بلومبرج تتوقع زيادة أكبر في أسعار الفائدة لمكافحة التضخم في مصر

الأحد 2 أبريل 2023 01:48 م

"على البنك المركزي المصري أن يفعل المزيد إذا كان يريد التغلب على التضخم وعودة التدفقات المالية المتعثرة إلى البلاد".. هذا ما دعا له مستثمرون في السندات، رغم إعلان السلطات المصرية، الأسبوع الماضي، رفع سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس.

وجاء قرار المركزي المصري، في ثاني اجتماعات لجنة السياسة النقدية خلال 2023، والذي عُقد الخميس، لتصل أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى منذ يوليو/تموز 2017 (منذ أكثر من 5 سنوات).

وهذه هي الزيادة الأولى للبنك المركزي في 2023، بعد أن رفع أسعار الفائدة 8 نقاط مئوية (800 نقطة أساس) العام الماضي، سعياً لامتصاص موجة التضخم، ومن أجل جذب استثمارات الأجانب بالعملة الصعبة لأدوات الدَّين الحكومية، بعد أن خرج من السوق نحو 25 مليار دولار عقب الأزمة الروسية الأوكرانية.

وأعلنت هذه الزيادة الكبيرة في سعر الفائدة، بعدما خيّبت السلطات النقدية آمال المستثمرين في فبراير/شباط عندما أبقت تكاليف الاقتراض دون تغيير.

ومع ذلك، فإن الزيادة الجديدة جاءت أقل من 300 نقطة أساس التي توقعتها الشركات، بما في ذلك مجموعة "غولدمان ساكس" و"بنك أبوظبي التجاري".

ويتحوّط متداولو المشتقات من احتمال إقرار خفض حاد لقيمة الجنيه المصري؛ ما يهدد بتفاقم التضخم الذي ارتفع إلى 31.9% في فبراير/شباط، إلى أعلى مستوى منذ أكثر من 5 سنوات، وبما يفوق بأضعاف المستوى المستهدف.

جاء هذا الارتفاع في التضخم بسبب زيادة أسعار الغذاء، وانخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار، ليواصل بذلك مساره الصعودي متفوقاً على توقعات المحللين، في ظل الارتفاع المتواصل لكل أسعار السلع والخدمات في أكبر بلد عربي من حيث تعداد السكان.

وكذلك، ارتفع العائد على السندات الحكومية المقومة بالجنيه، وجمعت مصر في مزاد أذون الخزانة لأجل 12 شهراً، الخميس، نحو 3.5 مليارات جنيه (115 مليون دولار) بعائد قياسي مرتفع بلغ 22.683%.

ونقل تقرير وكالة "بلومبرج"، عن محيي الدين قرنفل، مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لاستثمارات الدخل الثابت لدى "فرانكلين تمبلتون" في دبي، قوله: "ما زلنا واثقين من أن مصر ستصل إلى مزيج من السياسات المناسبة، لكننا لم نبلغ تلك المرحلة بعد.. لست واثقاً من أن ذلك سيؤدي إلى تدفقات (استثمارية)".

كذلك، يحث المستثمرون مصر أيضاً على زيادة مرونة سعر الصرف.

وكانت الحكومة قد تعهدت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بالانتقال إلى سعر صرف أكثر مرونة، بما يسمح لها بإبرام ارتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، وذلك بعدما أعقبت فترات الاستقرار الطويلة تقلبات حادة وهبوط كبير في قيمة العملة المحلية.

وحرّرت مصر سعر عملتها المحلية 3 مرات منذ مارس/آذار 2022 حتى يناير/كانون الثاني 2023، مما دفع سعر الجنيه المصري للانخفاض مقابل الدولار بنحو 25% خلال الربع الأول من 2023، وبأكثر من 95% منذ مارس/آذار من العام الماضي، بداية الأزمة الروسية الأوكرانية.

والأحد، سجل الجنيه المصري 30.80 جنيها للدولار، لكن الفارق بين سعر الجنيه الرسمي المحدد من البنك المركزي وقيمته في السوق السوداء اتسع أكثر، في ظل تكهنات بأن الدولة التي تعاني من ضائقة مالية قد تقر تخفيضاً جديداً لقيمة العملة.

يقول قرنفل: "يمكن القول إن التدفقات المالية إلى مصر مرتبطة بالتعويم الحر للجنيه.. أي شخص ينظر إلى منحنى الرسم البياني للجنيه المصري، يمكن له أن يدرك أن الأمر ليس كذلك".

وفي الوقت الذي تحتاج فيه مصر إلى رأس المال الأجنبي، تبدو السلطات النقدية المصرية وكأنها تمشي على حبل مشدود، حيث تحاول الموازنة ما بين تشديد السياسة النقدية لترويض التضخم، وخطر الركود الاقتصادي والاضطرابات الاجتماعية في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 109 ملايين نسمة.

وتضررت مصر بشدة من التداعيات الاقتصادية للغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط من العام الماضي، إذ تُعتبر واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم. وقبل ذلك، كانت قد تحوّلت إلى وجهة رئيسية للأموال الساخنة شديدة التقلب نتيجة سياسة تثبيت سعر الصرف واعتماد أعلى أسعار فائدة المعدلة حسب التضخم في العالم.

اليوم، هناك أدلة متزايدة على أن مثل هذه التدفقات المالية لم تعد موضع ترحيب.

يقول تود شوبرت، رئيس أبحاث الدخل الثابت في "بنك أوف سنغافورة" في دبي: "لا يمكنهم تحمل الكثير من الضرر الذي يلحق بالنمو، أو المخاطرة بتزايد الاضطرابات الاجتماعية في أكبر دول أفريقيا من حيث عدد السكان".

بدورها، تشير مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في "بنك أبوظبي التجاري"، إلى أنه مع ذلك، يُتوقع أن يرفع البنك المركزي سعر الفائدة بما لا يقل عن 200 نقطة أساس أخرى، مع "زيادة كبيرة" في تكاليف الاقتراض خلال الجولة التالية من تخفيض قيمة العملة.

ويبلغ سعر الفائدة "الحقيقي"، أو المعدل حسب التضخم في مصر حالياً، سالب 13.7% تقريباً، وهو واحد من أدنى المستويات بين أكثر من 50 اقتصاداً رئيسياً.

وكتب فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في "جولدمان ساكس غروب" في مذكرة: "رفع سعر الفائدة هذا يُعتبر صغيراً جداً لتحفيز التدفقات الكبيرة لرؤوس الأموال، وبالتالي من غير المرجح أن يخفف الضغط على الجنيه أو يحد من شحّ العملات الأجنبية الذي يعاني منه الاقتصاد".

ودعا سوسة الحكومة المصرية إلى تسريع الإصلاحات، بما في ذلك بيع الأصول واعتماد سعر صرف مرن.

ومن بين المؤشرات التي تؤكد قلق المستثمرين، ارتفاع تكلفة التحوط ضد التخلف عن السداد المحتمل للديون المصرية بمقدار 25 نقطة أساس لتصل إلى 1343 نقطة أساس، وفقاً لبيانات "سي إم إيه كيو".

لكن مزاج المخاطرة الذي كان سائداً الجمعة في الأسواق العالمية، أدى إلى رفع السندات السيادية بالدولار في البلاد؛ حيث انخفض العائد على الأوراق المالية المستحقة عام 2051 بمقدار 15 نقطة أساس.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التضخم مصر أسعار الفائدة سندات مستثمرون

كما فشلت سابقاتها.. رفع أسعار الفائدة في مصر لن يكبح التضخم

ارتفاع التضخم في مصر إلى 33.9% خلال مارس

رغم الرياح المعاكسة.. المركزي المصري يبقى سعر الفائدة دون تغيير