سيناريو حافة الهاوية.. اشتباكات السودان تهدد بحرب بالوكالة أو صراع أهلي

الاثنين 24 أبريل 2023 10:59 ص

"الصراع العسكري في السودان في مرحلته الراهنة يجسد مقولات سيناريو حافة الهاوية، وعلى الرغم من هناك فرصة لتسوية سلمية من خلال وقف إطلاق النار والحوار السياسي، إلا أن استمرار القتال قد يعقد الوضع خاصة في ظل تجذر البعد القبلي والتدخلات الخارجية".

هكذا يخلص تحليل لمركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، والذي يشير إلى أن الصراع بين الجيش النظامي وقوات "الدعم السريع" في الخرطوم يكتسب أهمية بالغة للقوى الإقليمية والدولية على حد سواء، بسبب موقع السودان الاستراتيجي على البحر الأحمر وارتباطه بالمنطقة الأمنية القلقة في القرن الأفريقي.

ويضيف: "هناك مخاوف من أن القتال قد يتحول إلى حرب بالوكالة تارة، أو صراع أهلي مستمر يمكن أن يعرقل انتقال البلاد إلى الحكم المدني ويؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية".

ويلفت التحليل، إلى أن الجانبين المتصارعين في السودان متطابقان بشكل متساوٍ، حيث "يحاول فيه كل طرف القضاء على الطرف الآخر بالضربة القاضية"، ما يعزز سيناريو "حافة الهاوية المخيف"، خاصة أن الطرفين يحاولان السيطرة على سلطة الدولة.

ويلاحظ من متابعة سير المعارك منذ اندلاعها في 15 أبريل/نيسان 2023، أنها تتركز على مواقع  ومحاور  رئيسية مثل القصر الجمهوري ومبني القيادة العامة للجيش ومبنى الإذاعة والتليفزيون والمطارات الرئيسية بما في ذلك مطار الخرطوم ومروي، حيث يحاول كل طرف السيطرة التامة على العاصمة لما لها من دلالة رمزية توفر له الاعتراف والشرعية على المستوى الوطني على الأقل.

ومع ذلك، يمكن أن يتحول الصراع إلى التنافس على مصادر المال والثروة، حيث يحاول كل طرف قطع الإمدادات وسلاسل التوريد عن الطرف الآخر، وفي نفس الوقت تأمين موارد إضافية لأنفسهم.

وفي هذه الحالة سوف تحاول القوات المسلحة السودانية السيطرة على مناجم الذهب في جبل عامر وطرق التهريب، بينما تريد قوات "الدعم السريع" قطع طرق النقل والتوريد الرئيسية، بما في ذلك الطريق من بورتسودان إلى الخرطوم.

وعلى الرغم من الحرب الإعلامية وحملات التهييج وتبادل الاتهامات بين الطرفين (لاحظ أن هناك نحو 900 حساب على تويتر تحاول تبييض صورة قوات الدعم السريع)، حسب التحليل، فإن سيناريو "حافة الهاوية" هذا يمكن أن ينتهي بالجلوس على مائدة التفاوض، ولاسيما إذا أنهكت قوى الطرفين واستعصى الحسم العسكري أو خارت قوى طرف معين.

ويتابع: "لعل ذلك يستدعى حالة حرب تيجراي في أثيوبيا التي استمرت قرابة عامين، وانتهت من خلال صفقة بريتوريا لإنهاء كافة الأعمال العدائية بين الحكومة الأثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي".

ويحذر التحليل من أنه "إذا استمرت الحرب واستمر كل طرف على مبدأ المباراة الصفرية، فقد ننتقل إلى طور آخر من الصراع تتغير فيه خريطة التحالفات العسكرية والمدنية، وربما نصبح أمام حالة عبثية يحارب فيها الكل ضد الكل".

ويتابع: "من المرجح أن القيادة والسيطرة قد لا تبقى موحدة لفترة طويلة، فالموارد المادية والتنظيمية اللازمة لمواصلة المجهود الحربي المكثف سوف تنضب بسرعة في ظل وضع السودان الاقتصادي المتردي وإحجام الأطراف الإقليمية والدولية عن التدخل المباشر أو غير المباشر حتى الآن لمساندة أحد طرفي القتال".

ويزيد تحليل مركز "الأهرام": "من المحتمل أن تستمر المرحلة الحالية لبضعة أشهر، إذا استمرت المواقف المتصلبة من كل طرف، لكنها ستتحول على الأرجح إلى صراع أقل حدة، ولكنه أكثر كثافة وانتشاراً مع  وجود أطراف وفواعل عسكرية متعددة تتنافس من أجل السيطرة على مواقع مختلفة، وكثير منهم يغيرون مواقفهم أو يتصرفون بشكل انتهازي، وذلك في استنساخ ظاهر للتجربة الليبية في مرحلة ما بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي".

كما يحذر التحليل من أن يوفر التوسع الجغرافي الإضافي للقتال، فرصاً لجماعات مسلحة إضافية للانخراط في الاشتباكات، وقد يؤدي إلى نزاع طويل الأمد في أجزاء من البلاد، حتى لو هدأ القتال في الخرطوم.

ويضيف: "قد يكون لذلك تداعيات إنسانية وخيمة على السودان، الذي يواجه بالفعل موجات جفاف ونقص في الغذاء".

وعليه من المرجح أن يكون التحول الفارق في هذه المرحلة مع طول أمد الصراع المسلح هو بروز المتغير العرقي والقبلي، وهو ما يضفي مزيداً من التعقيد والتشابك على الحالة السودانية.

في هذه الحالة، والحديث للتحليل، سوف تكون التكلفة الإنسانية باهظة، حيث نشهد حالات من التهجير القسري والنزوح الجماعي وربما مذابح على أسس عرقية.

ومن المرجح أن تؤدي التحالفات والهويات العرقية إلى حدوث هذا التحول، وهو ما يهدد بسيناريو التقسيم والتجزئة ولاسيما في ظل ما شهدته الخبرة السودانية من انفصال لجنوب السودان.

ويلفت التحليل إلى أن "التكلفة البشرية والمادية العالية لهذا الصراع العنيف بين أفراد المكون العسكري الحاكم في السودان يستدعي وقف إطلاق النار والحوار السياسي".

ويزيد: "يمكن أن نلاحظ ذلك من تعدد المبادرات العربية والأفريقية والدولية التي تنادي بالهدنة والقبول بالجلوس على مائدة المفاوضات".

ويشير إلى أنه أصبح دور الجهات الفاعلة الخارجية بارزاً بشكل متزايد، مع سعي دول مختلفة لتحقيق مصالحها الخاصة والتنافس على النفوذ في المنطقة.

ويمكن التذكير بأن مشاركة القوى الإقليمية الكبرى لها أهمية خاصة في الملف السوداني، مثل مصر، بحكم علاقات القربى والاتصال الحضاري والثقافي، وهو الأمر الذي يجعل السودان شأناً مصرياً ومصر شأناً سودانياً في المقابل.

من ناحية أخرى، من المحتمل أن تصل مصر والسعودية والإمارات وبعض الأطراف الفاعلة الأخرى إلى موقف مشترك إزاء سبل إنهاء الأعمال العدائية، بما يمنع انزلاق السودان إلى سيناريو التقسيم والحرب الأهلية، ما قد يجعل الحل عربياً، وهو ما يتسق وجهود المنطقة في إغلاق ملفات صراعات مشتعلة كما حدث في كل من سوريا واليمن.

وفي ظل هذه المشاركة العربية، من المحتمل أن تمارس الجهات الفاعلة الأفريقية مثل الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (ايغاد)  تأثيراً سياسياً محدوداً.

ويشير التحليل إلى أن "هناك دولاً أخرى في المنطقة، مثل إريتريا وإثيوبيا، لديها أيضاً مصلحة في الصراع"، في وقت يبدو أن الولايات المتحدة منذ إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب تفوض ملف السودان للقوى الإقليمية التي تمتلك حرية التصرف لتحقيق مصالحها الخاصة.

وعلى أية حال، فإن مشاركة العديد من الجهات الخارجية في النزاع السوداني تمثل تحديات كبيرة لأي جهود وساطة، وربما يمثل تعدد الوسطاء مشكلة فيما يتعلق بالتنسيق والقيادة.

ويرجح التحليل أن هذه الجهات الفاعلة سوف تكرس معظم الوقت من أجل تبني فهم ونهج مشترك، بخلاف الدعوة إلى وقف إطلاق النار، مضيفا: "قد يؤدي هذا إلى استهلاك المزيد من الوقت في الجدل فيما بينهم بدلاً من معالجة النزاع نفسه".

ويتابع: "من غير المرجح أن ينقذ وقف الصراع والوساطات الاتفاق الإطاري، لكن الصراع المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع من شأنه أن يجعل المفاوضات حول تقاسم السلطة والإصلاح الأمني في المستقبل القريب أمراً مستبعداً للغاية".

وفي مطلع الشهر الحالي، تأجل مرتين التوقيع على اتفاق بين العسكريين والمدنيين لإنهاء الأزمة التي تعيشها البلاد منذ الانقلاب؛ بسبب خلافات حول شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش، وهو بند أساسي في اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه.

وكان يفترض أن يسمح هذا الاتفاق بتشكيل حكومة مدنية، وهو شرط أساسي لعودة المساعدات الدولية إلى السودان، أحد أفقر بلدان العالم.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السودان اشتباكات السودان البرهان حميدتي صراع أهلي حرب بالوكالة

السودان.. الجيش والدعم السريع يتبادلان الاتهامات بإقحام المدنيين في المعارك

اللاجئون السوريون في السودان.. 90 ألفا يبحثون عن مأوى جديد

كيف يؤثر الصراع في السودان على جيرانه؟