مليارات الدولارات.. لماذا زادت السعودية والإمارات من وتيرة مساعداتها لباكستان الآن؟

الخميس 12 يناير 2023 09:46 م

تحركات متسارعة جرت ولا  تزال في الأسابيع الأخيرة بين باكستان وكل من السعودية والإمارات، ترجمت إلى تمويل مباشر من الدولتين الخليجيتين لإسلام آباد بلغت قيمته 6 مليارات دولار، علاوة على مليار دولار من السعودية لتمويل مشتقات نفط إلى باكستان، ومليار دولار آخر من المملكة أيضا لمساعدة إسلام آباد على التعافي من كارثة الفيضانات التي تعرضت لها مؤخرا.

تشير هذه التحركات إلى عزيمة داخل الرياض وأبوظبي لتمتين الروابط مع إسلام آباد، وهي روابط تتعزز باستمرار، نظرا للعلاقات الخاصة التي تجمع الدولتين الخليجيتين اللتين تتمتعان باقتصاد قوي وفوائض مالية ضخمة مع الدولة الإسلامية الآسيوية القوية عسكريا.

تعدد أطراف المعادلة

التوصيفات السابقة دائما ما صاغت شكل العلاقات بين السعودية والإمارات وباكستان، لكن الجديد هذه المرة هو تعدد أطراف تلك المعادلة، حيث تدخل دول مثل الصين والهند وإيران بشكل كبير في تلك المعادلة، حسبما يرى الكاتب "سايمون هندرسون" مدير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في مقال له، نشر قبل ساعات.

وقد ظهر هذا الزخم في الزيارات التي أجراها رئيس الأركان الباكستاني "عاصم منير" إلى السعودية والإمارات في 9 يناير/كانون الثاني الجاري، والتي التقى خلالها كل من ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" والرئيس الإماراتي الشيخ "محمد بن زايد".

في السعودية، أجرى "منير" مباحثات مهمة مع "بن سلمان" الذي استضافه في المخيم الشتوي بمنطقة العلا، شمال غربي المملكة، وهي المباحثات التي سبقتها مباحثات أخرى بين "منير" ووزير الدفاع السعودي الأمير "خالد بن سلمان" في الرياض.

وفي الإمارات، تلقى "عاصم منير" التهنئة من "محمد بن زايد" بمناسبة تعيينه قائدا للجيش الباكستاني في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، خلفا لرئيس الأركان السابق "قمر جاويدا باجوا".

وعقب ساعات من تلك الزيارات، حدثت زيارة أخرى، الخميس، من رئيس الوزراء الباكستاني "شهباز شريف" إلى الإمارات، وهي الزيارة التي شهدت مباحثات مهمة مع كل من الرئيس الإماراتي الشيخ "محمد بن زايد"، ونائبه حاكم دبي الشيخ "محمد بن راشد".

وتعد الزيارة الحالية الثالثة لـ"شريف" إلى أبوظبي منذ توليه رئاسة الوزراء في أبريل/نيسان 2022، وهو الشهر الذي شهد أيضا أول زيارة خارجية له بعد توليه السلطة في باكستان، وكانت إلى السعودية.

وأفادت تقارير بأن "شهباز شريف" سيركز خلال زيارته الحالية للإمارات على تأمين دعم مالي لحكومته التي تكافح عجزا ضخما في الموازنة فاقمته تداعيات فيضانات كارثية شهدتها باكستان الصيف الماضي، والتي أثرت سلبا على حياة 33 مليون شخص وتسببت بتشريد 8 ملايين، وقتلت ما لا يقل عن 1700 شخص.

6 مليارات دولار

وقد بلغ حجم المساعدات المباشرة المقدمة من السعودية والإمارات إلى باكستان، 6 مليارات دولار، منذ أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي، وهي فترة قصيرة، قياسا إلى حجم تلك الأموال التي تم ضخها في الاقتصاد الباكستاني.

ففي 2 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت السعودية مد أجل وديعة قيمتها 3 مليارات دولار لدى البنك المركزي الباكستاني، وذلك للمرة الثانية على التوالي، بعد قرار مماثل صدر في أغسطس/آب 2022 أيضا.

والوديعة تعود للصندوق السعودي للتنمية، وتم توقيع اتفاقيتها في نوفمبر/تشرين الثاني 2021.

وهدفت الوديعة إلى دعم احتياطي العملة الأجنبية في البنك، والمساعدة في مواجهة التحديات الاقتصادية الخارجية لمختلف القطاعات، وتمكين باكستان من النمو الاقتصادي المستدام"، وفق ما نشره الصندوق على حسابه على "تويتر".

وفي 10 يناير/كانون الثاني الجاري، قالت وكالة الأنباء السعودية "واس" إن الرياض تدري زيادة الوديعة الخاصة بها في البنك المركزي الباكستاني إلى 5 مليارات دولار بدلا من 3 مليارات.

والخميس 12 يناير/كانون الثاني الجاري، أفادت وسائل إعلام غربية، بأن الإمارات مدّدت أجل وديعة قيمتها ملياري دولار لدى البنك المركزي الباكستاني، وأضافت إليها مليار دولار، لتساوي قيمة الوديعة السعودية.

وعزز تمديد الوديعتين السعودية والإماراتية وتعزيز الأخيرة بمليار دولار إضافي، علاوة على الزيادة السعودية المحتملة، احتياطيات باكستان الأجنبية ومنحتها نفسا مهما وسط اختناقات  اقتصادية ومالية تعاني منها، وسط تفاقم أزمة ميزان المدفوعات التي تلوح في الأفق في البلاد بسبب رفض الحكومة القبول بشروط "صندوق النقد الدولي" لخطة الإنقاذ.

وفي 9 ديسمبر/كانون الأول الماضي، قالت مصادر باكستانية، إن إسلام آباد تسعى للحصول على 4.2 مليار دولار من السعودية في ظل انخفاض احتياطياتها من النقد الأجنبي بشدة، بحسب ما نقلته قناة "إيه.آر.واي نيوز" المحلية، في الوقت الذي لم تعلق فيه الرياض أو إسلام آباد على الأمر.

مليارا دولار ودراسة توسيع الاستثمار

وفي 9 يناير/كانون الثاني الجاري، أعلنت باكستان أنها تلقت تعهدات مالية مجموعها 8.57 مليار دولار لمساعدتها على التعافي من أثر الفيضانات، منها مليار دولار تعهدت بها السعودية، والبقية من مؤسسات أخرى، أبرزها البنك الإسلامي للتنمية، والذي تعد السعودية أيضا أحد أبرز المساهمين فيه.

وفي 10 يناير/كانون الثاني الجاري، وجه ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" بدراسة زيادة استثمارات المملكة في باكستان، والتي سبق الإعلان عنها في 25 أغسطس/آب 2022، لتصل إلى 10 مليارات دولار.

وأخيرا، قالت إدارة الشؤون الاقتصادية الباكستانية، الخميس، إن الصندوق السعودي للتنمية سيمول مشتقات نفط لباكستان بقيمة مليار دولار.

وأوضحت الإدارة على "تويتر"، أن "الرئيس التنفيذي للصندوق سلطان عبد الرحمن المرشد وقع اليوم اتفاقا يتعهد بالتمويل مع وكيل وزارة الشؤون الاقتصادية الباكستانية".

فورة من الدعم

وتشير هذه الفورة من الدعم المالي السخي من قبل الرياض وأبوظبي إلى إسلام آباد لرغبة أكيدة من البلدين الخليجيين لتأكيد الروابط مع باكستان، والقائمة على أساس المنح الاقتصادية الخليجية مقابل الدعم العسكري الباكستاني وتشديد الالتزام من إسلام آباد بالدفاع عن أمن هاتين الدولتين.

وعودة إلى مقال "سايمون هندرسون"، والذي حاول التركيز على هذه العلاقات القائمة على المنفعة المتبادلة، حيث يرى أن التقارب السعودي الباكستاني تعزز بالتزامن مع التقارب السعودي الصيني، والذي وصلت ذروته بالزيارة الأخيرة التي أجراها الرئيس الصيني "شي جين بينج" إلى المملكة، الشهر الماضي.

وعن هذا الأمر يقول "هندرسون": "لعل الروابط العسكرية الوثيقة بين باكستان والصين تشكل عاملاً آخر يجذب اهتمام الرياض، فالصين تزود إسلام أباد بدبابات قتال رئيسية وطائرات مقاتلة وفرقاطات صواريخ موجهة".

ويزيد "هندرسون": "وعلى الرغم من أن الأسلحة الصينية أقل شأناً من الناحية التقنية من الأسلحة الأمريكية، لكنها تنطوي على القليل من الشروط السياسية التي عادة ما تفرضها واشنطن، إن وجدت.

وبينما تنظر باكستان بقلق إلى العلاقات الودية المتنامية بين خصمها اللدود، الهند وكل من السعودية والإمارات، هناك أيضا قلق سعودي إماراتي من تنامي العلاقات بين باكستان وإيران، لكن باكستان قد تنتفع من علاقات الخليج بالهند، كما أن دول الخليج ستجني بالتأكيد ثمارا في وقت ما من التقارب الباكستاني مع إيران.

ولعل هذا التشابك يكون دافعا لحفاظ كافة الأطراف على مبدأ المنفعة المتبادلة كركيزة أساسية لتنامي العلاقات واستمراريتها، ففي عالم اليوم لا يوجد شيء بالمجان.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات السعودية الباكستانية العلاقات الإماراتية الباكستانية وديعة باكستان عاصم منير الجيش الباكستاني

شهباز شريف يدعو رجال الأعمال الإماراتيين إلى الاستثمار بباكستان

السعودية وباكستان تبحثان تطوير التعاون العسكري (صور)

دبلوماسية الجيش.. لماذا تعمق دول الخليج علاقاتها مع الجنرالات في باكستان؟

خبير إيراني يكشف دوافع التعاون الباكستاني الإماراتي المتصاعد

معهد أمريكي: باكستان تأمل في دعم مالي سعودي مقابل تعزيز التعاون الأمني

السعودية لباكستان: ولت أيام المال السهل

أويل برايس: تطلع خليجي للاستثمار في مشروعات التعدين والطاقة الباكستانية