برئاسة محمد بن عبد الرحمن للوزراء.. أي طموحات خارجية لقطر؟

الأربعاء 15 مارس 2023 01:15 م

اعتبر السفير الأمريكي السابق ويليام روباك أن تعيين وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، في 7 مارس/ آذار الجاري، رئيسا للوزراء يكشف عن سعي الدوحة "مورد الطاقة المحوري والثري للغاية" إلى "ترسيخ موقعها الإقليمي وإعادة بناء صورتها العالمية".

وأضاف روباك، نائب الرئيس التنفيذي لـ"معهد دول الخليج العربية بواشنطن" في تحليل نشره المعهد وترجمه "الخليج الجديد"، أن تعيين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لبن عبد الرحمن رئيسا للوزراء هو "محور تعديل وزاري يمثل أول إعادة تنظيم داخلي للبلاد منذ اتفاقية 2021 في (مدينة) العلا (السعودية) التي أنهت مقاطعة قطر".

وفي 2017 قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر؛ بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما نفت الدوحة صحته، واتهمت الرباعي بمحاولة فرض الوصاية على قرارها السيادي.

ولفت روباك إلى أن بن عبد الرحمن، الذي يحتفظ بحقيبة وزارة الخارجية، شغل منصب نائب رئيس الوزراء منذ 2017، ويحل محل خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني، الذي شغل منصب رئيس الوزراء منذ 2020، وكان يشغل أيضا منصب وزير الداخلية.

ويرى محللون، وفق روباك، أن خالد هو الحلقة الأخيرة في الحكومة بـ"الأمير الأب" حمد بن خليفة آل ثاني، الذي تنازل عن الحكم عام 2013 لتمهيد الطريق لابنه تميم.

وأضاف أن بن عبد الرحمن في الثانية والأربعين من عمره، وهو نفس عمر الأمير ومن نفس جيل وزير الداخلية المعين حديثا، خليفة بن حمد آل ثاني، الذي ترأس مؤخرا الجهود الأمنية عندما استضافت قطر بطولة العالم لكرة القدم 2022.

شخصية محورية

وبن عبد الرحمن هو "الدبلوماسي الرئيسي الذي ساعد في توجيه قطر" خلال أزمة العلاقات الخليجية  التي استمرت نحو أربع سنوات، ولهذا وفق روباك "يُنظر إليه على أنه شخصية محورية يمكنها مساعدة قطر على إعادة بناء صورتها العالمية، بعد أن أصلحت العلاقات مع خصومها الخليجيين السابقين".

وتابع: "بعبارة أخرى، يُعد تعيين بن عبد الرحمن علامة على أن قطر ستكون أكثر نظرة خارجية بشكل ملحوظ، بناء على النجاح الهائل الذي مثلته كأس العالم".

وأفاد بأن "التعديل الوزاري يأتي في لحظة انعطاف وعدم يقين في ديناميكيات الخليج، فمثلا تكهن أحد المحللين الإماراتيين المؤثرين بقيام محور عربي جديد (بدون السعودية). كما تستمر قطر في تسوية علاقاتها مع جيرانها الخليجيين بشكل غير متساو".

وكذلك "تشير العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية التي أُعيد تأسيسها مؤخرا إلى النفوذ المتحول الذي يلوح في الأفق لإيران في الخليج، والذي تكافح جميع دول المنطقة، بما فيها قطر، من أجل إدارته"، بحسب روباك.

وبوساطة صينية، وقّعت السعودية وإيران (ذات غالبية شيعية)، في 10 مارس/ آذار الجاري، اتفاقا لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما خلال شهرين، ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات، منذ أن اقتحم محتجون سفارة السعودية في طهران، بعد أن أعدمت الرياض رجل دين شيعي سعودي بتهم بينها الإرهاب.

واعتبر روباك أن الجهود المبذولة لإدارة النفوذ الإيراني تشير أيضا إلى "علاقات قطر مع الولايات المتحدة، بالنظر إلى دور الدوحة الوسيط الرئيسي في السنوات الأخيرة".

لا تطبيع قريبا

و"من غير المرجح أن يؤدي التعديل الوزاري القطري في أي وقت قريب إلى انضمام الدوحة إلى اتفاقات إبراهيم (للتطبيع مع إسرائيل)"، بحسب روباك.

وتطمح إسرائيل إلى إقامة علاقات مع مزيد من الدول العربية، ولاسيما الخليجية الغنية، منذ أن وقّعت  في 2020 اتفاقيات مع 4 دول عربية هي الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.

وأضاف روباك أن "قطر وجدت منذ سنوات، بل حتى عقود، طرقا للتعامل مع إسرائيل مع تعزيز العلاقات مع الفلسطينيين، بما في ذلك دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في قطاع غزة الذي تسيطر عليه (حركة المقاومة الإسلامية) حماس".

واستدرك: "لكنها (قطر) أوضحت أنها ستستمر في مناصرة القضية الفلسطينية، وهو ما تجلى في الطريقة التي استضافت بها كأس العالم (مظاهر الدعم للقضية الفلسطينية)، والابتعاد عن اتفاقات إبراهيم".

وأردف: "بالعمل، كما يبدو الآن، في الظل الاستراتيجي السعودية، ستكون قطر قادرة على الحفاظ على هذا الموقف دون ضغوط كبيرة، طالما أن الرياض بالمثل ترفض التوصل إلى اتفاق رسمي مع إسرائيل".

ولإقامة علاقات مع إسرائيل، تشترط السعودية، كما هو حال قطر، حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، ولاسيما إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها مدينة القدس الشرقية المحتلة.

ومن أصل 22 دولة عربية تقيم 6 دول فقط، هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان والمغرب، علاقات معلنة مع إسرائيل التي لا تزال تحتل أراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967.

ترحيب أمريكي

ونظرا للمضمون الإيجابي للعلاقات الأمريكية القطرية، وفق روباك، فإن ترحيب واشنطن بالتعديل الوزاري في قطر لم يثير الدهشة، حيث أعرب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين عن امتنانه لـ"شراكة واشنطن الدائمة" مع الدوحة.

ولفت روباك إلى أن قطر، بحسب تقارير إعلامية، تبذل جهودا كوسيط بين واشنطن وطهران في صفقة لتبادل سجناء يرى محللون أنها مقدمة لتكثيف الجهود لإعادة إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران وقوى دولية بينها الولايات المتحدة.

وأضاف أن المسؤولين الأمريكيين أعربوا عن تقديرهم للدعم القطري أثناء الانسحاب العسكري الأمريكي "الفوضوي" من أفغانستان وفي أعقابه، حيث استقبلت الدوحة الآلاف من القوات الأجنبية والمدنيين في 2021، بعد أن سهلت واستضافت لسنوات المفاوضات الأمريكية الحساسة مع حركة "طالبان" الأفغانية.

و"لطالما اقتنعت الشخصيات العسكرية الأمريكية المؤثرة،  على مستويات القيادة في القيادة المركزية الأمريكية و(وزارة الدفاع) البنتاغون، بأهمية قطر وأشادت بالمساهمات التي قدمتها الدوحة في استضافة المقر الرئيسي للقيادة المركزية الأمريكية والقوات الأمريكية الأخرى في قاعدة العديد الجوية"، وفق روباك.

وختم بأن "التحرك لتشكيل حكومة جديدة مفيد في فهم بعض الضغوط على قطر وبعض الاحتمالات في آفاقها وبعض الديناميكيات الأوسع في الخليج، وبينها بالطبع العلاقات بين الخصوم السابقين والولايات المتحدة والتطورات بين إيران ودول الخليج وواشنطن، بل وتعطي لمحة عن المنافسة الاستراتيجية بين دول الخليج الرئيسية في العقد المقبل".

المصدر | ويليام روباك/ معهد دول الخليج العربية بواشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر محمد بن عبد الرحمن رئاسة الوزراء طموحات خارجية الخليج إيران الولايات المتحدة