استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

لماذا فشلت المحاور البديلة عن الوحدة الحقيقية؟

الأربعاء 20 يناير 2016 04:01 ص

الحديث عن التحالفات ومشاريع الوحدة في العالمين العربي والإسلامي قديم ـ جديد، لم يتوقف منذ سقوط الدولة العثمانية قبل أقل من قرن. فما من أمة متقاربة في الدين والثقافة واللغة والتاريخ إلا وتتعطش شعوبها للوحدة والتقارب، وتعتقد أن الحدود بينها مصطنعة وغير ذات شأن.

ومنذ الحرب العالمية الثانية سعت الحكومات العربية التي «تحررت» شعوبها من الاستعمار لتحقيق شيء من التقارب، تارة باسم الوحدة وأخرى بعنوان التحالف وثالثة تحت شعار التعاون. كانت «الجامعة العربية» المشروع الأول الذي انطلق كتحالف بين الدول العربية. وقد استمر وجوده حتى الآن، ولكنه أصبح جسدا كبيرا بدون روح فاعلة. مع ذلك بقيت دول عربية كبرى تبحث عن بدائل لذلك المشروع نظرا لغياب دورها الفاعل في المسار العربي أو الإسلامي.

فالعراق، وهو البلد العربي الذي لا يقل في قدراته البشرية والاقتصادية كثيرا عن مصر، كان يبحث عن دور، بينما تم إقصاؤه أكثر من نصف قرن عن موقع الصدارة في العمل العربي المشترك، ليس لسبب طائفي فحسب، بل لاعتبارات أخرى. فلم يسمح لعراق «نوري السعيد» ولا عراق «صدام حسين» بأن يمسك بزمام الأمة العربية يوما، أو أن يلعب دورا محوريا فيها، ولذلك اتجه للدول غير العربية للتحالف معها.

ففي منتصف الخمسينات اتجه العراق للانضواء في ما سمي وقتها «حلف بغداد» أو «منظمة المعاهدة المركزية CENTO» مع كل من باكستان وإيران وتركيا. ولكنه لم يتحول إلى تحالف حقيقي، وانتهى نهائيا بسقوط حكم الشاه في 1979. ومع تحسس الدول الغربية من الخطاب الثوري الذي تزعمته مصر سعت دول أخرى للبحث عن أطروحات وحدوية تحميها وتحافظ على مصالحها. 

مع ذلك استمر البحث عن تحالفات واتحادات توفر استقرارا أمنيا وسياسيا واقتصاديا لمجموعة الدول العربية التي تبعثرت شؤونها خصوصا مع تعدد القوى الخارجية التي كانت تحتل أراضيها أو تهيمن عليها. ذلك التبعثر يؤكد حالة الضياع الفكري وغياب الشعور بالانتماء خصوصا بين النخب المثقفة التي تنكرت لانتمائها الإسلامي.

كان هناك تيار الإخوان المسلمين الذي تزامن تأسيسه مع بداية مرحلة ضياع الانتماء (1928) وسقوط «الدولة الاسلامية»، ولكنه عانى من أمور عديدة:

أولها أنه أصبح مستهدفا من القوى التي عملت لإسقاط «الدولة الاسلامية»، ثانيها: أن مشروع الإخوان كان ضبابيا، فلا هو اتجاه ثوري يسعى للوصول إلى الحكم، ولا هو دعوة روحية وأخلاقية فحسب.

بريطانيا التي كانت قد بدأت مسارها نحو الانحدار بعد أن بلغت الذروة ما بين الحربين العالميتين، شجعت مشروع الجامعة العربية، لأن العديد من دول المنطقة كان تحت هيمنتها. ولكن سرعان ما اصطدم بالواقع المتغير الذي بدأ بمرحلة النضال الوطني للتحرر من الاستعمار.

وفي ذروة الحرب الباردة وصعود جمال عبد الناصر الى حكم مصر ارتفعت راية «القومية العربية» التي هي اساس «الوحدة العربية» التي تبنتها تيارات فكرية اهمها تيار القوميين العرب وحزب البعث. ولكن الصراع على النفوذ بين السعودية ومصر حال دون تحقق وحدة حقيقية، بل حدثت حرب «باردة» بين الطرفين كان لها ثلاثة مصاديق:

اولها الصراع بين «العروبة الثورية» بزعامة مصر و«الاسلام المحافظ» بقيادة السعودية، بلغت ذروتها في حرب اليمن مطلع الستينات

ثانيها: حالة استقطاب شديدة في العالم العربي من الخليج الى المحيط بين المحسوبين على التيارات التقدمية الداعمة للمشروع العروبي المصري والتيارات المحافظة المحسوبة على السعودية.

ثالثها: انقسام العالم العربي في تحالفاته الخارجية الى فريقين: الاول محسوب على الاتحاد السوفييتي والثاني على الغرب خصوصا الولايات المتحدة الامريكية. السعودية واجهت مشروع الجامعة العربية الخاضعة للهيمنة المصرية بطرح مشروع «الجامعة الاسلامية» الذي انبثقت عنه «منظمة المؤتمر الاسلامي» في العام 1969م بالرباط بالمملكة المغربية وكان ذلك رداً على حريق المسجد الأقصى في القدس المحتلة. 

هذه المنظمة التي مضى على تأسيسها قرابة النصف قرن، لم تلعب دورا كبيرا في المسارين العربي أو الاسلامي، وبقيت محسوبة ضمن دائرة النفوذ السعودي حتى الآن. وقبل بضع سنوات تم تغيير اسمها الى «منظمة التعاون الاسلامي».

الامر المؤكد ان ضعف اداء كل من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي، وتباين مواقف الدول الاعضاء ازاء القضايا المهمة خصوصا قضية فلسطين دفع الدول الاخرى للبحث عن تحالفات اخرى، ومنها ما عرف بـ»جبهة الصمود والتصدي». هذه الجبهة تعتبر حلفا ضم كلا من ليبيا، سوريا، العراق، الجزائر، منظمة التحرير الفلسطينية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

أُسست في تشرين الثاني/نوفمبر 1977 بناء على دعوة الزعيم الليبي معمر القذافي للوقوف ضد المخططات الإسرائيلية في المنطقة، في أعقاب إعلان الرئيس المصري محمد أنور السادات في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1977 أمام مجلس الشعب المصري استعداده للتوجه إلى «إسرائيل». ولم يسجل لهذا التحالف نصيب من النجاح، فلم تدم طويلا، وبالتالي لم تصمد ولم تتصدّ، لأنها ما لبثت أن انهارت عقب اندلاع الثورة الإسلامية في إيران وقرار الرئيس العراقي صدام حسين شن الحرب عليها في ايلول/سبتمبر 1980.

ولأن «إسرائيل» أرادت إثبات أن جبهة الصمود والتصدي أضعف من أن تصمد أو تتصدى، فقد تعمدت اللجوء إلى التصعيد العسكري من جانب واحد وأقدمت، في حزيران/يونيو 1981، على ضرب المفاعل النووي العراقي لإحراج العراق، ثم راحت تضغط عسكريا على جنوب لبنان لإحراج سوريا.

كان واضحا ان مشاريع التحالف او الوحدة بين الحكومات العربية لم تكن موفقة، فما ان يعلن عن واحد منها حتى يبدأ تهافته وسقوطه. ولذلك، فبرغم وجود الجامعة العربية، سعت الدول الاعضاء لتشكيل التحالفات والجبهات الاخرى للتعبير عن اختلافات سياسية بين حكامها، اما الشعوب فلا تؤخذ آراؤها في هذه القضايا. وكان لانتصار الثورة الاسلامية في ايران في العام 1979 دور في تكريس التوجهات الامنية لدى حكومات المنطقة نظرا لخشيتها من وصول رياح الثورة الى اراضيها. وفي خضم الحرب العراقية ـ الايرانية تم تشكيل مجلس التعاون الخليجي في 1981.

وبرغم وجوه التعاون المتعددة بين دوله، فان تشكيله في الاساس يعتبر اجراء امنيا للحفاظ على انظمة الخليج من رياح التغيير التي انطلقت من ايران. ويمكن القول ان هذا المجلس هو الاطول عمرا والاكثر فعلا من بقية التحالفات، ولكنه لم يتحول الى مشروع وحدوي حقيقي. وحتى عندما طرحت السعودية مشروع «الاتحاد الخليجي» لم توافق عليه الا البحرين، وعارضته علنا بقية الدول خصوصا سلطنة عمان التي هددت بالانسحاب ان تحول الى اتحاد.

ولا تختلف مشاريع التحالف في غربي العالم العربي عما في شرقه. فالاتحاد المغاربي الذي تم تشكيله في 1989 تلاشى تماما ولم يعد له اثر. ففي شباط/فبراير 1989 أعلن بمدينة مراكش المغربية عن قيام اتحاد المغرب العربي بمشاركة خمس دول هي: المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا.

لكن ذلك المشروع واجه اعتراض الأمازيغ على تسميته بالاتحاد العربي وان ذلك إقصاء لهم، وبالتالي قدم وزير خارجية المغرب سعد الدين العثماني 2012 طلبا لتغيير اسم اتحاد المغرب العربي إلى الاتحاد المغاربي أو اتحاد المغرب الكبير. موريتانيا أيدت ذلك، لكنه رفض من طرف حكام ليبيا وتونس والجزائر الذين أبدوا تشبثهم بالتسمية العربية. غير ان الاتحاد بقي هامشيا ولم يحقق الكثير لدوله، ولا يأخذه احد في حسابه.

وقبيل الحرب على اليمن طرح مشروع التحالف الذي يضم عشر دول وافقت على المشاركة في شن الحرب على اليمن، الا ان بعضها لم يشارك فيه. واخيرا تحركت السعودية مجددا بمشروع جديد تحت مسمى «التحالف الاسلامي ضد الارهاب» بعد تصاعد الانتقادات لها بدعم بعض المجموعات المسلحة في سوريا. والواضح ان الاعلان عن هذا التحالف لم يكن مدروسا، الامر الذي دفع بعض الدول التي ذكرت ضمن المنضوين فيه اعتراضها عليه.

في غياب مشروع وحدوي يضم شتات أمة العرب والمسلمين ستستمر الحاجة للتحالفات خصوصا في عالم هيمنت عليه تحالفات الدول القوية كالاتحاد الاوروبي الذي تشارك فيه الشعوب والحكومات معا. ويمكن القول ان غياب الارضيات المناسبة للتحالف من عوامل فشل التجارب المذكورة. كما يمكن الزعم بان قضية فلسطين هي الاكثر جذبا للاهتمام والقبول بتحالف الدول العربية والاسلامية في مشروع يتصل بحقوق الامة وكرامتها.

وكلما غيبت القضية عن الاهتمام توسعت دائرة الشتات وتضاءلت فرص التقارب. مطلوب إعادة الحيوية لمشروع تحرير فلسطين واعتباره محوريا لدى حكومات الدول الاسلامية وشعوبها ليمكن الانطلاق مجددا في مشروع وحدوي حقيقي يتجاوز المساعي غير الجادة التي ما ان تنطلق حتى تموت. راية الاقصى هي القادرة على لم الشمل بعد هذا الشتات والضياع.

٭ د. سعيد الشهابي كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن

  كلمات مفتاحية

الوحدة العربية العروبة الدولة العربية العرب الوطن العربي الإخوان الوحدة الحرية الإرهاب

الصراع بين اتجاهي التجزئة والوحدة

الوحدة العربية .. ولا غير الوحدة

عودة الدولة العربيّة إلى الأمة

الوحدة العربيَّة الفريضة الغائبة

الوحدة العربية .. ضرورة حتمية