السعودية وإيران.. وساطة صينية تخترق 4 عقود من التوتر

الأحد 12 مارس 2023 06:15 ص

استعادت إيران والسعودية العلاقات الدبلوماسية بعد محادثات ثلاثية في بكين، الجمعة، بعد 7 سنوات من قطع العلاقات.

يرى مقال ريحان أودين في "ميدل إيست آي"، أن التطور الجديد نحو استعادة العلاقات يعد أحدث نقطة تحول في علاقة مضطربة بين البلدين تعود إلى الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979. ويسرد المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد" أبرز نقاط التوتر التاريخية بين البلدين.

ويشير أودين إلى أن السعودية دعمت العراق ضمنياً خلال حربه ضد إيران في الثمانينات، قبل تخفيف التوترات بشكل نسبي ثم أعيد إشعال التوترات بعد الاحتجاجات المناهضة للحكومة في جميع أنحاء المنطقة في الربيع العربي، وفي مناسبتين على الأقل، أدت الحوادث التي وقعت في موسم الحج السنوي أيضًا إلى توترات كبيرة بين المتنافسين الإقليميين.

ويلفت المقال إلى أن أصل المشكلة أن الرياض اعتبرت دخول جمهورية دينية جديدة بمثابة تهديد، حيث اتهمت طهران، من جيرانها الإقليميين الآخرين الذين يحكمهم السنة، بمحاولة تصدير ثورتها وتأكيد نفوذها في المنطقة، وكان أحد هؤلاء الجيران، العراق بقيادة صدام حسين، الذي هاجم إيران في 1980 وشن حربًا استمرت 8 سنوات.

وكانت السعودية محايدة بشكل علني في الصراع، ولكن ورد على نطاق واسع أنها أتاحت موانئها لتصدير المعدات إلى العراق وقدمت دعمًا ماليًا كبيرًا. كما تأسس مجلس التعاون الخليجي المؤلف من 6 دول والذي تعد السعودية عضوًا فيه، في مايو/أيار 1981 جزئيًا كرد فعل على الثورة الإيرانية والحرب العراقية الإيرانية.

ويسرد أودين التوترات التاريخية التي تلت ذلك حيث تراجعت العلاقات بين البلدين في يوليو/تموز 1987 عندما قامت قوات الأمن السعودية بقمع عنيف ضد احتجاج قام به حجاج إيرانيون ضد الولايات المتحدة في مدينة مكة المكرمة خلال موسم الحج. وقُتل حوالي 402 حاج، من بينهم 275 إيرانيًا.

وردا على ذلك هاجم محتجون السفارة السعودية في طهران واحتلوها وأضرموا النار في السفارة الكويتية. وتوفي دبلوماسي سعودي خلال الحادث بعد سقوطه من نافذة السفارة. واتهمت الرياض السلطات الإيرانية بتأخير نقله إلى المستشفى.

وردا على ذلك قطع العاهل السعودي الملك فهد العلاقات مع إيران بسبب حادث الحج وما تلاه من تصعيد في عام 1988. بعد ذلك قاطعت طهران الحج لمدة 3 سنوات، بعد أن قيدت المملكة الخليجية عدد تأشيرات الحج الإيرانية بسبب حادثة 1987.

من الانفراج إلى الحروب بالوكالة

تمت استعادة العلاقات بين البلدين في عام 1991، ما أدى إلى بدء فترة من التقارب. وفي أغسطس/آب 1997، تولى الرئيس محمد خاتمي السلطة في إيران، وحاول التواصل مع خصوم الخليج. وردا على ذلك في ديسمبر/كانون الأول 1997، قام ولي العهد الأمير عبدالله بزيارة إيران، ليصبح أكبر مسؤول ملكي أو مسؤول سعودي يفعل ذلك منذ الثورة.

بعد ذلك بعامين، أصبح خاتمي أول رئيس إيراني يزور السعودية منذ عام 1979، ووقع البلدان اتفاقية أمنية في عام 2001.

ويشير المقال إلى أنه رغم ذلك فإن الأوقات الجيدة لم تدم طويلاً حيث أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 بصدام حسين وأتى بالأغلبية الشيعية في البلاد إلى السلطة. منذ ذلك الحين، فرضت إيران نفوذًا كبيرًا على جارتها.

وفي عام 2005، وصل الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى السلطة في إيران، متبعًا نهجًا في السياسة الخارجية الإقليمية أكثر تشددًا من سلفه. كما عززت إيران برنامجها للطاقة النووية، ما أثار شكوك السعودية بشأن محاولاتها المتصورة لتأكيد هيمنتها.

ويضيف أودين أن مما زاد التوتر هو اتهام من قبل واشنطن في 2011 لاثنين من الإيرانيين بمحاولة اغتيال وزير الخارجية عادل الجبير، سفير الرياض في الولايات المتحدة.

أما النقطة الأسخن وفقا للمقال فهي في أعقاب الربيع العربي، حيث وجدت طهران والرياض نفسيهما على طرفي نقيض في العديد من بؤر التوتر والصراعات. فقد أرسلت السعودية قوات لسحق حركة احتجاجية مؤيدة للديمقراطية يقودها الشيعة في عام 2011 في البحرين، واتهمت إيران لاحقًا بإذكاء التوترات في البلاد.

وفي سوريا، حيث أدت حملة القمع العنيفة التي شنها الرئيس بشار الأسد على الاحتجاجات إلى حرب أهلية استمرت عقدًا من الزمان، ولا تزال قائمة، دعمت إيران الأسد بينما قدمت الرياض دعمها لقوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه في اليمن، استولت قوات الحوثي المدعومة من إيران على مساحات شاسعة من البلاد، بما في ذلك العاصمة صنعاء، ما أدى إلى تدخل عسكري بقيادة السعودية في مارس/آذار 2015.

الحج مرة أخرى

وقد أصبح الحج مرة أخرى نقطة توتر رئيسية بين الاثنين في سبتمبر/أيلول 2015، عندما توفي حوالي 2300 حاج أجنبي في ازدحام. وكان المئات من القتلى ايرانيين.

واتهم المرشد الأعلى علي خامنئي السعودية بارتكاب "جريمة قتل"، وقال إنها "غير مؤهلة لإدارة الحرمين الشريفين".

ويستمر المقال في سرد نقاط توتر العلاقة حيث أعدمت المملكة في 2016 رجل الدين الشيعي نمر النمر، الذي كان قد شارك في الاحتجاجات المناهضة للحكومة في المنطقة الشرقية من السعودية.

وأدانت إيران الإعدام بشدة، وهاجم المتظاهرون البعثات الدبلوماسية السعودية في طهران ومدينة مشهد شمال شرق البلاد. وقطعت السعودية العلاقات مع إيران بسبب التصعيد.

في العام التالي، شنت الرياض وحلفاؤها الإقليميون مقاطعة لقطر لمدة 3 سنوات ونصف، متهمة إياها بإقامة علاقات وثيقة مع إيران ودعم الإرهاب، ونفت الدوحة الاتهامات وانتهى الخلاف في يناير/كانون الثاني 2021.

وعلى مستوى الملف النووي قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مارس/آذار 2018 إنه إذا حصلت طهران على سلاح نووي "فسوف نحذو حذوها"، كما أطلق على الزعيم الإيراني الأعلى خامنئي لقب "هتلر الجديد".

وحول بداية مسار التطور الجديد يشير أودين في مقاله إلى أنه في السنوات الأخيرة، عُقدت عدة جولات من المحادثات الدبلوماسية بين الخصمين الإقليميين في العراق وسلطنة عمان.

ويرى الكاتب أن الاتفاقية التي توسطت فيها الصين، الجمعة، تمثل أهم اختراق، وقد لقيت ترحيبا من قبل عدد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة والعراق وسلطنة عمان والإمارات.

المصدر |   ريحان أودين | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران الصين بن سلمان خامنئي

الوساطة الصينية الناجحة بين السعودية وإيران تضع أمريكا باختبار صعب

بلومبرج: الاتفاق السعودي الإيراني في الصين "أقل من أن تراه العين"