مونديال 2022.. محطة فاصلة في استراتيجية تطوير السياحة في قطر

الأحد 11 ديسمبر 2022 10:06 ص

تقدم النسخة الحالية من بطولة كأس العالم لكرة القدم فرصة لا مثيل لها للمسؤولين القطريين لتسويق جوانب مختلفة من بلادهم لدى المشجعين والمشاهدين.

وبالرغم من الانتقادات التي واجهتها قطر قبل انطلاق البطولة، فإن صعود اسم قطر يمثل بالفعل مكسبا كبيرًا، مما يعزز في النهاية أوراق اعتماد الدولة الخليجية الصغيرة في مجال السياحة والآفاق المستقبلية.

وكانت الاستعدادات لتحويل الدولة الصغيرة إلى موقع قادر على استضافة مثل هذا الحدث مكلفة.

وتتراوح تقديرات الإنفاق على البنية التحتية في قطر على مدى العقد الماضي من 220 مليار دولار إلى أكثر من 300 مليار دولار، لكن المسؤولين الحكوميين يشيرون إلى أن الكثير من هذا التطوير كان مخططًا له بالفعل.

وتمتلك قطر قدرات مالية كبيرة حيث حققت الحكومة إيرادات بلغت 17.85 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2022 و 23.54 مليار دولار خلال الربع الثاني.

وتم تنفيذ مبادرات التنمية الموجهة لكأس العالم جنبًا إلى جنب مع خطط تنشيط السياحة في البلاد. وفي عام 2014، أطلقت قطر استراتيجيتها الوطنية لقطاع السياحة 2030. وتهدف الاستراتيجية إلى جذب أكثر من 7 ملايين سائح سنويًا بحلول عام 2030 (ارتفاعًا من حوالي 1.2 مليون في عام 2012) وزيادة الرحلات السياحية المحلية السنوية إلى ما يقرب من 2.5 مليون.

ويأمل المسؤولون القطريون أن تصبح صناعة السياحة "محركاً رئيسياً للتنمية" عبر زيادة عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع ريادة الأعمال، وتقوية القطاع الخاص.

وقامت الهيئة العامة للسياحة بتجديد استراتيجية السياحة في البلاد في عام 2017. وفي شهري يونيو/حزيران وأغسطس/آب، قدمت قطر المرحلة الأولى من نظام الترخيص الإلكتروني لتسهيل سياحة الأعمال، وألغت متطلبات التأشيرة لأكثر من 80 دولة.

وفي سبتمبر/أيلول 2017، أطلقت قطر مخططًا لتوجيه المرحلة التالية من استراتيجية السياحة على مدى 5 سنوات، وشمل ذلك تحويل هيئة السياحة القطرية إلى المجلس الوطني للسياحة، الذي يتبع مجلس إدارة يرأسه رئيس الوزراء.

ويريد المسؤولون أن تصل مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.8% بحلول عام 2023 وأن تصل معدلات إشغال الفنادق إلى 72% وأن يصل 5.6 مليون زائر سنويًا إلى البلاد.

لكن جائحة "كورونا" كانت عقبة كبيرة أمام تحقيق أهداف السياحة في قطر، لا سيما فيما يتعلق بأعداد الزوار. ففي عام 2019، استقبلت قطر ما يقرب من 2.14 مليون زائر - مما يعكس زيادة بنسبة 17% عن أرقام 2018 - قبل أن تنخفض بنسبة 73% في عام 2020 حيث 581 ألف زائر فقط.

وقد ارتفع عدد الوافدين إلى قطر بشكل طفيف في عام 2021 ليصل إلى 611 ألف زائر، لكنه ظل أقل بكثير من المستهدف.

ومع المصالحة الخليجية في أوائل عام 2021 أصبحت السعودية ثاني أكبر مصدر لزوار قطر في ذلك العام، حيث يسافر معظم السعوديين عبر الحدود البرية التي كانت مغلقة لعدة سنوات.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، أطلقت هيئة السياحة القطرية - أحدث هيكل إداري لقطاع السياحة في الدولة - حملة دولية جديدة للمساعدة في دفع عجلة السياحة. وستوفر احتفالات كأس العالم وعدد الزوار الكبير خلال البطولة دفعة كبيرة لأرقام 2022.

وتنتشر حملات تسويقية لأنشطة كأس العالم في دول الخليج المجاورة التي توفر مراكز مجاورة للمشجعين الراغبين في السفر في رحلة قصيرة لحضور المباريات. وبالفعل، تستفيد قطاعات السياحة في الإمارات والسعودية وسلطنة عمان والكويت بالإضافة إلى شركات الطيران في هذه البلدان من تدفق الزوار إلى كأس العالم.

علاوة على ذلك، أتاح كأس العالم للحكومة القطرية فرصًا جديدة لتعزيز العلاقات الإقليمية. وقد حضر ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" حفل افتتاح المونديال، وزار رئيس الإمارات "محمد بن زايد" قطر خلال البطولة. لكن استمرار العلاقات المشحونة بين قطر والبحرين حال دون استفادة المنامة من البطولة.

وبطبيعة الحال، فإن استضافة كأس العالم جعلت قطر أكثر عرضة لانتقادات من مراقبين دوليين ومنظمات غير حكومية ومسؤولين حكوميين أجانب. ويتمحور النقد الأكثر حدة حول قضايا حقوق الإنسان، خاصة معاملة العمال المهاجرين والأقليات.

ويجب أن تؤخذ الدعوات إلى تحسين وضع الفئات الضعيفة من السكان في قطر على محمل الجد؛ ومع ذلك فإن هذه التحديات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية ليست مقصورة على قطر واستضافتها لكأس العالم، بل تمتد إلى المجتمعات الخليجية الأخرى.

ونظرًا لصغر حجمها، يرغب المسؤولون القطريون في تجنب فائض البنية التحتية السياحية، فمن غير المرجح أن تشهد الدولة الخليجية تدفقات بشرية مماثلة لما يحدث في كأس العالم.

وبعد انتهاء البطولة، تواجه قطر تحديين رئيسيين متعلقين بالسياحة.

أولاً، تحتاج الحكومة إلى تعزيز النمو الاقتصادي الذكي والمستدام، وسيكون من الصعب الحفاظ على الزخم الاقتصادي دون إنفاق عشرات المليارات من الدولارات سنويًا على البنية التحتية.

ثانيًا، يجب أن يتعاون المسؤولون القطريون والجهات الفاعلة في القطاع الخاص للاستفادة على أفضل وجه من البنية التحتية المتعلقة بكأس العالم، وإعادة توظيفها إذا لزم الأمر.

وفي علامة على الثقة المتزايدة، تخطط قطر لاستضافة أولمبياد 2036، بالرغم من 3 محاولات فاشلة لاستضافة الألعاب في الماضي، وقد يوفر عرض مشترك مع الدول المجاورة، مثل السعودية والإمارات، وسيلة أخرى لتعزيز العلاقات الإقليمية على المدى الطويل.

ومهما يحدث بخصوص أولمبياد 2036، فإن مونديال 2022 ليس حدثًا فرديا بل هو عنصر ضمن خطة متكاملة لتطوير السياحة الرياضية في قطر.

وفي عام 2019، استضافت قطر بطولة العالم لألعاب القوى، وتستعد الدولة لاستضافة البطولة العالمية للسباحة في عام 2023.

وبالرغم أن كأس العالم يوفر دفعة كبيرة للسياحة، فإن النجاح الأوسع لقطاع السياحة في قطر سيعتمد على قدرة المسؤولين على الحفاظ على زخم المونديال لفترة طويلة وجعل البلاد وجهة سياحية جذابة خلال السنوات القادمة.

المصدر | روبرت موجيلنيكي/ معهد دول الخليج العربية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر كأس العالم السياحة الخليج مونديال 2022 السياحة في قطر المصالحة الخليجية الأوليمبياد

البلاد تغيرت في 10 سنوات.. قطر: مونديال 2022 استثنائي والأكثر شمولية

رقم قياسي.. قطر تسجل استقبال 600 ألف زائر في نوفمبر الماضي

إنفاق سكان قطر يتجاوز 33 مليار ريال على السياحة والسفر

قطر للسياحة تطلق برامج لاستقطاب 6 ملايين زائر سنوياً

بنهاية أبريل.. قطر تتوقع استقبال 200 ألف زائر

بعد مونديال قطر.. توقعات بطفرة سياحية وزيادة 347% في عدد الوافدين