خلل التركيبة السكانية يهدد بزوال الإمارات من خريطة العالم

السبت 25 أكتوبر 2014 09:10 ص

تقول الطرفة الشائعة في دبي «إن مواطنين أقاموا صلاة الاستسقاء لاستنزال المطر فأمطرت السماء في بنغلاديش والهند والفلبين»> ورغم قساوة الطرفة التي يتبادلها الشباب سخرية وتهكما على أوضاع مجتمعهم، إلا أنها تعبر بصدق عن خلل التركيبة السكانية، ليس فقط في دولة الإمارات ولكنها تنسحب علي كثير من دول الخليج، والحديث عن هذا الخلل المزمن الذي يهدد كيان المجتمع الإماراتي لا يقل في أهميته عن الحديث القديم الحديث عن توطين الوظائف في هذه الدولة التي لا يمثل سكانها سوى 11% فقط ممن يعيشون بها، ما أدي لاندثار عادات وتقاليد وسطوع قيم بعيدة كل البعد عن الثقافة العربية والإسلامية.

في شوارع دبي وأبوظبي لا يمكنك أن تتحدث العربية – لو باللهجة المحلية - فمن بين كل 100 شخص أو أكثر ستقابلهم لن تصادف سوي مواطنين علي الأكثر، فالبيانات التي تؤكد أن نسبة المواطنين لا تزيد عن 11% من السكان تشمل كل إمارات الدولة، وتشمل أيضا النساء والأطفال وكبار السن.

ومنذ بداية الثمانينيات برزت قضية الخلل وعقدت الدولة من أجل ذلك عشرات المؤتمرات وصدرت مئات التوصيات، إلا أن النتيجة علي الأرض كانت مزيدا من الخلل، وما يوحي أن الدولة غير جادة في علاج هذه الظاهرة الخطيرة بعد أن استشرت واستفحلت وباتت عصية عن الحلول التقليدية.

يتداول نشطاء الرأي وحقوقيون إماراتيون على شبكات التواصل الاجتماعي أن من أسباب اعتقال المحامي والناشط الحقوقي الإماراتي الدكتور «محمد الركن» كان هجومه الدائم علي سياسة الدولة في طريقة تعاملها مع هذه القضية الخطيرة حيث أكد مرات عديدة ومن خلال مقالات كان ينشرها علي الانترنت أن مصير الإماراتيين قد يصبح مثل مصير الهنود الحمر في أمريكا.

مركز دبي للإحصاء توقع في دراسة أعدها أن تنخفض نسبة مواطني الدولة لإجمالي عدد السكان إلي 2% بحلول عام 2025 إذا ما استمرت وتيرة استقدام العمالة الأجنبية والتوسع العمراني والعقاري غير المدروس.

والوافدون من الهند يشكلون الجالية الأكبر في الإمارات وأعدادهم تصل إلى حدود 3.1 مليون نسمة ويضاف إليهم الوافدون من دول جنوب شرق آسيا الأخرى والإيرانيون والعرب والغربيون الذين ما انفكوا يغذون هذا الخلل في بنيان التركيبة الحالية في ظل العطايا وعين الرضا التي يحظون بها من قبل عيال زايد، فالإنجليزية وليس العربية هي اللغة الشائعة في الإمارات لا سيما دبي، وبات الوافدون يشعرون بحرية تامة في حياتهم اليومية لدرجة أن بعضهم لا يتوانى عن القيام بتصرفات وممارسات لا تأخذ بعين الاعتبار خصوصية مواطني هذه الدولة المسلمة ولم تفلح معها تجميع المواطنين في تجمعات سكنية تشعرهم بأنهم غرباء بين سكان وطنهم.

خلال حملات الدعاية للانتخابات الصورية غير المباشرة التي شهدتها الإمارات في عامي 2006 و2010 ركز المرشحون علي قضية خلل التركيبة السكانية ومن نجح منهم لم يطرح القضية ولو لمرة واحدة خلال الدورة التي استمرت 5 سنوات.

وقبل ثلاث سنوات أطلقت الحكومة حملة «لا للمخالفين» منحت من خلاله العمال الأسيويين فرصة ثلاثة أشهر قبل ترحيلهم إلي بلادهم، واستهدفت الحملة العمال العشوائيين وخدم المنازل والعمالة الهامشية.

الدولة غير جادة

والمدقق في التغيرات الديموغرافية لدول مجلس التعاون عامة والإمارات علي وجه الخصوص خلال الأعوام الماضية، يمكنه رصد وجود خلل في التركيبة السكانية لدول المجلس، حيث يوجد سباق غير متكافئ بين معدلات النمو السكاني للمواطنين والتي تتراوح بين 2 و3% سنويا ومعدلات نمو السكان غير المواطنين والتي تتراوح بين 6 و8% سنويا، أي ما يقارب ستة أضعاف المعدل العالمي البالغ 1.5%، وسيؤدي ذلك الاتجاه بطبيعة الحال إلى استمرار تقلص نسبة المواطنين إلى الدرجة التي يصبح فيها وضعهم مهددا بالتحول إلى أقلية في وطنهم بصفة دائمة خاصة في ظل التفاخر بأن الإمارات بلد حضاري يجمع أجناس أكثر من مائتي دولة على أرضها.

يقول مواطنون إن الدولة غير جادة في علاج خلل التركيبة السكانية باعتبار أنها هي التي تسن التشريعات والقوانين الخاصة باستقدام العمالة، وأن فتح المجال لكل من هب ودب للإقامة في الإمارات ساهم بشكل كبير في استفحال المشكلة التي باتت تهدد وجود الدولة.

يقول «راشد سعيد» من دبي أن حكومة الإمارة تفتخر طوال الوقت بأعداد القادمين ومستخدمي المطارات باعتبارهم سياح، والحقيقة أن غالبية من يأتون إلي دبي لا يقصدون البلاد من أجل السياحة أو الاستثمار إنما من أجل البحث عن فرصة عمل أو إقامة حتى ولو كانت وهمية، ويضيف إذا كانت نسبة المواطنين في الدولة لا تزيد عن 11% فقط فهل يعتبر ذلك نجاحا للسلطة التي لا يهمها سوي جني الأرباح وتعبئة الصناديق السيادية وتوظيفها في إثارة القلاقل والنزاعات في دول أخرى من اجل نفوذ وهمي تسعى لري ظمأ عجزها عن تلبية متطلبات مواطنيها؟

ويري «أبو زايد» أن الخلل لم يظهر بهذه الصورة في دول «مجلس التعاون عموما والإمارات علي وجه الخصوص إلا مع ظهور البترول, ويقول عشت في العين قبل عام 1971، وكان كل أهالي المدينة يعرف بعضهم بعضا فقد كانت نسبة الأجانب لا تكاد تذكر لكن الآن فإن كبار السن من أمثالي يخجلون من الخروج للشارع بسبب ما نراه من عري وخدش لحياء الرجال قبل النساء اندثرت أمامها عادات وتقاليد وأوصال مجتمع محافظ بطبعه.

وتقول «مريم فهد» من أبوظبي، بات من المألوف أن تجد شباب وشابات في أوضاع غريبة علي الشواطئ وفي المراكز التجارية ولا يستطيع أحد الاعتراض علي هذه السلوكيات التي أثرت بالسلب علي الأجيال.

وتضيف من المألوف جدا أن تجد أكثر من شغالة في المنزل الواحد إلي جانب السائق والطباخ وعامل المزرعة، فلو وضعت الدولة ضوابط لاستقدام هذه الأعداد لانصلح الحال.

ويري «محمد .ن» مواطن من العين أن سنوات الطفرة العقارية في دبي كانت سببا في زيادة حدة الخلل بسبب استقدام مئات الآلاف من العمال الأسيويين للعمل في المشروعات العقارية، ويضيف يستطيع أي مواطن متنفذ وله علاقات أمنية مع جهاز الأمن – وطبقا للقانون- تأسيس شركة وحتى ولو كانت وهمية واستقدام عدد من العمال عليها فنظام الكفيل ساهم في ذلك طالما لم توضع المعايير لتنظيمها، ويضيف بات وجودنا مهددا بسبب عادات وتقاليد دخيلة أتت مع الأسيويين والأوروبيين والأفارقة, وكم تمنينا أن تستبدل حكومتنا العمالة الأسيوية التي تشكل غالبية سكان الإمارات بعمالة عربية لكن لا مجيب.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإمارات خلل التركيبة السكانية الديمغرافيا العمالة الأجنبية

بزنس تحلية المياه في الإمارات يدر الملايين من الأرباح على المنتجين والوافد الخاسر الأكبر!

الإمارات: 99% من موظفي القطاع الخاص غير إماراتيين!

في الإمارات: خطط الزيادة السكانية تصطدم بتراجع معدلات الزواج وزيادة معدل الطلاق

«الهوية» و«المواطنة » في الخليج على مائدة مؤتمر «المركز العربي للأبحاث»

«هافينجتون بوست»: كرة القدم .. معركة الإمارات القادمة لتحسين صورتها

العمالة وخلل التركيبة السكانية .. قضايا قديمة تتجدد

العفو الدولية تنتقد تحويل نساء إيران إلى «آلات لإنجاب الأطفال»

وسط تواصل الجدل .. المغرب يسعى إلى «تقنين الإجهاض»

«تسونامي ديموغرافي» في السعودية ... كيف تهدد التركيبة السكانية خطط الإصلاح؟