ساويرس يدق ناقوس الخطر.. هل يفر المستثمرون من مصر؟

الأربعاء 17 مايو 2023 06:04 ص

تثير تصريحات الملياردير المصري سميح ساويرس، حول جدوى الاستثمار في مصر مخاوف حقيقية بشأن المستقبل الاقتصادي الضبابي في البلاد، وتعثر أنشطة القطاع الخاص، واحتمال هروب رؤوس الأموال المحلية، في ظل شح كبير في سندات الدولار وتفاوت حاد في قيمة العملة المحلية (الجنيه).

بتلك العبارات رصد محمود حسن المشهد الاقتصادي المصري، في تقرير بموقع "ميدل إيست مونيتور" (MEM) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفا أن تصريحات ساويرس، رئيس مجلس إدارة شركة "أوراسكوم" للتنمية القابضة، "قد تؤدي إلى تفاقم تدهور الوضع الاقتصادي، خاصة مع تنامي مخاوف المستثمرين، الذين أعربوا عن نيتهم نقل استثماراتهم إلى خارج مصر. كما أن هناك افتقارا متزايدا للثقة في خطط الحكومة المعلنة لتنشيط الاقتصاد وفشلها في استعادة ثقة الداعمين الخليجيين".

وقال ساويرس، خلال مقابلة مع قناة "العربية" (سعودية) قبل أيام، إنه اضطر لإيقاف استثماراته بسبب الأوضاع الاقتصادية في مصر؛ إذ لا يعلم ما إذا كانت مشاريعه ستربح أم تخسر في ظل تقلب أسعار صرف الدولار الأمريكي.

وتابع حسن أن "تصريحات ساويرس لها قيمة كبيرة، فهي صادرة عن أحد أهم وأكبر رجال الأعمال في مصر والمنطقة، ومن شخص ينتمي لعائلة مصرية ثرية لها استثمارات بمليارات الدولارات في مختلف دول العالم، وهذه الأسرة داعمة لنظام (الرئيس عبدالفتاح) السيسي ومعارضة لحكم (جماعة) الإخوان، التي أُطيح بالرئيس التابع لها محمد مرسي في انقلاب عسكري منتصف 2013".

واعتبر أن "الأمور في مصر تزداد سوءا بعد أن أعلن أحد أفراد الأسرة الأغنى في مصر وأفريقيا  عن نيته توجيه استثماراته نحو السعودية والإمارات والمغرب. وهذا يبعث برسالة مفادها أن أجواء الاستثمار في مصر ليست آمنة والأمور تسير في اتجاه سلبي. كما حدث انخفاض في حجم القطاع الخاص بالاقتصاد من 62% إلى 21% خلال 10 سنوات"، وفقا لبيانات رسمية.

ومتحدثا عن "الهجوم القاسي على أسرة ساويرس من جانب وسائل الإعلام المقربة من السلطات"، قال حسن إنه "توجد ضجة متزايدة تحيط بأخطر تصريحات حول أوضاع البلاد قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية (عام 2024)، والتي يطمح من خلالها الرئيس السيسي للفوز بولاية رئاسية ثالثة".

إمبراطورية الجيش

و"يعبر الملياردير القبطي المعروف عن فئة مؤثرة من رجال الأعمال والمستثمرين، سواء في مصر أو في الخارج، لديها تحفظات واضحة على ضخ الاستثمارات في بلد لا يمكن التنبؤ فيه بسعر ثابت للدولار"، وفقا لحسن.

وأردف: "وما يزيد الطين بِلة هو قيام الحكومة بفرض قيود على حركة الواردات والصادرات وفرض مزيد من الضرائب واحتكار قطاعات حيوية لصالح جهات مقربة من السلطة، كما تتمتع الشركات التابعة للمؤسسة العسكرية بامتيازات ضريبية وجمركية تزيد من حجم مكاسبها مقارنة بشركات القطاع الخاص التي تعاني من تقلبات السوق وتفاوت الأسعار وعدم استلام مستحقاتها لدى الحكومة".

وأضاف أن "الأزمة الحالية التي تسببت، بحسب ساويرس، في انهيار القطاع الخاص، ترجع بشكل أساسي إلى تنامي سيطرة الجيش على قطاعات اقتصادية حيوية وتوسع مشروعاته لتشمل الزراعة والسياحة والترفيه والصحة والفنادق والطرق والجسور والبنية التحتية والمباني السكنية ومحطات الوقود ومصانع الحديد والأسمنت والصناعات الغذائية والألبان واللحوم والدواجن والأسماك وغيرها".

وزاد بأنه "لا أحد يعرف بالضبط الحجم الدقيق للإمبراطورية الاقتصادية للمؤسسة العسكرية، ولا تخضع الشركات المرتبطة بالجيش لأي رقابة من مجلس النواب أو الجهاز المركزي للمحاسبات (هيئة رقابية)، ولا تُضاف إيراداتها إلى الخزينة العامة".

وبحسب تقديرات البنك الدولي، توجد 60 شركة تابعة للجيش تعمل في 19 صناعة من إجمالي 24 صناعة مدرجة في تصنيف الصناعات، وأعلن رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة الأسبق اللواء إيهاب حرب أن الهيئة نفذت 20 ألف مشروع في يونيو/ حزيران 2020.

تعويم محتمل للجنيه

وتتفاقم مخاوف المستثمرين، سواء في الداخل أو الخارج، وفقا لحسن؛ "بسبب عدم وضوح الوضع الاقتصادي، مع توقع تعويم جديد للجنيه (تحرير سعر الصرف) مقابل الدولار، مما يعرض للخطر أي دراسة جدوى ويمنع تقدير التكلفة الاستثمارية الحقيقية لأي مشروع، وهذا ما دفع الشركة المتحدة للإلكترونيات (إكسترا) السعودية وشركة أبوظبي التنموية القابضة لوقف خططها التوسعية في مصر".

ويقول محللون إن قيمة الدولار قد تقترب من حاجز 50 جنيها بعد أن وصلت لنحو 46 جنيها على أسهم البنك التجاري الدولي ببورصة لندن للعقود الآجلة، مع تعثر برنامج الطرح الحكومي لشركات عامة وعدم الحصول على حزمة إنقاذ مالي من دول الخليج. وفقد الجنيه قرابة 100% من قيمته منذ مارس/ آذار 2022، ويُتداول حاليا عند نحو  31 جنيها للدولار في السوق الرسمية.

ولفت حسن إلى أنه بالتوازي، ولأول مرة منذ 2013، خفضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني تصنيف مصر طويل الأجل إلى "B" بدلا عن "B +" مع نظرة مستقبلية سلبية، محذرة من أن مصر قد تواجه صعوبة في تأمين احتياجاتها من القروض والتمويل الخارجي في الفترة المقبلة.

وأضاف أنه "يبدو أن الحكومة المصرية تواجه مطالب عاجلة لمعالجة أزمة تحرير سعر الصرف وحل مشكلة نقص الدولار، كما يُشترط عدم الاعتماد على طريقة واحدة لإدارة العملات الأجنبية وهي بيع أسهم الشركات الحكومية".

وقال الخبير الاقتصادي والرئيس السابق لنقابة الصحفيين المصريين ممدوح الولي لـ"ميدل إيست مونيتور"، إن "الحكومة فشلت حتى الآن في تحقيق نتائج تتناسب مع احتياجات الدولار".

وتابع الولي: "على الحكومة التعامل مع مخاوف ساويرس والمستثمرين الآخرين الذين توقفت مشاريعهم، من خلال توفير وسائل أخرى لإدارة الدولار، مثل منح المزيد من التسهيلات لساويرس والقطاع الخاص والحد من المنافسة من الجهات الحكومية".

ويمكن للقطاع الخاص، بحسب حسن، أن يلعب دورا أكبر في التصنيع والاستثمار والسياحة والتصدير والمساعدة في خفض سعر صرف الجنيه، بحيث يوجد سعر واحد يتعامل معه السوق، وحينها سيفضل المصريون المغتربون في الخارج تحويل أموالهم عبر القنوات الرسمية بدلا عن السوق الموازية.

المصدر | محمود حسن/ ميدل إيست مونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سميح ساويرس الاستثمار في السعودية أزمة مصر أزمة الجنيه المصري

سميح ساويرس: أخطط لبدء استثماراتي في السعودية هذا العام