20 عاما على غزو العراق.. ثمن باهظ لتضليل الساسة والاستخبارات

الجمعة 31 مارس 2023 02:02 م

سلط أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في بيروت، هلال خشان، الضوء على الأسباب الحقيقية وراء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، بمناسبة ذكراه الـ 20، مشيرا إلى أن المزاعم الأمريكية والبريطانية في هذا الصدد أصبح واضحا أنها محض دعاية.

وذكر خشان، في مقال نشره موقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" وترجمه "الخليج الجديد"، أن السبب الرسمي المعلن للغزو تمثل في تفكيك نظام صدام حسين، الذي زعمت الولايات المتحدة أنه يخفي أسلحة دمار شامل، لكن ذلك ثبتت عدم صحته لاحقا.

وأوضح أن الزعم بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل روج له نائب وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، بول وولفويتز، بعد فشله في إثبات الربط بين هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 وبين نظام صدام.

فعندما تم تكليف وولفويتز وفريقه بإيجاد دليل يربط نظام صدام بالهجمات الإرهابية لم يستطيعوا تقديم أي حجة، وقاموا بدلا من ذلك بتغيير الرواية، وادعوا أن صدام يمتلك أسلحة نووية وبيولوجية وكيميائية ينوي استخدامها ضد الولايات المتحدة.

ورغم حقيقة أن هذا الادعاء لا أساس له من الصحة، فقد مضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قدما في غزو العراق بحجة أسلحة الدمار الشامل.

ويؤكد خشان أن الدافع الحقيقي لترويج وولفويتز لغزو العراق لم يكن العثور على أسلحة الدمار الشامل والقضاء عليها، بل كان إظهار القوة والغطرسة الأمريكية.

وأضاف: "اعتقد وولفويتز ووزير الدفاع الأمريكي آنذاك، دونالد رامسفيلد، أن العراق قدم أهدافًا ممتازة لإظهار القوة العسكرية الأمريكية. واتبعتهما إدارة بوش وبدأت التخطيط للغزو، مدعية أن العراق يشكل تهديدًا للسلام العالمي وجزءًا من محور الشر إلى جانب إيران وكوريا الشمالية".

ولتبرير الحرب، تم تلفيق أو تضخيم الكثير من الأدلة، حيث طلب وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، كولين بأول، من مجلس الأمن الدولي إعطاء الضوء الأخضر لعمل عسكري ضد العراق بزعم أن نظام صدام انتهك قرارات مجلس الأمن السابقة بحيازته برنامجا لأسلحة الدمار الشامل.

ومع ذلك، فإن الطلب لم يقنع معظم أعضاء مجلس الأمن الذين أرادوا قيام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمزيد من العمل لإثبات صحة أو كذب الرواية الأمريكية.

وبعدما زعم باول أن العراق كان لديه مختبرات متنقلة لإنتاج الأسلحة البيولوجية، اعترف بعد نحو عام بأن الأدلة التي تدعم هذا الادعاء لم تكن قوية.

وهنا يشير خشان إلى أن العراق "دمر بالفعل جميع أسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية تحت إشراف مجلس الأمن بعد حرب الخليج الأولى".

فمجلس الأمن الدولي كان قد أصدر قرارا بتدمير جميع أسلحة الدمار الشامل في العراق، وهو مصطلح يصف الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية والصواريخ الباليستية طويلة المدى.

 وكانت العقوبات العسكرية والتكنولوجية كافية لتدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية، بما في ذلك البرنامج النووي بعد حرب الخليج، حسبما يرى خشان، ومع ذلك رفضت الإدارتين، الأمريكية، برئاسة جورج بوش، والبريطانية، برئاسة توني بلير، كل الأدلة التي تتناقض مع مزاعمهما بأن العراق له صلات بتنظيم القاعدة ويطور سراً أسلحة دمار شامل.

محاولة الولايات المتحدة تمرير قرار مجلس الأمن الدولي الذي يدعم استخدام القوة ضد العراق كانت مضيعة للوقت، لذلك شكلت إدارة بوش تحالفا رفض جيران أمريكا الانضمام له، بما في ذلك كندا والمكسيك، إضافة إلى حلفاء أوروبيين رئيسيين، مثل ألمانيا وفرنسا.

ويرى خشان أن الدافع الحقيقي وراء الغزو هو "منع العراق من أن يصبح قوة رائدة في الشرق الأوسط"، مشيرا إلى أن العراق كان له دور بارز في صعود القومية العربية في عشرينيات القرن الماضي واكتسب سمعة باعتباره قوة من شأنها أن توحد العالم العربي.

وأضاف أن صدام حسين كان يطمح لملء الفراغ السياسي العربي بعد وفاة الرئيس المصري، جمال عبد الناصر، وإعلان نفسه زعيما للعالم العربي، وهو ما لم يلق ارتياحا لدى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، خاصة بعد أن خرج العراق منتصرًا من الحرب مع إيران.

وأشار أستاذ العلوم السياسية بأن صدام حسين حاول التفاهم مع الولايات المتحدة، وأكد لها أنه سيمنح عقودًا مربحة للشركات الأمريكية لتطوير صناعة النفط في العراق وقيادة مشاريع البناء بعد الحرب، لكن الولايات المتحدة رفضت.

وبعد غزو العراق، واجهت الولايات المتحدة عواقب وخيمة، مثل صعود الجماعات الإرهابية،  ووكلاء إيران، وكلاهما مثل خطرا أمنيا على القوات الأمريكية.

ولذا خلص مقال خشان إلى أن "الولايات المتحدة دفعت ثمناً باهظاً لحرب تستند إلى معلومات كاذبة واستخبارات معيبة" حسب تعبيره.

المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير: الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العراق صدام حسين كولن باول جورج بوش توني بلير أسلحة الدمار الشامل هجمات سبتمبر بول وولفويتز

طارق الهاشمي لـ"الخليج الجديد": العراق بحاجة لنظام ليس كالحالي ولا السابق (1/2)

طارق الهاشمي لـ"الخليج الجديد": محاولات توحيد البيت السني فشلت وأطالب بموقف خليجي موحد إزاء العراق (2/2)