تطبيع إيران والسعودية.. إنجاز صغير يكشف عن 3 أهداف صينية

الأحد 12 مارس 2023 06:14 م

اعتبر الكاتب الصحفي عمير أحمد، أن وساطة بكين في اتفاق تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران تكشف عن 3 أهداف تطمح الصين إلى تحقيقها خلال الولاية الرئاسية الثالثة للرئيس شي جين بينغ.

والجمعة، أعلنت بكين اتفاق السعودية وإيران (ذات أغلبية شيعية) على استئلاف العلاقات الدبلوماسية بينهما خلال شهرين، في محاولة لإنهاء 7 سنوات من القطيعة، منذ أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، مع متهمين آخرين بينهم سُنة، إثر إدانتهم بالإرهاب.

وأضاف أحمد، في تحليل نشره موقع "ذا واير" الهندي (The wire) وترجمه "الخليج الجديد"، أن بعض المعلقين قللوا من أهمية تسهيل الصين الصفقة الإيرانية السعودية بالنظر إلى المستوى المنخفض للغاية من الإنجازات في هذا الاتفاق، لكن الأمر الأكثر أهمية هو أنه يظهر مدى ما حققته بكين لنفسها.

وتابع أن الإعلان عن تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية بعد تمديد رئاسة الرئيس الصيني شي جين (الجمعة) لفترة ثالثة غير مسبوقة (5 سنوات)؛ هو إشارة واضحة على الاتجاه الذي ترغب القيادة الصينية في اتخاذه.

وأوضح أن الصين تريد التفوق علنا على أداء التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وتوسيع قدرتها على الوصول على طول مناطق طريق الحرير التاريخية، وأخيرا إنشاء شبه تحالف بين الجهات الفاعلة التي لا يمكن أن تتأثر بسهولة بالعقوبات التي تقودها واشنطن.

وتعمل بكين على تنفيذ مشروع "الحزام والطريق" لربط الصين بالعالم عبر استثمار مليارات الدولارات في البنى التحتية على طول طريق الحرير الذي يربطها بالقارة الأوروبية، ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، ويشمل بناء مرافئ وطرقات وسككا حديدية ومناطق صناعية، لتسريع وصول منتجاتها إلى الأسواق العالمية، وبينها آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية والوسطى.

وأردف أحمد: "قد لا يرقى تدخل الصين بين إيران والسعودية لاستئناف القليل من العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى تحقيق اختراق، وبالتأكيد لا يمكن وصف أي اتفاق بين (ولي العهد السعودي الأمير) محمد بن سلمان ونظام حكم الملالي (في طهران) على أنه اتفاق سلام، لكنه يقلل التوترات".

واستطرد: "الصين هنا لا تقدم نفسها كبديل للولايات المتحدة (ستظل السعودية تشتري كل أسلحتها من الولايات المتحدة)، ولكنها رؤية لنظام تدفع فيه القوى العظمى الآخرين نحو الاستقرار".

وتابع أنه "من المثير للسخرية أن دولة (الصين) متهمة بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد المسلمين في إقليم شينجيانج تتوسط بين بلدين مسلمين (إيران والسعودية) أججا الحرب في اليمن، أفقر دولة في العالم، وأحدثا الفوضى في سوريا".

توسيع النفوذ الصيني

وقال أحمد إنه لا يضر الصين أن تكون إيران والسعودية بالقرب من حافة نفوذها المتوسع، ولفت إلى أنه قرب نهاية العام الماضي كانت هناك تقارير مكثفة حول توسيع مبادرة الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني لتشمل أفغانستان.

وبدت حكومة حركة "طالبان" في أفغانستان متحمسة، لكن بين الصين وباكستان لم يتضح من الذي يتولى القيادة في هذا الأمر، على الرغم من أنه يبدو أنها باكستان، بحسب أحمد.

وتابع: "تقع إيران بجوار أفغانستان مباشرة، وإذا استمرت عملية إعادة تأهيل (نظام الرئيس) بشار الأسد - فقد أرسل السعوديون طائرة مساعدات بعد زلزال 6 فبراير/ شباط الماضي وهي أول طائرة سعودية تهبط في البلاد منذ سنوات - فعندها يمكن للصين أن ترى منطقة نفوذ تمتد على طول الطريق إلى حدود حلف شمال الأطلسي (الناتو). وبالنظر إلى تفاعل الصين العميق مع حكومة تركيا (العضو في الحلف)، فقد تم ذلك في مناطق الناتو نفسها".

كسر العقوبات الأمريكية

بالنظر إلى مركزية الولايات المتحدة في النظام المالي العالمي، وحقيقة أن الكثير من دول أوروبا الغربية تتبعها، فإن العقوبات تشكل عقبة كبيرة أمام أولئك الذين يتاجرون مع أشخاص لا تحبهم الولايات المتحدة (وبينهم إيران)، وفق أحمد.

وتابع: "كأداة سياسية، نادرا ما أحدثت العقوبات الاقتصادية تغييرا في السياسة أرادته الولايات المتحدة؛ كما يتضح من العقوبات طويلة الأمد ضد كوبا وإيران وكوريا الشمالية أو العقوبات الراهنة بحق روسيا بسبب حربها ضد أوكرانيا المستمرة منذ أكثر من عام".

وأردف: "ومع ذلك، فإن التهديد بها (العقوبات) له تأثير كبير على الدول الأخرى، وعلى سبيل المثال إنهاء الهند بخنوع التجارة مع إيران في ظل تنمر إدارة (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب (2017-2021)".

ووفق معلقين، فإن الصفقة بين السعودية وإيران في حد ذاتها لن تؤدي إلى تغيير جذري في التنافس المرير بين البلدين. ومع ذلك، فإن القضية الأكثر أهمية هي أنها تُظهر مقدار ما حققته الصين لنفسها من خلال نتيجة صغيرة إلى حد ما، ومقدار الطلب على الأهداف التي تتوافق مع المصالح الاستراتيجية الصينية في البلدان الأخرى، بحسب أحمد.

وبيّن أن "الصين جلعت من نفسها "مصنع العالم" من خلال تحديد وتوريد السلع المطلوبة بشكل صحيح، في عملية خلق فرص العمل وإثراء مئات الملايين من سكانها، وإذا اختارت أن تلعب دورا مشابها في هندسة الأمن والاستقرار، فليست الولايات المتحدة وحدها التي يجب أن تنتبه".

المصدر | عمير أحمد/ ذا واير - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران الصين تطبيع أهداف الولايات المتحدة

نيويورك تايمز: استئناف العلاقات السعودية الإيرانية يمكن أن يغير شكل الشرق الأوسط

بعلاقتها مع إيران.. هل تنقذ الصين مفاوضات الاتفاق النووي؟

كاتب روسي: وساطة الصين للاتفاق السعودي الإيراني تستعدي واشنطن ضد الطرفين

صحيفة عبرية ترصد الرابحين والخاسرين من الاتفاق السعودي الإيراني.. ماذا قالت؟

وول ستريت جورنال: الصين تخطط لقمة بين دول الخليج وإيران

مصالحة السعودية وإيران.. هل تحل عُقَد صفقة التطبيع مع إسرائيل؟

"عميل للجميع".. هكذا تنظر الصين إلى الخليج دون انحياز

تخدم 4 مصالح أمريكية.. قراءة مغايرة لوساطة بكين بين الرياض وطهران

قبل أن تصبح علاقاتهما طبيعية.. طريق طويل أمام إيران والسعودية

لملء الفراغ الأمريكي.. هل تجهز الصين لصفقات جديدة بالشرق الأوسط؟

تحليل: تعظيم دور الصين في الاتفاق السعودي الإيراني مبالغ فيه

لـ6 أسباب.. إنجاز إيران والسعودية والصين "مهم لكن ضئيل"

علاقة طهران وبكين.. اختبار اقتصادي تراقبه واشنطن

تقرير: تنويع اقتصاديات الخليج يمنح الصين نفوذا سياسيا

عبر شنغهاي.. الرياض تقترب من بكين ولا تحرق جسورها مع واشنطن

بكين تتحرك.. ابتعاد واشنطن عن الشرق الأوسط يقوض عقوباتها