استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الصراع بين اتجاهي التجزئة والوحدة

الأربعاء 13 يناير 2016 07:01 ص

قادة بريطانيا في عهدها الاستعماري قرّروا بعد تجربتهم مع محمد علي الكبير في مصر ما بين 1807 -1840، وفي عهد زعامة بالمرستون منذ كان وزيراً للخارجية ثم رئيساً للوزراء أن يزرعوا كياناً غريباً (اليهود بعد تنصيرهم في بداية الأمر) في فلسطين ليكون خنجراً في خاصرة مصر، ويحول دون امتدادها إلى المشرق العربي والجزيرة العربية واليمن. ثم تطوّر المشروع إلى أن يكون الكيان دولة لليهود بلا حاجة إلى تنصيرهم، في العام 1855 وأخيراً تبلوَرَ بمشروع وعد بلفور 1916/1917.

ولكن مع اقتراب قرار الحرب العالمية وتصفية الدولة العثمانية في العشرية الأولى من القرن العشرين فقد تكامل قرار إقامة كيان يهودي في فلسطين مع مشروع تجزئة البلاد العربية إلى عشرات الدويلات، كما تبلور في اتفاق سايكس-بيكو بين بريطانيا وفرنسا، ثم في مؤتمر باريس. وأخيراً تحوّلت التجزئة إلى إقامة 22 دولة عربية.

هذان القراران الاستراتيجيان (هذه الاستراتيجية الاستعمارية – الإمبريالية) شكّلا الخصوصية والفرادة للاستعمار والإمبريالية. أي تجزئة أمّة وبلادها إلى هذا القدر الهائل من دول التجزئة وإلى إقامة كيان غريب استيطاني بمستوى الكيان الصهيوني.

فمثلاً عندما احتلت بريطانيا الهند كانت مجزّأة بين عشرات المهراجات وقد وحدّتها ليسهل عليها حكمها، وعندما قرّرت تجزئتها جزّأتها إلى جزئين. فإذا حدث أن جزّأ الاستعمار شعباً أو بلداً فكان ذلك مقتصراً على جزئين أو ثلاثة أو أربعة في الحد الأقصى أما أن تكون التجزئة إلى 22 جزءاً (بل كانت أكثر إذ جرت محاولة لتجزئة بعض الدول العربية مثل سورية والمغرب) فهذا العدد لم يحدث له مثيل. مما شكّل خصوصية وفرادة للاستعمار العالمي بالنسبة إلى العرب وبلدانهم.

وإذا حدث في بعض المناطق أن بُنِيَتْ تجمعات استيطانية فلم تكن ذات طابع اقتلاعي إحلالي كما حدث في فلسطين. وبالمناسبة المثال الاقتلاعي الإحلالي الذي حدث في أمريكا كان في المرحلة التاريخية السابقة لتشكّل النظام الرأسمالي العالمي الاستعماري الإمبريالي.

النقطة التي يُراد التركيز عليها من هذه المقدّمة السريعة المتعلقة بخاصية ما حدث من تجزئة للأمّة العربية والبلاد العربية هي ما توّلّد عن هذه التجزئة، ولا سيما بعد تشكّلها في دول مستقلة تحت الهيمنة الإمبريالية الأمريكية- الغربية العالمية، وعلى التحديد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، من سلبيات لم تخطر، بالتأكيد ببال الذين خططوا لهذه التجزئة ونفذوها، وخصوصاً ما يحدث الآن في ظل ميزان قوى عالمي جديد مختلف كيفياً عن ميزان القوى في القرنين الماضيين.

لقد كان الهاجس الأول لتجزئة الأمّة العربية بالنسبة إلى العقول التي كانت وراءها هو الحيلولة دون وحدة العرب لئلا تتشكّل دولة كبرى تنافس، أو تسعى إلى إنهاء الإمبراطورية البريطانية، أو تؤدي إلى إنهائها. وذلك بسبب ما يتوّفر فيها من إمكانات القوّة المادية والبشرية والمعنوية، كموقعها في العالم الإسلامي ومكانتها فيه، كما بالنسبة إلى أفريقيا وآسيا والبحر المتوسط (أوروبا) وعقدة المواصلات العالمية.

طبعاً هذا الهاجس هو العامل الأول، كما كان هو العامل الأساس أيضاً وراء مشروع وعد بلفور. ولكن التجربة التاريخية أثبتت أن سلبيات التجزئة على الأمّة العربية لا تقتصر على الحيلولة دون وحدتها وتحوّلها إلى قوة عالمية كبرى.

وما سيترتب على ذلك من تداعيات، وإنما تمتد لتصبح (حالة التجزئة ودولتها) مولّداً ومنتجاً لسلبيات سياسية ونفسية وأخلاقية وفكرية تُشكِّل القيادات والنخب في دولة التجزئة من جهة علاقاتهم مع نظرائهم في الدول الأخرى الخارجية والشقيقة على حد سواء، كما بالنسبة إلى الموقف من قضية فلسطين وقضية الوحدة العربية، وإشكالية الخروج من حالة التجزئة.

في أثناء فرض التجزئة الاستعمارية على البلاد العربية كان الاتجاه العام بين قيادات الحركات الوطنية والنخب وخصوصاً الشعوب وحدوياً رافضاً للتجزئة مُدرِكاً لسلبيتها المتعلقة بإضعاف الأمّة والحيلولة دون وحدتها ونهوضها. وقد وصل الأمر إلى تشكّل جبهة موحدّة للتحرير في ما بين بلدان المغرب الكبير في مرحلة الاستعمار.

وأن الأمر نفسه كان بالنسبة إلى الموقف ضدّ إقامة الكيان الصهيوني وما لقِيَه الشعب الفلسطيني من دعم في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين.

ولكن سلبيات التجزئة الأبعد أثراً من مجرد إضعاف الأمّة والحيلولة دون وحدتها ونهضتها أخذت تظهر بعد قيام دول الاستقلال وتشكّل قياداتها في السلطة كما نخبها الجديدة. هنا أصبحت التجزئة تتحوّل إلى عنصر مكوّن لحالة دولة التجزئة القطرية، وبصورة مستقلة تماماً عن بعضها بعضاً.

وقد راحت السياسة والثقافة والأيديولوجيا والتعليم والاقتصاد والمؤسسات تتطوّر في ظل استمرار الهيمنة العالمية واستراتيجيتها في تكريس حالة التجزئة العربية والحيلولة بكل سبل الضغط دون أدنى محاولة تقارب في أي مجال من المجالات، ناهيك عن التضامن والتكامل والوحدة.

طبعاً كانت هنالك دائماً أحزاب وتيارات ونخب تسعى للوحدة، وتصرّ على وحدة الأمّة وتقاوم نزعات الانفصال والانعزال والكيانية القطرية والتبعية والتخلي عن القضية الفلسطينية. ومن ثم تسعى للوحدة والتحرّر وتحرير فلسطين.

في الحقيقة بقدر ما ولّدت حالة التجزئة من شروط موضوعية وذاتية وهيمنة خارجية لتكريس ذاتها والابتعاد عن الوحدة أو حتى عن التضامن وأي شكل من شكل التقارب والتعاون المشترك والاتحاد، بقيت بالقدر نفسه، وإن في الأعماق، وتحت ركام التجزئة، ثمة شروط موضوعية وذاتية تعمل باتجاه وحدة الأمّة ومصالحها العليا.

فالوحدة بالنسبة إلى أمّة العرب ليست شعاراً وإنما شرط وجود لأن نفيها، أو استبعادها كما تفعل حالة التجزئة، يولّد ما هو أكثر من الضعف وعدم امتلاك القوّة. فهو منتِج لألوان من الانحلال والتفسّخ السياسي والفكري والأخلاقي، بل أصبح حاضناً، بصورة مباشرة وغير مباشرة لما أخذ يجتاح دولة التجزئة نفسها من انقسامات مذهبية ودينية وطائفية وجهوية.

وهذا كله يتعارض مع الوجود نفسه للأمّة العربية وحتى للدولة القطرية بل وللانسان من حيث أتى. ناهيك عن تعارضه مع القِيَم والثوابت والمبادئ والمصالح العليا.  

الأمر الذي يسمح بالقول أن مختلف السلبيات التي أخذت تتولّد الآن في ظروف موازين القوى الجديدة هي من منتجات حالة التجزئة العربية، وبالتأكيد لم يكن في خيال من جزّأوا البلاد العربية أن يخرج من تلك التجزئة مثل هذا الذي نراه الآن.

على أن من الممكن أن يُلحَظ من جهة أخرى أن وصول التجزئة في مفاعيلها السلبية إلى المستوى الذي وصلته الآن سواء بالنسبة إلى حالة دولة التجزئة العربية نفسها وشعبها ذاته أم بالنسبة إلى الموقف العربي الرسمي، على الخصوص، من الانتفاضة الفلسطينية والقضية الفلسطينية. أما بالنسبة إلى العلاقات البينية العربية أو البينية العربية – الإسلامية سوف تذهب هذه المفاعيل إلى ما يتعارض مع وجود الأمّة ومصالحها العليا أفراداً وشعوباً وأقطاراً.

مما سيفرض بالضرورة إعادة اتجاه البوصلة بعيداً عن هذه المنتجات والمفاعيل. لأن بقدر ما ولّدت حالة التجزئة شروطاً موضوعية وذاتية تذهب بعيداً باتجاهها فإن للوحدة وقضية فلسطين ووجود الأمّة شروطاً موضوعية وذاتية يمكن ويجب أن تذهب بعيداً باتجاهها.

وبالمناسبة على الشعب الفلسطيني وهو يخوض انتفاضته أن يتأكد من جماهير العرب والمسلمين تدعمه وسيتعاظم الدعم كلما تقدّم في انتفاضته المنتصرة إن شاء الله. وأما ما يظهر على السطح من بعض القيادات فَزَبَدٌ سيَذْهَبُ جَفَاءً. 

المصدر | شؤون خليجية

  كلمات مفتاحية

العرب التجزئة الوحدة بريطانيا الاستعمار سايكس بيكو فلسطين اليهود الكيان الصهيوني

المطلوب عربيا بشأن إيران

أيها العرب استيقظوا !

تجويع المعارضين العرب

فاتورة الدولة الريعيّة

آلة القتل في الدولة والموجة الثورية القادمة

ليس المجتمع رديف الخير.. ولا الدولة رديف الشر

لماذا فشلت المحاور البديلة عن الوحدة الحقيقية؟

«قطر مول» يحصد جائزة «التفوق في قطاع التجزئة»

دخول الشركات الأجنبية على «قطاع التجزئة» بالمملكة بين الحذر والترحيب

توجه حكومي لـ«سعودة» قطاع التجزئة خلال 5 سنوات