احتجاج وجريمة وقمع وهجرة.. تدهور اقتصاد مصر ينذر بالأسوأ

السبت 6 مايو 2023 09:49 م

رَسَّمَ ديفيد شينكر، المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، صورة قاتمة للوضع الاقتصادي المتدهور في مصر، محذرا من تداعيات خطيرة إذا استمرت الأزمة في بلد يقترب عدد سكانه من 110 ملايين نسمة.

وأضاف شينكر زميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في مقال بمجلة "ناشيونال إنترست" (The National Interest) ترجمه "الخليج الجديد"، أن "الانحدار الشديد بدأ قبل نحو عقد من الزمن، عندما شرعت القاهرة في فورة إنفاق غير مستدامة واقترضت أموالا من أجل نفقات باهظة على الأسلحة والمشاريع العملاقة والبنية التحتية".

وأردف: "وخلال هذه الفترة توسع دور الجيش في الاقتصاد، مما أدى إلى خنق القطاع الخاص وتثبيط الاستثمار الأجنبي المباشر".

160 مليار دولار 

و"منذ انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في 2014، تضاعف الدين الخارجي للدولة أكثر من ثلاثة أضعاف إلى نحو 160 مليار دولار، وهذا العام ستخصص 45% من ميزانية مصر لخدمة الدين القومي، ويحوم التضخم حول 30%، وارتفعت أسعار المواد الغذائية خلال العام الماضي بأكثر من 60%"، بحسب شينكر.

واستدرك: "من المؤكد أن التدهور ليس كل خطأ السيسي، فقد أدت جائحة كورونا والحرب (الروسية) في أوكرانيا (منذ 24 فبراير/ شباط 2022) إلى زيادة الضغط على الاقتصاد المصري، مما أدى إلى تقليص السياحة، التي تمثل 12% من الناتج المحلي الإجمالي، ورفع أسعار السلع الأساسية، وخاصة القمح".

ولفت إلى أنه "في العام الماضي، قدمت السعودية وقطر والإمارات 22 مليار دولار من الاستثمارات وودائع البنك المركزي لتغطية عجز الدولة المتكرر، لكن كالعادة فشل الدعم في وقف الأزمة".

وأردف: أن "مصر وقَّعت في ديسمبر/ كانون الأول (الماضي) برنامجا آخر مع صندوق النقد الدولي ووعد الترتيب المشروط بتسليم 3 مليارات دولار نقدا واحتمال توفير 14 مليار دولار إضافية عبر استثمار وتمويل إقليمي ولدولي".

وأضاف: "في المقابل، التزمت مصر بتعويم العملة وتقليص دور الجيش في الاقتصاد. وبالفعل تم تعويم الجنيه وانخفضت قيمته 50%، لكن السيسي لم ينفذ بعد تعهده بتقليص سيطرة الجيش على حوالي 30-40٪ من الاقتصاد".

وزاد بأنه "مثل دول الخليج الغنية بالنفط، يشك الصندوق أيضا في التزام السيسي بتهميش دور الجيش في الاقتصاد، وكان مقررا إجراء المراجعة الأولى في البرنامج الذي يمتد لأربع سنوات في 15 مارس/ آذار الماضي، لكن الصندوق أجل التقييم وصرف شرائح القرض حتى تحرز القاهرة تقدما في الخصخصة".

شينكر قال إن "تحفظ السيسي على إجراء هذا الإصلاح أمر مفهوم، فهو ضابط سابق ويعتمد نظامه بشكل كبير على الدعم المستمر من الجيش، لكن السيسي لديه خيارات قليلة".

ولفت إلى أنه "في يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت السعودية أن أيام المنح غير المشروطة والودائع الهائلة الخالية من القيود في البنك المركزي المصري قد ولت، ولن تتدفق رؤوس الأموال السعودية إلى مصر إلا إذا كان هناك عائد على الاستثمار".

وتابع: "تدين مصر بالفعل بـ23 مليار دولار للصندوق ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الدولة ستفي بالتزاماتها المرهقة تجاه الصندوق. ليس هناك ما يشير إلى أن القاهرة تغير نهجها في الإنفاق، وحتى في الوقت الذي تقترض فيه من الصندوق، فإنها تراكم المزيد من الديون وتقترض المزيد من الأموال بأسعار فائدة أعلى لسداد الالتزامات المستحقة".

استمرار الأزمة

و"في ظل ارتفاع معدلات التضخم، يواجه نحو ثلث السكان، الذين يعيشون تحت خط الفقر أي يكسبون أقل من 3.80 دولارا في اليوم، صعوبة أكبر في تغطية نفقاتهم، كما تضررت الطبقة الوسطى بشدة"، وفقا لشينكر.

وتابع: "منذ أن تولى السيسي السلطة، فقد الجنيه حوالي 80% من قيمته، 50% خلال العام الماضي، مما أدى فعليا إلى القضاء على مدخرات المواطنين. وتعتبر المواد الغذائية الأساسية، مثل الخبز والأرز واللحوم، الأغلى ثمنا".

واستطرد: "وأدت الضغوط على احتياطيات العملات الأجنبية إلى ارتفاع حاد في الأسعار ومحدودية توافر بعض الأدوية. وفي الوقت نفسه، فإن أغنياء في مصر، على الأقل وفقا لقصص متناقلة، ينتقلون بشكل متزايد إلى مجتمعات مغلقة في ضواحي القاهرة".

واعتبر شينكر أنه "في غياب تصحيح كبير للمسار، من الصعب تخيل تغير الوضع في مصر إلى الأفضل. يبدو أن (تداعيات) التجربة المريرة لثورة 2011 تخفف من (احتمال اندلاع) الاحتجاجات على نطاق واسع. لكن إذا استمرت الأزمة، فإن الأمور يمكن أن تسوء".

واستطرد: "قد تشهد مصر احتجاجات عفوية عرضية، وزيادة الجريمة، والمزيد من هروب رؤوس الأموال، والقمع المتزايد. ومثل تونس ولبنان، قد يحاول المصريون الهجرة، سواء بشكل قانوني أو غير قانوني، عن طريق القوارب إلى أوروبا".

وقال إنه "يبدو أن إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن تدرك أن مصر لديها مشكلة. وفي مؤتمر صحفي مشترك في يناير/ كانون الثاني الماضي، وصف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين الصعوبات الاقتصادية التي تواجه مصر بأنها "تحدٍ"، بينما وصفها نظيره المصري (سامح شكري) بأنها أزمة".

ولفت إلى أن "واشنطن تعزو الأزمة المالية إلى فيروس كورونا والحرب في أوكرانيا، باعتبارها عوامل خارجية وليست داخلية مثل السياسات الاقتصادية غير الحكيمة في مصر".

وشدد على أن "هذا المسار التنازلي لأكبر دولة عربية من حيث عدد السكان ينبغي أن يثير قلق الولايات المتحدة بشكل كبير".

المصدر | ديفيد شينكر/ ناشيونال إنترست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي اقتصاد الجيش ديون السعودية الإمارات قطر

اقتصاد مصر.. ضربات متلاحقة وتحذيرات من الإفلاس (تسلسل زمني)

جيوبوليتيكال فيوتشرز: لماذا هاجم الإعلام العربي اليونان بسبب القارب الغارق؟