استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

دول بدون هويات!

الأربعاء 3 يونيو 2015 03:06 ص

هل من محض الصدفة أن محور بلاد الشام - العراق الذي ظهرت فيه بواكير النهوض العربي الحديث وبرزت فيه الدعوة القومية العربية، هو الذي يشهد اليوم أعتى لحظات التفكك والتحلل؟ هل للأمر علاقة بالهندسة السياسية لهذه المنطقة في مستوى المشاريع الفكرية والأيديولوجية ونماذج الحكم التي عرفتها خلال القرن المنصرم؟

ليس من همنا الرجوع للمعطيات التاريخية، ولا العودة للحديث عن سياسات التجزئة الاستعمارية التي رسمت خارطة الإقليم، بل سنكتفي بالإشارة إلى طبيعة المشاريع السياسية التي طرحتها نخب هذه المنطقة وكان لها من بعد مكين التأثير على أوضاعها اللاحقة.

ما نريد أن نبينه هو أن محور بلاد الشام والعراق تشكلت فيه الحركة الأيديولوجية العروبية منذ أربعينيات القرن العشرين، وقد تغذت من رافدين أساسيين: الرافد الثقافي الأدبي الذي كان حيّا نشطاً منذ القرن التاسع عشر والرافد الفكري السياسي الذي تأثر بالأطروحات القومية الأوربية (الفرنسية والألمانية).

ولا شك أن «حزب البعث العربي» الذي أسسته النخب العراقية الشامية عبّر بقوة عن هذا المشروع الذي تمحور حول محددات نظرية ثلاث هي: المفهوم الشعوري الحيوي للهوية العربية كطاقة إيمانية وانتماء إنساني وقيمي، التصور التاريخي اللغوي للأمة، المقاربة السياسية للاندماج القومي في شكل دولة الوحدة المعبرة عن كيان الأمة. ولا شك أن نصوص ميشل عفلق الأولى (التي جمعت في كتابه الشهير «في سبيل البعث») هي الوثيقة الفلسفية الرئيسية لهذا المشروع الذي سلك طريقه للتنفيذ منذ «الثورات القومية» الأولى في نهاية الخمسينيات.

لم تنتج إذن للنخب الشامية العراقية نزعات وطنية على غرار النزعات الوطنية التي ظهرت في منطقة شمال أفريقيا التي تشمل بالإضافة إلى بلدان المغرب العربي مصر. في المغرب تولدت النزعة الوطنية- كما يبين عبدالله العروي- من الإصلاحات والتحولات الجذرية التي عرفها المجتمع في القرن التاسع عشر عندما خضع تحت تأثير الحضور الأوروبي والاحتكاك بالدول الاستعمارية لتغييرات نوعية في مقدمتها مأسسة المخزن (نظام الحكم) واعتماد نظم بيروقراطية وإدارية جديدة في تسيير المجال الإقليمي والسكان. إنها نفس الحركية التي شهدتها تونس في عهد الدولة الحسينية المنفصلة عن السلطنة العثمانية، عندما تشكل فيها الوعي بالهوية الوطنية وبرز بقوة في دستور 1861 والإصلاحات القوية التي أعادت بناء هياكل الدولة. وإذا كانت الجزائر في عهد الدايات التابعين للخلافة العثمانية لم تعرف إصلاحات مماثلة وافتقدت في تلك المرحلة لنخب وطنية تحديثية، فإن حرب التحرير الوطني العنيفة هي التي ولدت النزعة الوطنية الجزائرية القوية. وفي مصر التجربة ذاتها التي بدأت منذ إصلاحات الخديوي إسماعيل في القرن التاسع عشر وما تلاها في بداية القرن التالي من بروز تيار تحرري وطني تمحور حول الثورة العرابية وحزب «الوفد».

وفي شمال أفريقيا، حملت النخب السياسية التطلعات النهضوية التنويرية بما فيها الإصلاح الديني والتوجه القومي العروبي، وحتى عندما قاد الرئيس عبدالناصر الحركة العروبية منذ نهاية الخمسينيات ظل النزوع القومي أحد المحددات الرئيسية في الهوية الوطنية المصرية بدوائرها الثلاث (الإسلامية، العربية، والأفريقية) كما بينت وثيقة العهد الناصري الأولى؛ كتاب «فلسفة الثورة».

لم تنشأ نزعة وطنية قوية في العراق الحديث الذي أسسته النخب العسكرية والسياسية العربية العثمانية على خلفية «الثورة العربية» قبل أن تحكمه التنظيمات القومية بعد انهيار الدولة الهاشمية، وقد حملت لواء معارضة النظام البعثي الذي حكم البلاد عقوداً طويلة الحركة القومية الكردية بنزعتها الانفصالية والتنظيمات الشيعية التي اصطدمت بالسلطة منذ قيام الثورة الإيرانية والحرب العراقية الإيرانية (1980)، وفي سوريا وضع مماثل، بعهدها الهاشمي وثوراتها القومية ونسيجها الطائفي، رغم نشوء نزعة قومية سورية لم تتمكن من استمالة أكثر من بعض المثقفين محدودي التأثير.

لم تنجح إذن التنظيمات الحزبية العروبية التي حكمت المنطقة في تشكيل هويات وطنية مندمجة، ولذا عندما انهارت الأنطمة الحاكمة رجع المجتمع إلى هوياته الطائفية والعشائرية وعجزت الأحزاب العروبية التي كانت حاكمة ومتجذرة عن احتواء صدمات التغيير العنيف، بل إن البقية الباقية منها اكتفت بالانغماس في أتون الاصطفاف الطائفي والحروب الأهلية. وكما يقول عالم الاجتماع الإنجليزي «أرنست جلنر»، فإن الدول هي التي تخلق القوميات وعندما تنهار الدولة تتحلل الهويات القومية.

  كلمات مفتاحية

الدولة الهوية القومية العربية العراق سوريا

الدولة العربية .. من منطق «النظام» إلى منطق «الدولة»

عودة الدولة العربيّة إلى الأمة

«الهوية» و«المواطنة » في الخليج على مائدة مؤتمر «المركز العربي للأبحاث»

الدولة العربية: أزمات التأسيس والانتقال

التحدي الإماراتي: الحفاظ على الهوية في بحر متلاطم من التأثيرات الأجنبية