«ذا أتلانتيك»: لماذا لا يخاف «أوباما» من «الدولة الإسلامية»؟

الثلاثاء 8 ديسمبر 2015 02:12 ص

هناك تناقض واقع في صميم خطاب الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» حول الإرهاب ليلة الأحد الماضي. وقد كان «أوباما» يهدف إلى إقناع أمة صارت خائفة على نحو متزايد أنه يأخذ التهديدات الإرهابية على محمل الجد. ولكنه لم يفعل، على الأقل ليس بالطريقة التي يتصرف بها معارضوه السياسيون.

بالنسبة إلى «جورج دبليو بوش»، كانت المعركة ضد الإسلام الجهادي بمثابة الحرب العالمية الثالثة. في خطابه أمام الكونغرس بعد 9 أيام من وقوع أحداث 11 سبتمبر/ أيلول الشهيرة، وصف «بوش» تنظيم «القاعدة» بأنهم «ورثة جميع الأيدولوجيات القاتلة خلال القرن العشرين»، وأنهم يسيرون على خطى النازية والفاشية والشمولية. لا يزال العديد من الجمهوريين ينظرون إلى الحرب على الإرهاب بذات النظرة الملحمية. بعد هجمات باريس، لم يكتف «ماركو روبيو» بمجرد التحذير من أن «الدولة الإسلامية» قد تتوغل أكثر في العراق وسوريا وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط، ولكنه حذر من أنها قد تتوغل إلى الولايات المتحدة. وقد جادل بأن الولايات المتحدة تخوض حربا مع أناس يريدون «قلب قيم مجتمعنا ليحل محلها وجهة نظرهم في تفسير الإسلام السني الراديكالي». ويجادل «روبيو» أن الولايات المتحدة والإسلام الراديكالي يحملان فرضيتان متقابلتان تجعلهما في صراع حضاري لا بد أن يحسمه أحد في النهاية.

«أوباما» يعتقد أن هذا الكلام هو ضرب من السخف. على عكس «روبيو»، الذي يرى أن الجهاد العنيف هو مجرد سلالة سامة صغيرة داخل الحضارة الإسلامية وليس جوهر الحضارة نفسها. وعلى عكس «بوش»، فإنه لا يرى فيه منافسا أيدولوجيا خطيرا. في الثلاثينيات، عندما كانت الفاشية والشيوعية في أوجهما الأيديولوجي، كان الكثيرون يعتقدون أن بإمكانهما أن تنتج ارتفاع مستويات المعيشة للناس العاديين أكثر من المجتمعات الرأسمالية الديمقراطية التي كانت عرضة لدورات مدمرة من الازدهار والكساد. لا أحد يعتقد ذلك حول الإسلام الراديكالي اليوم. من وجهة نظر «أوباما»، فيما يبدو، فإن الخصم الأيديولوجي الحقيقي  يتمثل في السلطوية الرأسمالية التي تمثلها دولة الصين.

بينما يعتقد الجمهوريون أن «الدولة الإسلامية» قوية وتزداد قوة، فإن «أوباما» يعتقد أنها ضعيفة وتزداد ضعفا. «الإرهابيون»، كما أعلن يوم الأحد، «يتحولون الآن إلى أعمال أقل تعقيدا من العنف مثل إطلاق النار العشوائي وهو أمر شائع في مجتمعنا». وبعبارة أخرى، فإن «الدولة الإسلامية» ربما لا تستطيع أن تفعل أي شيء لأمريكا سوى مثلما يفعله الأمريكيون بأنفسهم في كل وقت.

يصر «أوباما» على أن «الدولة الإسلامية» تخسر أيضا في الشرق الأوسط، ويؤكد أن استراتيجية المزيج من الضربات الجوية مع عمليات القوات الخاصة والعمل مع القوات المحلية التي تقاتل لاستعادة السيطرة على بلادهم سوف تنتج نصرا مستداما.

مرشحو الرئاسة المنتمون للحزب الجمهوري يرفضون ذلك بشكل كبير. وهم يعتقدون أن هزيمة «الدولة الإسلامية» يتطلب بعض الإثارة ومزيج من الجهد العسكري والأيدولوجي الجديد. «أوباما»، على النقيض من ذلك، يرى أن الولايات المتحدة ينبغي ألا تخوض في تجربة فاشلة. وهذا يعني عدم التورط مرة أخرى في احتلال أراضي أجنبية، ما يسمح للدولة الإسلامية باستغلال الوجود الأمريكي لاستقطاب ممثلين جدد.

في حين لا يقول «أوباما» ذلك صراحة، إلا أنه يبدو صراحة مؤمنا بمقولة «روبرت بيب» المؤثرة بأن القائد الأعظم للإرهاب الانتحاري ليس الفكر الجهادي ولكنه الاحتلال. نظرا لأن «أوباما»، على عكس «بوش» و«روبيو»، يعتقد أن «الدولة الإسلامية» ضعيفة فكريا، فإنه يعتقد أن الاستراتيجية الأمريكية الحالية كفيلة في نهاية المطاف بهزيمة «الدولة الإسلامية» ما لم تندفع الولايات المتحدة نحو احتلال الأراضي لتعطي بذلك ذريعة للجهاديين لتوسيع عملياتهم.

الخطأ الآخر الذي يجب أن تتجنبه الولايات المتحدة، وفقا لـ«أوباما»، هو السماح بتعريف المعركة على أنه حرب ما بين الولايات المتحدة وبين الإسلام. وهذا أيضا ما تريده الجماعات مثل «الدولة الإسلامية». نظرا لأن المرشحين الجمهوريين يرون الجهاد العنيف بوصفه أيدولوجية قوية مغرية، فإنهم يعتقدون أن الكثير من المسلمين الأمريكيين معرضين لخطر أن يصبحوا إرهابيين وعلى هذا يجب على الولايات المتحدة أن تضعهم تحت رقابة صارمة. ونظرا لأن «أوباما»، على العكس، يرى الجهاد العنيف على أنه أمر ضعيف وغير جذاب أيدولوجيا، فإنه يعتقد أن قلة من المسلمين الأمريكيين سوف تتجه إليه ما لم تجعلهم الولايات المتحدة يشعرون أنهم أعداء في بلادهم. وهو بالضبط ما يخاطر «دونالد ترامب» به.

«أوباما» هو شخص «فوكويامي» بشكل ما. مثل «فرانسيس فوكوياما»، مؤلف الكتاب الشهير «نهاية العالم» عام 1989، يؤمن «أوباما» أن قوى بنيوية قوية سوغ تدفع بانتصار الديمقراطية الليبرالية على خصومها، طالما أن هذه الديمقراطية لن تفعل أشياء غبية مثل اضطهاد المسلمين في الوطن أو غزو أراضيهم في الخارج. خصومه الجمهوريون عل العكس يعتقدون أن الأعداء الأقوياء يحيطون بأمريكا إما في الخارج (نسخة روبيو) أو في الداخل (نسخة ترامب).

بالنسبة لهم، فإن الشيء الوحيد الأكثر رعبا من الإسلام الراديكالي هو رباطة جأش الرئيس «أوباما» في مواجهته. ولسوء الحظ، كان هذا الاتزان كثيرا على عرض ليلة الأحد.

 

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية أوباما التحالف الدولي الحرب على الإرهاب دونالد ترامب

«واشنطن بوست»: «أوباما» يدرس إرسال قوات خاصة إلى سوريا

«الدولة الإسلامية» ليست لغزا: كيف نفهم تحركات التنظيم الاستراتيجية؟

أوباما و«داعش» والصين والسعودية من منظار جيوسياسي

خليل العناني يكتب: أمريكا و «داعش» بين الأخلاقي والسياسي

بترايوس يؤيد ضرب داعش ويحذر من أن تصبح أمريكا قوة جوية للشيعة

أمريكا تفحص حسابات التواصل الاجتماعي لطالبي التأشيرة

هل أنصف «أوباما» المسلمين؟