أزمة الكويت والفلبين حول العمالة المنزلية.. خلاف متجدد يبحث عن حل

الأحد 19 فبراير 2023 10:57 ص

أزمة جديدة بين الكويت والفلبين تندلع بسبب العمالة المنزلية، في تكرار لأزمات سابقة في 2018 و2020 كانت تتمحور جميعها حول سوء معاملة العاملات الفلبينيات في الدولة الخليجية.

ولطالما أثارت أحداث كان ضحيتها عمالة منزلية الجدل في الكويت، والتي كان آخرها في منتصف يناير/كانون الثاني 2023، عندما تعرضت عاملة فلبينية لـ"الاغتصاب والقتل ثم الحرق" على يد "مواطن كويتي"، قبل أن يلقى القبض عليه لاحقاً.

وعثرت الشرطة الكويتية، في 22 يناير/كانون الثاني الماضي، على جثة امرأة محروقة في منطقة السالمية بالكويت، وبينت التحقيقات أنها لعاملة فلبينية تدعى "جوليبي رانارا" تعرضت للاغتصاب والقتل ثم الحرق وتهشيم للجمجمة.

وبدأت الجهات الجنائية بالتحقيق في الجريمة، وفحص البصمات ومعاينة موقع الجريمة، وتمكنت من القبض على القاتل، الذي أشارت السلطات إلى أنه "مراهق كويتي (16 عاما) كانت تعمل الفلبينية في منزل ذويه".

ولاحقا، غادر عشرات العاملات الفلبينيات الكويت عائدات إلى بلادهن، بعد عودة جثمان العاملة الفلبينية إلى بلدها، والتي هزت جريمة قتلها الرأي العام في الكويت.

وقف إرسال العمالة الفلبينية

وبالتزامن مع قرارها بوقف إرسال عمالتها إلى الكويت، أعلنت الحكومة الفلبينية، أنها ستتخذ خطوات لتقييم ومنع الانتهاكات، لاسيما "اغتصاب العاملات الفلبينيات وسوء معاملتهن" في الكويت.

وفي 10 فبراير/شباط الجاري، التقى وزير الخارجية الكويتي الشيخ "سالم العبدالله" مع القائم بأعمال سفارة الفلبين لدى الكويت "هوزيه ألمودوفار كابريرا الثالث"، وجدد إدانته واستنكاره "لهذه الجريمة اللاإنسانية البشعة".

وأكد الوزير الكويتي حرص بلاده على رعاية وحماية وسلامة وحفظ حقوق كافة المقيمين على أرضها، ومن ضمنهم الجالية الفلبينية، في إطار قوانين العمل المعمول بها في الكويت.

وسبق أن أوقفت الفلبين مؤقتا إرسال العمالة المنزلية إلى الكويت عام 2018، عقب العثور على جثة العاملة المنزلية "جوانا دانيلا" في ثلاجة منزل مهجور.

وتسبب الخلاف في أزمة دبلوماسية بين البلدين حظر بسببها الرئيس الفلبيني "رودريجو دوتيرتي" سفر العمال إلى الكويت في فبراير/شباط 2018، وذلك بعد مقتل العاملة "جوانا ديمافيليس" والتي عثر على جثتها وعليها آثار تعذيب في ثلاجة بإحدى الشقق الفارغة بالكويت.

وتفاقمت الأزمة حينها بشكل كبير عقب تهريب سفارة الفلبين بالكويت بعض العاملات المنزليات من بيوت كفلائهن بحجة تعرضهن لسوء المعاملة.

وتعاملت السلطات الكويتية مع هذا الأمر في إطار قانوني، وأمرت الكويت في أبريل/نيسان السفير الفلبيني بمغادرة البلاد خلال أسبوع، واستدعت مبعوثها لدى الفلبين للتشاور.

ولاحقا، حكم القضاء الكويتي على سيدة بالإعدام، بعد إدانتها بالقتل، كما حكمت على زوجها بالسجن 4 سنوات بتهمة التستر، قبل أن تتدخل السلطات الكويتية وتتواصل مع نظيرتها في الفلبين، وتعود العمالة مجددا.

لكن في مطلع 2020، جرى وقفا جديدا لإرسال عمالة الفلبين للكويت، عقب مقتل العاملة المنزلية "جانلين فيلفاندي" في الكويت، خاصة بعدما تم الكشف عن نتائج تشريح جثتها وتعرضها لانتهاكات جنسية قبيل مقتلها.

وحينها اتُهم عسكري وزوجته بالمسؤولية عن وفاة الخادمة، وطالبت الفلبين بالقصاص منهما، مقابل رفع الحظر، وبدأت محاكمة العسكري وزوجته بالفعل في الكويت على خلفية الجريمة، لكن لم يصدر بعد حكم في القضية.

وبعد أسابيع، رفعت الفلبين الحظر عن إرسال جميع أنواع العمالة إلى الكويت، لكن جائجة "كورونا" أعاقت تنفيذ رفع هذا حظر حتى أبريل/نيسان 2021، عندما أعادت الفلبين إرسال عمالتها على الكويت بشروط.

شروط الفلبين

وتتلخص هذه الشروط في توفير سكن لائق ومناسب للخادمة، وتوفير المأكل والملبس المناسبين، إضافة إلى توفير العلاج الطبي في حالة المرض، وفق نظام التأمين الصحي في الكويت.

وتتضمن كذلك أن صاحب العمل سيكون مطالباً بدفع راتب العاملة شهرياً، دون تأخير أو نقصان، وتعويضها في حالة الإصابة أثناء العمل، كما يتحمل نفقات نقل الجثة في حالة الوفاة.

وينص العقد الجديد على أن تكون فترة الراحة 8 ساعات على الأقل متواصلة، والعمل بما لا يزيد على 12 ساعة، إضافة إلى إجازة أسبوعية مدفوعة الأجر بالكامل.

كما ينص على إمكانية منح العمالة المنزلية إجازة سنوية بدلاً من الأسبوعية، أو مكافأة نهاية الخدمة تعادل راتب شهر عن كل سنة من سنوات الخدمة، ومنع حجز جواز السفر عند صاحب العمل.

وتتضمن كذلك استخدام العاملة هاتفاً حديثاً خلال فترة الراحة، مع الحفاظ على خصوصية الأسرة المستضيفة.

وقبل الحادثة الأخيرة، كان نحو 225.6 ألف فلبيني يعملون في الكويت، وذلك ضمن أعلى 10 جنسيات في سوق العمل بالكويت، منهم 635 ألفا و84 في قطاع العمل الأهلي، و162 ألفا و41 في قطاع العمالة المنزلية.

إجراءات كويتية

وعلى الرغم من الحوادث التي تحدث أحياناً لعاملات منازل، فإن ذلك لا يعني أن الحكومة الكويتية لم تتخذ إجراءات أو تسن قوانين تحمي تلك الفئة، فقد سارعت منذ وقت مبكر لحماية حقوق العمالة المنزلية، من بينها أخيراً القرار الوزاري رقم 22 لسنة 2022 الصادر في أبريل/نيسان الماضي، بخصوص حصول العمالة المنزلية على إجازة سنوية مدفوعة مدتها شهر على الأقل بعد أن كانت تخضع لتقديرات مختلفة.

كما أعلنت الهيئة العامة للقوى العاملة في الكويت، إطلاق مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، خدمات إلكترونية جديدة في مجال "منازعات العمالة المنزلية" من خلال موقعها الإلكتروني.

وقالت حينها، إن خدماتها تتمثل بتمكين أحد الأطراف "صاحب العمل أو رب العمل أو العامل المنزلي" من تسجيل شكوى ضد الطرف الآخر لضمان حفظ حقوق الجميع، مبينة أنها تسعى لتطوير وتسهيل معاملاتها.

ولما كانت الفلبين واحدة من أكبر الشركاء في سوق العمل الكويتية، فإن أي قيود إضافية تفرضها الفلبين يمكن أن تسبب اضطرابات كبيرة في قطاع عاملات المنازل في الكويت، حيث تشكل الفلبينيات نحو 50% من عاملات المنازل، فضلاً عن تأثيرها على قطاعات أخرى مثل الرعاية الصحية وتجارة التجزئة.

ويرجح أن يعارض مجلس الأمة (البرلمان) أي إصلاحات لصالح العمالة الوافدة، ما يثير خطر توسع حظر الفلبين ليشمل إرسال كل العمال وربما يشجع بلدانا أخرى على أن تحذو حذوها.

أزمة "جديدة قديمة"

من جانبه، يرى الخبير المختص في شؤون العمالة الوافدة "بابكر عثمان"، أن الأزمة التي وصفها بـ"الجديدة القديمة" في الكويت حول أوضاع العمالة المنزلية، "أبرزت الحاجة الماسة إلى تسليط الضوء على أوضاع هذه العمالة وإيجاد حلول ترضي جميع الأطراف".

ويضيف أن العمالة المنزلية الفلبينية في الكويت محل الأزمة الحالية والتي تشكل نحو 7% من عدد السكان "هي نسبة كبيرة للغاية"، مشيراً إلى إصلاحات يحتاج إليها القانون الكويتي لتجنب حصول مخالفات.

ويلفت النظر إلى قيام دول خليجية مثل قطر والإمارات بـ"إجراء تحديثات وتعديلات جوهرية في قانون العمالة المنزلية بما يسمح للدولة وللجهات الحقوقية بمراقبة أوضاع العمالة وضمان حقوقها".

ويتابع "عثمان": "هناك حاجة في دول الخليج إلى تطوير قانون موحد لحماية العمالة المنزلية"، مشيراً إلى أن مثل هذا القانون "سبق أن تم اقتراحه منذ سنوات طويلة داخل مجلس التعاون غير أنه لم يعتمد إلى الآن بسبب الخلافات حول بعض بنوده".

ويشير إلى أن الدول المصدرة للعمالة المنزلية من شرق آسيا، "هي في حيرة من أمرها؛ فمن جهة هناك مئات الآلاف من هذه العمالة ترغب بالهجرة إلى الخليج لتحسين أوضاعها، ومن جهة أخرى تتحسر السلطات في هذه الدول من أن رعاياها من النساء العاملات لا يتم إحسان معاملتهن".

ويبيّن أن ما تتعرض له العاملات في المنازل، دفع دولاً مثل الفلبين "إلى تشجيع العاملات للهجرة إلى دول أخرى مثل سنغافورة أو اليابان عوضاً عن دول الخليج، فيما تحاول إندونيسيا الحد، وفي بعض الأحيان منع هجرة العاملات إلى بعض الدول ومنها المملكة العربية السعودية، ووضعت الهند قيوداً مشددة على هجرة نسائها إلى دول الخليج منذ مدة طويلة".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الكويت الفلبين العمالة المنزلية أزمة قوانين

الكويت تعلق تأشيرات دخول الفلبينيين.. والسفارة: لم نتلق إخطارا بالقرار

وزير الداخلية الكويتي يؤكد استمرار وقف إصدار التأشيرات للعمالة الفلبينية

دعوى قضائية للتحقيق في وفاة واغتصاب عاملات كينيات بالسعودية