تداعيات رفع سعر الفائدة بمصر على الاقتصاد والجنيه.. 8 نقاط تلخص القصة

الجمعة 23 ديسمبر 2022 04:59 م

ازدحمت المنصات الإخبارية في مصر وخارجها وكذا وسائل التواصل الاجتماعي بتفاصيل القرار الذي أعلنه البنك المركزي المصري، الخميس، برفع سعر الفائدة 300 نقطة أساس أو 3%، متجاوزا معظم توقعات المحللين والتي كانت تدور بين 1 أو 2% على أقصى تقدير.

وبقدر هذه الصدمة، تباينت ردود الأفعال على القرار، ما بين مؤيد له باعتباره وسيلة عاجلة من البنك المركزي لمواجهة التضخم، الذي تجاوز 19% بالبلاد، وهو رقم قياسي دق ناقوس الخطر، وما بين متخوف من تداعيات القرار على الاقتصاد المصري، وسعر الدولار مقابل الجنيه.

وللمفارقة فإن رفع سعر الفائدة من المفترض نظريا أن ينعش العملة المحلية، لكن الواقع العملي في مصر قد يضرب تلك النظرية.

ماذا حدث؟

مساء الخميس 22 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلن البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة لليلة واحدة أكثر من المتوقع بواقع 300 نقطة أساس، محذرا من تزايد الضغوط التضخمية.

وقال البنك في بيان إن لجنة السياسة النقدية التابعة له رفعت سعر الفائدة على الإيداع إلى 16.25% وعلى الإقراض إلى 17.25%.

وأضاف: "تشير لجنة السياسة النقدية إلى تزايد الضغوط التضخمية من جانب الطلب، وهو ما انعكس في تطور النشاط الاقتصادي الحقيقي مقارنة بالطاقة الإنتاجية القصوى وفي ارتفاع أسعار العديد من بنود الرقم الأساسي لأسعار المستهلكين وفي زيادة معدلات نمو السيولة المحلية".

وكان آخر قرار برفع أسعار الفائدة، وبلغ آنذاك 200 نقطة أساس، مترافقا مع إعلان بتخفيض قيمة الجنيه بنسبة 14.5%، وجاء الأمر خلال اجتماع مفاجئ في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وحينها، أعلن البنك أنه وقع حزمة دعم مالي قيمتها 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي.

ما الجديد هذه المرة؟

زيادة نسبة ارتفاع الفائدة التي أعلن عنها البنك المركزي المصري في قراره، قبل ساعات، تجاوزت معظم التوقعات، وتشي بأن نسبة التضخم الحقيقية في مصر تتعدى بكثير ما أعلنته الحكومة عن وصولها إلى 19%، ورغم أن تلك النسبة قياسية، لكن الأوضاع على الأرض قد تشير إلى بداية خروج الأمر عن السيطرة، لذلك جاء تدخل البنك المركزي لرفع سعر الفائدة كبيرا هذه المرة.

ما تد اعيات رفع سعر ال فائدة 3% على الاقتصاد والمواطن؟

من الناحية النظري ة، تقول القاعدة إن قرار رفع سعر الفائدة يزيد عبء القروض الجديدة والقائمة، مما يعني أن عملاء البنوك سيفكرون أكثر من مرة قبل الإقدام على الاقتراض.

ويعود ذلك إلى أن البنوك ستزيد سعر الفائدة على الراغبين في الاقتراض، مما يعني أنهم (عملاء البنوك) قد يتخذون قرارا بتأجيل الاقتراض إلى حين هبوطه.

وسيتسبب قرار التأجيل في عدة أمور، منها:

  • قد يكون سببا في التراجع عن شراء سلعة أو خدمة ما، أو توسيع مشروع قائم أو فتح آخر جديد.
  • سيبطئ عمليات التوظيف.
  • وبالمحصلة ستكون السيولة النقدية والاستهلاك أقل.

ويبقى الهدف من قرار رفع سعر الفائدة امتصاص السيولة النقدية من السوق لإبطاء الاستهلاك، وهو أولى الطرق لخفض التضخم في أي اقتصاد.

كما أن رفع سعر الفائدة سيدفع في اتجاه انتقال السيولة إلى البنوك على شكل ودائع يحصل أصحابها مقابلها على فوائد مرتفعة من البنوك كأداة استثمار، وهنا ينجح البنك المركزي في سحب السيولة من الأسواق.

ما هو تأثيرات رفع سعر الفائدة على الموازنة العامة؟

لن نجد للإجابة على هذا السؤال أفضل من تصريحات صدرت عن وزير المالية المصري "محمد معيط"، في 7 ديسمبر/كانون الأول الجاري، قال فيها إن كل زيادة 1% في سعر الفائدة يكبد الموازنة العامة للدولة بين 30 إلى 32 مليار جنيه (1.2 مليار دولار) عبء دين بما يؤدي إلى زيادة تكلفة الفائدة في الموازنة العامة الدولة، وبالتالي أثر على الدين وعجز الموازنة.

ما سبق يعني باختصار أن قرار البنك المركزي الأخير برفع سعر الفائدة 3% سيكبد الموازنة العامة لمصر نحو 96 مليار جنيه (3.8 مليار دولار).

ما هو هدف البنك المركزي المصري من رفع سعر الفائدة؟

زيادة جاذبية الجنيه المصري لتخفيف الضغوط عليه أمام العملات الأجنبية، من خلال زيادة تدفقات المصريين بالخارج عقب زيادة سعر العائد على الجنيه، على الرغم أن سعر الفائدة الحقيقي مازال بالسالب.

الوصول بنسبة التضخم إلى 7% (±2% نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، ومستوى 5% (±2% نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026، معتمدًا على التحسن الهيكلي في الاقتصاد المصري، وزوال الآثار السلبية للحرب الروسية الأوكرانية.

ماذا عن قيمة الجنيه؟

لا زلنا نتحدث بشكل نظري، من المفترض أن يؤدي زيادة البنك المركزي لأسعار الفائدة – عادة – إلى انتعاش العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، نظرا لأن رفع سعر الفائدة من المفترض أن يدعم عمليات جذب الدولار من الخارج وجذب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، لكن هل هذا متوقع حدوثه في مصر؟

إجابة هذا السؤال هي على الأغلب "لا"، لعدة أسباب، أبرزها أن ارتفاع الفائدة في مصر جاء بعد رفع الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الغربية والخليجية لأسعار الفائدة، وبالتالي لا تزال شهية المستثمرين الأجانب مفتوحة أكثر للتوجه إلى هذه الأسواق، التي تعد مستقرة أكثر من السوق المصري.

فالسوق المصري، لا يزال يشهد اضطرابات بسبب النقص الفادح في الدولار، وهو ما دفع البنك المركزي إلى الطلب من البنوك تشديد سياسات تدبير الدولار للعملاء وكذلك التشديد على عمليات السحب بالعملة الأجنبية لعملاء البنوك خارج البلاد عبر البطاقات البنكية.

ما سبق سيؤدي لاستمرار تدهور وضع الحصيلة الدولارية داخل البلاد، وبالتالي فإن انتعاش الجنيه يظل مستبعدا، لاسيما أن  القرض الأخير الذي أعلن صندوق النقد الدولي الموافقة عليه لمصر لا يتجاوز 3 مليارات دولار وعلى مدار 4 سنوات، ولن يصل من هذا المبلغ الآن سوى 347 مليون دولار، لكن البنك المركزي سدد بالفعل 318 للصندوق كفوائد لأحد أقساط قرض سابق يعود للعام 2016.

وبحسبة بسيطة، لن تتحصل مصر فعليا من هذه الشريحة الأولى إلا على مبلغ 29  مليون دولار، وفق ما نقل موقع "مدى مصر"، وهو ما يعني استمرار تدهور الحصيلة الدولارية.

أيضا، أدت تشديدات البنوك المتتالية على منح الدولار للأفراد والشركات إلى انتعاش السوق السوداء وتداول العملة الخضراء بها على نطاق واسع بعيدا عن البنوك.

ورغم أن رفع سعر الفائدة من المفترض أن يحد من هذه التداولات، إلا أن ذلك يظل أمرا غير متوقعا، عمليا، مع تصاعد غياب الثقة بين الأفراد والشركات، من جهة، والبنوك، من جهة أخرى، بسبب استمرار تلك التشديدات، حيث يسود اعتقاد حاليا بأن من يضع أمواله في البنك سواء بالجنيه أو الدولار لن يستطيع السحب منها، إلا بقيود مشددة يتم تحديثها باستمرار.

آخر ما تم في ذلك الإطار، هو إبلاغ البنوك لعملائها برفع كبير لعمولة سحب الدولار عبر البطاقات البنكية من خارج البلاد، وكذلك تشديد سياسات تدبير الدولار للمسافرين، وطلب منهم إثباتات، قد تكون صعبة، لمسألة سفرهم.

إلام تشير التوقعات؟

أمام تلك الدائرة التي تبدو مفرغة، تبرز توقعات من خبراء اقتصاديين، تؤكد على استمرار ارتفاع التضخم في 2023، رغم قرار رفع سعر الفائدة، نظرا لاستمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وكذلك استمرار تذبذب سعر الدولار مقابل الجنيه، على الأقل في الربع الأول من العام المقبل.

ما سبق هو ما قاله نصا المحلل المالي "محمد عبدالرحيم"، وأيضا الخبير الاقتصادي "هاني جنينة"، في تصريحات متداولة، خلال الساعات الماضية، بوسائل إعلام مصرية وخليجية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

البنك المركزي المصري رفع سعر الفائدة أسعار الفائدة التضخم الدولار مقابل الجنيه الجنيه المصري

البنك المركزي يتصدر تويتر مصر بعد رفع سعر الفائدة.. وناشطون: "بقينا نخاف منه"

تقرير: الغلاء يجبر المصريين على شراء الملابس المستعملة.. ووكالة البلح تشهد رواجا

توقعات بطرح البنوك المصرية شهادات ادخار بعائد 22%

هروب جديد للاستثمار.. مالكتا "النساجون الشرقيون" تنقلان حصتيهما لخارج مصر

الفول والفلافل والكشري.. الأزمة الاقتصادية تحرم المصريين من وجباتهم الشعبية

تطورات درامية.. الدولار ييتجاوز 26 جنيها بمصر وبنكان يطرحان أعلى فائدة بتاريخ البلاد

مصر.. خفض جديد للجنيه يفاقم معاناة المصريين

شركات مصر تدفع ثمن تراجع الجنيه.. بلومبرج: خفضت الإنتاج وقلصت الوظائف

أزمة معيشية متفاقمة.. مصر تبدأ العام ببيئة اقتصادية تنذر بتوتر اجتماعي

مصر.. تقديرات بتفاقم الأزمة الاقتصادية واستمرار ارتفاع التضخم