واشنطن بوست: اشتباكات السودان تضع روسيا في ورطة حقيقية

الأحد 23 أبريل 2023 04:10 م

أضحت روسيا ومرتزقتها المدعومين من الكرملين في معضلة حقيقية بعد القتال الدائر بالسودان، حيث سيكون أمام موسكو الكثير لتخسره إذا قررت دعم الجانب الخطأ في الصراع.

ووفق تقرير صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فعلى مدى السنوات الأخيرة، أقامت مجموعة "فاجنر" الروسية (شبه العسكرية) علاقات وثيقة مع قوات الأمن السودانية، وسعت إلى استغلال هذه الروابط لتعزيز المصالح الاقتصادية والعسكرية لموسكو، بما في ذلك امتيازات تعدين الذهب المربحة وصفقات الأسلحة.

وأظهرت الوثائق العسكرية السرية المسربة التي حصلت عليها الصحيفة، فإن مرتزقة "فاجنر" ساهمت بتدريب قوات الأمن السودانية ودعمها بالمعدات، كما قدمت المشورة لقادة الحكومة وأجرت عمليات معلوماتية.

وتُعرف "فاجنر" بأنها شركة عسكرية روسية خاصة، وتعمل في أوكرانيا وسوريا وليبيا ودول أفريقية أخرى، بما فيها مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى.

وقالت الصحيفة إنه حتى لو توقفت الأطراف المتحاربة القتال، فإن انهيار السودان يمثل "نكسة" كبيرة لروسيا، إذ أن التحالف بين موسكو والخرطوم "على المحك".

وأضافت أنه حتى لو وقفت "فاجنر" على الحياد، فإن مصالحها في التنقيب عن الذهب، وتجارة السلاح في المنطقة قد تتأثر بشدة، وهي مصادر دخل مهمة لتمويل موسكو، خاصة بعد ما تواجهه من عقوبات دولية بعد الحرب في أوكرانيا.

وحسب الصحيفة، فإن التحالف لم يؤدِ فقط لصفقات تجارة الذهب والأسلحة فحسب، بل عن احتمال إنشاء قاعدة بحرية روسية استراتيجية على البحر الأحمر في بورتسودان.

وخلال زيارة إلى الخرطوم في فبراير/شباط الماضي، ناقش وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مسألة إنشاء القاعدة مع قادة السودان واستكمالها بحلول نهاية عام 2023.

ورغم نفي مؤسس "فاجنر" الأرستقراطي الروسي يفجيني بريغوزين، وجود أي عنصر من المجموعة في السودان طوال العامين الماضيين، فإن مؤسس مركز الشفافية والسياسات السوداني سليمان بالدو، يؤكد وجود عناصر ناشطة لـ"فاجنر" في السودان منذ عام 2017، للدعم والتدريب العسكري، وتعاملوا مع الجيش وقوات الدعم السريع.

ويقول التقرير إن شركات تابعة لـ"فاجنر" حصلت على التصريحات الحكومية، وبدأت التنقيب عن الذهب في وسط السودان، وتقدم لها قوات "الدعم السريع" الحماية والتأمين، بينما فرضت واشنطن عقوبات على شركتين في السودان، وهما "إم إنفست" وإحدى فروعها "مروي جولد" للتنقيب عن الذهب، لارتباطهما ببريغوزين، الذي ينفي ذلك جملة وتفصيلا.

ويكشف التقرير أن القاعدة الروسية التي وافق عليها جنرالات السودان، سوف توفر أماكن إقامة لنحو 300 جندي، وتتمركز فيها 4 بوارج بحرية روسية، بينها مركبة تعمل بالطاقة النووية، وفي المقابل ستوفر روسيا للسودان أسلحة ومعدات عسكرية.

وعلى الرغم من عدم وجود أدلة على تورط مرتزقة فاجنر في القتال الحالي بالسودان، إلا أن مصادر عدة أكدت أن ميليشيا ليبية تربطها علاقات وثيقة بالمجموعة الروسية، أرسلت إمدادات إلى قوات "الدعم السريع" التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي).

وقال مسؤولون ليبيون ودبلوماسيون، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن قوات "الدعم السريع" تلقت ما لا يقل عن 30 ناقلة وقود وشحنة واحدة على الأقل من الإمدادات العسكرية من أحد أبناء زعيم الحرب الليبي المشير خليفة حفتر.

وكانت شبكة "سي إن إن" وصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركيتان، قد تطرقتا إلى الدور الذي تلعبه "فاجنر" في دعم قوات "الدعم السريع" في حربها ضد الجيش في السودان.

وفيما ذكرت "وول ستريت جورنال" الخميس، أن المجموعة عرضت أسلحة ثقيلة على حميدتي، أكدت مصادر "سي إن إن" الجمعة، أن المجموعة زودت قواته بالفعل بالصواريخ لمساعدتها في حربها ضد الجيش السوداني.

ونقلت الشبكة عن مصادر دبلوماسية سودانية وإقليمية قولها إن صواريخ أرض-جو دعمت بشكل كبير مقاتلي "الدعم السريع" وقائدهم، الذي يتصارع على السلطة مع البرهان.

وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية نشاطاً غير عادي في قواعد "فاجنر" عند حدود ليبيا، حيث يسيطر اللواء حفتر.

وأظهرت الصور التي حللتها الشبكة ومجموعة "أول آيز أون فاجنر"، طائرة نقل روسية تتنقل بين قاعدتين جويتين ليبيتين رئيستين تابعتين لحفتر، وتستخدمهما المجموعة المقاتلة الروسية الخاضعة للعقوبات.

وأكدت المصادر أنّ حفتر يدعم قوات "الدعم السريع" رغم نفيه انحيازه لأي طرف، ويشير نشاط "فاجنر" المتزايد في قواعده، إلى جانب مزاعم المصادر الدبلوماسية السودانية والإقليمية، إلى أن كلاً من روسيا واللواء الليبي ربما كانا يستعدان لدعم "قوات الدعم السريع" حتى قبل اندلاع الأحداث الأخيرة، وفق "سي إن إن".

في المقابل، نفت قوات "الدعم السريع" في تغريدة السبت، وجود أي علاقات لها مع "فاجنر".

ونقل التقرير عن أنس القماطي مؤسس معهد "صادق"، وهو مركز أبحاث في طرابس، قوله إن الإمدادات العسكرية كانت ستذهب إلى قوات الدعم السريع؛ لأن حفتر يعتمد على أفراد "فاجنر" للمساعدة في السيطرة الصارمة على معداته وذخائره لتجنب السرقة أو النهب.

وأضاف القماطي، أن لكل من قوات "الدعم السريع" و"فاجنر" تاريخ طويل مع ميليشيا حفتر في ليبيا.

وكان حميدتي أرسل في السابق قوات الدعم السريع إلى ليبيا للقتال نيابة عن حفتر، بجانب مرتزقة فاجنر الروسية.

وتابع القماطي، أنه خلال عامي 2021 و2022، أجرى أفراد "فاجنر" المتمركزون في الأراضي الليبية التي يسيطر عليها حفتر تدريبات بالذخيرة الحية مع قوات الدعم السريع، مستشهدا بتقارير من شهود عيان في المنطقة.

وزاد أن "فاجنر" تقدّر علاقاتها مع قوات "الدعم السريع" لتأمين طريق عبر السودان للمركز اللوجستي المتنامي للشركة في ليبيا، والذي يربط الشرق الأوسط وأوروبا بساحات القتال الأفريقية في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى.

ومع ذلك، فقد يأتي تقديم الدعم لقوات الدعم السريع بثمن مرتفع لكل من روسيا وحفتر.

وبالنسبة لحفتر في شرق ليبيا، هناك قلق متزايد من أن مثل هذا الدعم قد يضر بعلاقاتها مع مصر، الداعمة منذ فترة طويلة لكل من حفتر والقائد العسكري السوداني البرهان.

وقال مسؤول ليبي مطلع على الأحداث، إن حفتر تحدث هاتفيا الخميس، مع جنرال من المخابرات العسكرية المصرية، وتعهد بوقف الدعم لقوات "الدعم السريع" على الفور.

كما أن لدى روسيا الكثير لتخسره، إذا سلحت الجانب الخطأ، وفقا لدبلوماسي غربي يتابع الموضوع عن كثب.

وقال الدبلوماسي إن قوات "الدعم السريع" في الوقت الحالي تبدو أضعف من الجيش الذي يتمتع بقوة جوية تفتقر إليها قوات حميدتي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا فاجنر اشتباكات السودان السودان البرهان حميدتي

سيناريو حافة الهاوية.. اشتباكات السودان تهدد بحرب بالوكالة أو صراع أهلي

روسيا: أزمة السودان سببها الضغط والابتزاز من اللاعبين الدوليين