الجارديان: الغرب يفقد صبره على سياسيي ليبيا الرافضين للانتخابات

السبت 14 يناير 2023 05:00 م

قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية، إن القادة الغربيين فقدوا صبرهم مع النخبة السياسية الليبية الراسخة التي فشلت بشكل جماعي في الاتفاق على أساس الانتخابات لأكثر من عام، لكنها رفعت رواتب السياسيين بأكثر من 40%، وفقًا للأرقام الرسمية.

واجتمع مبعوثون خاصون من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة في واشنطن، الجمعة، لمناقشة خطواتهم التالية بعد فشل فصيلين ليبيين متنافسين الأسبوع الماضي في التوصل إلى اتفاق نهائي في القاهرة بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات الوطنية.

وأُجهضت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر/كانون الأول 2021، وتعثرت أيضًا جهود سابقة بقيادة فرنسا لإجراء انتخابات في عام 2018.

وحكمت ليبيا منذ ما يقرب من عقد من الزمان سلسلة من الحكومات المؤقتة غير المنتخبة والمتنافسة.

وأُلغيت الانتخابات المخططة لعام 2022 بسبب الخلافات حول مؤهلات المرشحين للترشح، مما أخفى إحجامًا أعمق من جانب السياسيين في كل من شرق وغرب البلاد عن المخاطرة بعملية ديمقراطية يأخذ فيها الفائز كل شيء، وتجعلهم يفقدون الوصول إلى الاشراف على الدولة وسلطتها.

ونقلت "الجارديان" عن أحد الدبلوماسيين الغربيين الغاضبين قوله: "إنهم يبذلون جهودًا مخلصة في الوساطة، لكن الشخصية الخاضعة للعديد من السياسيين الليبيين على جانبي الانقسام هو التشدق بضرورة الانتخابات ثم بذل كل ما في وسعهم لخنقها حتى يتمكنوا من الاستمرار بملء جيوبهم بالمال بطرق غير شرعية".

وأضاف: "قد نضطر إلى التوقف عن الأمل في أن نتمكن من إقناع هؤلاء الأشخاص بالموافقة على الانتخابات ونجد بدلاً من ذلك طريقة لتجاوزهم ".

ونظر اجتماع المبعوثين الخاصين، والذي نسقه المبعوث الأمريكي "ريتشارد نورلاند"، في كيفية إجراء الانتخابات، وما إذا كان يجب حث المبعوث الأممي الخاص الجديد "عبدالله باثيلي" على تحديد موعد نهائي لإنشاء هيئة وطنية ليبية للاتفاق على الانتخابات.

ولم يصدر عن الاجتماع أية نتائج بعد.

وكان القادة السياسيون الليبيون يدورون في دوائر بمقترحات متنافسة حول الأساس الدستوري للانتخابات.

وأحرزت أشهر المحادثات في القاهرة بين رئيس مجلس النواب الليبي "عقيلة صالح" من شرق البلاد، ورئيس المجلس الأعلى للدولة "خالد المشري"، ممثل المنطقة الغربية بعض التقدم، لكنها لم تحسم ما إذا كان بإمكان مزدوجي الجنسية الترشح للرئاسة، أو متى سيضطر المرشحون إلى الاستقالة بشكل دائم من أي منصب حالي إذا كانوا يرغبون في الترشح.

وراء هذه الخلافات جهود من الجانبين لمنع المرشحين المثيرين للجدل من الترشح.

وقد زعم "نورلاند" أنه لا يوجد ما يمنع "المشري" و"صالح" من تحديد موعد الانتخابات، لكن الرجلين رفضا القيام بذلك.

ولم تتعزز سمعة الطبقة السياسية بسبب أرقام مصرف ليبيا المركزي التي نُشرت الأسبوع الماضي والتي أظهرت ارتفاع إجمالي الإنفاق الحكومي العام الماضي إلى 127.9 مليار دينار ليبي (26.82 مليار دولار)، بزيادة قدرها 42 مليار دينار (نحو 9 مليارات دولار) في عام 2021.

وكانت الأرقام المتعلقة بكيفية إنفاق الدولة للأموال غير واضحة لسنوات، وذلك مع عدم نشر مراجعة كاملة بتكليف من الأمم المتحدة لحسابات المصرف المركزي في ليبيا.

ومن المتوقع أن يصل نمو الاقتصاد الليبي إلى 17.9% هذا العام، وهو الأعلى في أفريقيا، لكن رغم ذلك تظهر بعض التقديرات أن ما يقرب من ثلث الليبيين، خاصة في الجنوب، يعيشون عند خط الفقر أو تحته.

ورغم ذلك، ارتفعت رواتب موظفي الدولة، بما في ذلك رواتب السياسيين، بنسبة 42% أي 47 مليار دينار (9.86 مليارات دولار) لعام 2022، مقارنة بـ33 مليار دينار في العام السابق.

وكان هذا أكبر بند إنفاق منفرد، فيما بلغت قيمة دعم المحروقات 20 مليار دينار (4.19 مليارات دولار) ومشروعات التنمية 17.5 مليار دينار (3.67 مليارات دولار).

ومنحت مؤسسة النفط الوطنية الليبية 34 مليار دينار (حوالي 6 مليارات دولار).

ولا يزال النفط المصدر الرئيسي لإيرادات الدولة، بقيمة 134 مليار دينار (29 مليار دولار).

وتم دفع 144 مليون دينار (30 مليون دولار) إلى مجلس النواب، الذي انتخب آخر مرة في 2016، وتلقى المجلس الأعلى للدولة، بقايا برلمان انتخب في عام 2012 تحت سيطرة الغرب بقيادة "المشري" نحو 49 مليون دينار (10 ملايين دولار).

كما دفعت الحكومة المؤقتة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، والتي تدعمها تركيا أيضاً ويقودها رئيس الوزراء المؤقت "عبدالحميد الدبيبة"، إعانات بمليارات الدولارات.

ونقلت "الجارديان"، عن نقاد قولهم إنه حتى مع السماح بتخفيض قيمة الدينار الليبي، فإن حجم الرواتب والمصروفات يشير إلى أن الطبقة السياسية غير الخاضعة للمساءلة حريصة على تجنب نتائج صندوق الاقتراع.

وقال "تيم إيتون" الخبير في شؤون ليبيا في "تشاتام هاوس": "أرقام البنك المركزي هذه لا تزال غامضة، لكن من الواضح أن الإنفاق على الرواتب مرتفع بشكل مذهل.. بالنظر إلى حجم الأموال التي يُفترض أن تُنفق على الخدمات العامة، فإن الناس العاديين في ليبيا لا يتلقون ببساطة مستوى كافٍ من الخدمة ".

وكانت المبعوثة السابقة للأمم المتحدة في ليبيا "ستيفاني ويليامز"، قالت مؤخرًا إن "الطبقة الحاكمة التي تتبنى أسلوب المكافآت والعقوبات، والتي يمكن تتبع بعض شبكاتها إلى أيام النظام السابق، تستخدم مؤسسات الدولة والمؤسسات السيادية الليبية كمصادر للمال، والتي يمكن وصفها (سلطة كليبتوقراطية لإعادة التوزيع)، تجلب إلى دوائرها وعلى أساس منتظم ما يكفي من مواطنيها لاستمرار النظام ".

وأضافت أن بعض السياسيين الليبيين ببساطة "لا يرون الحاجة لإجراء انتخابات".

أما رئيس حركة إحياء ليبيا "عارف النايض"، فقال: "الإحباط الشعبي من غياب الانتخابات موجود".

وأضاف في بيان نقلته الصحيفة: "ليس هناك مانع لإجراء الانتخابات، إلا طغمة سياسية فاسدة تتقاتل على كل شيء، لكنها متحدة في مصادرة حق الشعب الليبي في تقرير مصيرهم وتقاسم ثروتهم".

بينما قالت "زهرة لانقي" وهي ناشطة في مجال حقوق المرأة: "النخب السياسية بما في ذلك محافظ ومجلس إدارة المصرف المركزي استفادت منذ فترة طويلة من ثقافة الإفلات من العقاب".

وأضافت: "تشهد ليبيا حالة من الجمود في المسار السياسي وانقسام واستيلاء على مؤسسات الدولة التي تحتال على حق الشعب الليبي في انتخاب ممثليه".

ويدور الجدل بين الدبلوماسيين الغربيين حول ما إذا كان سيتم تحديد موعد نهائي صارم للمؤسسات السياسية الليبية للتوصل إلى اتفاق على أساس الانتخابات، وإذا لم يتم الوفاء بهذا الموعد النهائي، ما إذا كان سيتم إطلاق عملية جديدة.

فالمؤسسات السياسية الليبية فقدت شرعيتها، فمجلس النواب انتخب في يونيو/حزيران 2014 بمشاركة أقل من 20% من الناخبين، وانتخب رئيس المجلس "عقيلة صالح" بأكثر قليلاً من 1000 صوت.

وتم انتخاب المجلس الأعلى للدولة "مجلس الشيوخ"، ومقره في الغرب، بدائرة انتخابية قوية من الإخوان المسلمين، في عام 2016.

وفي فبراير/شباط 2021، تم انتخاب "الدبيبة" رئيسًا للحكومة المؤقتة من قبل هيئة عينتها الأمم المتحدة قوامها 75 فردًا، وتم تكليفه فقط بالتحضير للانتخابات، ولكن قبل إجهاض موعد الانتخابات، تراجع عن تعهده بعدم الترشح للانتخابات، وساهم في المأزق الذي أدى إلى إلغاء الانتخابات.

طالع النص الأصلي للتقرير

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ليبيا انتخابات انتخابات ليبيا المشري عقيلة صالح

الأمم المتحدة وإسبانيا توقعان اتفاقية لدعم إجراء الانتخابات في ليبيا

ترحيب أممي بتقارب فرقاء ليبيا حول وجوب إجراء الانتخابات في 2023