 2022، وتقديم الكثير من المفاجآت الأيام القادمة".

اللافت أنّ الموعد الأصلي كان يوم 11 من شهر نوفمبر، لكنه تغير إلى الخميس، قبل أن يتم تأجيله إلى الشهر المقبل.

وفي ساقية الصاوي، الكائنة بمنطقة الزمالك، وسط القاهرة، تم تأجيل كافة الحفلات والفعاليات التي كانت مقررة، الجمعة.

وأعلنت إدارة الساقية تأجيل حفل الفنان "هاني عادل"، الذى كان مقرر إقامته غدا الجمعة، ليوم 8 ديسمبر، وتأجيل حفل "علي الهلباوي"، والذي كان سيتضمن مجموعة من الابتهالات والمدائح والقصائد الصوفية بالإضافة إلى مجموعة الأغنيات.

رفع استنفار وإلغاء إجازات

وكان لافتا أيضا أن وزير الداخلية المصري "محمود توفيق" قرر إلغاء كافة إجازات الضباط والأفراد اعتبارا من الإثنين الماضي وحتى 18 نوفمبر الجاري، حسبما أعلنت وسائل إعلام.

وفي الشوارع والميادين، كثفت الشرطة من تواجدها بشكل غير مسبوق، منذ مساء الخميس بالقاهرة والمحافظات.

وتداول ناشطون عبر مواقع التواصل، مقاطع فيديو وصور لدوريات شرطة تتجول بالشوارع والميادين، وكان لافتا أن معها سيارات للإسعاف.

وتشهد شوارع البلاد حالة من التشديد الأمني منذ نحو 10 أيام، على الأقل، تشمل توقيف المارة لسؤالهم عن وجهتهم، بواسطة أفراد أمن يرتدون الزي المدني، وطلب الولوج إلى هواتفهم المحمولة لفحصها بالمخالفة للقانون والدستور، بحثاً عن أي رسائل أو منشورات إلكترونية تدعو إلى التظاهرات المحتملة ضد رئيس الجمهورية.

إغلاق المقاهي والمحلات

كما أفاد متابعون بصدور تعليمات بإغلاق كافة المقاهي والمحلات والنوادي، بعضها من مساء الخميس، والبعض الآخر الجمعة، ما سبب حالة من السخط في بعض المناطق، حيث اعتاد مواطنون على قضاء مساء الخميس في تلك الأماكن، لكون اليوم التالي إجازة.

ويواجه النظام المصري انتقادات متزايدة جراء أزمة اقتصادية عنيفة تضرب مصر، تمثلت في تهاوي الاحتياطيات الأجنبية وتفاقم الديون وارتفاع التضخم وغلاء الأسعار تقول الحكومة إنها ناتجة عن تداعيات حرب أوكرانيا، بينما يؤكد خبراء ومعارضون أنها ناتجة في الأساس عن سياسات خاطئة لـ"السيسي".

وازداد الزخم لدعوات الاحتجاج بعد قرار البنك المركزي، بتعويم ثالث للجنيه المصري، حيث وصل سعر الدولار الواحد إلى أكثر من 24 جنيها، ما سيفاقم مشكلة الغلاء التي تعاني منها الطبقات المختلفة في مصر، وذلك بالتزامن مع إعلان القاهرة عن التوصل لحزمة تمويلية من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، وحزم أخرى من دول إقليمية ودولية.

ودعا ناشطون عبر مواقع التواصل لمواجهة ما يحدث بالنزول إلى الشوارع وإغلاقها بالسيارات.

وفيما يمكن اعتباره إرهاصات لها مغزى، نجحت أسرة الناشط المعتقل "علاء عبدالفتاح"، والمضرب عن الطعام والماء، من إحراج السلطات التي تستضيف مؤتمر المناخ COP27، حيث دشنوا فعاليات شهدت حضورا إعلاميا دوليا كثيفا، وحضرت قضيتهم خلال مباحثات قيادات دولية مع رئيس البلاد.