هجرة جماعية.. نزيف الأطباء يهدد صحة المصريين

الأحد 26 فبراير 2023 09:12 م

عندما عرضت مستشفى في بريطانيا على "محمد" وظيفة عام 2020، لم يكن مضطرا للتفكير طويلا، فالراتب المقترح كان أعلى 40 مرة مما كان يتقاضاه في بلده مصر، حيث كان يحصل في مستشفى حكومي على حوالي 300 دولار شهريا، بحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية.

مفضلا ذكر اسمه الأول فقط "خوفا من انتقام الحكومة لانتقاده النظام الطبي"، قال محمد (34 عاما) للصحيفة: "كنت بحاجة إلى مكان أستيقظ فيه يوميا  ولا أهتم سوى بتقديم رعاية طبية رائعة لمرضاي، وفي نهاية الشهر أتقاضى راتبا كافيا  للحفاظ على حياة كريمة.. كنت بحاجة إلى المغادرة"، وفق التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد".

وفي مصر، يُفوض جميع خريجي الطب للعمل في القطاع الحكومي لمدة ثلاث سنوات على الأقل، لكن المدة تصل إلى خمس سنوات حتى يصبحوا متخصصين ويمكنهم المغادرة للعمل بأجر أفضل في منشآت خاصة.

وخلال تلك السنوات، يتم دفع 2000 إلى 4000 جنيه مصري شهريا، وهو مبلغ انخفضت قيمته بشكل كبير مقابل ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العملة مؤخرا.

أثناء وباء كورنا، وتحديدا في مارس/ آذار 2020، أمر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بزيادة الأجر الشهري بنسبة 75%، لكن الزيادة لم تواكب الأزمة الاقتصادية.

وقبل عام، كان سعر الصرف يقارب 15 جنيها للدولار، والآن تجاوز الدولار 30 جنيها؛ مما يجعل الأطباء الشباب يتدافعون للحصول على وظائف في القطاع الخاص.

نقص في الأطباء

وبالانتقال إلى المملكة المتحدة، انضم محمد إلى أكثر من 11 ألفا و500 طبيب غادروا قطاع الصحة العامة بمصر بين 2019 و2022، بحسب نقابة الأطباء المصرية. وفي 2022، قدم أكثر من 4300 طبيب مصري استقالاتهم من وظائف حكومية.

ويؤجج النزوح الجماعي النقص في الأطباء المؤهلين في مصر، وقدرت منظمة الصحة العالمية نسبة الأطباء إلى عدد السكان عند 7.09 لكل 10 آلاف شخص، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى الموصى به وهو 10.

ويبلغ الرقم 35 في الولايات المتحدة وضعف ذلك في السويد، لكن مصر تتخلف أيضا عن بعض الدول الفقيرة ، مثل الجزائر (17) وبوليفيا (10).

فرص بالخارج

وبجانب الأوضاع في مصر، فإن النقص في الطاقم الطبي في البلدان الأكثر ثراء جعل الأمر أسهل من أي وقت مضى بالنسبة للأطباء في مصر، وغيرها من دول العالم النامي، للعثور على وظائف في أوروبا ومنطقة الخليج العربي والولايات المتحدة.

وقال أحمد ضياء (34 عاما)، وهو طبيب باطني مقيم في إحدى مستشفيات مدينة شيكاجو الأمريكية: "من السهل على الأطباء في مصر المغادرة".

فقط استغرق ضياء أسبوعين من البحث عن عمل للحصول على ستة عروض خارج مصر، وفي 2017، قَبِل منصب كممارس في وحدة الرعاية الأولية في السعودية.

وبعد عام واحد فقط في المملكة، وفر 10 آلاف دولار؛ مما سمح له بالسفر إلى الولايات المتحدة للحصول على رخصته الطبية.

أجور منخفضة

نقابة الأطباء المصرية، وفق الصحيفة، ألقت باللوم في الهجرة الجماعية للأطباء على الأجور المنخفضة وبيئة العمل السيئة، وبينها المرافق الطبية التي تعاني من نقص الموظفين وقلة الموارد.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة حسام عبدالغفار للصحيفة، إن مصر لديها 5426 وحدة رعاية أولية في جميع أنحاء البلاد، لكن نصفها فقط "مجهز جيدا" بخدمات أساسية مثل الأشعة والمختبر.

وتابع: "قبل فترة، لم تكن هناك رعاية أو اهتمام كافٍ بوحدات الرعاية الأولية.. والوزارة تخطط لتجديد جميع هذه الوحدات بحلول نهاية العام المقبل".

واعتبر عبدالغفار أن الأطباء الشباب يجب أن يكونوا على استعداد لتقديم التضحيات؛ لأن "الدولة تتحمل 99.9% من تكاليف رسوم كلية الطب".

وفي أواخر 2022، افتتحت وزارة الصحة العديد من العيادات الليلية، حيث يمكن للأطباء العمل لكسب دخل إضافي.

لكن عبدالغفار قال إن الحكومة تدرك أنها "تسابق الزمن لإبطاء هجرة الأدمغة المتسارعة والحفاظ على الأطباء الشباب في مصر".

المصدر | واشنطن بوست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر أطباء مستشفيات هجرة وظائف أجور

تحليل: هجرة العاملين أبرز تحديات الرعايا الصحية في العالم العربي