خلاف متجدد بين الحكومة ومجلس الأمة الكويتي حول القوائم النسبية.. ما القصة؟

الأحد 18 ديسمبر 2022 11:09 ص

"5 سنوات من المحاولات دون جدوى".. هكذا يمكن الحديث عن مساع نيابية أجراها أعضاء مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي، لتعديل النظام الانتخابي وإقرار القوائم النسبية، وسط رفض حكومي متواصل.

وأنشأت الكويت نظامها البرلماني عام 1962، حتى باتت الانتخابات النيابية الحدث الأهم في الحالة السياسية بالبلد الخليجي الذي يعد الأبرز على مستوى المنطقة، وسط مطالبات بإصلاحات جذرية للقوانين الانتخابية.

وفي عام 2006، أعيد تقسيم الدوائر الانتخابية إلى 5 دوائر انتخابية بدلاً من 25 دائرة، وأصبح لكل ناخب الحق في منح صوته لأربعة مرشحين بدلاً من 2 كما كان الوضع في النظام الانتخابي السابق.

وفي عام 2012، أصدر أمير الكويت الراحل الشيخ "صباح الأحمد"، مرسوماً بقانون عدل من خلاله قانون الأصوات الأربعة، إذ أصبح لكل ناخب حق الإدلاء بصوت واحد في دائرته الانتخابية بدلاً من أربعة أصوات.

وفي أبريل/نيسان 2017، بدأت محاولات تحويل النظام الانتخابي إلى القوائم النسبية، عندما تقدم النائب آنذاك "عبدالوهاب البابطين" بمقترح لتعديل نظام الانتخابات، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.

وعلى مدار مجالس الأمة المتعاقبة، خرجت مشاريع قوانين لتعديل النظام الانتخابي، وإقرار "القوائم النسبية"، قبل أن ترفضها الحكومة كل مرة.

ولعل أبرز هذه المحاولات  كان تقدم 5 نواب في ديسمبر/كانون الأول 2020، باقتراح قانون لإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة، مشفوعاً بمذكرته الإيضاحية.

ونص الاقتراح على "تقسيم البلاد إلى 5 دوائر في كل منها 10 أعضاء ينتخبون بنظام القوائم النسبية، وأن هذا النظام يضمن تمثيل أكبر عدد من التيارات والتوجهات، ويحافظ على النسب، كما يقضي على التعصب، ويعالج تفاوت عدد الناخبين بين الدوائر".

إلا أن الحكومة رفضته، دون تقديم تفسيرا واضحا لهذا الرفض.

ولم تكشف المصادر أسباب رفض الحكومة، كما لم تحدد الموعد الجديد لإعادة النظر في المقترح.

وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تقدم 5 نواب في البرلمان الكويتي (عبدالله المضف وحسن جوهر ومهلهل المضف ومهند الساير وعبدالكريم الكندري)، اقتراحا طلبوا فيه تعديل القانون الانتخابي في البلاد، وتحويله إلى نظام القوائم النسبية.

ومطلع ديسمبر/كانون الأول، قدم النائب "عبدالله الأنبعي" اقتراحاً بقانون لتطبيق نظام القوائم النسبية في الانتخاب، لافتا إلى أن الاقتراح وقعه 28 نائباً.

وشمل المقترح في مادته الأولى، أن تقسم الكويت إلى 5 دوائر انتخابية تنتخب كل دائرة 10 أعضاء، وأن يكون الترشيح لعضوية مجلس الأمة بقوائم لا يجوز أن يزيد عدد المرشحين في أي منها في الانتخابات العامة وفي الانتخابات التكميلية على عدد الأعضاء المطلوب انتخابهم.

ويكون الترشيح وفق المقترح، بقوائم لا يزيد عدد المرشحين في أي منها في الانتخابات العامة أو في الانتخابات التكميلية على العدد المطلوب انتخابه.

ويقضي المقترح أيضاً بأن يكون تصويت الناخبين للقوائم بحسب أرقامها المعلنة وفقاً لحكم المادة الثالثة من هذا القانون، ولا يجوز للناخب أن يصوت لأكثر من قائمة واحدة وإلا اعتبرت ورقة التصويت باطلة.

وتستهدف التعديلات، كما يقول النواب، ضمان نجاح أكبر عدد من المرشحين المتفقين على برنامج انتخابي موحد يخدم شرائح وفئات مختلفة من المجتمع.

إلا أن الحكومة رفضته مجددا، دون إبداء أسباب واضحة، حسبما ذكرت صحيفة "القبس" الخميس الماضي.

وأضافت عن مصادر (لم تسمها) أن محاولات نيابية تجري حالياً لإقناع الحكومة بأهمية التعديل الهادف لمعالجة عيوب النظام الانتخابي، وتحقيق تمثيل أكثر عدالة.

بيد أن مصادر تحدثت لصحيفة "الجريدة"، قالت إن الحكومة تحفظت عن الاقتراحات بقوانين المقدمة بشأن تعديل قانون الانتخابات بشكلها الحالي، وأكدت أن تعديله يخضع لتقدير "السلطات العليا".

إلا أن الحكومة عادت وأبدت موافقة مبدئية على اقتراح إنشاء المفوضية العليا للانتخابات.

وأبلغت الحكومة لجنة "الداخلية والدفاع" وفق المصادر، أن لديها تصوراً بشأنه، وطلبت مهلة أسبوعين لتقديمه.

فيما تروج مصادر أن هناك عدم حماس لدى بعض النواب لإقرار "القوائم النسبية"، إذ لن يخدم مصلحتهم الانتخابية حال إقراره، ومن بينهم أعضاء بلجنة "الداخلية والدفاع" ذاتها، إلا أن استشعارهم الحرج يمنعهم من إعلان موقفهم أمام الرأي العام.

يقول الصحفي والسياسي "أحمد عبدالستار"، إن نظام القوائم النسبية يدشن عهداً جديداً في مسار العملية الانتخابية يوجه بوصلة تصويت الناخبين إلى البرامج والأفكار التي تطرحها القوائم، بعيداً عن المعايير والتوجهات الشخصية.

ويضيف: "لأن نظام القائمة النسبية مبني في الأساس على التكتلات والأحزاب السياسية، حيث يقدم كل حزب قائمة في كل أو بعض الدوائر، فإن هذا النظام سيفرض على المرشحين الاجتماع تحت مظلة برنامج انتخابي واحد وأفكار جامعة تستقطب أصوات الناخبين".

ويتابع "عبدالستار": "يشكل نظام القوائم النسبية، طوق نجاة للكويت من السلبيات التي عرفتها بيئة العمل السياسي، وفي مقدمتها الانتخابات الفرعية والنزعات الطائفية والقبلية، إضافة إلى القضاء على ظاهرتي شراء الأصوات ونقلها".

ورغم تلك الإيجابيات التي يحملها نظام "القوائم النسبية"، فإن ثمة تحديات تواجه هذا المشروع الوليد، وفق الباحث "سلطان السالم"، الذين قال إن أول هذه التحديات، هي الانتخابات الفرعية التي سيؤدي استمرارها إلى هدم أركان هذا النظام وإفراغه من إيجابياته، وتحوله إلى نظام قوائم قبلي طائفي.

إضافة إلى ذلك، فإن تطبيق هذا النظام يستوجب هياكل أساسية مساندة وداعمة له مثل السماح بتشكيل جمعيات سياسية، لكي تكون مصدراً لتغذية هذه القوائم بمرشحين يحملون فكراً سياسياً، وفق "السالم".

ويتابع: "تنظيم العمل السياسي يحتاج إلى خطوات أشبه ما تكون كقطع التركيب في أحجية الـ(جيجسوو)، وشيئا فشيئا سيكون بالإمكان أن ينتهي هذا الصراع الشعبي لتحقيق مكاسبه مع قادم الأيام".

ويزيد: "أما التخوف من ردة فعل بعض أفراد المجتمع من كلمة حزب، ومقارنة العملية السياسية الحزبية ببقية الدول المحيطة والقريبة لنا، فهو أيضا مفهوم ومقدر، لكن لتكن مقارناتنا مع دول العالم أجمع والتي تطبق العملية السياسية الحزبية بشكل ناضج شفاف لتحقيق عدل للجميع".

ويتفق معه المحلل السياسي "عبدالله الهاشمي": "الهدف أن تتصدر الروح الديموقراطية المشهد السياسي".

ويلفت إلى أهمية وجود "قوائم وطنية حقيقية تعكس احتياجات الكويت، تتفق على تنظيم مجموعة من القوانين التي تصب في المزيد من الديموقراطية ‏وخلق توازن بين القوى السياسية، وفصل حقيقي للمؤسسات وضمان استقلاليتها والرقابة عليها، ورفع مستوى الخدمات العامة".

قبل أن ينتقد "الهاشمي"، "المشاريع بقوانين التي يروج لها نواب وبعض الصحف والتي تهدف إلى مصالح شخصية لأفراد أو شركات تجارية، وتطرح وكأنها أهم قضايا البلد".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

القوائم النسبية الكويت مجلس الأمة انتخابات قانون الانتخابات

الكويت.. اجتماع مرتقب للحكومة والنواب لبحث أولويات المرحلة

الكويت.. الحكومة تنسحب من جلسة مناقشة إسقاط القروض بمجلس الأمة

بعد خلافات مع مجلس الأمة.. الحكومة الكويتية تدرس تقديم استقالتها

بين الصدمة والقلق والغضب.. هكذا استقبل الكويتيون حكم إبطال مجلس الأمة