دبلوماسية الزلزال.. هل تنفك أزمات تركيا مع اليونان وأرمينيا بعد لقطات التضامن؟

السبت 18 فبراير 2023 01:11 م

ألقى تحليل نشره موقع "أوراسيا ريفيو" الضوء على "دبلوماسية الزلزال" التي جمعت تركيا وخصومها على منصة الإنسانية خلال الأيام الأخيرة، بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، وراح ضحيته في حصيلة غير نهائية ما يقرب 40 ألف قتيل، بعد أن أرسلت عشرات الدول، ومنها دول ترتبط بعلاقة خصومة مع أنقرة فرق إنقاذ ومساعدات لإغاثة متضرري الكارثة.

وركز التحليل، الذي كتبه "لوك كوفي"، الزميل في معهد "هدسون"، وترجمه "الخليج الجديد"، على أثر تلك الدبلوماسية على العلاقات بين تركيا وكل من اليونان وأرمينيا.

وكانت اليونان من أوائل دول العالم التي أرسلت فرق إنقاذ إلى تركيا المجاورة في أعقاب الزلزال، وكان وزير الخارجية اليوناني "نيكوس ديندياس" أول من زار تركيا من بين نظرائه في الاتحاد الأوروبي.

ولم ترسل اليونان العديد من فرق الإنقاذ فحسب، بل أرسلت أيضًا عدة طائرات محملة بالمساعدات الإنسانية.

وحسب التحليل، تلعب اليونان أيضًا دورًا مهمًا داخل الاتحاد الأوروبي لضمان أن تجد المساعدة طريقها إلى تركيا بطريقة سريعة.

في غضون ذلك، وعلى بعد مئات الكيلومترات إلى الشرق، فتحت الحدود البرية التركية الأرمينية في أليكان لأول مرة منذ أكثر من 35 عامًا؛ للسماح بعبور المساعدات الإنسانية.

كما أرسلت أرمينيا العشرات من أفراد البحث والإنقاذ للمساعدة في جهود الإنقاذ، وزار وزير الخارجية الأرميني "أرارات ميرزويان" موقع الدمار في تركيا واختتم زيارته باجتماع رفيع المستوى مع نظيره التركي.

ويتساءل الكاتب بعد هذا السرد: إذن ما الذي يمكن توقعه من دبلوماسية الزلزال بين تركيا وهاتين الجارتين؟

تركيا واليونان

ويجيب: "من الواضح أن أي تفاعل وانخراط بين أنقرة وأثينا، وأنقرة ويريفان، هو أمر إيجابي ويجب الترحيب به، ومع ذلك، يجب على المرء أن يفهم أيضًا أن التحديات في علاقات تركيا مع اليونان وأرمينيا معقدة ومتجذرة بعمق في التاريخ".

النقطة الشائكة الرئيسية بين تركيا واليونان هي الاتفاق على ترسيم بحري عادل ومنصف لبحر إيجة، وهي قضية معقدة متأصلة في التاريخ والجغرافيا والقانون الدولي.

وفي حين، سيكون هناك تأثير إيجابي قصير المدى في العلاقات التركية اليونانية الناتج عن دبلوماسية الزلزال، فلا يتوقع التحليل حدوث اختراق كبير في أي وقت قريب.

ويقول الكاتب إن الزعيمان التركي واليوناني يواجهان تنافسًا حادًا في الانتخابات الوطنية في وقت لاحق من هذا العام، وليس من المستغرب أن العلاقات الثنائية التركية اليونانية هي قضية سياسية ساخنة في كلا البلدين.

ويرى التحليل أنه لكي يتم إحراز أي تقدم في العلاقات التركية اليونانية بما يتجاوز النوايا الحسنة لدبلوماسية الزلزال، سيتعين على كلا الجانبين السعي إلى حل وسط معقول.

ولكن مع اقتراب الانتخابات، لن يكون هناك مجال كبير للتسويات من قبل أي من الجانبين.

وفي حين أن دبلوماسية الزلزال قد تساعد في تمهيد الطريق، فمن المرجح أن التفويض السياسي الجديد بعد الانتخابات يمكن أن يخلق مساحة سياسية لمحادثات حقيقية بين تركيا واليونان.

وسيصبح هذا الاحتمال أكثر واقعية إذا أعيد انتخاب كلا الزعيمين، وستكون هذه هي الفترة الأخيرة في المنصب لكل منهما، مما يمنحهم مزيدًا من المرونة السياسية للتوصل إلى حل وسط مما كانوا سيحصلون عليه لولا ذلك، على حد قول الكاتب.

تركيا وأرمينيا

أما في ملف العلاقات التركية الأرمينية، وعلى الرغم من وجود علاقة صعبة بين البلدين على مدى العقود القليلة الماضية، إلا أن هناك سببًا لمزيد من التفاؤل، حيث كانت تركيا من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال أرمينيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، لكن العلاقات بين الدولتين سرعان ما توترت بعد غزو أرمينيا لحليف تركيا أذربيجان، أوائل التسعينيات.

وبحلول عام 1993، انتهت العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وأغلقت الحدود، وهذا هو سبب أهمية فتح الحدود الأسبوع الماضي أمام المساعدات الإنسانية.

ويرى الكاتب أنه حتى مع عودة هذه التوترات إلى عقود، كانت هناك خطوات في الأشهر الأخيرة بين تركيا وأرمينيا يمكن لدبلوماسية الزلزال البناء عليها.

على سبيل المثال، في العام الماضي، اجتمع وزيرا خارجية تركيا وأرمينيا لمناقشة آفاق التطبيع الدبلوماسي، وعيّن الطرفان مبعوثين خاصين للتفاوض خلال المناقشات حول تطبيع العلاقات.

أيضا استؤنفت شركات الطيران التركية والأرمنية رحلاتها المباشرة بين البلدين؛ وأنهت أرمينيا حظرا على الواردات من تركيا العام الماضي.

وعلى المدى القصير، يقول الكاتب إنه يجب على تركيا وأرمينيا استخدام الزخم الذي أوجدته دبلوماسية الزلزال لإبقاء الحدود مفتوحة للتبادل التجاري، وسيكون هذا بمثابة إجراء مهم لبناء الثقة لكلا الجانبين يمكن أن يؤدي إلى تطبيع العلاقات.

ويختم الكاتب تحليله بالقول: "على الرغم من أن علاقاتهم صخرية، إلا أن اليونانيين والأرمن والأتراك يفهمون أنهم مرتبطون بالتاريخ والجغرافيا.. اليونان وأرمينيا صعدت بسرعة إلى المسرح في وقت الحاجة التركية، ولا شك أن الشعب التركي سيتذكر دائمًا هذه النية الحسنة والكرم".

المصدر | لوك كوفي - أوراسيا ريفيو / ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات التركية اليونانية العلاقات التركية الأرمينية دبلوماسية الزلزال زلزال تركيا

زلزال تركيا.. أردوغان يستقبل الدبيبة فى إسطنبول ويعقدان اجتماعا مغلقا

زلزال تركيا وسوريا.. كارنيجي: مؤتمر المانحين يجب أن يكون إنسانيا وليس سياسيا

خوفا من موجة نزوح.. اليونان تعزز ضوابط حدودها مع تركيا

تركيا تثمن الأجواء الإيجابية مع اليونان وتتعهد باستمرار الحرب على تنظيمات إرهابية

بزيارة نادرة.. تركيا واليونان ترسلان رسالة ودية لتجاوز الخلافات