للمرة الأولى.. كشف تفاصيل سرية حول تطبيع إسرائيل والسودان

السبت 21 يناير 2023 10:11 ص

كشفت وسائل إعلام إسرائيلية معلومات جديدة عن بدايات مفاوضات التطبيع مع السودان والتي جرت في عهد الرئيس السابق، "عمر البشير".

وقاد جهود المفاوضات "رونين ليفي- ماعوز"، الملقب بـ"رجل الظل" الذي عمل لسنوات مبعوثا لـ"بنيامين نتنياهو" رئيس الحكومة، إلى أفريقيا، وعينه مؤخرا مديرا عاما لوزارة الخارجية.

وذلك وفقا لما كشفه كتاب "سلام ترامب.. اتفاقيات التطبيع والانقلاب في الشرق الأوسط" لمؤلفه "باراك رافيد" المراسل السياسي لموقع "واللا".

ففي ديسمبر/كانون الثاني 2018، أدرك الرئيس السوداني السابق "عمر البشير" أنه يواجه محنة العمر بسبب تصاعد الاحتجاجات الشعبية، وقرر القيام بخطوة يائسة وغير مسبوقة بالرجوع لدولة الاحتلال، بحسب الكاتب.

وزعم "رافيد" أن "محادثة البشير-ماعوز بدت خيالية قبل فترة ليست طويلة، ولم تكن محادثة طويلة، بضع كلمات مجاملة، ومقدمة موجزة، وملخص لقناة الاتصال، وجاء فيها أن الأول أبلغ الثاني أنني "أريد علاقات مع إسرائيل، وأطلب من اليوم أن تتحدث إلى صلاح غوش، وهو أحد مقربي البشير، ومستشاره للأمن القومي ورئيس المخابرات القوية في السودان".

وفي التفاصيل التي وردت في تقرير مطول ترجمته "عربي21"،  فإنه "بدا صعبا على ماعوز تقدير مدى جاذبية البشير لإسرائيل، فالسودان لا يُعرّف إسرائيل بموجب قانونه بأنها دولة معادية، لكن الدولتين لديهما عداء طويل الأمد، ولا ترتبطان بعلاقات دبلوماسية، ولسنوات عديدة استضاف السودان قادة حماس، وكان حليفًا عسكريًا وسياسيًا لإيران وحزب الله، واستخدموه قاعدة لتهريب الأسلحة لغزة، وبنوا مصنعا ضخما قرب الخرطوم لإنتاج صواريخ بعيدة المدى لحماس والجهاد الإسلامي".

وأشار إلى أن "مهمة نتنياهو الأولى تمثلت في فتح طريق طيران مباشر بين إسرائيل وأمريكا اللاتينية فوق أفريقيا، لتقصير وقت الرحلة بثلاث ساعات، لكن الأمر يحتاج موافقة مرور الطائرات الإسرائيلية عبر المجال الجوي لتشاد والسودان وليبيا؛ وهي ثلاث دول عربية وإسلامية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وكخطوة أولى تم تحديد تشاد على أنها الوجهة الأكثر نجاحا، لأن الدولة العملاقة وسط أفريقيا، ذات الأغلبية المسلمة، ارتبطت سابقًا بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل".

وأكد رافيد أن "إسرائيل حاولت 3 مرات تجديد العلاقات مع تشاد، في أعوام 2005 و2016 و2018 عبر وزارة الخارجية والموساد ومجلس الأمن القومي، وعبر مستشار الأمن القومي التشادي جيدي صالح، وعبدالكريم ديبي، نجل رئيس تشاد وسكرتير حكومته، والتقاه ماعوز في أحد العواصم الأوروبية، وكان يعرف بعض الكلمات العبرية التي تعلمها من أصدقائه اليهود في الولايات المتحدة، وكانت الخطوة التالية هي الاتصال الهاتفي المباشر بين ماعوز والرئيس إدريس ديبي".

وكشف أن "نجل ديبي وصل إلى إسرائيل حاملاً رسالة من الرئيس تفيد برغبته في تجديد العلاقات، ثم أجرى محادثة هاتفية مع نتنياهو عن إمكانية تجديد العلاقات وزيارة إسرائيل".

وأوضح أن "ديبي" عرض على "نتنياهو" المضي قدماً في التطبيع مع السودان، وأسند المهمة لمستشاره للأمن القومي "جيدي صالح"، هكذا ولدت المكالمة الهاتفية في يناير/كانون الثاني 2019  بين "ماعوز" و"البشير"، والعلاقة بين مستشاري "نتنياهو" ورئيس المخابرات السوداني "صلاح غوش"، وطلب منه الحصول على إذن لعبور أجواء السودان للعودة لإسرائيل من تشاد، وفعلا حصل عليها بقرار آني من "صلاح غوش"، دون العودة لسلطات الطيران، وواصلت الطائرة طريقها لإسرائيل دون انقطاع.

وأشار "رافيد" إلى دور جديد قام به محام إسرائيلي بريطاني من القدس المحتلة يُدعى "نيك كوفمان" عمل 16 عامًا في مكتب المدعي العام الإسرائيلي، وفي 2019 عندما تغير الحكم في السودان، اقترح القدوم للخرطوم لمقابلة الجنرال "عبدالفتاح البرهان"، وإحضار رسالة له من "نتنياهو"، حيث تمت دعوته لاجتماع في مكتب الأخير بحضور "ماعوز".

وكشف أن "ماعوز أخبر كوفمان عن نجوى قدح الدم وعلاقتها الفريدة بالحاكم المؤقت للسودان، ومنذ اللحظة الأولى نشأ تناغم بينهما، واقترحت عليه إحضار رسالة من نتنياهو للبرهان، وأصرت عليه أن يأتي للسودان".

وفي1 يناير/كانون الثاني 2020، استقل "كوفمان" طائرة متجهة لأديس أبابا ثم الخرطوم، ونقل الرسالة، مع اقتراح الاجتماع ومناقشة إقامة علاقات دبلوماسية بينهما، واصطحبه ضباط المخابرات السودانيون في جولة بالمدينة، وإطلالة على النيل.

وأكد أنه "بعد ساعات قليلة التقى مع نجوى قدح الدم بالبرهان، حيث أرسل كوفمان إليه رسالة قصيرة باللغة العربية من نتنياهو، وتلقى رسالة رد تعبر عن استعداده للقاء، وعندما عاد لإسرائيل سلم الرسالة لماعوز".

 وفي 6 يناير/كانون الثاني وصل إلى عنتيبي لعقد اجتماع سري مع "قدح الدم" وأحد كبار مساعدي "البرهان"، وعرض عليهم ما سيجنيه السودان من علاقاته مع إسرائيل، وأكد على مصالحهما المشتركة، وتم الاتفاق على الشروع بعقد قمة للزعماء في أوغندا.

وأوضح أنه "تم تحديد موعد الاجتماع في عنتيبي في 3 فبراير/شباط 2020، وكانت الفكرة أن يأتي نتنياهو علانية لزيارتها، والبرهان يزورها سرّا، وبعد الاجتماع سيتقرر ما إذا كان سيتم إصدار بيان، أو أن الاجتماع سيبقى سريا، لكن عناصر الموساد لم تعجبهم هذه التحركات لأنها تتم من خلف ظهرهم، وهم الذين كانوا على اتصال بعناصر المخابرات السودانية خلال سنوات حكم البشير، لكن اللقاء حصل بين نتنياهو والبرهان، واتفقا على بدء التعاون الذي سيؤدي لتطبيع العلاقات".

وكشف "رافيد" أنه "خلال الاجتماع تذمر رئيس الموساد السابق يوسي كوهين، وأبلغ البرهان بأن إسرائيل لا تستطيع وعده بشيء بخصوص رفع الولايات المتحدة للعقوبات عن السودان، وظهر أنه يتحدث إليه بطريقة عدوانية، حتى اضطرت قدح الدم للتدخل، وطالبت كوهين بتخفيف حدة اللهجة، وكاد أن ينفجر الاجتماع، لكن ماعوز واصل مكالماته الهاتفية الأسبوعية مع البرهان ومستشاريه، وبنى تدريجياً علاقة ثقة وثيقة معهم، ما أدى لموافقة السودان في مارس/آذار 2020 على أن تمر طائرات العال الإسرائيلية عبر أجوائه".

وأكد أن "رئيس المخابرات التشادية زار إسرائيل بعد استئناف العلاقات مع بلاده، وظهرت القضية السودانية في محادثات الجانبين حول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والتقى مسؤولو الموساد به، بمن فيهم رئيسه يوسي كوهين، ما أدى لاندهاش البرهان، وأعرب عن استيائه الشديد من الاجتماع، وطالب بمعرفة ما إذا كانت إسرائيل تحصر التواصل معه من خلال نائبه، وتطلب الأمر الكثير من الجهد لتهدئته، لأنه اعتقد أنه نقطة الاتصال الوحيدة لإسرائيل".

وبعد اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي في أغسطس/آب 2020، كشف الكاتب الإسرائيلي أن "وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من أجل خطوة خاطفة مع السودان، بالتزامن مع تحمس الإماراتيين للفكرة، وقد أكدوا موافقتهم على المساعدة في المحادثات؛ فقد كلف جاريد كوشنر، الجنرال ميجيل كوريا من مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض بقيادة المحادثات مع السودان".

المصدر | الخليج الجديد+ عربي 21

  كلمات مفتاحية

تطبيع إسرائيل دولة الاحتلال تطبيع إسرائيل دولة الاحتلال

السودان ودولة الاحتلال: أبوظبي في دور عراب التطبيع

هآرتس عن مسؤول إسرائيلي كبير: انضمام السودان لاتفاقيات إبراهيم بات قريبا

تقارير: وزير الخارجية الإسرائيلي في السودان لتوقيع اتفاق التطبيع والإعلان خلال ساعات

البرهان يستقبل كوهين.. السيادة السوداني يكشف تفاصيل اللقاء

يوقع قبل نهاية العام.. إسرائيل والسودان تضعان اللمسات النهائية لاتفاق التطبيع

عسكر السودان "إلى التطبيع دُر".. ما الذي يدفعهم إلى ذلك؟