«ستراتفور»: ماذا بعد قيام الغرب برفع العقوبات عن طهران؟

الأحد 17 يناير 2016 10:01 ص

أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرها أمس 16 يناير/كانون الثاني، وأكدت خلاله أن إيران قد وفت بالتزاماتها فيما يخص الاتفاق النووي الذي توصلت إليه مع القوى الدولية في يوليو/ تموز. مع هذا الإعلان، يأتي احتمال عودة إيران إلى المجتمع الدولي، والأمر الأكثر أهمية بالنسبة إلى حكومتها، وهو نهاية معظم عقوبات الاتحاد الأوروبي والعديد من العقوبات الأمريكية الهامة. مع إبقاء الأطر القانونية القائمة بالفعل، فقد أعلن الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الإلغاء الرسمي للعقوبات الخاصة بهم بعد فترة وجيزة من صدور التقرير.

تحليل

سيكون قطاع النفط الإيراني المستفيد الأول من الاتفاق الذي سيزيل معظم العقوبات التي تحد حجم الصادرات. سوف يشرع الاتحاد الأوربي مباشرة في إزالة الحظر على واردات النفط الخام الإيراني، وسوف تقوم الولايات المتحدة بوقف عقوباتها الثانوية على الشركات الأجنبية العاملة في إيران. وهذا يعني أن واشنطن لن تقدم على معاقبة الشركات الأجنبية التي تستورد النفط الإيراني أو تستثمر في القطاع النفطي في البلاد. ومع ذلك، لا يزال الحصار الأمريكي قائما، لذا فإن استفادة الصناعات الأخرى في إيران من فوائد الاتفاق سوف يكون معظمها من فوائد التجارة والاستثمار مع أوروبا على وجه التحديد.

طهران تستعد لهذه اللحظة منذ بعض الوقت. وقال وزير النفط الإيراني «بيجان زنكنه» إن بلاده سوف تقوم برفع إنتاجها النفطي على مرحلتين. خلال المرحلة الأولى سوف تقوم إيران برفع إنتاجها من النفط بمعدل 500 ألف برميل يوميا خلال الأيام الأولى بعد رفع العقوبات (في غضون أسبوع). في المرحلة التالية، سوف تقوم البلاد برفع إنتاجها بمعدل 500 ألف برميل إضافية خلال 6 أشهر.

لكن هناك تساؤلات حول ما إذا كانت إيران تستطيع أن تفعل كل ما تطمح إليه. وتصر الحكومة أن لديها القدرة على الوصول إلى أهدافها، ولكن لم يتضح ما إذا كانت طهران يمكن أن تدفع بالفعل الكثير من النفط إلى السوق بهذه السرعة. وتشير التجارب الإنتاجية السنوية أن إيران قد يكون بمقدورها زيادة إنتاجها بمعدل 500 ألف برميل يوميا بالفعل خلال الأيام الأولى، لكن الزيادة التي تأمل فيها طهران خلال الأشهر الستة المقبلة قد تكون أصعب من ذلك.

ويرجع ذلك إلى أن إيران لا يمكنها التحول إلى ضخ كميات كبيرة من النفط مرة واحدة. معظم القدرة النفطية للبلاد في الحقول القديمة تعاني انخفاضا بنسبة من 8 إلى 10 في المائة سنويا. وحتى إذا كان إغلاق بعض الحقول قد أسهم في زيادة المخزون الذي يمكن التعجيل باستخراجه فإن إيران لن يمكنها حقا زيادة إنتاجها دون نشاط مكثف سواء في الحقول القديمة أو الجديدة. ببساطة، تحتاج إيران إلى قدر كبير من الاستثمار من أجل إعادة الحقول من جديد إلى التشغيل، وهي الاستثمارات التي ربما تتطلب بضعة سنوات.

في هذه الأثناء، فإن إيران سوف تعتمد على بيع النفط المخزن لديها، وهو ما يتراوح تقديره بين 7 ملايين إلى 50 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات، على اختلاف التقديرات. وتعتقد «ستراتفور» أن إيران لديها25 مليون برميل على الأقل في مستودعات تخزين عائمة في مضيق هرمز. إذا كانت إيران تمتلك 50 مليون برميل من النفط المخزن، فإن ذلك قد يكفي وحده لزيادة الصادرات بمعدل 500 ألف برميل يوميا لمدة 3 أشهر.

سوف تذهب معظم هذه الصادرات نحو الأسواق التقليدية المعتادة لإيران. وسيتم تصدير ما بين 200 ألف إلى 220 ألف برميل يوميا للعملاء في فرنسا، والمملكة المتحدة، إيطاليا، إسبانيا وألمانيا. كما تعتزم إيران أيضا زيادة صادراتها إلى الهند، وهي مستهلك ضخم للطاقة، بمعدل 200 ألف برميل يوميا.

السوق الراكدة

ولكن في حين أن عودة إيران إلى السوق تبشر بالخير بالنسبة إلى اقتصادها، فإنها لا تبشر بالخير بالنسبة إلى أسعار النفط التي تشهد بالفعل حالة من التراجع. بعد انخفاضه إلى 36 دولارا للبرميل في نهاية عام 2015، فقد مس مزيج برنت حاجز الـ29 دولارا في 15 يناير/كانون الثاني الحالي منخفضا بنسبة 20 في المائة في غضون أسبوعين فقط.

وقد تم تحليل الأسعار الحالية على أنها أصداء لعودة إيران إلى السوق، ولكن ليس من الواضح مدى دقة الأسعار. قد تنخفض الأسعار إلى معدل يناهز 20 دولارا للبرميل وهو ما قد يضر للغاية بعض منتجي النفط مثل فنزويلا وروسيا. من جانبها، فشلت أوبك في التوصل إلى توافق في اجتماعها خلال ديسمبر/كانون الأول حول كيفية تقليص الإنتاج لتحقيق استقرار الأسعار. والآن بعد أن انخفضت الأسعار بنسبة 30 في المائة عما كانت عليه في توقيت عقد الاجتماع، فإن اثنين من أعضاء أوبك يدعوان الآن إلى عقد اجتماع طاريء في وقت ما قبل يونيو/حزيران.

ولكن عقد اجتماع طارئ من غير المرجح أن يؤثر على سياسة الأعضاء الرئيسيين في أوبك، المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة. وقد شكلت هذه الدول الأربع سياسة مشتركة في إدارة الإنتاج، وهم مستعدون لتحمل فترة طويلة من النفط الرخيص. على مدى الأسبوعين الماضيين، رفعت كل من السعودية وقطر أسعار الوقود محليا، وقد فعلت الإمارات العربية المتحدة الشيء نفسه في عام 2015. وقامت الدول الأربع جميعها بالحد من الإنفاق العام، كما أن بإمكانها أن تنسحب من صناديق الاستثمار السيادية واحتياطيات العملة الأجنبية. وعلاوة على ذلك، فإن بإمكانها إصدار بعض الديون أجل سد الثغرات في ميزانياتها، وقد ناقشت تنفيذ المزيد من الإصلاحات الاقتصادية. المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، سوف تعقد اكتتابات عامة أولية من أجل شراء حصص في وحدات معينة من شركة النفط الوطنية السعودية.

الأمر الأكثر دلالة هي التصريحات التي أدلى بها وزير الطاقة الإماراتي، في 12 يناير/كانون الثاني، والتي أكد خلالها أن استراتيجية أوبك تعمل بشكل جيد. وقال أيضا إن الخطة بحاجة إلى 12 إلى 18 شهرا إضافية حتى تبدأ آثارها في الظهور. ربما يكون على حقن ولكن في الوقت الحالي فإن النمو العالمي ليس قويا بما فيه الكفاية للسماح للأسعار باسترداد عافيتها.

ولكن هناك أيضا عنصر سياسي لرفض أوبك لخفض الإنتاج. تخوض دول الخليج عدة حروب بالوكالة في مواجهة إيران، المنافس على المستوى الإقليمي. سوف يكون قيامها بخفض الإنتاج دون أن تفعل إيران الشيء نفسه بمثابة دعم تقدمه لطهران لا يمكن تبريره سياسيا.

فرصة متأخرة

سوف يكون رفع العقوبات بمثابة فرصة للاقتصاد الإيراني. ولكن بالنسبة إلى الرئيس «حسن روحاني» ومؤيديه فإنها ربما تكون فرصة متأخرة. البلاد تستعد للانتخابات في فبراير/شباط، حيث سيجري انتخاب برلمان جديد ومجلس للخبراء، الذي سوف يكون بإمكانه اختيار المرشد الأعلى القادم. وينتقد المتشددون بشدة أنصار «روحاني» من المعتدلين والمحافظين التقليديين عن طريق التقليل من أهمية الاتفاق النووي. مع إزالة العقوبات، قد يكون أنصار «روحاني» قادرين على الاستفادة من زخم اللحظة في الحشد الانتخابي.

والأهم من ذلك بالنسبة لـ«روحاني» هي الانتخابات الرئاسية التي سوف تجرى خلال عام 2017. أسعار النفط المنخفضة حاليا تمثل تحديا كبيرا بالنسبة إلى «روحاني». تركزت الحملة الانتخابية لـ«روحاني» في الأصل على تحسين علاقات إيران مع الغرب لتحسين الاقتصاد الإيراني المثقل بسبب العقوبات. ولكن مع الانخفاض الكبير في أسعار النفط، فسوف يعاني «روحاني» بشكل كبير في إظهار تأثير رفع العقوبات على حياة مواطنيه. حتى لو نجحت إيران في تحقيق أهدافها المتمثلة في زيادة إنتاج النفط بنسبة مليون برميل يوميا، فإن الرئيس يحتاج إلى أسعار نفط تصل إلى ما لا يقل عن 60 دولارا للبرميل. في غياب ذلك، فإن عائدات النفط، حتى مع زيادة الصادرات سوف تظل مما كانت عليه حين كان النفط يباع عند سعر 110 دولار للبرميل، بمعنى أنها ستظل أقل مما كانت عليه وقت أن تم انتخابه.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

إيران الاتفاق النووي رفع العقوبات أسعار النفط الاقتصاد الإيراني أمريكا الاتحاد الأوروبي طهران

«روحاني»: رفع العقوبات عن إيران فتح صفحة جديدة مع العالم

ما هي العقوبات التي رفعتها أمريكا عن إيران؟

«موغريني»: «الاتحاد الأوروبي» فعل الإطار القانوني لرفع العقوبات عن إيران

مديرو شركات نفط عالمية يصلون إلى طهران قبل رفع العقوبات

السعودية تنصح إيران باستغلال رفع العقوبات في التنمية لا في السياسات العدائية

«أوباما»: عقوبات إيران ستخفف حتى لو رفضنا الاتفاق النووي

تحليل إسرائيلي: السعودية تعمدت تحدي إيران وواشنطن بتنفيذ إعدام «النمر»

أفق الأزمة السعودية الإيرانية

«التعاون الإسلامي» تدعو لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية

عقوبات أمريكية جديدة على طهران بسبب صورايخها الباليستية

«كيري»: سنسدد 1.7 مليار دولار لإيران ديونا وفوائد

مسقط: الاتفاق النووي أبعد عن المنطقة شبح الحرب

واشنطن لم تفرج عن الإيراني المتورط في محاولة اغتيال «الجبير»

أمريكا تعاقب شركة عاملة في الإمارات ساعدت إيران في برنامج الصورايخ الباليستية

إيران: عقوبات واشنطن الجديدة غير مشروعة بسبب مبيعات الأسلحة الأمريكية

عمان ليست قلقة من النفط الإيراني

«كيري» «غاضب ومحبط» من نشر إيران تسجيل فيديو للبحارة الأمريكيين

بعد رفع العقوبات.. العدوانية الإيرانية باقية

إيران: سنستعيد 32 مليار دولار من الأموال المجمدة مع رفع العقوبات

ترقب خليجي بعد رفع عقوبات إيران .. انعدام الثقة مستمر

«خامنئي» يرحب برفع العقوبات ويحذر من «مكر» أمريكا

رويترز: الاتفاق النووي الإيراني ضربة مزدوجة لـ«آل سعود»

رفع العقوبات عن إيران.. من يربح ومن يخسر؟

إيران.. من دولة منبوذة إلى قوة إقليمية

بورصات الخليج تهبط مجددا والسوق السعودية تهوي 5% بانخفاض النفط

كيف يمكن أن يؤثر رفع العقوبات على كل من إيران والعراق وسوريا؟

خبير دولي: رفع العقوبات عن إيران سيشجعها على مواصلة أنشطتها المخادعة

أمريكي أفرجت عنه إيران: أعدموا السنة أمامي بسب معتقداتهم

البنوك الإيرانية تخفض أسعار الفائدة على الودائع بعد رفع العقوبات

إيران تهدف لزيادة إنتاج النفط إلى 700 ألف برميل يوميا

نائب وزير النفط الإيراني: لن نفرض عقوبات على أنفسنا والتعامل مع الأزمة ليست مسؤوليتنا

«كيري» يسعى لطمأنة البنوك الأوروبية بشأن استئناف النشاط التجاري مع إيران