استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هل أنصف «أوباما» المسلمين؟

الأحد 14 فبراير 2016 04:02 ص

علقت إحدى شخصيات المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، على أول زيارة يقوم به الرئيس أوباما في أشهره الأخيرة، لمسجد بالتيمور في ولاية ميرلاند؛ بأنها زيارة الرمق الأخير، في زفير ساخر من الشجاعة التي ولدت لدى الرئيس تجاه مواطنيه المسلمين، قبل تسليم عهدته والرحيل من البيت الأبيض.

والواقع أن هناك مشهدا ساخرا آخر في ثنايا الحدث، يتعلق بطلب الرئيس من المسلمين الكف عن تحميل سياسات واشنطن مآسيهم، في ذات الوقت الذي شكلت فيه أعلى ظاهرة صوتية ضد واشنطن ونعتها بالشيطان الأكبر (الجمهورية الإيرانية) قاعدة التواصل الخاص في السياسية الخارجية لفريق أوباما، وهي التي تحظى اليوم بتقدم العلاقات، واعتمادها كشريك للغرب والتغزل بحضارتها الفارسية.

في حين يذم العرب وهم محضن رسالة الإسلام الأول، كظاهرة في أحاديث واشنطن الجديدة، رغم أن هذا اللعن الإيراني لم يتوقف لخداع البسطاء، ولم يمنع واشنطن من توثيق العهد الجديد، الذي عزز اتفاق الحراك الميداني لحزب الله ورادارات تل أبيب، مع التوافق الأمريكي الروسي لتصفية الثورة السورية، وكل ملفات المصالح التي تتقاطر على الشرطي الجديد في الخليج.

وهذا لا يعني حرمان المؤسسات الإسلامية ومواطني أمريكا المسلمين، من استثمار بعض العبارات الإيجابية التي وردت في خطاب الرئيس، لمواجهة "الإسلاموفوبيا" الهستيرية التي تراقص عليها ترامب، على أمل أن تقوده إلى كرسي البيت الأبيض، وهو نموذج مهم جدا للسقوط الحضاري للولايات المتحدة، وجذور العنصرية والسياسات المزدوجة فيها.

ودائما نذكر بأن هذا التشريح في الفلسفة الحقوقية، والعدالة الاجتماعية العالمية العابرة للحدود، حين تستعرض التاريخ الأمريكي الحديث، لا تبرر ولا تعتذر مطلقا عن قوائم الاستبداد والدكتاتورية، في الشرق الإسلامي وعالم الجنوب، ولا تخضع أبدا لحفلاتهم الموسمية ضد واشنطن، حين يستشعرون قلب ظهرها لهم، ومطالبتها المتجددة لهم بالتعاون الأمني، والسياسة الاقتصادية التي تخدمها.

لكنه يتحدث عن الخلاصة التي يعيشها العالم -وخاصة الإسلامي والمسلمين- من سياسات البيت الأبيض، وهي متصلة بعهد الرئيس أوباما، وهذا لا يلغي أهمية الحراك الذاتي وتنظيم العقل المسلم، وإنقاذ مجتمعه المدني من التطرف والتوحش الذي يمارس باسم حروب ضد واشنطن أو حروب تحت حرابها، وتحريك صناعة الفعل الذاتي لأقطار المسلمين حضاريا وسياسيا.

وحين تولى الرئيس أوباما منصبه، ألقى خطبة فكرية مميزة، كانت -بقدر ما هي عنوان جديد يقدم للحضارة الأمريكية- اختبارا لما سينفذه بعدها. سقط أوباما في كل الاختبارات، ولم يحقق للبشرية مرحلة استقرار نسبي، ولكن أهم عنصر له دلالة في خطاب أوباما الأخير، هو واقع المسلمين والدماء والآلام والتفتت ودور واشنطن فيه.

ولن أتحدث عن تاريخ التدخل وتأميم الأمم، ولا المحتمل في رؤية الباحث السياسي الغربي، كدعم إسقاط الربيع العربي ضمنيا، بالاشتراك مع أنظمة عربية منفذة، أو غيرها من الشواهد؛ لكنني اليوم أطرح واقعا مشهودا لكل أحد، وهو أن التحول الذي طرأ على الثورة السورية، جاء مباشرة بعد اتفاق أوباما وبوتين في سان بطرسبرغ.

ومثل ذلك الاتفاق قاعدة الدفع الكبير للتدخل الروسي، الذي أدى لكل ما يجري اليوم من مذابح شنيعة، وسقوط لسوريا وهيمنة للسياسات الإرهابية، وهو قبل ذلك وبعده (أي موقف واشنطن) كان مع منع أي وصول لمضادات الطائرات المقاتلة، التي ارتكبت أبشع المجازر من بعد الحرب العالمية الثانية.

ومع أن الرئيس أوباما تمسك بتوصيف مرحلته، والتأكيد على أنها تجنبت الحروب المباشرة لقواته، خلافا لما فعل الرئيس جورج دبليو بوش، وخاصة في العراق وأفغانستان، فإن البيت الأبيض والبنتاغون والخارجية، أداروا بقوة حروبا الوكالة وخاصة الحرب الطائفية في العراق، بقرارات سياسية أدت ذات الدور العسكري المروع.

أي أن حجم تنقاض أوباما في خطاب بالتيمور كبير جدا، فهو يحذر من الحروب الطائفية والصراعات، فيما سياسة إدارته تشعلها عبر حكومة طائفية وتعاون مع إيران، لاستكمال ذات المهمة التي بدأت مع سلفه السابق، وحولت سياسته الخارجية إلى دعم التدخل العسكري ضد الشعب السوري بنص تصريحات الوزير كيري الذي رفض مواجهة النظام ومذابح المدنيين مطلقا، وطالب فقط بحرب ضد داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) بالتعاون مع النظام والروس، وهو الغطاء الذي يفرض تعاونا مطلقا مع موسكو وطهران للحرب مع النظام ضد السوريين، وهي الحرب التي تصب على المدنيين، وتشردهم في زمهرير الشتاء القاسي.

ولكن ماذا لو قدم الأمر لأوباما بطرح عميق، وعبر النفس الفكري الذي يحاول العودة له اليوم، ونرجو ألا تكون مهمته المستقبلية شبيهة بتجربة توني بلير الذي استرزق في مشاريع مالية لصالح أنظمة الاستبداد بعد حروبه السياسية على العراق وتحالفه مع السياسة الأمريكية، بل ضد الشرق كل الشرق، وخاصة في ملف الطائفية الذي حدده.

هذا الطرح العميق يشرح له كيف كانت علاقات الشرق بطوائفه وملله مركز استقرار للتعايش الإنساني، وكيف أنها لم تختل ولم تشتعل فيها الصراعات قبل التدخل الأمريكي 2003، ثم السياسات التي مورست بعده وفي عهد الرئيس أوباما. صحيح أنه من بعد 1970، صعد خطاب تشدد في المجتمعات المسلمة لكنه كان محدودا، وكانت واشنطن على علاقة حميمية به ومصالح مشتركة مع جغرافيته، فما الذي تغير إذن؟

لا شيء تغير في الموقف الأمريكي، إلا تحويل البوصلة إلى مصالحه، فبدل الغلو الذي ينسب لساحة سنية، وهو الذي ضغط على خطاب حركة الإحياء الإسلامي المعتدل، لقوة نفوذه وعلاقاته بمصالح واشنطن، أصبح الحليف اليوم غلو متوحش في الطرف الطائفي الشيعي المرتبط بإيران، وما يقوم به من سياسات قاد إلى تحول الغلو السني المواجه لها إلى مستوى التوحش.

أين مرافعة الرئيس أوباما عن هذا الملف، عن هذه الوقائع، عن هذا الحشد من الشواهد، كيف يدين المسلمين لربط واشنطن بمركزية في مآسيهم؟ ولو لم يكن فيها إلا إسقاط العهد القديم بين أمة الشرق وطوائفها لكفى، لأن ذلك قاد إلى هولوكوست الجحيم الكبير في الشرق، بعد أن كان مدرسة تعايش وانسجام.

من يحاسب الرئيس في هذه الدنيا، من سيناقشه في إمبراطورية البيت الأبيض، لا أحد. لكن معيار التفسير الحقوقي والعدالة السياسية، لم تكن تعطي خطامها للمستبد الدولي أو المحلي، وإن كتب تاريخ مزور بسلطتهم، وسيسجل التاريخ عليه، توقيعاته وتوقيعات وزير خارجيته كيري التي تهيئ اليوم لآخر مفصل من الحرب الطائفية الكبرى في الشرق، ولن يمحوا الخداع الحقيقة.

لكن لو أراد الرئيس أوباما بالفعل أن يصنع منعطفا متغيرا فليرنا مبادئه، وليساهم في وقف الحرب الطائفية المجنونة في سوريا والعراق، وليترك مساحة مواجهة داعش لثوار الحرية وشعوبهم؛ حينها سوف يدرك الرأي العام الحقيقة.

وقبل ذلك فليعلن لنا وللرأي العام العالمي، أن أطفال سوريا -المشكلين رسميا، وبإحصاءات أممية، أعلى خسائر الإنسانية اليوم- هم جزء من الضمير العالمي، فيضغط سياسيا فقط ولكن بجدية وقوة، لكي يدخل لهم الطعام ويوقف القصف ويرفع الحصار عنهم وعن المدنيين في مدن سوريا والعراق المحاصرين بشراكة قواته على الأرض.

السيد الرئيس لن تفعل، لأنك ببساطة تكذب.

* مهنا الحبيل - مدير مكتب دراسات الشرق الإسلامي في إسطنبول

المصدر | الجزيرة نت

  كلمات مفتاحية

أمريكا أوباما المسلمون إيران سوريا العراق الإرهاب الطائفية داعش

قبل أشهر من رحيله .. «أوباما» يزور مسجدا أمريكيا للمرة الأولى منذ توليه الحكم

كيف تبنى «أوباما» خطة «بوتين» في سوريا وأعطى «الأسد» نصرا دبلوماسيا؟

ليس صراع ألف عام يا سيد أوباما

«القدس العربي»: خطاب العار والهزيمة والانسحاب يا سيد «أوباما»

أزمات السعودية وإيران.. الفشل المأساوي لسياسة «أوباما» الخارجية

«ذا أتلانتيك»: لماذا لا يخاف «أوباما» من «الدولة الإسلامية»؟

«أوباما» والاستقالة الطوعية من الزعامة

«تركي الفيصل» يفتح النار على «أوباما»: لا خطوط حمراء وانحرفت بالهوى لإيران

«دعمناك وخذلتنا»: رد فعل سعودي عنيف على عقيدة «أوباما»