إيني تثير مناكفات جديدة بين الدبيبة وباشاغا في ليبيا.. ما القصة؟

الخميس 22 ديسمبر 2022 08:32 ص

تجددت "المناكفات السياسية" في ليبيا بين الحكومتين المتصارعتين على السلطة حول قطاع النفط، حيث اعترض "فتحي باشاغا" رئيس حكومة "الاستقرار" الموازية، على ما قاله خصمه "عبدالحميد الدبيبة" رئيس حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا.

واتهم "باشاغا" خصمه "الدبيبة" بالعمل على تغيير نسبة المشاركة بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة "إيني" الإيطالية في شركة "مليتة للنفط والغاز" الوطنية.

ولا يزال قطاع النفطي الليبي محل اشتباك سياسي وأمني بين الفرقاء في البلاد، كما يعده البعض "ورقة رابحة" لاستقطاب دول غربية، بقصد دعم المتصارعين في معادلة استحواذهم على السلطة.

وحذر "باشاغا" المدعوم من معسكر شرق ليبيا، من استغلال المجلس الأعلى للطاقة، الذي أسسه "الدبيبة" ويترأسه، فيما أسماه "صفقات مشبوهة دون دراسة جدوى، ومعرفة منافعها على الدولة، ما ستكون عواقبه وخيمة على الجميع".

وأعاد "الدبيبة" تشكيل المجلس الأعلى لشؤون الطاقة تحت رئاسته، على أن يتكفل بجميع مصادر الطاقة واستخدامها، كما يشرف على القضايا السيادية المتعلقة بأنشطتها، التي تضم النفط والغاز والمنتجات والبتروكيماوية والطاقة الذرية، والطاقة المتجددة والطاقة الكهربائية.

وعقد المجلس اجتماعاً الأحد الماضي، تناول فيه مناقشة استراتيجية تطوير الإنتاج بالمؤسسة الوطنية للنفط، إضافة إلى التعاون مع شركة "إيني" الإيطالية.

واعتبر "باشاغا" التوسع في نسبة الشريك الأجنبي، على حساب الشركة الوطنية، بمثابة "حلقة أخرى في مسلسل رهن مقدرات الوطن وأهله للأجنبي، مقابل الاستمرار في السلطة".

وقال إن حكومته "رصدت ما وقع داخل اجتماع مجلس الطاقة، الذي تأسس من طرف رئيس وزراء الحكومة؛ وتم تداول مقترح بشأن تغيير نسب المشاركة بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة إيني، بحيث تزيد حصة الشريك الأجنبي على حساب الشريك الوطني".

ورأى أن هذه الأعمال "ترقى لأن تكون جرائم يحاسب عليها القانون الليبي (...) وستكون هناك ملاحقات قضائية لكل من يثبت ضلوعه فيها".

وزاد "باشاغا" من وعيده قائلاً: "نحذر الشريك الأجنبي (إيني الإيطالية) من التعامل بانتهازية مع مصادر دخل الليبيين باستغلال الانقسام السياسي (...) هذه الرهانات التي تقفز على المصلحة الليبية العليا لا تصب في خانة تطوير المصالح الاستراتيجية والشراكة طويلة الأمد".

واتفق معه وزير النفط والغاز "محمد عون"، حيث راسل "الدبيبة"، بشأن مذكرة المؤسسة الوطنية للنفط حول المناقشة التي تمت مع شركة "إيني" بخصوص مطالبتها بتعديل بعض بنود اتفاقية "الإبسا 4" للقطعة البحرية NC41 وحقل الوفاء البري، بما يتضمن زيادة نسبة أرباحها دون أي أسباب.

وأكد وزير النفط، أن اتفاقية ليبيا مع "إيني" معتمدة بقرار من مجلس الوزراء، ولا يجب المساس بها أو الدخول في مفاوضات بشأن تعديلها إلا بعد أخذ الإذن بقرار من المجلس، مؤكدا عدم وجود حاجة أبدا لإعادة التفاوض على شروطها.

وتابع "عون" أن ارتفاع سقف طلبات الشركة بالزيادة في نسب الأرباح، يُظهر أنها تريد توظيف الظرف السياسي الهش الذي تمر به ليبيا والضغط لتحقيق أهدافها، مشيرا إلى أن هذا "سلوك ابتزازي" من قبل الشركة يجب الوقوف في وجهه، ومنعها من استغلال الأوضاع الداخلية في ليبيا لصالحها.

وجدد "عون" تحذيره في مراسلته، من أن إعادة التفاوض ستكون سابقة سلبية تفتح الباب أمام شركات نفطية أخرى للمطالبة بنفس الإجراء، والذي سيُفقد النمط التعاقدي النفطي الليبي استقراره واستمراره وتميزه، حسب قوله.

في المقابل، استغرب مسؤول سياسي مقرب من حكومة "الدبيبة"، من حديث "باشاغا"، مشيراً إلى أنه فور اختيار حكومته ومنحها الشرعية البرلمانية "سارع لعرض خدماته على الدول الغربية، وأبدى مساعدته للدول الغربية لتعويض نقص إمدادات النفط الروسي على خلفية الحرب على أوكرانيا".

وأضاف أن "باشاغا انتظر الدعم الأوروبي لحكومته، لكنها لا تزال حتى الآن تراوح مكانها، دون تقديم جديد".

فيما قالت مؤسسة النفط الليبية، الأربعاء، إن مصاريف استكشاف التركيبين البحريين "أ" و"هـ" التابعين لمجمع "مليتة" الصناعي، جرى استردادها، وهي تمثل نسبة تكاليف المشروع الرأسمالية وليست نسبة المقاسمة.

وأوضحت المؤسسة عبر موقعها الرسمي، أن قيمة ما تم استرداده بلغ 1.2 مليار دولار، قبل أن ينفذ المشروع من حقول أخرى، وهذا يرجع لوجود خلل في الاتفاق الرئيسي عام 2008، مؤكدة أنها أعادت التفاوض مع "إيني" بالخصوص، وأصبحت النسبة المعدلة لاسترداد تكاليف مشروع حقلي الوفاء والسلام التي جرى الاتفاق عليها مؤخرا، تترواح بين 38% و40% بعد أن طالبت "إيني" بـ45%.

وأوضحت المؤسسة أن النسبة ستنخفض إلى 37% إذا انخفضت تكلفة المشروع عن 7 مليارات دولار، وترتفع إلى 39% إذا زادت التكلفة عن 8 مليارات دولار، وتعود إلى 30% بعد 10 سنوات من تنفيذ المشروع.

وذكرت المؤسسة أنها شددت على شركة "إيني" بضرورة بدء تنفيذ المشروع، وأن الأخيرة لديها مخاوف أمنية وسياسية، وأن الاتفاق شمل مكونات المشروع ومن ثم الجدوى الافتصادية.

وأضافت المؤسسة أن الإنتاج في حقلي السلام والوفاء سيبدأ في التراجع عام 2025 بكمية تقدر أكثر من 440 مليون لتر مكعب يوميا، ما استدعى البدء في الاستثمار وتطوير الحقلين بسرعة.

وتابعت المؤسسة أن الاستثمار في هذا المشروع بقيمة تقدر 8 مليارات دولار، سيحقق عوائد متوقعة تتراوح بين 13 و18 مليار دولار، بعد استرجاع المصاريف التشغيلية والرأسمالية.

وتعد شركة "مليتة" واحدة من المؤسسات الليبية المهمة في قطاع الطاقة، حيث تضطلع بإدارة عدد من الحقول النفطية والمنصات البحرية، فضلاً عن إمداد البلاد بجزء كبير من الغاز الطبيعي، الذي يوجه إلى محطات توليد التيار الكهرباء.

ومع ذلك يشتكي شرق وجنوب ليبيا مع عدم وجود عدالة في توزيع موارد النفط، ولذلك يتهم سكانه "الدبيبة" بـ"الإغداق على التشكيلات المسلحة التي توفّر له الحماية الأمنية"، لكن الأخير يعد هذه الاتهامات "محض كذب"، ويقول إن الموازنة العامة يتم إنفاقها على جميع المدن والبلديات الليبية بـ"التساوي".

وعرض "الدبيبة" خلال لقاء جمعه بالمبعوث الأممي "عبدالله باتيلي"، منتصف الأسبوع، آليات حكومته "لضمان التوزيع العادل للموارد الوطنية، والإنفاق الحكومي، وإجراءات الشفافية والإفصاح المعتمدة".

فيما قال "باتيلي" إنه أثار مع "الدبيبة" قضية الاستياء المزداد في شتى أنحاء البلاد بشأن التوزيع غير المتكافئ لعائدات ليبيا من النفط والغاز، وأكد "الحاجة الملحة إلى التزام الشفافية والمساءلة لمنع مزيد من الانقسام".

وشدد على "ضرورة وجود آلية مستقلة، يقودها ويملك زمامها الليبيون للإشراف على نظام الإيرادات والإنفاق العام".

وبسبب خلافات بين مؤسسات الدولة، حول قانونَي الانتخاب (الرئاسي والبرلماني) تعثر إجراء انتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، بموجب ملتقى حوار بين أطراف النزاع انعقد أول مرة في تونس برعاية أممية.

وبعد فشل إجراء الانتخابات، دخلت ليبيا في صراع جديد بعدما كلّف مجلس النواب بطبرق (شرق) حكومة جديدة برئاسة "فتحي باشاغا"، لتتصارع مع حكومة "الدبيبة" الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الدبيبة باشاغا إيني النفط