«الهوية» و«المواطنة » في الخليج على مائدة مؤتمر «المركز العربي للأبحاث»

الثلاثاء 9 ديسمبر 2014 09:12 ص

عقد «المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات» مؤتمراً في العاصمة القطرية الدوحة تحت عنوان «دول مجلس التعاون الخليجي: السياسة والاقتصاد في ظلّ المتغيرات الإقليمية والدولية»، وتدور محور الأوراق والنقاشات في المؤتمر حول محورين: الأول يتعلق بـ«جيوبوليتيك» الخليج وقضايا العلاقات الدولية، بينما يناقش الثاني التحدّيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي.

وضمن فعاليات المؤتمر، تم تخصيص الجلسة الافتتاحية لمناقشة مسألة الهوية والمواطنة في دول الخليج العربي وبخاصة في ظل المخاوف من التغييرات الديموغرافية المصاحبة للسياسات التنموية التي اتبعتها دول الخليج والتي تعتمد بشكل كبير على استقدام عمالة أجنبية غير عربية في أغلبها، الأمر الذي أنتج حالة أشبه ما تكون بـ«الاحتلال السكاني» الأجنبي في دول الخليج القليلة في عدد السكان.

وأكد الحاضرون والمشاركون في الجلسة على أهمية أن تقوم دول الخليج بالتصدي للتحدّيات الحضارية المرتبطة بالهوية والمواطنة والمرتبطة بـ«الاحتلال السكاني» في هذه الدول، وشملت قائمة المتحدثين في الجلسة كل من الدكتور«على فخرو» والدكتورة «فاطمة الصايغ» والدكتورة «أسماء العطية» والدكتور «أشرف عثمان».

من ناحيته قدم الدكتور «علي فخرو »ورقته المعنونة: «تحدّيات الهوية في دول مجلس التعاون»، والتي أكد فيها أنّ سياسة استيراد العمالة التي أعطت أفضلية لغير العرب في السنوات الأخيرة سوف تسهم في تعميق مشاكل الهوية في دول مجلس التعاون الخليجي في المستقبل، وأوضح «فخرو» أنّ هذه المشكلة سوف تتفاقم وبخاصة مع تشديد المواثيق الدولية على ضرورة توطين العمّال المهاجرين ومنحهم تمثيلًا في مجالس الحكم في الدول المضيفة، خاصة مع فشل دول المجلس في تطبيق سياسة الوحدة أو التوسع إلى دول عربية مجاورة أو حتى إعطاء أولوية للعمالة العربية على من سواها.

ونوه «فخرو» إلى أحد أهم الإشكالات المرتبطة بالهوية في نظره وهي إشكالية الثقافة وبخاصة فيما يتعلق باللغة العربية، وخصوصاً مع تزايد عدد الطلاب الخليجيين الذين لا يتقنون العربية عند تخرجهم في المدارس والجامعات، ولخّص الوضع بقوله: «في الواقع، فإنّ إشكالية الثقافة هي حصيلة طبيعية لإشكاليات ثلاث: التركيبة السكانية، والتنمية المشوَّهة، والممارسات السياسية الخاطئة».

في ذات السياق جاءت الورقة التي قدمتها الدكتورة «فاطمة الصايغ» التي شددت على التحذير من آثار اختلال التركيبة السكانية لدول مجلس التعاون الخليجي في مفهوم المواطنة، خاصة مع بلوغ نسبة السكان المحللين 15% فقط وتعرضها للتناقص بشكل كبير خلال السنوات الخمسين القادمة، مطالبة بإعادة تعريف مفهوم المواطنة لينتقل من المواطنة السخية التي صاحبت تأسيس الدولة الخليجية بما أتاحته أسعار النفط من موارد لها إلى عادة تنظيم حصول المواطن الخليجي على المزايا التي تتيحها له المواطنة وارتباطه بواجبات أكبر تجاه هذه المواطنة، وخلصت «الصايغ» في النهاية إلى التأكيد على أنّ التصدّي للتحديات الحضارية مهمّ لاستقرار المنطقة والحفاظ على المنجز التنموي.

بدورها ركزت الدكتورة «أسماء العطية» في كلمتها على ما أسمته بـ«التوليفة الصعبة» التي تكون فيها المجتمعات الخليجية منفتحة على العالم مع الحفاظ على هويتها الخليجية بأبعاد واضحة شاملة تضمن طريقة وجود خليجي مستقل.

أما الدكتور «أشرف عثمان» فقد صب تركيزه حول تأثير المحيط الإقليمي على صياغة الهوية الخليجية،  وتحديدًا صعود النموذج الإيراني، خصوصًا بعد الثورة الإيرانية وما صاحبها من هزة رأت فيها بعض الدول الخليجية تهديداً فاندفعت إلى إنشاء نموذج مضاد كما حدث في السعودية، ونبّه إلى أنّ هذا النموذج يثير  تساؤلات حرجة لدى شيعة دول الخليج العربية التي توصّف نفسها بالدول السنّية، ويصبح سؤال الهوية بالنسبة لهؤلاء سؤلاً إشكاليًّا، فهل هم مواطنون يمارسون مذهبًا مختلفًا؟ أم هم قبل كلّ شيء شيعة يفترض فيهم أن يديروا وجوههم نحو وطن الشيعة ذاك الذي تجسّده إيران؟، وفي كل الحالات لا يمكن أن نتوقع منهم الانتماء إلى دولة تنفي هوياتهم الخاصة أو لا تعترف بها، وبهذا تفرز سياسات التهميش الحالية مزيد من التعزيز للحضور الإيراني في أوساط دول الخليج بدلاً من القيام بإصلاحات سياسية يمكن أن تعيدهم إلى مشروع الدولة الوطنية.

النفط عطل مسيرة الإصلاح السياسي في دول الخليج

في سياق آخر، قدّم الدكتور «ناصر بن غيث» محاضرة تحت عنوان: «دول الخليج: كيف تحوّل النفط من مورد للدخل القومي إلى أساس للأمن القومي؟» أكّد فيها أنّ دول الخليج قد استفادت كثيرًا من اكتشاف النفط حيث استخدمت عوائده المالية في صناعة منطقة من الرفاهية في محيط إقليمي يغلب عليه الفقر والتخلف، إلا أنّ النفط كان من جانب آخر نقمة عليها بسبب تعويقه لمسارات الإصلاح الاجتماعي والسياسي والاستعاضة عنه بالرفاهية والرخاء الاقتصادي اللذَين قدّمتهما الحكومات بديلاً عنه. أمّا من الناحية الاقتصادية، فقد أدّت الوفرة المالية إلى إعاقة تطوّر الاقتصادات الخليجية ووصولها إلى مرحلة النضج من حيث الكفاءة والإنتاجية والتنافسية حيث لا تزال معظم دول الخليج تعتمد على النفط كمورد أوحد لموازناتها. ومن ناحية ثالثة فقد كان وجود النفط سببًا في تداعي القوى الدولية الكبرى على دول الخليج والتدخّل في أدقّ شؤونها ممّا أفقدها جانبًا كبيرًا من سيادتها واستقلال قرارها السياسي والاقتصادي.

حضر افتتاح المؤتمر  الأمين العام السابق لمجلس التعاون لدول الخليج العربية «عبد الرحمن بن حمد العطية»، والذي عرض ورقة بعنوان: «تجربة مجلس التعاون الخليجي: تحدّيات وعناوين للإصلاح»، كما تحدث «جمال بن عمر» المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن عن: «دور مجلس التعاون الخليجي في مقاربة الأزمات الإقليمية: دروس من التجربة اليمنية«.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الهوية الاحتلال السكاني العمالة الأجنبية

خلل التركيبة السكانية يهدد بزوال الإمارات من خريطة العالم

التحدي الإماراتي: الحفاظ على الهوية في بحر متلاطم من التأثيرات الأجنبية

المواطنة من خلال الإيمان الخاص

عن المراكز البحثية 

في العلمانية الناقصة

دول بدون هويات!

لماذا لا يمكن أن نعتمد على «القومية العربية» لهزيمة «الدولة الإسلامية»؟

إغلاق جناح «المركز العربي» بمعرض جدة الدولي للكتاب بدون أسباب

حول موضوع الهوية