«القدس العربي»: خطاب العار والهزيمة والانسحاب يا سيد «أوباما»

الخميس 14 يناير 2016 07:01 ص

مرتديا ابتسامة عريضة يصعب تبريرها، دخل الرئيس الامريكي باراك أوباما إلى قاعة الكونغرس مساء الثلاثاء لإلقاء خطاب «حالة الاتحاد» السنوي للمرة الأخيرة. لم يكن ممكنا أن يكون المشهد أكثر تزييفا وفجاجة. رئيس يلقى استقبال الفاتحين بالتصفيق والعناق والقبلات، بعد أن فشل في تحقيق الأغلبية الساحقة من تعهداته سواء داخليا أو خارجيا، بل وعرفت أمريكا في عهده انسحابا دوليا وتراجعا استراتيجيا جعلها موضع سخرية أحيانا، وهو ما أغرى بها بعض أعدائها وحلفائها ايضا. 

نعم لقد كان أغلب العرب والمسلمين يكرهون الولايات المتحدة عندما دخل أوباما البيت الابيض قبل سبعة أعوام، وذلك بسبب الجرائم المروعة التي ارتكبها سلفه «جورج دبليو بوش»، لكنهم كانوا يهابونها أيضا. إما اليوم فان كراهيتهم لأمريكا لم تتراجع على أي مستوى، إلا أنهم أصبحوا أكثر ازدراء لها بعد أن ضعف نفوذها وفشلت في صياغة أي استراتيجية حقيقية بينما كانت تنسحب من المنطقة التي طالما كانت حديقتها الخلفية، ومجالا حيويا لمصالحها، ومعطى رئيسيا في تكوينها كقوة عظمى. 

وباستثناء نجاحه المهم في التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران، يترك «أوباما» شرقا أوسط متفجرا بالحروب والصراعات التي لا تملك الولايات المتحدة تأثيرا يذكر سواء في اندلاعها، أو استمراراها أو مآلاتها.

لم يعتذر «أوباما» عن فشله المخزي في تحقيق كافة تعهداته في خطابه التاريخي في جامعة القاهرة في العام 2009، ومنها تحقيق مصالحة بين الولايات المتحدة والإسلام والمسلمين، والتوصل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، واعتماد مقاربة مختلفة لمحاربة الإرهاب (الذي خلقته إدارة سلفه في العراق). 

إما حديثه عن تنظيم «الدولة» الإرهابي فجاء صادما إلى حد السخرية في سطحيته، إذ قال «إن جموعا من المقاتلين المتمركزين فوق شاحنات صغيرة واشخاصا نفوسهم معذبة يتآمرون في شقق أو مرائب سيارات، يشكلون خطرا هائلا على المدنيين وعلينا وقفهم. ولكنهم لا يشكلون خطرا وجوديا على امتنا».

وتتفق هذه «الأريحية» في الحديث عن خطر إرهاب ضرب دولا عظمى في قلب أوروبا، ويكاد يمحو دولا أخرى عن الخارطة في أجزاء اخرى من العالم، مع الاتهامات التي طالما لاحقت إدارة أوباما بالافتقار إلى الجدية الكافية ـ على أقل تقدير ـ في مواجهة تنظيم «الدولة» سواء في العراق أو سوريا.

لكنه تجاهل هذا كله، بل لم يتورع عن التباهي قائلا: (إذا كنتم تشكون في التزام أمريكا ـ او التزامي ـ احقاق العدل، فاسألوا أسامة بن لادن الذي قتل في عملية أمريكية في باكستان في أيار/مايو 2011).

ولو أنه اختار أي تعبير غير (احقاق العدل) لربما كان خطابه أقل إثارة للسخرية والمراوغة في آن. إذ يصعب على المراقب أن يجد أثرا لتلك العدالة في فلسطين على سبيل المثال، حيث ضاعفت (إسرائيل) جرائمها ضد الإنسانية ومعدلات الاستيطان والحروب والاعتداءات مرات عديدة خلال عهده. ولم يكن رده عليها سوى مكافأة عظمى هي إطلاق سراح الجاسوس «جوناثان بولارد» الذي عرض الأمن القومي الامريكي لخطر هائل ومريع حسب اجماع الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية.

ولم تقتصر خيانة «أوباما» على خلف وعوده وتعهداته، بل انه خذل أيضا لونه وأصوله وقيمه الديمقراطية والانسانية المزعومة، باعتباره إبنا لأحد المهاجرين الأفارقة، فتحت له أمريكا ذراعيها وجعلت ابنه رئيسا. فقد أعلنت السلطات الأمريكية الأسبوع الماضي إنها أوقفت 121 بالغا وطفلا من طالبي اللجوء في وضع غير نظامي ، وصدرت أوامر بطردهم.

وقالت «هيلاري كلينتون» في بيان نادر انتقد «أوباما» مباشرة «لدينا قوانين ويجب أن نتقيد بها، لكن يجب إلا نرسل ضباطا فدراليين مسلحين إلى منازل الناس ونجر النساء والأطفال من أسرتهم في منتصف الليل».

وفي الكونغرس وقع 146 نائبا ديمقراطيا (ثلاثة أرباع أعضاء الكتلة الديمقراطية في مجلس النواب)، على رسالة تدعو أوباما إلى وقف هذه العمليات فورا والتأكد من أن أي مبعد لا يواجه خطر ملاحقته في بلده. وقال «لويس غوتيريز» القريب عادة من «أوباما» «إنهم طالبو لجوء وقدومهم إلى الولايات المتحدة ليطلبوا اللجوء مشروع».

سيذهب «أوباما»، بل إنه ذهب فعلا في التاريخ، كرئيس ضعيف فاشل خيب آمال شعبه والعالم، محفوفا بلعنات مظلومين ومهمشين علقوا عليه آمالهم قبل سبع سنوات، ثم رفض أن يعتذر اليهم، أو يخجل من تسببه في تفاقم معاناتهم.

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة أمريكا أوباما الكونغرس جورج بوش الاتفاق النووي الشرق الأوسط واشنطن

«بوتين» و«أوباما» يدعوان لتهدئة التوتر بين السعودية وإيران

«أوباما» يدعو الأمريكيين لعدم الخوف من المستقبل

أوباما لن يقبل على مخاطرات في عامه الأخير رغم تراكم الأزمات الخارجية

أزمات السعودية وإيران.. الفشل المأساوي لسياسة «أوباما» الخارجية

صحيفة أمريكية: إدارة «أوباما» سعت لانقلاب عسكري على «الأسد»

هل أنصف «أوباما» المسلمين؟