مصر.. خفض جديد للجنيه يفاقم معاناة المصريين

الأربعاء 4 يناير 2023 09:12 م

من قيود على السحب من الحسابات الشخصية خارج مصر، مرورا بتقنين كمية الأرز التي يمكن للفرد شراؤها، وصولا إلى حملات دعائية عن الفوائد الصحية لتناول أرجل الدجاج، يعاني المصريون بشدة من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بلادهم فيما ترزح تحت عبء الديون، وفق تقرير لفرانس برس.

ولا يتجاوز الاحتياطي النقدي لدى القاهرة نحو 34 مليار دولار، من بينها 28 مليار دولار ودائع من دول الخليج الحليفة، لكن ديون مصر الخارجية تضاعفت بأكثر من 3 مرات في السنوات الـ10 الأخيرة لتصل إلى 157 مليار دولار.

وبطلب من الدائنين، خفضت مصر قيمة عملتها عام 2022 بنسبة 57 %.

وفي بلد يستورد غالبية احتياجاته من الخارج، وشهدت فيه أسعار الفائدة ارتفاعا بمقدار 8 % في 2022، كان التأثير فوريا إذ بلغت نسبة التضخم 18.7 %، وفق الأرقام الرسمية.

وعلى الأرض، تعاني ربات البيوت. وتقول "رحاب" لفرانس برس عند مخرج مخبز في وسط القاهرة: "رغيف الخبز الذي كنت أشتريه بجنيه واحد صار بثلاثة جنيهات".

وأضافت الشابة البالغة 34 عاما، التي رفضت الافصاح عن اسم عائلتها: "زوجي يجني 6 آلاف جنيه شهريا. كنا في السابق نعيش 30 يوما من هذا الراتب ولكن اليوم تبدأ النقود في النفاد اعتبارا من اليوم العاشر".

اللحوم "لم تعد خيارا"

وتم مجددا تقليص حجم رغيف الخبز وأقراص الفلافل وعبوات زيت الطعام وأكياس البقوليات والمنتجات التي كانت توزع بأسعار مدعومة على 70 مليون مصري، يعتبرون "فقراء" ولديهم "بطاقات تموينية".

وعند مدخل متجر بقالة كبير في القاهرة، تحذر لافتة المستهلكين من أنه لا يمكن للفرد الواحد شراء"أكثر من 3 عبوات أرز زنة كيلوغرام واحد، أو عبوة واحدة زنة خمسة كيلوغرامات".

وفي الصحف، أشاد المجلس الوطني للغذاء "بأرجل الدجاج المفيدة للجسم وللميزانية".

وذلك أن اللحوم المجمدة المستوردة، التي يستهلكها الأقل دخلا لأنهم لا يستطيعون تحمل أسعار اللحوم الطازجة "لم تعد خيارا، بعد أن ارتفعت أسعارها من 85 إلى 150 جنيها"، بحسب ما قالت "رضا" التي تعول أسرة من 13 فردا.

وتبذل هذه السيدة، البالغة 55 عاما، والتي ترفض كذلك ذكر اسم عائلتها، كل ما في وسعها لإعالة الأسرة. وتوضح: "أنا موظفة وأعمل إلى جانب ذلك في مستشفى ولكن حتى مع هذين المرتبين هناك الكثير من الأشياء التي لا أستطيع شراءها".

وإذا كانت الأسعار ترتفع، فأحد الأسباب هو عجز المستوردين عن الحصول على الدولارات اللازمة من المصارف. وتفيد مصادر حكومية أن في الجمارك حاليا بضائع بقيمة نحو 7 مليارات دولار.

وبسبب أزمة النقد الأجنبي، التي ساهم فيها خروج حوالي 20 مليار دولار من مصر بسبب قلق المستثمرين عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا، قيدت معظم البنوك السحب بالدولار خارج مصر، ورفعت عمولة استخدام البطاقات الائتمانية في عمليات الشراء في الخارج من 3 % إلى 10 %.

وحتى الإعلامي "عمرو أديب"، الذي يقدم واحدا من أكثر البرامج متابعة في مصر، قال بعد تقييد السحب في الخارج: "اتركوا على الأقل الناس التي سافرت قبل هذا القرار تسحب بعض النقود لكي تستقل سيارة أجرة إلى المطار لتتمكن من العودة".

وفي هذه الأجواء، تنتشر شائعات تتحدث عن استعداد شركات مثل "مكدونالدز" و"أوبر" للانسحاب من السوق المصرية.

وخفضت مصر في مارس/آذار، ثم في أكتوبر/تشرين أول قيمة عملتها. والأربعاء، تراجع الجنيه من جديد بأكثر من 8 %. وبذلك يكون قد انخفض بنسبة 70% تقريبا في أقل من 10 أشهر.

وأشار الخبراء إلى تحول جميع المؤشرات إلى اللون الأحمر، عندما أعلن مصرفان حكوميان، الأربعاء، إصدار شهادات إيداع بفائدة قدرها 25 % للعام.

وتحاول مصر، وهي واحدة من خمس دول في العالم معرضة لأن تفقد القدرة على سداد ديونها وفق وكالة موديز.

وقرض صندوق النقد الدولي الذي حصلت عليه مصر، وهو بقيمة ثلاثة مليارات دولار تسدد على 46 شهرا، ليس إلا قطرة في بحر خصوصا أن حزمة الدين التي يتعين على القاهرة سدادها خلال العام المالي 2022/2023 تبلغ 42 مليار دولار.

وقرر وزير النقل، "كامل الوزير"، إلزام السياح بسداد ثمن رحلات القطار بالدولار اعتبارا من يناير/كانون ثاني الجاري.

وقال في تصريحات للتلفزيون: "أنا بحاجة الى دولارات لسداد ثمن عربات القطار المستوردة. السياح يمكنهم الدفع بالدولار وهذا يناسبهم ويناسبني أيضا".

"لا تتدخلوا"

ولجني مزيد من الدولارات، تعتزم الدولة بيع الكثير من الشركات والأصول إلى القطاع الخاص، إلى حد أن الأمر أثار القلق من فقدان السيادة على قناة السويس.

وأكد رئيس هيئة القناة، "أسامة عرابي"، أن القناة "ليست للبيع"، لكن الرئيس، "عبد الفتاح السيسي"، يرغب في إنشاء صندوق يخصص له جزء من موارد الممر الملاحي يقوم بالإشراف على إدارته بنفسه.

ويعتبر "ستيفان رول"، الخبير في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن أن مصر "تستدين لتثبيت نظام السيسي".

ويضيف أن "الجيش الذي يستند إليه (النظام)، هو أول المستفيدين: الديون الخارجية مكنته من حماية دخله وممتلكاته وتمويل مشروعات عملاقة تعود عليه بأرباح كبيرة" إذ أن معظم المشاريع الكبرى يسند تنفيذها إلى القوات المسلحة.

وبعيدا عن المدن الجديدة والقطارات الكهربائية السريعة، فإن كل ما تتطلع إليه "رحاب" هو أن تشتري معطفا لابنتها يقيها من البرد.

وقالت وهي تغالب دموعها "لكني وجدت أن ثمنه ألف جنيه فصرفت النظر عنه".

المصدر | فرانس برس

  كلمات مفتاحية

مصر خفض العملة الجنيه المصري معاناة المصريين

السيسي: خوف المصريين من الأوضاع مبرر.. "ولو هبيع قناة السويس هقولكم"

رحلة طويلة لانخفاض الجنيه أمام الدولار.. تعرف عليها