كيف يهدد توقف المحادثات النووية الانفراج بين إيران ودول الخليج؟

السبت 10 يونيو 2023 01:55 م

"بينما تعمل دول الخليج على استعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إيران، تلوح في الأفق سحابة العقوبات الأمريكية".. هكذا يتحدث تحليل لموقع "ميدل إيست آي" ترجمه "الخليج الجديد"، لافتا إلى أن الجمود في المفاوضات حول استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) بات أهم عقبة أمام تحقيق التعاون الاقتصادي مع إيران

ووفق التحليل، يشهد المشهد الجيوسياسي للشرق الأوسط تحولًا كبيرًا، مدفوعًا إلى حد كبير بالاعتراف المتزايد بين دول المنطقة، بأن التهديدات المستمرة للأمن الإقليمي تعرقل برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية الطموحة.

ووجهت إيران تهديدات صريحة لزعزعة استقرار المنطقة، إذا كانت محاصرة أو معزولة، وتصرفت على هذه التهديدات، وعلى الأخص في عام 2019.

وعندما قطعت السعودية العلاقات مع إيران في يناير/كانون الثاني 2016، بدأت حملة لعزل منافسها ومحاصرته، مما أدى إلى خفض العديد من الدول العربية العلاقات مع إيران.

وخفضت الامارات تمثيلها الدبلوماسي إلى القائم بالأعمال، في حين استدعت الكويت وقطر مبعوثيهما، حافظت عمان على موقف محايد، وقطعت البحرين جميع العلاقات.

اليوم، شرعت جميع هذه الدول تقريبًا في دبلوماسية مكوكية مع إيران، في محاولة لتطبيع العلاقات أو توسيعها.

فقد حدثت تطورات مهمة في الجغرافيا السياسية للخليج منذ هجمات عام 2019، التي أوصلت المنطقة إلى شفا حرب شاملة.

فأعادت الإمارات تعيين سفيرها لدى إيران، واستعادت مكانتها كأكبر شريك تجاري إقليمي لإيران، كما أرسلت الكويت سفيرها إلى طهران واستأنفت العلاقات الاقتصادية.

في وقت تتمتع قطر بعلاقات دبلوماسية قوية مع إيران، على غرار عُمان، حيث ازدهرت العلاقات الودية.

في حين أن البحرين لم تستعد العلاقات بشكل كامل مع طهران حتى الآن، فقد بدأت العلاقات الدبلوماسية ذهابًا وإيابًا.

وفي السنة التقويمية الإيرانية الأخيرة المنتهية في 20 مارس/آذار، بلغت التجارة غير النفطية بين إيران والإمارات وقطر والكويت والعراق حوالي 35 مليار دولار.

وجاءت الإمارات في الصدارة مع 24 مليار دولار، على الرغم من التوترات الدورية بين طهران وأبوظبي، حيث لم تتوقف العلاقات الاقتصادية قط.

وعقب عودة السفير الإماراتي، عقد مجلس الأعمال الإماراتي الإيراني اجتماعه الافتتاحي في طهران الشهر الماضي لتنشيط العلاقات التجارية.

ومنذ عام 2017، تشارك إيران وقطر بانتظام من خلال مختلف القنوات والمنتديات المنشأة حديثًا.

ونتيجة لذلك، تعمل الآن حوالي 800 شركة إيرانية في قطر، وتجتمع اللجنة القطرية الإيرانية المشتركة بانتظام، وتم إنشاء مجلس الأعمال القطري الإيراني.

كما افتتحت قطر للسياحة مكتب تمثيلي لها في طهران.

في الوقت نفسه، تبرز عمان كمركز أعمال جديد آخر للإيرانيين، حيث رفعت السلطنة قيودًا مختلفة على الشركات الإيرانية، ووصلت التجارة الثنائية إلى 1.3 مليار دولار بحلول مارس/آذار 2022، مسجلاً ارتفاعًا قياسيًا وزيادة بنسبة 53% عن العام السابق.

وتشير إعادة فتح السفارة الإيرانية في الرياض في 6 يونيو/حزيران، والتطورات منذ اتفاق مارس/آذار، إلى أن العلاقات الإيرانية السعودية تسير على المسار الصحيح لتتجاوز المستويات السابقة.

ودعا الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لزيارة المملكة، وشارك وزيرا خارجية البلدين في العديد من المكالمات الهاتفية والاجتماعات الشخصية.

والمناقشات جارية لإعادة تأسيس الرحلات الجوية، واستئناف الواردات والصادرات من المنتجات المحلية، وفتح غرفة تجارية مشتركة، في وقت أعرب وزير المالية السعودي عن حرصه على الاستثمار في إيران "بسرعة كبيرة".

في حين تم ردع الحكومات الغربية إلى حد كبير عن التعامل مباشرة مع إيران وسط الاحتجاجات المستمرة للتغيير الديمقراطي، امتنعت الدول العربية عن التعبير علانية عن آرائها بشأن الوضع الداخلي في إيران.

ويمكن أن يُعزى هذا الصمت الرسمي إلى تجاربهم الخاصة في التدخل الإيراني في شؤونهم الداخلية، وهي قضية نددوا بها باستمرار.

وحسب التحليل، لن تخفف المشاركة الاقتصادية المتزايدة بين إيران والسعودية، وكذلك الدول العربية الأخرى، بشكل مباشر من التحديات التي يواجهها الاقتصاد الإيراني المتعثر أو الأفراد والشركات المستهدفة بالعقوبات الدولية.

ويضيف: "لكنها ستوفر فرصة للشركات الإيرانية العادية لاستئناف التفاعل مع نظيراتها العربية عبر الخليج".

ويتابع: "هذه النتيجة مهمة بشكل خاص للشركات غير المدعومة من الدولة، أو غير المدعومة من الحرس الثوري، والتي تكافح في إيران".

وفي الوقت نفسه، يلعب مصير البرنامج النووي الإيراني وخطة العمل الشاملة المشتركة دورًا حاسمًا في حسابات الدول الإقليمية وغيرها عند النظر في العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع طهران.

وبينما دعمت السعودية والإمارات والبحرين في البداية حملة الضغط الأقصى لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إيران، يبدو أنهم الآن ملتزمون بتخفيف التوترات وحل القضية النووية من خلال الوسائل الدبلوماسية.

ويشير التحليل إلى أن رفع العقوبات المصرفية والتجارية عن إيران "ضروري لإطلاق الإمكانات الكاملة للتعاون الاقتصادي بين إيران وجيرانها العرب".

ويضيف: "لا توجد دولة تريد الانخراط في أنشطة تنتهك العقوبات الأمريكية".

وبالتالي، حسب التحليل، فإن الجمود في المفاوضات بشأن استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة "يشكل أكبر عقبة أمام تحقيق التعاون الاقتصادي مع إيران".

ويزيد: "يمثل الانهيار المحتمل للاتفاق أهم عامل خطر لا يهدد اتفاقية بكين فحسب ، بل العملية الدبلوماسية بأكملها في المنطقة".

ويختتم التحليل بالقول إن "حل القضية النووية، أو عدم وجودها، واستجابة طهران للقرارات الدولية ذات الصلة سيشكل المسار المستقبلي للديناميكيات الإقليمية".

وسبق أن تعهّد الرئيس الأمريكي جو بايدن بالعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة وتخفيف العقوبات، إذا عادت طهران إلى الامتثال للاتفاق.

لكن في الآونة الأخيرة، قال مسؤولون أمريكيون إن الاتفاقية "ليست على جدول الأعمال"، مشيرين إلى أن أي اتفاق سيكون "أكثر محدودية".

فيما قال دبلوماسيون ومحللون، إن الخيارات المحتملة تشمل شكلاً من أشكال الاتفاق المؤقت، أو خطوة تهدئة من كلا الجانبين تخفض بموجبها إيران مستويات التخصيب مقابل تخفيف بعض العقوبات.

وتحدثت تقارير عن تعهد إيراني، بموجب الاتفاق المحتمل، بعدم تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 60% والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مقابل تخفيف محدود للعقوبات، وسماح الولايات المتحدة لإيران بتصدير مليون برميل نفط يوميا، والوصول إلى بعض الأموال الإيرانية المجمدة حول العالم.

المصدر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران الخليج الاتفاق النووي تعاون اقتصادي أزمة اقتصادية

دول الخليج تبدي استعدادها للتعاون في الملف النووي الإيراني

بدفع دبلوماسي.. كيف تقاوم إيران عزلتها الغربية بالتقارب مع الخليج؟