فيتش تخفض التصنيف الائتماني لمصر مع نظرة مستقبلية سلبية

السبت 6 مايو 2023 05:59 ص

خفضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، الجمعة، تصنيف مصر درجة واحدة من "B+" إلى "B"، مع تحويلها نظرتها المستقبلية إلى "سلبية"، ما يؤشر إلى أنها قد تخفض التصنيف أكثر في الأشهر المقبلة بسبب المشاكل الاقتصادية في البلاد.

واستندت "فيتش" في خفض تصنيف قدرة مصر على الوفاء بالالتزامات طويلة الأجل بالعملة الأجنبية، والنظرة المستقبلية السلبية إلى زيادة مخاطر التمويل الخارجي في ضوء احتياج البلاد إلى تمويلات خارجية مرتفعة، مع صعوبة شروط الحصول عليها.

يأتي ذلك على خلفية حالة من الغموض الشديد وعدم اليقين في مسار أسعار الصرف، وتراجع احتياطيات السيولة الخارجية.

أشارت "فيتش" إلى مخاطر تدهور الثقة إذا تأخر انتقال البلاد إلى سياسة مرونة أسعار الصرف، والذي ربما يؤدي أيضاً إلى تأخر تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي.

وأخذ التقييم في اعتباره أيضاً تدهور مؤشرات الدين العام، بما في ذلك نسبة تكلفة فوائد الديون إلى إيرادات الحكومة، والتي قالت المؤسسة إنها تشكل خطراً على استدامة الديون في المدى المتوسط إن لم يتم تعديلها.

وتعكس حالة الغموض بشأن قدرة البلاد على تغطية احتياجاتها التمويلية الخارجية في نظر "فيتش"، ضعف ثقة الأسواق في نظام إدارة سعر الصرف الجديد لدى البنك المركزي المصري، والتي تقول إنه عرقل تدفق العملة الأجنبية للبلاد.

ولاحظت "فيتش" عودة أزمة العملة الأجنبية في فبراير/شباط 2023، وسط ثبات أسعار الصرف، ثم تدهور قيمة العملة المصرية عدة مرات متتالية حتى انخفضت بنسبة 50% تقريباً أمام الدولار مقارنة مع بداية عام 2022.

وعزت المؤسسة ذلك إلى تردد المستثمرين في دخول أسواق العملة الأجنبية في ضوء الغموض الذي يحيط بمستوى أسعار الصرف وتدخل بنوك القطاع العام بصورة قوّضت الثقة في تبني نظام مرونة سعر الصرف.

وتوقعت "فيتش" مزيداً من تراجع قيمة العملة المصرية، قبل أن تستقر في السنة المالية التي تنتهي في يونيو/حزيران 2024.

وستواجه مصر صعوبة في تأمين احتياجاتها من التمويل الخارجي في السنة المالية 2024، بسبب زيادة قيمة الديون الخارجية التي تستحق السداد فيها إلى 7.2 مليار دولار، مقارنة مع 4.3 مليار دولار في السنة المالية 2023، بحسب توقعات وكالة التصنيف الائتماني.

في نفس الوقت، توقعت "فيتش" أن تنخفض نسبة العجز في الحساب الجاري إلى 3.3% من إجمالي الناتج المحلي (نحو 12 مليار دولار) في العامين الماليين الحالي والمقبل، مقارنة مع 3.5% (أو ما يزيد على 16 مليار دولار) في السنة المالية 2022، بسبب تحسن إيرادات السياحة ومتحصلات قناة السويس.

كما لاحظت "فيتش" ضعف احتياطي السيولة الخارجية في مصر بعد تدهورها بشكل ملحوظ في عام 2022، غير أنها أشارت إلى بداية تحسن إجمالي الاحتياطيات الرسمية إلى 34.4 مليار دولار في نهاية مارس/آذار 2023، مقارنة مع 33.1 مليار دولار في أغسطس/آب 2022 (وكان احتياطي البلاد من النقد الأجنبي قد سجل 42 مليار دولار في فبراير/شباط 2022).

وقالت المؤسسة إن تحسن أرقام الاحتياطي الأجنبي جاء بعد سماح البنك المركزي المصري بانخفاض قيمة الجنيه في أكتوبر/تشرين الأول 2022 ويناير/كانون الثاني 2023.

غير أن قيمة الأصول الأجنبية في البنك المركزي والبنوك التجارية تدهورت مرة أخرى في بداية العام إلى سالب 24.5 مليار دولار في مارس/آذار 2023، مقابل سالب 20 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول 2022.

وقالت "فيتش" كذلك، إنها تتوقع زيادة ديون الحكومة العامة إلى 96.7% من إجمالي الناتج المحلي في السنة المالية 2023، مقارنة مع 86.6% في السنة المالية الماضية.

وأرجعت المؤسسة ذلك بشكل رئيسي إلى الأثر التضخمي لانخفاض قيمة العملة على نسبة الدين الخارجي من إجمالي الناتج المحلي، رغم أنها توقعت أيضاً أن تساعد أسعار الفائدة السلبية على تخفيض نسبة الديون من إجمالي الناتج المحلي إلى 87.3% بنهاية السنة المالية 2024، معلقة بأن ارتفاع مستوى الدين العام في مصر ما زال يمثل نقطة ضعف مهمة في تصنيفها الائتماني.

ولاحظت "فيتش" أيضاً أن ارتفاع مدفوعات فوائد الديون يمثل تهديداً لاستدامة الدين العام، متوقعة أن تتجاوز نسبتها 54% من إجمالي إيرادات الحكومة في السنة المالية 2024، وهي واحدة من أعلى نسب خدمة الديون بين الدول في تصنيفات "فيتش".

وتواجه مصر على مدار أكثر من عام ارتفاع المخاطر المرتبطة بقدرتها على سداد ديونها السيادية في ظل ارتفاع ديونها الخارجية وكذلك نسبة الديون الحكومية الإجمالية إلى الناتج المحلي الإجمالي بالتزامن مع ضعف التدفقات الأجنبية الواردة إلى البلاد في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية مطلع العام 2022.

وارتفع الدين الخارجي لمصر بشكل تدريجي عقب الأحداث السياسية التي أعقبت ثورة يناير/كانون الثاني 2011 من 33.7 مليار دولار في 30 يونيو/حزيران 2010 إلى 155.7 مليار دولار في 30 يونيو/حزيران 2022، أي بزيادة قدرها 122 مليار دولار خلال 12 عاماً (بمتوسط يزيد على 10 مليارات دولار سنوياً) وبنسبة نمو مركب سنوي بلغت 14% في المتوسط.

وبالنسبة إلى معدل التضخم، قالت "فيتش" في بيانها إنها تتوقع وصوله إلى 24% في السنة المالية 2023 قبل أن ينخفض بوتيرة منتظمة إلى 18% في السنة المالية 2024 بسبب تأثير سنة الأساس.

وأضافت أن التضخم، ونقص العملة الأجنبية، وتقشف السياسة المالية، وعدم اليقين بشأن أداء الاقتصاد، كل ذلك سيؤثر سلباً على معدل النمو، الذي سيتباطأ إلى 4% في نهاية السنة المالية الحالية مقارنة مع 6.6% في 2022، قبل أن يتعافى إلى 4.5% في العام المالي 2024.

يُذكر أن مؤسسة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني، عدلت نظرتها المستقبلية لمصر في أبريل/نيسان الماضي من مستقرة إلى سلبية، وأبقت على تصنيف الديون المصرية طويلة الأجل بالعملة الأجنبية عند مستوى "B".

ولفتت المؤسسة حينها إلى أن تأخير الإصلاحات الهيكلية وتلك المرتبطة بمرونة سعر الصرف ما زال يضغط على قيمة الجنيه المصري، ما يرفع مخاطر تخفيض العملة بشكل حاد على الحكومة والاقتصاد، فضلاً عن ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة.

وتشهد مصر إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها. ففي عام واحد، فقد الجنيه المصري نصف قيمته مقابل الدولار الأمريكي، في حين تراجعت احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر ديون التضخم تصنيف مصر فيتش سيولة سعر صرف الجنيه

موديز تخفض التصنيف الائتماني لمصر.. وناشطون: فشل السيسي ونظامه يتواصل