كل ما تريد معرفته عن الانتخابات التركية 2023 (2/2)

الأحد 30 أبريل 2023 03:27 م

أعد "المعهد الدولي لدراسات الشرق الأوسط والبلقان" ملفا تحليلا مستفيضا عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في تركيا يوم 14 مايو/أيار 2023، معتبرا أنها أهم انتخابات في تاريخ البلاد، وستكون لها انعكاسات إقليمية ودولية نظرا لثقل أنقرة.

ونشر "الخليج الجديد" جزءا أول من هذا الملف تضمن نقاطا عديدة بينها أهمية تلك الانتخابات وعدد الناخبين وطريقة إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وأبرز المرشحين للرئاسة.

وفي ما يلي الجزء الثاني:

تحالفات انتخابية

سوف تتنافس التحالفات التالية في الانتخابات:

- تحالف الشعب: يضم حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحزب الحركة القومية، وحزب القضية الحرة، وهو حزب إسلامي كردي سني.

- الطاولة السداسية: يشمل حزب الشعب الجمهوري، وحزب الجيد، وحزب السعادة، والحزب الديمقراطي، وحزب الديمقراطية والتقدم، وحزب المستقبل.

- تحالف العمل والحرية: ائتلاف يساري يتألف من حزب الشعب الديمقراطي، وحزب العمال، وحزب العمل، وحزب الحركة العمالية، وحزب الحرية المجتمعية، وحزب اتحاد الجمعيات الاشتراكية. هدف التحالف هو "المساواة والحرية والأخوة والسلام والديمقراطية للمجتمع التركي".

- تحالف الأجداد: تحالف يميني أسسه الأعضاء الساخطون في حزب الحركة القومية بعد أن توسط الحزب في تحالف مع حزب العدالة والتنمية على مستوى الدولة عام 2015. وتأسس في مارس/ آذار 2023، ويضم حزب النصر والعدالة، وحزب الوطن، وحزب التحالف التركي.

- اتحاد القوى الاشتراكية: يضم حزب اليسار، والحزب الشيوعي التركي، وحزب الحركة الشيوعية التركية، وحزب حركة الثورة. وهذا التحالف تأسس في أغسطس/ آب 2022، ويدعو في إعلانه التأسيسي إلى: التأميم القسري ومعاداة الرأسمالية، والمساواة المجتمعية والملكية العامة، ومناهضة حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومعادة الولايات المتحدة، والعلمانية، ومناهضة رجال الدين، ومناهضة التمييز في المجتمع.

الدعاية والزلزال

رسميا، بدأت الأحزاب حملاتها الانتخابية (نهاية مارس/ آذار الماضي)، والشوارع والساحات مغطاة بملصقات كبيرة تحمل رسائل جذابة للناخبين.

وهذه المرة لم تلجأ الأحزاب إلى الأساليب التقليدية كما في الحملات السابقة عندما تجول المرشحون بسيارات في الشوارع وعزفوا أغانٍ صنعت خصيصا لأغراض الحملة.

والسبب هو الجو العام بسبب الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي سببها زلزال 6 فبراير/ شباط الماضي. ومن المحتمل أن يكون للزلزال المدمر تداعيات سياسية كبيرة يمكن أن تحسم قرارات العديد من الناخبين عند الإدلاء بأصواتهم.

لكن لن يكون هذا هو العامل الحاسم الوحيد، فالأزمة الاقتصادية، والتضخم بنسبة 57% في فبراير/ شباط الماضي، ومستوى البطالة المرتفع بنحو 10%، وتراجع القوة الشرائية للمواطنين، ستلعب دورا حاسما أيضا.

بالواقع، ستلعب العوامل الاقتصادية دورا لا يقل أهمية، بل أكبر من الاستياء السائد بين الأتراك من التداعيات الإنسانية للزلزال؛ لذلك، ركز كل من الحزب الحاكم والمعارضة على هاتين المسألتين في حملتهما الانتخابية.

وفي 10 أبريل/ نيسان الجاري، وهو اليوم نفسه الذي نشر فيه زعيم المعارضة والمرشح الرئاسي كمال كليتشدار أوغلو مقطع فيديو من مطبخه واعدا بتخفيض سعر البصل في البلاد، دشن الرئيس رجب طيب أردوغان أول حاملة طائرات مُسيرة (TCG Anadolu)، والتي ستنقل غالبا  طائرات بدون طيار.

وبهذه الطريقة، تم فتح نقاش حول الأولويات الحالية للناخبين الأتراك، وبينما تستند حملة أردوغان بشكل أساسي إلى مشاريع وطنية كبيرة، يركز مرشحو المعارضة على قضايا الحياة اليومية والوضع الاقتصادي الصعب الذي يواجهه المواطنون، لا سيما فيما يتعلق بالتضخم الذي وصل إلى مستويات لا مثيل لها، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار.

ووعد أردوغان بمواصلة المشاريع الوطنية والاستراتيجية الكبيرة، خاصة تلك المتعلقة بالبنية التحتية والصناعة الدفاعية، فيما وعد زعماء المعارضة بتخفيض أسعار السلع الأساسية.

وعلى الرغم من ترحيب الناخبين بالمشاريع الكبيرة والمهمة، إلا أن نسبة كبيرة تعتقد أنه يجب إعطاء الأولوية لتحسين ظروف المعيشة الاقتصادية، حيث يشعر المواطنون بالقلق لا سيما فيما يتعلق بارتفاع أسعار الخضار والفواكه واللحوم وأمور أخرى عديدة تؤثر على حياتهم اليومية.

وحتى الآن، لم تقدم المعارضة آليات مقنعة لتحسين الظروف الاقتصادية، لكنها تتحدث فقط عن سياسة التقشف، وبيع طائرات وسيارات أردوغان الرئاسية والحصول على قروض من البنك الدولي؛ مما يثير شكوكا ومخاوف بين الأتراك.

ويعتقد ناخبون أن العودة إلى عصر الاقتراض من البنوك الدولية سيعني "العودة إلى عصر الوصاية"، ويذكرون بالانخفاض المستمر في قيمة الليرة التركية قبل وصول أردوغان إلى السلطة عام 2002.

الناخبون المترددون

الناخبون المترددون (لم يحسموا قراراهم الانتخابي) يمثلون مصدر قلق للمعارضة، فحتى إذا خسر العدالة والتنمية أصواتا، فلا يعني ذلك أن المعارضة ستحصل على المزيد من الأصوات.

وتفيد تقديرات بأن هؤلاء الناخبين حوالي 20% من الأصوات، وهي نسبة كبيرة ويجب على جميع الأحزاب أخذهم في الاعتبار والتركيز عليهم.

وفي مراحلهما الأولى، ناشد كل من العدالة والتنمية وأردوغان هؤلاء الناخبين وركزوا على تحفيزهم بعد أن أقنعهم بالتصويت في الانتخابات. وكان شعاره :"نحن صوت مَن لا صوت لهم"، وكان هذا جزء أساسي من النجاح في الانتخابات الماضية.

وتريد المعارضة كسب الناخبين المترددين عبر سياسة الهجوم وانتقاد كل إنجازات أردوغان على مدى العقدين الماضيين، لكن مثل هذه الأساليب عادة ما تؤدي إلى نتائج معاكسة لما تريده المعارضة، وحدث الشيء نفسه في انتخابات 2018 عندما انحاز هؤلاء الناخبون قبل نهاية السباق الانتخابي إلى جانب العدالة والتنمية؛ لأنهم لم يجدوا بديلا مقنعا وموثوقا.

السياسة الاقتصادية

بالتأكيد، لا شيء في تركيا هو نفسه كما كان قبل 20 عاما (كما تدعي المعارضة)؛ لأن متوسط دخل الفرد في 2001 بلغ 3500 دولار، وخلال حكم العدالة والتنمية ارتفع إلى نحو 12000 دولار، كنتيجة طبيعية لزيادة الناتج المحلي الإجمالي، والذي وصل إلى 905 مليارات دولار في 2022. وحاليا، تحتل تركيا المرتبة التاسعة عشرة بين أكبر الاقتصادات في العالم.

وفيما يتعلق بالتجارة الخارجية، تزداد صادرات تركيا باستمرار، وعلى الرغم من ارتفاع سعر الفائدة وانخفاض قيمة الليرة بسبب المضاربات المختلفة، تمكنت الدولة من تحويل أزمة صرف العملات إلى فرصة؛ مما زاد حجم الصادرات إلى 254 مليار دولار في 2022.

ودائما تنتقد المعارضة أداء الحكومة الاقتصادي، كما انتقدت انخفاض أسعار الفائدة وعزل محافظ البنك المركزي، لكنها حتى الآن لم تقدم رؤيتها الاقتصادية وتكتفي بالانتقادات؛ مما يثير شكوك الناخبين.

ويبدو أنه في الوقت الحالي ليس لدى المعارضة أي خطة سوى زيادة أسعار الفائدة مرة أخرى، وهو ما من شأنه أن يساهم في نمو الليرة مقابل الدولار على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل سيكون ضارا للعملة المحلية.

نقطة تحول

الانتخابات المقبلة هي أهم انتخابات رئاسية وبرلمانية في تاريخ تركيا، حيث ستقرر مصيرها ومستقبلها السياسي والاقتصادي. وتجرى في إطار النظام الرئاسي الجديد الذي تبنته الدولة في 2018، ويعطي صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية في إدارة شؤون البلاد.

ومع مراعاة التحديات الاقتصادية التي تواجهها الدولة، فإن التطورات المتعلقة بالمنطقة والعالم مهمة لاتخاذ قرارات سريعة وفعالة.

وتواجه تركيا تحديات عديدة اقتصادية وسياسية ودبلوماسية، فضلا عن التوترات في العلاقات بين الحكومة الحالية وبعض الدول الأوروبية ودول المنطقة، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ومع الأخذ في الاعتبار الأهمية التي تتمتع بها تركيا كقوة إقليمية، فسيكون لنتائج الانتخابات آثارها على المنطقة بأكملها والعلاقات الدولية؛ ونظرا لأن تركيا عضو في "الناتو"، فإنها تلعب دورا مهما على المستويين الإقليمي والدولي، بما في ذلك الأزمة السورية، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والحرب الأهلية في ليبيا، والحرب في أوكرانيا، فأردوغان الزعيم الغربي الوحيد الذي حافظ على علاقات ممتازة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

حاليا من الصعب التكهن بنتائج الانتخابات، وقد تكون مفاجئة، لكن الأهم هو إجراؤها بطريقة ديمقراطية وحرة ونزيهة، وأن يقبل جميع المشاركين بالنتائج، وأن تُستثمر الجهود في تعزيز الديمقراطية وتأكيد حقوق الإنسان في تركيا.

وستكون الانتخابات لحظة مهمة للتعبير عن إرادة المواطنين الأتراك وتحديد المسار والاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد، وتأكيد وتعزيز الدور التركي على المستويين الإقليمي والدولي.

المصدر | المعهد الدولي لدراسات الشرق الأوسط والبلقان - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا انتخابات الرئاسة البرلمان تحالفات أردوغان

21 مشروعا وإنجازا في 42 يوما.. حكومة أردوغان تستبق الانتخابات (تسلسل زمني)

ملفات خارجية متشابكة ومعقدة.. عواصم عديدة تترقب كلمة الناخب التركي (خاص)

الحملة الإعلامية الغربية ضد أردوغان تثير غضبا تركيا وعربيا

اللجنة العليا للانتخابات في تركيا.. التأسيس والتشكيل والمهام (إطار)

تحليل: توترات الغرب وتركيا لن تنتهي برحيل أردوغان.. وهذا ما يجب أن يحدث

الانتخابات التركية 2023.. نحو 1.5 مليون يدلون بأصواتهم في الخارج

الانتخابات التركية.. وعود الحكومة والمعارضة في ميزان المصداقية (خاص)

أردوغان أم كيليتشدار أوغلو.. ماذا تعني الانتخابات التركية للخليج؟