مصر.. رسالة مسربة: غرور وتعنت الداخلية يجوع معتقلي بدر 3 في رمضان

الجمعة 7 أبريل 2023 02:45 م

شكا المعتقلون السياسيون في سجن "بدر ٣" (شمالي القاهرة)، من تجويعهم خلال شهر رمضان، بسبب ما أسموه "غرور وتعنت" وزارة الداخلية ضدهم.

وفي خطاب مسرب من داخل السجن، كشف معتقلو السجن عن تصاعد إصرار الداخلية على غلق السجن، ومنع كل الخدمات عنه بما فيها الكافيتريا والكانتين، وتقليل كميات الطعام الميري (رسمي) الذي يتم تقديمه للمعتقلين في وجبتين فقط في اليوم.

ورصدت الرسالة ما حدث الجمعة الماضي (ثاني أيام رمضان)، من أزمة كبيرة داخل السجن بعد قيام أحد الضباط بشتم المعتقلين قائلا: "إنتم زبالة"، وهو ما رد عليه 1000 معتقل برفض استلام التعيين والإفطار والسحور لحين مقابلة أي مسؤول في السجن.

وأضافت الرسالة: "لكن غرور الداخلية كان له كلمة أخري، حتي تم سحب التعيين وإلقائه في القمامة ما أدي إلى استمرار المعتقلين في صيام كامل ليومين متواصلين"

وتابعت: "بدأت ادارة السجن في استخدام أسلوب المساومة للضغط علي المعتقلين من أجل إنهاء اعتراضهم الذي لم يأخذ إلا صورة واحدة، وهي تغطية كاميرات الزنازين من أجل فتح الزيارة ورؤية أهاليهم، حيث ترفض إدارة السجن تقديم أي علاج أو ذهاب أي معتقل لعيادة السجن إلا بعد رفع الغطاء من على الكاميرا".

وواصلت الرسالة رصد الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلين: "استمرارا لنفس أسلوب الابتزاز قامت إدارة السجن بتقليل كمية التعيين الرسمي على عدة مراحل، كان آخرها مع بداية رمضان ليدخل السجن في مجاعة حقيقية، وهو ما يبرره ضباط السجن بأن هذا إجراء طبيعي لرفض المعتقلين التراجع خطوة للخلف".

وأشارت الرسالة إلى أن التعيين الرسمي لا يخرج عن: 50 جرام أرز مطبوخ في اليوم، و50 جرام خضار مطبوخ، و50 جرام فول، وبار حلاوة طحينة، و65 جرام جبنة، و4 أرغفة في اليوم لوجبتي الإفطار والغداء".

ولفتت الرسالة إلى هذا التعيين "كارثة حقيقية في المقررات لإشباع جوع طفل صغير".

وأضافت: "كانت الوجبات التي تقدمها الكافتيريا علي حساب المعتقلين تقوم بتعويض نقص كميات التعيين، إلا أنه مع وقف الكافتيريا أصبحت الأمور في السجن مجاعة حقيقية".

وشكا المعتقلون في رسالتهم من إصرار إدارة السجن في منع الزيارة عنهم، في محاولة لـ"تأديبهم".

ولفتت الرسالة إلى أن ليلة خامس أيام رمضان، شهد السجن هتافات وحرق بطاطين من كل القطاعات، بعد انتشار أخبار فتح الزيارة لكل المعتقلين الذين تم نقلهم من بدر 3 إلى سجون أخري، وردت الداخلية بنفس الأسلوب المعتاد وهي إغراق الزنازين بمياه المطافي.

وكشفت الرسالة كذلك إلى أن وزارة الداخلية علقت مفاوضاتها مع ممثلي المعتقلين لحل الأزمة، حتي يقوم المعتقلين بالتراجع خطوة للخلف حتي لا تنكسر هيبة الداخلية.

كما كشفت الرسالة عن قيام المعتقل محمود محمد، بمحاولة الانتحار للمرة الثالثة، "وكاد يفارق الحياة إلا أن زملاءه في الغرفة منعوه فجر الإثنين خامس أيام رمضان من قطع شرايينه في آخر لحظة".

وسبق أن وصفت منظمات حقوقية سجن بدر 3، بأنه "العقرب الجديد"، لافتين إلى أنه "يمثل ثقبا أسود للمعتقلين السياسيين"، بعد تحوله إلى ما يشبه عالم مواز يضم آلاف من الأشخاص فقدوا كافة حقوقهم الأساسية التي يكفلها لها أي قانون ودستور، حسبما تظهر الرسائل المسربة  المتتالية التي خرجت من هذا الثقب بأعجوبة.

وسبق أن كشفت رسائل مسربة خرجت من السجن عن تزايد محاولات الانتحار بين السجناء بوتيرة مخيفة، وصلت إلى 55 محاولة في 10 أيام، حيث تنوّعت محاولات الانتحار بين قطع الشرايين ومحاولات الشنق وابتلاع العقاقير.

وفي بداية مارس/آذار الماضي، أصدرت 19 منظمة حقوقية عربية ودولية بيانًا مشتركًا، أعربوا فيه عن قلقها الشديد من هذه الانتهاكات التي قالت إنها تشكل خرقًا صارخًا للدستور المصري والقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية كافة، ومخالفة واضحة للقواعد الدنيا في معاملة السجناء المعتمدة من الأمم المتحدة.

وتمثلت انتهاكات السلطات المصرية حسب البيان في حرمان المعتقلين من الزيارة لمدة وصلت إلى 7 سنوات، وحرمان المعتقلين من التريّض والتعريض لأشعة الشمس، فضلا عن سياسة تجويع المعتقلين بتقديم كميّات طعام ضئيلة للغاية، ومنع زيارات الأهالي وغلق كافيتريا السجن.

كما شملت الانتهامات، تعريض المعتقلين للإضاءة القوية على مدار الـ24 ساعة، التي تؤدي بحسب خبراء الطب النفسي إلى إتلاف الجهاز العصبي والإصابة بالاكتئاب، ومن ثم الإقدام على الانتحار، وانتهاك الخصوصية عبر كاميرات المراقبة (صوت وصورة) داخل الزنازين، والتفتيش المتكرر المصحوب بالاعتداء على المعتقلين بالضرب المبرح.

ونددت المنظمات بالإهمال الطبي المتعمد، والحرمان من الحق في العلاج، والحبس الانفرادي غير المبرر لمدد طويلة، والحرمان من أدوات النظافة الشخصية، والمعاملة القاسية والمهينة والحط من الكرامة الإنسانية.

ووصف البيان "مجمع سجون بدر"، هو النسخة الأشد قسوة وتنكيلًا من سجن العقرب سيئ السمعة، وأن هذه الممارسات الممنهجة وغير الإنسانية دفعت بعض المعتقلين إلى التخلص من حياتهم حيث تزايدت محاولات الانتحار خلال الأسبوع الماضي، وأضرب آخرون عن الطعام.

ومنتصف فبراير/شباط الماضي، نقلت وكالة "رويترز" عن أقارب سجناء وجماعات حقوقية قولهم، إن سجن "بدر" الذي وصفته مصر بأنه نموذج للإصلاح وتحتجز فيه بعض أبرز السجناء، يحرم النزلاء من الرعاية الصحية ويخضعهم لمعاملة عقابية تشمل العزل.

وقبل أسابيع قليلة، قالت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان والشبكة المصرية لحقوق الإنسان، إن 4 سجناء توفوا في سجن بدر العام الماضي بسبب الإهمال الطبي، من بينهم علاء السلمي (47 عاما) الذي كان مضربا عن الطعام لمدة شهرين بسبب ظروف الاحتجاز.

وكانت السلطات المصرية قد اعتبرت أن منظومة السجون الجديدة في مناطق بدر ووادي النطرون هي جزء من التحول نحو نهج "إصلاحي" يعكس "مدى التقدم والحداثة" في نظام الاحتجاز المصري. وقالت وزارة الداخلية إن النزلاء لديهم مساحة لممارسة الرياضة والعبادات والتدريب.

وتقدر جماعات حقوقية أن عشرات الآلاف سُجنوا بسبب المعارضة السياسية في عهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ويشكون منذ فترة طويلة من انتهاكات بما في ذلك التعذيب الممنهج وظروف الاحتجاز التي تهدد الحياة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سجن بدر معتقلون معتقلون سياسيون تجويع

"الأربعاء الأسود".. منظمة حقوقية توثق اعتداءات طالت معتقلين في سجن بدر المصري