بعد عام من الحرب الروسية الأوكرانية.. كيف باتت أفريقيا ساحة تنافس بين القوى الكبرى؟

السبت 4 مارس 2023 01:53 م

على الرغم من الجهود التى تبذلها القوى الدولية المختلفة لدمج الدول الأفريقية ضمن تحالفاتها في إطار تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية، وفي مقدمة هذه القوى الولايات المتحدة وروسيا والصين، إلا أن هذه القوى تتجاهل المصالح الأفريقية وخلفيات التقارب والتعاون السابقة بين الطرفين، وهو ما يفرض تحديات كبيرة أمام الشراكة وتحقيق المصالح الخارجية في القارة الأفريقية.

هكذا يخلص تقرير لمركز الأهرام للدراسات السياسي والاستراتيجية، فإنه بعد مرور عام على الحرب الروسية-الأوكرانية لا تزال القوى الدولية تحاول التقارب مع دول القارة وتعويض خسائرها من الحرب عبر توقيع اتفاقيات خاصة بالتعاون في مجال الطاقة والسلاح، ومحاولة استقطاب مزيد من الدول لمعسكر دون الآخر.

وحسب التقرير، لا تزال خسائر الحرب تستنزف الكثير من موارد القوى الدولية في الوقت الذي باتت تدرك هذه الدول أن أفريقيا تمثل مستقبل الاقتصاد العالمى وأنها ستشكل هذا المستقبل عبر تحالفات دولها على المستوى الدولي.

ويوضح أن الدول الأفريقية لم تبتعد كثيراً عن مناخ الحرب الباردة والصراع بين القوتين العظميين الذي أفضى إلى تدمير دول ونشر الفوضى في أجزاء واسعة من القارة.

ولذلك، والحديث للتقرير، "لا ترغب كثير من الدول الأفريقية في الانخراط في المساومات التى تدفع إليها الحرب الروسية-الأوكرانية، حيث يبرر القادة الأفارقة محاولاتهم التزام الحياد إزاء الحرب بالإشارة إلى الدمار الذي أحدثته الحرب الباردة على قارتهم".

لكن التقدم لعضوية مجموعة العشرين والتمثيل الدائم لمجلس الأمن، يشير إلى أن التنافس الدولي المحموم بين القوى العظمى اليوم لا يفرض بدوره تداعيات سلبية فقط بالنسبة لأفريقيا، وفق التقرير.

ومع تسارع الأحداث فى أعقاب اندلاع الحرب، اتجهت القوى الدولية إلى بذل مزيد من الجهود للتقارب مع دول القارة الأفريقية، وبدأ المسئولون فى الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وألمانيا في إجراء زيارات للدول الأفريقية خلال شهرى يوليو/تموز وأغسطس/آب 2022.

وانتهى عام 2022 بعقد القمة الأمريكية الأفريقية، ليبدأ وزير الخارجية الصيني الجديد تشين جانج ويتبعه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ووزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين جولات أفريقية خلال ديسمبر/كانون الأول 2022.

كما شهد يناير/كانون الثاني 2023 تدشين بعض القادة الأفارقة العديد من مشاريع التعاون الصيني الأفريقى فى دولهم.

ووفق التقرير، يبدو أن الولايات المتحدة لم تنجح في عزل روسيا عبر التقارب مع دول القارة الأفريقية، وقد عكست زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الأخيرة في ديسمبر/كانون الأول 2022 لأربع دول في القارة تلك الحقيقة.

ويضيف: "بقدر ما يود الرئيس جو بايدن أن تنضم الدول الأفريقية إلى التحالف الغربي في عزل روسيا بسبب الحرب، فإن روسيا تقدم عروضاً لتعزيز العلاقات مع بعض الدول الرئيسية في القارة".

ويتابع: "بدلاً من أن يعاملوا روسيا كقوة منبوذة عالمياً، كما تريد الولايات المتحدة، أبدى القادة في جنوب أفريقيا وإريتريا وأنجولا وإسواتيني ترحيباً خاصاً بسيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي".

ومن ناحية ثالثة، لا يخلو النفوذ الروسى والدعم الأفريقي للموقف الروسي دولياً من انتقادات داخلية، فقد برزت اتجاهات شعبية في جنوب أفريقيا معارضة للنفوذ الروسي في القارة.

وعلى سبيل المثال فإن ثمة اتجاهاً يرى أن تقارب جنوب أفريقيا تحت حكم حزب المؤتمر الوطني مع روسيا سوف يثير خلافات مع الدول الغربية في الوقت الذي تتعاون فيه جنوب أفريقيا مع الدول الغربية لمواجهة مشكلة انقطاع الكهرباء ولديها أزمة طاقة حادة، ومن ثم فإن الشراكة مع روسيا في أعقاب الحرب سوف تفرض تكلفة دبلوماسية عالية.

وينقل التقرير عن المحرر المساعد في صحيفة "ديلي مافريك" الجنوب أفريقية والدبلوماسي الأمريكي المتقاعد بروكس سبيكتور، قوله إن المنافسة الآن في القارة الأفريقية بين روسيا والولايات المتحدة والصين أصبحت أكثر وضوحاً بكثير وأكثر أهمية بكثير مما كانت عليه قبل عقد أو نحو ذلك.

ويضيف: "بالنسبة لروسيا، فإن التحدي جيوسياسي وأمني، في حين أن التحدي بالنسبة للصين اقتصادي موجه نحو التجارة".

وحسب التقرير، توفر الحرب الروسية-الأوكرانية فرصاً حقيقية لدول القارة الأفريقية لإبراز دور القارة، وكذلك تعزيز مكانتها وتحقيق مصالحها وأهمها الحصول على مقعد أو مقعدين فى مجلس الأمن، والانضمام إلى عدد من المنظمات الدولية الكبيرة مثل مجموعة العشرين، حيث أصبحت أفريقيا جزءاً مهماً في إدارة النظام الدولى، وهى شريك رئيسى للقوى الدولية المختلفة في قضايا متعددة.

وتسعى الدول الأفريقية إلى تحقيق هدف رئيسي عبر تعزيز التقارب مع القوى الدولية، يتمثل في الوصول إلى تمثيل دائم في مجلس الأمن يعبر عن وزنها في العلاقات الدولية ويرعى مصالحها (54 دولة تمثل ربع عدد سكان العالم).

وخلال القمة الأمريكية الأفريقية التي عقدت في ديسمبر/كانون الأول 2022، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن دعم واشنطن لتمثيل دائم لأفريقيا في مجلس الأمن وكذلك انضمام دول القارة الأفريقية إلى مجموعة العشرين.

ومن المرجح أن يصبح دعم التمثيل الأفريقي الدائم في مجلس الأمن الدولي بمثابة الاختبار الحقيقي للشراكات في القارة، وهو ما يلقي بظلاله على القمة الروسية-الأفريقية المزمع عقدها في يوليو/تموز 2023.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا أوكرانيا الصين أمريكا أفريقيا مجلس الأمن مجموعة العشرين

إيكونوميست: عبر خطة ثلاثية.. كيف تخطط أمريكا لكسر قبضة الصين على المعادن الأفريقية؟

نتيجة الخيبة من الغرب.. أفريقيا منطقة جديدة للهيمنة الروسية

العالم بعد الحرب القادمة للقوى العظمى.. سيناريوهات مدمرة وعواقب وخيمة