بعد اقتراب إيران من السلاح النووي.. معهد واشنطن يطرح تصورا لتحرك أمريكا وإسرائيل وأوروبا والخليج

الأربعاء 1 مارس 2023 09:48 ص

طالب تحليل نشره "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، الولايات المتحدة بالبدء فورا في تغيير شامل لاستراتيجيتها حيال إيران، بعد اكتشاف مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ارتفاعا في مستويات تخصيب اليورانيوم لنسبة تقترب من تلك اللازمة لصناعة القنبلة النووية.

واقترح التحليل، الذي كتبه مدير "معهد واشنطن"، مايكل سينج، وترجمه "الخليج الجديد" على إدارة الرئيس جو بايدن الانتقال من الاستمرار في محاولات إحياء خطة العمل المشتركة (الاتفاق النووي) إلى تفعيل آلية "سناب باك" وتكثيف الجهود لردع إيران من خلال التهديد الموثوق باستخدام القوة العسكرية.

وتهدف تقنية "سناب باك"، أو الارتداد السريع، إلى إعادة فرض جميع العقوبات الأممية على إيران بدعوى انتهاكها التعهدات المنصوص عليها في الاتفاق النووي، وهي تقنية كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على وشك تنفيذها.

بالإضافة إلى ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى التنسيق عن كثب مع الشركاء الدوليين حول كيفية الاستجابة المشتركة للطوارئ التي تبدو مرجحة بشكل متزايد، مثل الاختراق النووي الإيراني أو الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT).

ونظرًا لأن واشنطن يُنظر إليها على أنها مترددة في العمل عسكريًا في الشرق الأوسط، وأن إسرائيل قد تنظر إليها على أنها تفتقر إلى القدرة على التصرف، ولأن الكثير من العالم مشتت الانتباه بسبب حرب أوكرانيا، فقد تشعر طهران أن لديها نافذة قصيرة لتطوير أسلحة نووية، يقول التحليل.

فوائد الاتفاق النووي وتكاليفه

ويرى الكاتب أن إيران شعرت بأن فوائد إحياء الاتفاق النووي تبدو باهتة مقارنة بالتكاليف، لذلك تحركت لانتهاكه خلال الشهور الأخيرة بشكل منتظم.

وقد راكمت إيران معرفة نووية متصاعدة، تكفل لها إفراغ الاتفاق النووي من مضمونه، حتى ولو تم إحياؤه، وغير ذلك فهي تعرف أن الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية لا تزال تنظر إلى الاتفاق النووي على أنه أكثر الوسائل فعالية والأقل تكلفة للحد من الأنشطة النووية الإيرانية، وأن البدائل المعقولة ستكون أسوأ.

وبالنسبة للآخرين، فإن الصيغة القديمة المتمثلة في "تخفيف العقوبات الشامل بشكل صارم مقابل ضبط النفس النووي" هي الآن غير مستساغة سياسياً بالنظر إلى حملة طهران القمعية على المتظاهرين في الداخل وتوفير الطائرات بدون طيار (وربما الصواريخ) لروسيا لاستخدامها في أوكرانيا.

ويرى التحليل أن الخطوات التي اتخذتها طهران تبدو أشبه بالاستعدادات لبناء أسلحة نووية بسرعة عندما تعتبر ضرورية أكثر من كونها محاولة لبناء قوة مساومة دبلوماسية، حيث عززت طهران مخزونها من اليورانيوم المخصب، وشغلت المزيد من أجهزة الطرد المركزي، وعززت كفاءة أجهزة الطرد المركزي، وزادت عدد مواقع التخصيب، وجربت الإثراء إلى مستويات عالية في خطوة واحدة بدلاً من خطوات متعددة، ونقلت اليورانيوم عالي التخصيب إلى موقع في أصفهان قادر على تحويل غاز سادس فلوريد اليورانيوم إلى معدن (خطوة رئيسية في صناعة الأسلحة).

وتؤكد كل خطوة من هذه الخطوات على الاعتقاد المتزايد بأن طهران تنوي إنتاج أسلحة نووية، وفق الكاتب.

ويقول إنه على الأرجح، كان وصول إيران إلى نسبة تخصيب 84% يخدم غرضين للنظام في طهران: الأول كونه تجربة اختبار قدراته التقنية من أجل اختراق الاتفاق النووي تماما، وكبالون تجريبي لتحديد كيفية رد فعل الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل على عبور البلاد لعتبة صناعة السلاح النووي.

ومهما كانت نواياها، ربما تكون طهران قد قدمت معروفاً للولايات المتحدة وشركائها عن غير قصد بخطوتها الأخيرة، يتمثل في تبديد الفكرة الوهمية بأن المسألة النووية الإيرانية "يمكن إيقافها".

الأقل مقابل الأقل

إحدى الأفكار التي كانت سائدة بين الغرب تتعلق بأسلوب "الأقل مقابل الأقل"؛ ما يعني دفع إيران على الموافقة  على الكف عن المزيد من التصعيد، وتجميد توسيع أنشطتها النووية، في مقابل توقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن فرض العقوبات، بحسب التحليل.

ومع ذلك، يستدرك الكاتب بأنه ليس لدى طهران سبب كافٍ لقبول مثل هذا الترتيب؛ نظرًا لأن تكاليف العقوبات الإضافية ستكون متواضعة نسبيًا مقارنة بالعقوبات التي أعيد فرضها عندما انسحبت واشنطن من خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2018.

ويقول التحليل إنه حتى لو كانت طهران على استعداد للنظر في صفقة مخففة، فإنها بالتأكيد ستطالب برفع العقوبات التي لها أكبر تأثير على ثرواتها الاقتصادية، أي تلك التي تمنعها من بيع النفط والاستفادة بشكل كامل من عائدات هذه المبيعات، وهو الأمر الذي من شأنه أن يقلل من النفوذ الغربي في أي محادثات مستقبلية.

بعبارة أخرى، قد تكون إيران مستعدة لتقديم "أقل"، لكنها بالتأكيد تتوقع "المزيد" في المقابل، ما لم تكن مقتنعة بأن عواقب الانسحاب وخيمة، بحسب الكاتب.

ما الذي يجب فعله إذن؟

يرى الكاتب أنه يجب أن تكون الأولوية الأولى لواشنطن وشركائها هي ردع إيران عن إنتاج أسلحة نووية، لدرجة تجعل النظام الإيراني يتأكد من صعوبة فكرة بأن لديه الآن نافذة للإفلات من العقاب.

ورغم أن سياسة "سناب باك" لم تعد ترعب إيران، لأن العقوبات الأمريكية أحادية الجانب أقوى بكثير من التدابير ذات الصلة التي تفرضها الأمم المتحدة، إلا أن فرضها سيوجه رسالة دبلوماسية قوية مفادها أن الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين متحدون، وأن تركيزهم المشترك قد تحول من إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة إلى سياسة ردع جديدة.

الخطوة التالية، وفق الكاتب، تتمثل في وجوب سعي إدارة بايدن لتعزيز مصداقية احتمال التدخل العسكري ضد إيران، ومحاولة تحطيم المعتقد السائد في طهران بأن بايدن سيكره المشاركة في هجوم عسكري على إيران.

وأوضح طريقة لتعزيز مصداقية التدخل العسكري، حسب الكاتب، ستتمثل في توجيه الولايات المتحدة ضربات بالفعل لأهداف داخل إيران - على سبيل المثال - مصانع الطائرات بدون طيار أو المواقع المرتبطة بدعم النظام للميليشيات العراقية.

ومع ذلك، فإن مثل هذا النهج ينطوي على خطر التصعيد ويتطلب تبريرًا قانونيًا؛ لأن قدرة الرئيس على الأمر بعمل عسكري ليست مطلقة في النظام الأمريكي.

وإلى أن يتم اعتبار مثل هذا الإجراء ضروريًا ومصرحًا به بشكل مناسب، يجب على واشنطن إرسال تحذيرات صريحة حول نيتها مهاجمة المواقع النووية الإيرانية إذا تحرك النظام لإنتاج أسلحة نووية، وفق التحليل.

ويضيف: "في الوقت نفسه، يجب على الولايات المتحدة تزويد إسرائيل بالمواد التي تحتاجها للعمل بشكل مستقل ضد إيران؛ على سبيل المثال، طائرات التزود بالوقود في الجو، ويمكن التخفيف من أي مخاطر مرتبطة بهذا النهج من خلال اتفاق مسبق بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن دوافع مهاجمة المواقع النووية بالمعدات المذكورة".

يؤكد اكتشاف أن إيران قامت على ما يبدو بالتخصيب بنسبة 84% على حاجة الولايات المتحدة وأوروبا والشركاء الإقليميين الرئيسيين مثل إسرائيل ودول الخليج للانخراط في التخطيط المشترك للطوارئ بهدف تمكين استجابات سريعة ومنسقة للخطوات النووية المستقبلية.

ويختم الكاتب تحليله بالقول إنه إذا كانت الولايات المتحدة أو أوروبا أو إسرائيل تفكر في رد عسكري على اختراق للاتفاق النووي تم التحقق منه - وهو أمر شبه مؤكد بالنظر إلى التهديد الذي يمثله سلاح نووي إيراني - فيجب تنسيق طبيعة ونطاق هذا الرد مسبقًا، حيث لن يكون هناك وقت كافٍ للتخطيط وبناء التحالف بمجرد اندلاع الحرب.

وجزء مهم من عملية التخطيط هذه هو تحديد الإجراءات الدفاعية المطلوبة في الشرق الأوسط، والخطوات الدبلوماسية والاقتصادية التي سيتم اتخاذها بالتزامن مع أي عمل عسكري.

المصدر | مايكل سينج / معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قنبلة نووية الاتفاق النووي حملة عسكرية تخصيب اليورانيوم

أكثر من مبيعات الأسلحة.. هكذا يمكن لأمريكا اللعب بورقة التعاون الأمني لضمان شراكة دول الخليج

بالتزامن مع تمرين مشترك.. مباحثات عسكرية أمريكية إسرائيلية لمواجهة إيران

معهد العلوم الدولي: إيران قادرة على تصنيع سلاح نووي في 12 يوما

معهد واشنطن يحذر من امتداد الصراع الإيراني الإسرائيلي إلى الخليج

إسرائيل تطلب دعماً أمريكياً لتعزيز قواتها.. ما علاقة إيران؟

تحليل إسرائيلي: "الحرية النووية" هدف إيران من علاقات الشرق الأوسط

كيف يهدد توقف المحادثات النووية الانفراج بين إيران ودول الخليج؟

في مرحلة انتقالية بـ3 مستجدات.. أول مبعوث أوروبي خاص إلى الخليج