إيران.. من دولة منبوذة إلى قوة إقليمية

الأربعاء 20 يناير 2016 12:01 ص

يمثل رفع العقوبات المفروضة على إيران شهادة بعلاقتها الجديدة مع الولايات المتحدة وهي تتحول من دولة منبوذة إلى قوة إقليمية وهو وضع قد يتحقق على حساب السعودية حليف واشنطن الرئيسي بين الدول العربية، بحسب رويترز.

ويقول «فواز جرجس» الخبير في شؤون الشرق الأوسط بكلية الاقتصاد في جامعة لندن إن إيران "لديها إمكانيات يمكن أن تجعل منها قوة عظمى إقليمية وسوقا ناشئة ضخمة على غرار تركيا».

ويضيف «هناك علاقة جديدة تقوم على فهم جديد لدور إيران المحوري في المنطقة.. وأن إيران باقية».

لذا فإن «إيران بالنسبة لواشنطن لم تعد دولة مخربة بل دولة يمكن أن تلعب دورا إيجابيا في تحقيق الاستقرار في المنطقة وتسهم في إطفاء الحرائق»، على حد وصف جرجس».

ومع ذلك، «تظل السعودية على خلافها مع إيران التي نجحت في تشكيل محور شيعي يمتد من العراق عبر سوريا إلى لبنان حيث يمثل «حزب الله» حليف إيران الذي يمتلك قدرات عسكرية أقوى قوة سياسية في البلاد.

كما تقول الرياض إن إيران وراء اضطرابات في البحرين التي توجد بها أغلبية شيعية وكذلك حركة التمرد الحوثي في اليمن حيث بدأت السعودية حربا جوية في العام الماضي.

وتعتقد الرياض أيضا أن طهران تثير القلاقل في المنطقة الشرقية من المملكة التي تضم تقريبا جميع احتياطيات السعودية من النفط وأغلب أفراد الأقلية الشيعية المهمشة.

وتسبب إعدام رجل الدين الشيعي «نمر النمر» هذا الشهر في تسميم العلاقات بدرجة أكبر مما كانت عليه.

ومع ذلك، فمن المرجح أن يكون احتواء إيران بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين أمرا ذا أهمية كبرى لمصالحهم. وبصفة خاصة قد يصبح لإيران دور حاسم في الحرب على «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا.

والأمر نفسه، ينطبق على البحث عن نهاية للحرب الأهلية في سوريا. ففيها أبقت إيران على الرئيس «بشار الأسد» في السلطة وهي الحليف الخارجي الوحيد له الذي يقدم له دعما عسكريا حتى وصلت روسيا بقوتها الجوية الضاربة في الخريف الماضي.

واعتبر التقرير أنه بينما تتزايد الثقة الإيرانية تبدو الرياض في موقف الدفاع، حيث يقول مراقبون سعوديون إن من الصعب التنبؤ بتحركاتها منذ تولي الملك «سلمان بن عبد العزيز» العام الماضي مقاليد السلطة ومنح ابنه الشاب الأمير «محمد بن سلمان» سلطات واسعة.

وقال «جرجس» «ثمة اعتقاد شائع أن السعودية تتبع سياسات فوضوية ذات نتائج عكسية وأن الوهابية تكمن وراء صعود تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية وأن القيادة السعودية تفتقر إلى الخبرة والحكمة، معتبرا أن ردود الفعل السعودية تتصف بالغضب والاندفاع دون منظور طويل الأمد.

أما إيران على النقيض «فتعتقد أنها قوة صاعدة يحتاج العالم إليها، كذلك يبدو أن إيران استوعبت أن الزيادة الكبيرة في إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة حررت واشنطن من اعتمادها على الخام السعودي».

ويقول «فارهانج جاهانبور» من جامعة أوكسفورد إن السعوديين بحاجة للاتفاق على صيغة أمنية إقليمية مع إيران وكل دول الخليج الأخرى بالإضافة إلى القوتين السنيتين مصر وتركيا.

ويضيف «يجب عليهم التعاون لأنه إذا استمرت حالة العداء الحالية فسيكونون هم الخاسرون وسنشهد حروبا لعشرات السنين في المنطقة كلها وما وراءها».

واعتبر علي الأمين المحلل والباحث اللبناني أن "السعودية في حالة تقهقر وتراجع بموضوع تقديم نفسها كدولة لها جاذبية في الغرب، فالسعوديون يشعرون أن الأزمة تطال تركيبتهم والنظام.

وأضاف أن «السعودي لديه مشكلة والخطر الوجودي للنظام هو داخلي. معركته لشد العصب (السني). معركته مع إيران وظيفتها داخلية سعودية. السعودي في اللحظة التي يتراخى فيها مع إيران سيقود ذلك الى انفجار عنده لأن المناخ السني العام في المنطقة خاصة في ظل الأزمة السورية أدى إلى زيادة الكراهية لإيران وللشيعة."

فيما رأى «الأمين أن «الإيراني لديه أزمة ليست ببسيطة. هناك تحول لكن هذا التحول قائم على استراتيجية أنه لا يستطيع أن يكون لديه نفوذ إلا بحالة المواجهة وبحالة الحرب. لكن بحالة السلام هل الإيراني لديه استراتيجية قائمة على فكرة النفوذ عبر الدول وليس من خلال اختراق الدول».

لكن لإيران أيضا نقاط ضعفها. فهي تواجه معضلة مدى اتجاه التحرر الذي تسير فيه ما إن تعود لربط اقتصادها بالأسواق العالمية وتخلق الاستثمارات جماعات نفوذ جديدة.

وجاءت نجاحاتها في بلدان مثل لبنان والعراق وسوريا في وقت كانت هذه الدول ترزح فيه تحت وطأة حرب أو غزو الأمر الذي أدى إلى تقسيمها في واقع الأمر. وعززت طهران مصالحها بالالتفاف على مؤسسات الدول وذلك ببدائل غير مستقرة مثل الفصائل المسلحة وهو سلاحها الرئيسي لتحقيق النفوذ.

وفوق كل شيء تحتاج طهران للفوز بالقبول في الشرق الأوسط كقوة إقليمية مشروعة وبناءة.

وإذا كان لإيران أن تفوز باعتراف عربي كقوة اقليمية فعليها أن تلجأ للحلول الوسط وهذا يشمل قبول دور أقل في أمور العراق ولبنان وسوريا.

وقال «سركيس نعوم» المعلق اللبناني المخضرم لرويترز «حتى تكون إيران دولة إقليمية معترفا بها يجب أن تحدد دورها بطريقة صحيحة . لا تستطيع أن تحتفظ بسوريا ولبنان والعراق يجب أن تحتفظ بقسم وتخسر قسما».

وأضاف «يتصاعد نجم إيران الآن وحتى يكتمل هذا ويصبح الدور فاعلا ويتقبلها المجتمع الدولي يجب أن تحدد ماذا تريد وتفتح الحوار مع الأمريكان حول قضايا المنطقة».

وقال «فيصل اليافعي» المعلق بصحيفة «ذي ناشيونال» في الإمارات العربية المتحدة إن على طهران أن تعيد النظر في دعمها للجماعات المسلحة المختلفة في المنطقة.

وأضاف أنه إذا كانت إيران «تريد حقا أن تكون جزءا من المجتمع الدولي فعليها أن تلتزم بقواعد المجتمع الدولي».

وفي التنافس على الشرق الأوسط، قال «جرجس» إن «من السابق لأوانه إعلان إيران الطرف الفائز».

لكنه أضاف أن «الإيرانيين أبدوا حنكة ومهارة وقدرات على المساومة ودهاء... إيران أكدت وجودها كلاعب رئيسي في بيئتنا ولديها القدرة على أن تكون لاعبا رئيسيا في الاقتصاد العالمي».

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

إيران دولة منبوذة قوة إقليمية رفع العقوبات الولايات المتحدة السعودية الاتفاق النووي

«ستراتفور»: ماذا بعد قيام الغرب برفع العقوبات عن طهران؟

«روحاني»: رفع العقوبات عن إيران فتح صفحة جديدة مع العالم

«واشنطن بوست»: «أوباما» يتمنى أن تصبح إيران قوة إقليمية

«القدس العربي»: الانقلاب الحوثي أدخل اليمن نفقا مظلما ومنح إيران ورقة قوة إقليمية إضافية

«أوباما»: إيران لديها الفرصة للتصالح مع العالم لتصبح قوة إقليمية ناجحة

الصراع بين الرياض وطهران: «عربي - إيراني» لا طائفي

الخليج وإيران.. والمتغيرات

إيران لا تصدر الثورة!