«ناشيونال بوست»: كيف تستطيع أمريكا طمأنة شركائها في الخليج العربي؟

الخميس 26 مارس 2015 05:03 ص

هذا هو الوقت المناسب بالنسبة للولايات المتحدة لرفع مستوى شراكتها مع دول الخليج العربي إلى تحالف حقيقي. وإذا ما تم التوصل لاتفاق نووي بين إيران والمجموعة الدولية بقيادة الولايات المتحدة، فسيكون لهذا انعكاسات مهمة على الأمن والاستقرار في منطقة حيوية استراتيجيًا بالنسبة للولايات المتحدة والاقتصاد العالمي.

وسوف يمنح مثل هذا الاتفاق ضمانات أمنية هامة للمنطقة، ولكنه سيكون محفوفًا بمخاطر كبيرة أيضًا. وبشكل أكثر تحديدًا، سوف يمنع هذا الاتفاق من الناحية الفنية إيران من إنتاج أسلحة نووية لفترة، ولكنه لن يهدأ طموحاتها على الأرجح، ولن يحولها إلى دولة مسؤولة تحترم سيادة جيرانها.

ولدى بعض الشركاء الإقليميين للولايات المتحدة، بما في ذلك إسرائيل ومصر وتركيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ثقة أقل بكثير بنتائج ما يعتبرونه اتفاقا نوويا إشكاليا لا يلغي قدرات إيران النووية. وهم يعتقدون بقوة أن من شأن مثل هذه الصفقة منح طهران رخصة للسيطرة على جيرانها وتشكيل السياسة في المنطقة لصالحها فقط، وكل ذلك على حساب الأمن الإقليمي والمصالح الجماعية.

ولهذا، وفي حين أن خلو إيران من الأسلحة النووية بشكل مؤقت من شأنه أن يقلل من مخاطر انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، إلا أنه ليس من الواضح على الإطلاق بعد ما إذا كان من شأنه أن يجعل المنطقة أكثر أمنًا. ومن باب الحرص على أمنهم، ولعدم تأكدهم من مستقبل العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة، سوف يتحوط شركاء واشنطن الإقليميون على الأرجح برهاناتهم الخاصة، وسيعملون على تكديس السلاح، والتنافس بشكل أكثر صرامة مع إيران في مختلف المجالات الاستراتيجية. ومن المرجح أن يؤدي هذا لخلق المعضلات الأمنية الخطيرة في المنطقة، التي يمكنها أن تزيد من احتمال نشوب الحرب.

وسيكون تأثير الدومينو هذا مضرا بشدة لمصالح الولايات المتحدة الأساسية في المنطقة، فضلًا عن إضراره بالأمن الدولي ككل.

وللوقاية من مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، ومن أي ديناميات مدمرة قد تنجم عن صفقة نووية مع إيران، ينبغي على الولايات المتحدة أن تجعل من الواضح تماما لشركائها الإقليميين أن أمنهم سيبقى أولوية عليا بالنسبة لها، وبأنها لن تسمح لإيران بالضغط وزعزعة استقرار جيرانها.

ولتحقيق هذه الغاية، ينبغي على الولايات المتحدة أن تقترح، ومن ثم تتفاوض، بشأن عقد معاهدة دفاع مشترك مع شركائها الإقليميين منذ فترة طويلة في دول الخليج العربي. وقد يكون هذا القرار صعبا للغاية، ومن المرجح أن يعارضه البعض في الكونغرس الأمريكي، ممن تطغى مخاوفهم بشأن سجلات بعض دول الخليج العربي في حقوق الإنسان، على مخاوفهم الأمنية. إلا أنه من دون هذه المعاهدة، سيكون هناك فرصة جيدة بأن البديل سيكون شرق أوسط أقل استقرارا وأمنا، وهو ما من شأنه أن يكون ضارا جدًا لمصالح الولايات المتحدة.

وستكون مثل هذه المعاهدة ترقية للعلاقات الأمنية طويلة الأمد، والتي صمدت أمام اختبار الزمن، بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربية، من الشراكة إلى التحالف. وعندما تكون دولتان أو أكثر، حليفتين، فهذا يعني أن إحداهما ملزمة قانونًا بأمن الآخر والعكس صحيح، وسوف تساهمان كذلك في الدفاع عن بعضهما البعض في حال التعرض للهجوم.

وقد يكون حلف شمال الأطلسي المثال الأبرز على ما سيبدو مثل هذا التحالف عليه، حيث يتعامل الناتو مع الهجوم على أي عضو فيه على أنه هجوم على جميع الأعضاء.

ومن الناحية الأخرى، لا تلزم الشراكة الأمنية بين الدول عادةً أي من هذه الدول بالدفاع عن بعضها البعض إذا ما تعرضت للهجوم، على الرغم من أنها تتشارك في مختلف أشكال التعاون الأمني. وهذا ما يميز العلاقة الحالية بين الولايات المتحدة والدول الست لمجلس التعاون الخليجي، وهي السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والكويت، وعمان، وقطر.

وتقدم معاهدة الدفاع المتبادل مع دول الخليج العربية مزايا استراتيجية متعددة للمنطقة والولايات المتحدة. وأولًا، ستكون هذه المعاهدة إشارة قوية ورادعة لإيران. وثانيًا، سوف تكون الضامن النهائي لأمن دول الخليج العربية، وستصبح هذه الدول على ثقة من أن الولايات المتحدة سوف تقوم بحمايتهم من أي اعتداء إيراني. وثالثًا، سوف تعزز هذه المعاهدة الحزمة التشريعية التي ينبغي على إدارة أوباما إدراجها عند تقديم الاتفاق النووي مع إيران للحصول على تصديقه من قبل مجلس الشيوخ، حيث ستكون تأكيدًا للمجلس بأن الإدارة جادة في تصديها للتحدي الأمني ​​الإيراني متعدد الأوجه. ورابعًا، قد تساعد هذه المعاهدة في الرد على أولئك الذين يدعون إلى نشر قوات عسكرية أمريكية أكبر بكثير في الخليج، وطمأنة دول الخليج العربي بعد توقيع الولايات المتحدة لاتفاق نووي مع عدوهم اللدود.

وقبل بضع سنوات، وعندما لم تكن آمال التوصل لاتفاق نووي مع إيران تبدو واعدة، أطلق مسؤولون أمريكيون فكرة توقيع معاهدة الدفاع المتبادل مع دول الخليج العربي. واقترحت وزيرة الخارجية حينها، هيلاري كلينتون، في 22 يوليو/ تموز 2009، أن الولايات المتحدة سوف تمد «مظلة دفاع» فوق الشركاء الإقليميين في حال حصول إيران على أسلحة نووية.

ولكن في الواقع، فإن الوقت المناسب لفرض مثل هذه المظلة الدفاعية هو الآن، وليس بعد أن تحصل إيران على القنبلة النووية.

 

  كلمات مفتاحية

أمريكا السعودية إيران النووي الإيراني العلاقات السعودية الأمريكية

«الفيصل»: الاتفاق النووي مع إيران سيشعل المنطقة .. ومن حقنا امتلاك نفس القدرات

السعودية تستعد للاتفاق النووي الإيراني بتطوير تحالفاتها الإقليمية

«ستراتفور»: لماذا نتوقع نمو التعاون العسكري بين السعودية وباكستان؟

«فورين بولسي»: العلاقات السعودية الأمريكية لن تتغير في عهد الملك «سلمان»

«أوباما» لا يستبعد فتح سفارة أمريكية في طهران حال الوصول لاتفاق بشأن البرنامج النووي

مـــآلات الـعـــروبة

عودة الدولة العربيّة إلى الأمة

«هافينجتون بوست»: كيف يمكن للولايات المتحدة أن تساعد الشرق الأوسط بالفعل؟

لماذا دبلوماسية التطمينات غير مقنعة؟