ميدل إيست آي: لماذا تعتبر أوروبا الأوكرانيين ضحايا وتتجاهل معاناة الفلسطينيين؟

الأربعاء 8 مارس 2023 10:50 ص

لماذا تعتبر أوروبا الأوكرانيين ضحايا وتتجاهل معاناة الفلسطينيين؟.. سؤال جدده تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي"، وحاول البحث عن إجابات مقنعة جديدة له.

التقرير، الذي كتبه كل من إيلينا عون، وجيريمي ديودون، وترجمه "الخليج الجديد"، خلص إلى سببين وراء هذه الازدواجية الأوروبية، الأول يتعلق بالمصالح العقلانية مع إسرائيل كدولة "متطورة" تكنولوجيا واقتصاديا ومنسجمة مع المنظومة الغربية، أما الثاني فيتعلق بنظرة القارة العجوز للشرق، والتي لا تزال تحركها عدسات استعمارية، ومن ثم اعتبار ما تقوم به إسرائيل شكلا من أشكال الهيمنة الغربية المقبولة تجاه الشرق التابع.

واستدل التقرير على الازدواجية الأوروبية برد فعل الاتحاد الأوروبي على المجزرة الإسرائيلية التي وقعت في مخيم جنين يوم 26 يناير/كانون الثاني الماضي، والتي أسفرت عن استشهاد 9 فلسطينيين وإصابة العشرات، حيث تجاهل الأمر، لكنه بادر باستنكار الهجوم الذي شنه فلسطيني بعد ذلك بساعات على مستوطنين إسرائيليين، وأدى لمقتل 7 منهم، حيث قال عبر مبعوثه السامي إنه "مرعوب" من هذه "الهجمات الإرهابية المخيفة"، وأدان بشدة هذه "أعمال العنف والكراهية التي لا معنى لها".

وبينما أقر الممثل السامي الأوروبي بمقتل 30 فلسطينيًا على يد الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية عام 2023 فقط، شدد مع ذلك على أن الاتحاد الأوروبي "يعترف تمامًا بمخاوف إسرائيل الأمنية المشروعة، كما يتضح من الهجمات الإرهابية الأخيرة"، ودعا فقط إلى استخدام القوة المميتة كخيار أخير.

ويعتبر التقرير أن رد الفعل الأوروبي هذا يعكسان استمرار "النظرة الاستشراقية" (في إشارة إلى المفهوم الذي وضعه إدوارد سعيد، أستاذ الأدب المقارن من أصل فلسطيني)، وهي النظرة لا تزال الدول الأوروبية تتبناه في الشرق الأوسط وصراعاته.

ويضيف أنه على مر السنين، ارتفعت الأصوات لتنبيه الدبلوماسيين الغربيين ووسائل الإعلام  الأوروبية إلى محنة الفلسطينيين والعنف الذي يواجهونه، ووثقت عدة تقارير ممارسات إسرائيلية تشكل جرائم فصل عنصري واضطهاد ضد الفلسطينيين، بما في ذلك منظمة "بتسيلم"، وهي منظمة غير حكومية إسرائيلية، ولكن دون وجود رد فعل أوروبي حقيقي.

وبحسب "ميدل إيست آي"، يمكن تفسير "عمى" الدول الأوروبية عن المحنة الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي من خلال منظورين: الأول "تقارب المصالح العقلانية"، والثاني "قبول الرواية الإسرائيلية بعيون استشراقية".

المصالح العقلانية

ويرى التقرير أن هناك "مصالح عقلانية" تدفع الدول الأوروبية إلى تجاهل انتهاك إسرائيل الهيكلي للقانون الدولي، فإسرائيل ليست فقط دولة متطورة للغاية، ومندمجة بشكل جيد في العولمة الاقتصادية والمالية، ولكنها أيضًا متقدمة جدًا، لا سيما في مجالات التكنولوجيا العالية المتعلقة بصناعات الدفاع والمراقبة.

كما تمكنت من الاستفادة القصوى من تجربتها في قمع المقاومة الفلسطينية المسلحة، والتي تعتبرها مكافحة للإرهاب، في وقت كانت الهجمات تستهدف عدة دول أوروبية.

وعزز اكتشاف موارد الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط وقدرة إسرائيل على تأكيد نفسها كدولة رائدة في الاستجابة لوباء "Covid-19" مكانتها الدولية.

بعبارة أخرى، تنتمي إسرائيل إلى نفس نادي البلدان المتقدمة والثرية، وتحظى التجارة والتبادلات والتعاون معها بتقدير كبير.

لذلك، فإن الدول الأوروبية تواصل قراءة الوضع في فلسطين من خلال الرواية الإسرائيلية التي طالما بررت ذلك على أنه نتيجة "للإرهاب الفلسطيني".

وعلى الرغم من أن التفجيرات الانتحارية الفلسطينية أصبحت نادرة أو معدومة، فإن الهجمات بالسكاكين أو إطلاق النار أو الدهس بالسيارات أو الصواريخ لا ينظر إليها من قبل الرأي العام الغربي على أنها وسيلة للضعيف ضد القوي، بل وسيلة البرابرة ضد المتحضر.

النظرة الاستشراقية

في كتابه "الاستشراق" عام 1979، قام إدوارد سعيد، أستاذ الأدب المقارن من أصل فلسطيني، بتفكيك رؤى "الشرق" التي تتبناها القوى الاستعمارية والأجهزة الدبلوماسية المعاصرة التي ورثتها.

ويجادل سعيد بقوة بأن هذه الديناميكيات تشكلت من خلال الاستشراق، الذي يقوم على افتراض التفوق الغربي المادي والمعنوي الذي يتغذى على التقليل من قيمة المجتمعات والثقافات الشرقية.

ومن هذا التفوق ينبع إضفاء الشرعية على الممارسات الاستعمارية ثم المهيمنة للقوى الغربية فيما يتعلق بشرق أقيم باعتباره تابعًا سياسيًا وثقافيًا "الآخر".

واعتبر التقرير أن ولادة إسرائيل تاريخيا على يد يهود أوروبا ونجاحاتها العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية لمدعومة بالمعرفة والوسائل الغربية، بفضل اندماجها الوثيق في شبكات الاقتصاد المعولم وشبكات إنتاج المعرفة، عززت هذا التصور.

وبفضل ديناميكيات تحديد الهوية هذه، تتمتع إسرائيل بدعم غربي لا يتزعزع.

وفي هذه الأثناء، لم ينجح الفلسطينيون أبدًا في الظهور على أنهم أي شيء آخر غير شعب مغلق أمام أي تسوية، راديكالي وعنيف في مطالبه وممارساته.

ويقول التقرير إنه على عكس الأوكرانيين، المعترف بهم على أنهم ينتمون إلى "الذات" الأوروبية، يظل الفلسطينيون خاضعين لصور وصمة عار، على الرغم مما يعانونه على أيدي الاحتلال العسكري الإسرائيلي والمشروع الاستعماري.

ويختم التقرير بالقول إن هذه الدبلوماسية الأوروبية تساهم في تعزيز السياسات القمعية والاستعمارية للحكومات الإسرائيلية المتزايدة التطرف، وبالتالي في إدامة الصراع واستياء العديد من سكان الشرق الأوسط ضدهم.

المصدر | إيلينا عون، وجيريمي ديودون / ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحرب في أوكرانيا الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين معاناة الفلسطينيين ازدواجية أوروبا الاستشراق