20 عاما على الغزو الأمريكي.. ماذا تغير في العراق؟

الاثنين 20 مارس 2023 01:57 م

قبل 20 عاما بدأ تحالف عسكري دولي، بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا، غزو العراق في 20 مارس/ آذار 2003، وأطاح بنظام الرئيس الراحل صدام حسين (1979-2003)؛ بزعم امتلاكه  أسلحة دمار شامل ودعمه لتنظيمات إرهابية.

لكن إدارة الرئيس الأمريكي حينها، جورج بوش الابن، فشلت في إثبات وجود أسلحة دمار شامل أو تعاون نظام صدام مع تنظيمات إرهابية أو أي ذريعة أخرى من ذرائع العملية العسكرية التي رفض مجلس الأمن الدولي منح واشنطن تفويضا بها.

وخلال 7 سنوات من الاحتلال، ووفقا لمجموعة "Iraq Body Count"، تسببت قوات الاحتلال مباشرة في قتل ما يزيد عن 100 ألف مدني، فيما أعلنت واشنطن رسميا مقتل نحو 4700 من قواتها بحلول موعد الانسحاب نهاية 2011.

مليشيات وفساد

الكاتب العراقي رائد الحامد لفت، في مقال نشرته وكالة "الأناضول"، إلى أن "واشنطن عمدت إلى تفكيك مؤسسات العراق الأمنية والعسكرية؛ مما أدى إلى إدخال البلاد في فوضى أمنية وشيوع ظاهرة الميليشيات والسلاح خارج سيطرة الدولة".

وتابع: "ولا يزال العراق يعاني من تبعات قرار سلطة الائتلاف المدني، بقيادة السفير الأمريكي بول بريمر، بتشكيل نواة وزارتي الدفاع والداخلية من عناصر الميليشيات، سواء التي تأسست في إيران أو التي تشكلت بعد الغزو مباشرة.. والعراق غارق أيضا في فساد مالي وإداري".

أما الخبيرة الأمريكية في الشؤون الخارجية باربرا سلافين، فاعتبرت أن أي خيار أمريكي غير الغزو كان من المحتمل ألا تظهر معه الجماعات الإرهابية مثل "تنظيم الدولة" في العراق وسوريا، كما كان من الممكن أن تظهر حركات الربيع العربي عام 2011 بشكل مختلف، بحسب تحليل نشره المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية.

محاصصة طائفية

وغزو العراق، بحسب رواية واشنطن، هدف أيضا إلى "بناء دولة ديمقراطية تعددية ذات سيادة تحتكم إلى نظام حكم يصلح أن يكون مرجعية لمجتمعات دول الشرق الأوسط التي يطمح معظم سكانها إلى مغادرة الدكتاتورية والتوريث إلى التبادل السلمي للسلطة والخضوع لإرادة صناديق الاقتراع".

و"من المؤكد أن الحرب نجحت في إسقاط النظام السياسي والإطاحة بنظام صدام، لكنها فشلت في تحقيق أي من أهدافها المعلنة، بما فيها إرساء أسس نظام حكم ديمقراطي"، وفقا للحامد.

وأردف: "من أبرز نتائج الغزو: الحرب الأهلية بين 2006 و2008، وتهميش دور مؤسسات الدولة، وإقامة نظام سياسي يعتمد مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية في توزيع السلطة والموارد بين مكونات العراق الأساسية الثلاثة (السُنة والشيعة والأكراد)".

نفوذ إيراني

الحامد قال إن "الولايات المتحدة أسقطت العراق في دائرة النفوذ الإيراني والمجموعات العراقية المسلحة الحليفة لطهران التي تتبادل مع واشنطن حالة العداء، حيث أفرزت سنوات الاحتلال ارتفاعا هائلا في نفوذ إيران (جار العراق) المباشر أو عبر القوى الحليفة لها".

ولا يزال الأمريكيون في العراق، وفقا لسلافين، عرضة لخطر هجمات الميليشيات، لا سيما حين تكون العلاقات الأمريكية الإيرانية مشحونة؛ بسبب الفشل في إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وقمع إيران للاحتجاجات المحلية، وتزويد روسيا بطائرات بدون طيار وأسلحة أخرى لروسيا لاستخدامها ضد أوكرانيا.

كما قال الحامد إن "القوى الحليفة لطهران نجحت في تحويل العراق إلى حاجز صد للعقوبات الأمريكية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على إيران في 2018، ومتنفسا لإنقاذ اقتصاد إيران المتراجع عبر توريد الغاز والكهرباء والسلع الاستهلاكية إلى العراق بأكثر من 10 مليارات دولار سنويا".

ومتفقة مع الحامد بشأن نفوذ طهران، قالت سلافين إن إيران لا تزال القوة الأجنبية الرئيسية في العراق الذي يمتلك خامس أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، حيث "استغلت إيران فوضى حرب العراق لتوسيع نفوذها، واعتمدت على العلاقات الدينية والإثنية القديمة، بالإضافة إلى استمالة الشيعة والأكراد العراقيين الذين كان صدام يستهدفهم".

وأردفت أن "أحد المصادر الرئيسية للقلق الأمريكي كان استخدام إيران للعراق لغسيل الأموال للالتفاف على العقوبات الأمريكية، ولهذا قيدت واشنطن وصول العراق إلى عائداته النفطية؛ مما ساهم في انخفاض قيمة العملة العراقية وارتفاع التضخم".

"كما استخدمت إيران العراق لتهريب نفطها الذي أُعيد تسميته على أنه عراقي، وتستفيد من رحلات الحجاج الدينيين الإيرانيين إلى مدينتي النجف وكربلاء (العراقيتين) المقدستين لدى الشيعة للوصول إلى العملة الصعبة (الدولار)"، بحسب سلافين.

3 قوى إقليمية ودولية

وضمن تداعيات الحرب، وعلى صعيد التوازنات الإقليمية والدولية، "بدا الشرق الأوسط الجديد تتوزعه ثلاث قوى رئيسية من الدول والجهات الفاعلة هي روسيا والصين وإيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى"، وفقا للحامد.

وأردف: "فيما تتموضع معظم الدول العربية في محاولة منها للحفاظ على الوضع القائم ورفض أي محاولات للتغيير عبر التحالف والتنسيق الأمني والعسكري تارة مع الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل ما وتارة أخرى مع إيران والصين وروسيا".

واستطرد: "كما تحوّل العراق إلى محطة صراع قوى إقليمية ودولية أبرزها الولايات المتحدة وإيران اللتان تقتسمان النفوذ، بينما تتوزع القوى العراقية في الولاء أو التبعية أحيانا لطرف منهما على حساب الآخر، وفي حالات قليلة الموازنة بين الولاء للطرفين".

عملية سياسية عرجاء

ولا تبدو آراء مواطنين عراقيين بعيدة عما ذهب إليه الحامد وسلافين، إذ قال أكاديمي عراقي طلب عدم نشر اسمه: "بعد سقوط صدام، كان العراقيون يأملون في أن تغيير نظامه الاستبدادي الدكتاتوري، سيبني لهم دولة جديدة على الديمقراطية والتوزيع العادل للثروة".

واستدرك قائلا لـ"الأناضول": "لكن بعد عقدين من الزمان، أنتج التغيير عملية سياسية عرجاء يشوبها الفساد المالي والإداري والمحاصصات الطائفية واقتسام الموارد بين القوى المتنفذة".

"فيما تعيش الغالبية العظمى في العراق تحت وطأة تردي الخدمات، وشيوع ظاهرة السلاح المنفلت، ومافيات الفساد، وعصابات الجريمة المنظمة"، وفقا للأكاديمي العراقي.

وتبلغ نسبة الفقر بالعراق 25% من السكان البالغ عددهم أكثر من 42 مليون نسمة، بحسب وزارة التخطيط  مطلع 2023.

أما الصحفي العراقي وسام الملا، فقال إن "أهم تداعيات الغزو الأمريكي للعراق، حالة الصدمة التي يعيشها الشارع العراقي بسبب ما آلت إليه الأوضاع في البلاد".

وأوضح: "لم يجنِ العراقيون أي مكاسب، ما عدا هامش من حرية التعبير بات يضيق شيئا فشيئا؛ بسبب ملاحقة أصحاب الرأي واعتقال المدونين ومحاسبة كثير من الناشطين والصحفيين والإعلاميين".

وبعد 20 عاما، بحسب الملا، "صرنا نحلم بالخلاص من الطبقة السياسية الحاكمة، ونتطلع إلى التغيير ثانية، على أن يكون تغييرا إلى نظام ديمقراطي حقيقي، أسوة بالأنظمة الديمقراطية في دول العالم المتحضرة".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العراق غزو الولايات المتحدة صدام إيران فساد محاصصة طائفية مليشيات

حصاد الطائفية والفساد.. العراق "ديكتاتورية بدون ديكتاتور" بعد 20 عاما من الغزو الأمريكي

ميدل إيست مونيتور: غزو العراق أضر أمريكا وخدم إيران وأنعش روسيا وأنهك الشرق الأوسط

20 عاما على غزو العراق.. ثمن باهظ لتضليل الساسة والاستخبارات

20 عاما على الغزو الأمريكي.. "رباعية" يحتاجها العراق للعودة

طارق الهاشمي لـ"الخليج الجديد": العراق بحاجة لنظام ليس كالحالي ولا السابق (1/2)