استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عودة الدولة العربيّة إلى الأمة

الأربعاء 1 أبريل 2015 04:04 ص

هناك سبب وراء تسمية الدول العربيّة بـ»العربيّة»، وهو أنها تمثّل الأمة العربيّة. هذا التمثيل يحمِّلها مسؤوليات تلبية تطلعات شعوبها والاستجابة لمظالمهم ورد الاعتداءات عنهم. وعند اللحظة التي تتوقف الدولة العربية القطرية عن القيام بهذه المهام، سرعان ما يصيب شرعيتها العطب، وتنشط فيها الهويات الفرعيّة- من طائفيّة وعرقيّة وإقليميّة- بالتسيّس وحمل السلاح لسد هذه الفجوّة التي خلفها عطب شرعية الدولة العربية الحديثة.

وشكّلت النكبة في عام 1967 أوّل هزّة في كيان الدولة العربيّة، وهي هزّة خفف من وطأتها التضافر العربي في حرب 1973، حتى جاء عام 1979 معلناً بداية هذا التردي والعطب في شرعيّة الدولة العربية. ففي هذه السنة انسحبت مصر عن واجباتها القومية بعد توقيعها لمعاهدة كامب ديفيد مع العدو الصهيوني، وقامت الثورة الإسلامية في إيران لتلد نظاماً يسعى لاستثمار هذه الفجوة المتعاظمة لشرعيّة الدولة العربية، عبر استثمار التناقضات الطائفية والمظالم والتطلعات الشعبية المنتشرة في مختلف أرجاء الأمة العربيّة.

فمع كل سنة تمضي، ومع كل معاهدة سلام مع الصهاينة، ومع كل تركّز لجهود الدول العربية على تمتين نظام الحكم على حساب رفاه وحقوق الشعوب، يزداد اغتراب الشعوب عن دولها، وتزداد فجوة الشرعية اتساعاً ليسعى كل عابر سبيل لسدها ابتداء من إيران وانتهاء بداعش.

فهذه الحركات والدول لا تنتعش ولا تجد قبولاً لها إلا في مناطق تآكل فيها نظام الحكم بعد سنوات من تخليه عن مسؤولياته العربيّة واعتماده على المعونات وتقديم الخدمات المجانية للقوى الأجنبية وتفشي الفساد فيه، فقط في مثل هذه الظروف تجد هذه الدول والحركات من يستجيب لها عندما تقدم نفسها كيد حانية ومنقذة. وقد كان «الربيع العربي» في أحد معانيه الكبرى رد فعل ضد حالة التردي هذه، ومحاولة جادة باتجاه إصلاح الأوضاع، لكن هذه المحاولة تعرضت للفشل والإفشال، وهو ما سرّع من عمليّة تدهور الدولة العربية، فبعد أن كان محصوراً في دولة أو دولتين إذ به ينتشر كالنار كالهشيم في معظم بلدان العرب.

عند هذه اللحظة فقط، ظهرت «عاصفة الحزم» كرد فعل عربيّ دعمته القمّة العربيّة، التي شددت على مواجهة الأخطار الرئيسة التي تواجه الأمة العربيّة: تسييس الهويات الفرعيّة (أو الطائفية)، محاولات فرض الهيمنة والاحتلال، وتفشي الميليشيات التي تتوسل الاستهداف القاسي للمدنيين وتأجيج الطائفية كاستراتيجية للقضاء على الدولة العربيّة.

إن رد الهيمنة الإيرانية لا ينحصر بالاستهداف العسكري لهذه الحركة المنحازة لها أو تلك، إنما هذا جزء واحد فقط. إن ردّ الهيمنة الإيرانية لا يتم إلا عبر فهم الطريقة التي تعمل بها والظروف التي تنتشر من خلالها. وأوّل هذه الظروف هو استمرار الاحتلال الصهيوني على فلسطين، ذلك أن استمرار هذا الاحتلال لستة العقود يقف دوماً دليلاً يومياً على عجز وضعف الدول العربيّة، وهو العجز والضعف الذي يدفع بالحركات المقاومة في فلسطين للاستنجاد بكل من يقدم يد العون لها، ومن هنا تجد إيران وغير إيران فجوة لتقدم نفسها كبديل عن الدولة العربية نفسها. والحلّ هنا واضح: توفير الدعم العربي اللازم للفلسطينيين وبكل الوسائل الممكنة حتى ينالوا حقوقهم المشروعة كاملة.

وثاني هذه الظروف هو ضعف بعض هذه الدول وتآكل نظمها- كما هي الحال في اليمن والعراق- وهو ما يفسح المجال لأي دولة أو ميليشيا للسعي نحو سد هذا الفراغ وتعبئته وبسط الهيمنة عليه. وهنا الحل واضح أيضاً: إعادة إعمار هذه الدول وتقويتها وتوفير التمويل والدعم والتعاون الضروري لمساعدتها على القيام بواجباتها اتجاه شعبها وأمتها.

أما ثالث هذه الظروف فهي المظالم المتعلقة بالفساد وانعدام التوزيع العادل للثروات والفقر والظلم وغمط الحقوق، إذ إن هذه المظالم هي التي تدفع الجماعات المذهبية للتحوّل لجماعات طائفية، أو إلى جماعات ثوريّة مستعدة لعمل أي شيء من أجل القضاء على السلطة الحاكمة. ومن هذا المدخل، وباسم نصرة المظلومين، تنفذ إيران إلى الشعوب العربية باعتبارها مخلصاً. إن مزيداً من تحكيم القانون والمشاركة والعدالة الاجتماعية لهو أمر ضروري لسد مثل هذا الباب. وهذا، خصوصاً، في ما يتعلق باليمن، إذ إن هذا البلد بقدر حاجته إلى مد يد العون العسكرية، هو أيضاً بحاجة إلى توفير نوع من العدالة الاجتماعية وانتشاله من مستوى الفقر الخطير الذي يمر به.

أخيرا، تأتي الطائفية لتمثل الظرف الضروري للدول الأجنبية أن تبسط هيمنتها على هذه الدولة أو تلك، فبمجرد انقسام أبناء الوطن إلى حركات طائفية، فإنهم سيستسهلون الارتباط بمن يشاركهم الهويّة الطائفية على من يشاركهم بالهويّة الوطنيّة أو القوميّة. وهذه النقطة مهمة جداً، ولاسيما أن هناك من يسعى لتصوير التحركات الأخيرة بصور طائفية. وهذا غير مفيد، ذلك أن ما نحتاج إليه اليوم - كعرب- هو التوحد أكثر من أي وقت مضى، وهذا التوحد لا يتم عبر تصوير أتباع هذا المذهب أو ذلك بصور سلبية وقاسية لا تتناسب مع عروبة هذه الحملة، أو حتى تصوير الحملة بلغة مذهبية؛ لأن ذلك ينفع من يستغل الطائفية ولا يخدم العرب.

إن ما شهدناه الأسبوع الماضي من تحركات إقليمية يحمل مؤشر عودة الدولة العربية لأمتها، أي مؤشر اعتمادها مشروعاً لتحرير أمتها من مشكلاتها كافة، مشروعاً يسعى لسد فجوة الشرعية التي تعاني منها الدولة العربية، ومشروعاً يزحزح من روح اليأس التي ملأت قلوب الفلسطينيين والسوريين واليمنيين والعراقيين ممن أنهكتهم الحروب والاعتداءات حتى باتوا يرونه قدراً ألا ينعموا بالاستقرار والأمن.

أخيراً، يقول الفيلسوف الألماني هيغل: «كما أن العقل الكلي قويّ، فهو ماكر أيضاً؛ ويكمن مكره في الأعمال الوسيطة، التي على رغم اتخاذها مجراها نحو تحقيق أهدافها الخاصة من دون تدخل مباشر منه، يحقق أهدافه من خلالها».

* سلطان العامر كاتب سعودي.

 

  كلمات مفتاحية

الدولة العربية الأمة العربية العقل الكلي الطائفية الهويات الفرعية الربيع العربي

«القوة العربية المشتركة»: حماية للأمن القومي.. أم للأنظمة؟

«ناشيونال بوست»: كيف تستطيع أمريكا طمأنة شركائها في الخليج العربي؟

«ميدل إيست مونيتور»: دول الخليج العربي صارت مرتعا للشركات الصهيونية

العروبة تعطي المنطقة هويتها .. وإسرائيل دولة «الشرق الأوسط» الوحيدة!

هل يمكن التخلص من العروبة؟

عقبات الأمن القومي العربي ومواجهتها

عن المراكز البحثية 

دول بدون هويات!

انتقال الأمة إلى مشروع جديد

في مواجهة الدولة الشمولية ودولة الاستبداد

بين التنظيم والدولة والعصابة في الراهن العربي

الوحدة العربية .. ولا غير الوحدة

أين الطريق للأمة الموحدة؟

لماذا فشلت المحاور البديلة عن الوحدة الحقيقية؟