صنداي تايمز: كبتاجون الأسد صنع وباء بالسعودية.. وضحاياه يتوافدون للعلاج في بريطانيا

الأحد 28 مايو 2023 12:14 م

رصدت صحيفة "صنداي تايمز" تدفقات كبيرة لزبائن من دول خليجية وشرق أوسطية على عيادات مكافحة الإدمان في مناطق ببريطانيا، منها برمنجهام وشارع هارلي ستريت، لطلب المشورة، حيث باتوا يشكون من الأرق والاكتئاب والقلق، وغالبيتهم شباب من الطبقة المتوسطة والعليا في السعودية، رابطة الأمر بامبراطورية الكبتاجون التي أنشأها رئيس النظام السوري بشار الأسد وحولها لأداة جني أموال طائلة وابتزاز سياسي لجيرانه والمنطقة.

ما الأمر؟ تنقل الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمه "الخليج الجديد"، عن رامز علي، المتخصص في معالجة الإدمان ببرمنجهام قوله إن "الأمر بات ملاحظا بشكل كبير، حيث يأتي عدد كبير من الأشخاص، معظمهم من الشبان، والذين أرسلتهم عائلاتهم من السعودية ودول الخليج إلى لندن للدراسة أو جاءوا للسياحة، ويبدو أنهم يخفون سرا، سرعان ما يتم اكتشافه، وهو أنهم مدمنون على حبوب الكبتاجون".

ويعد النظام السوري الآن أكبر منتج للكبتاجون، وهي حبوب تتكون من خليط من مادة الأمفيتامين والكافيين ومواد كيميائية أخرى، وقد حول بشار الأسد سوريا إلى "دولة مخدرات".

أعداد كبيرة

المشكلة باتت خطيرة، لدرجة أن علي رامز، يعمل الآن مع صوفيا خاليك، طبيبة عامة في هارلي ستريت لإنشاء خدمة جديدة في لندن مخصصة لعلاج العملاء في الشرق الأوسط المدمنين على الكبتاجون، حيث تتزايد الأعداد التي تأتي وتطلب وصفات طبية مهدئة بعد أن أنهكهم الأرق والقلق والاكتئاب، جراء تناول تلك الحبوب.

وبالنظر إلى الأعداد الكبيرة التي تأتي إليهم، يقدر علي  أن يكون عدد المدمنين على الكبتاجون في بلدانهم أعلى بكثير.

في الوقع، يشك علي في أن الأمر يمكن أن يكون "وباءا خفيا".

في دول مثل السعودية والكويت، حيث يُحظر الكحول، يعتبر الكبتاجون طريقة رخيصة وسهلة للحصول على نسبة عالية من النشوة، حيث تتكلف الحبوب ما بين دولار و15 دولارًا ، اعتمادًا على مكان بيعها.

لا يعتقد بعض مستخدمي الكبتاجون أنهم يتعاطون المخدرات، أو يدركون مدى خطورة الأمر، وينظر بعض المسلمين المتدينين الذين لا يشربون الكحول أو يدخنون الحشيش أبدًا، إلى الكبتاجون، كدواء، أو مساعد لتحسين الأداء، وليس مخدرا، وهذا خطر إضافي.

وتقول الصحيفة إنه يمكن لتلك الحبوب، في البداية، على الأقل، تحسين التركيز، وكبح الشهية، وإعطاء الطاقة والثقة، لذلك يقبل عليها الطلاب خلال فترات الامتحانات، وسائقو الشاحنات المنهكون؛ والعمال المهاجرون في دول الخليج، وأيضا أبناء الأثرياء في الحفلات حينما يشعرون بالملل.

ولكن بعد فترة، يمكن أن يؤدي الاستخدام المكثف للدواء إلى الأرق والقلق وتقلبات المزاج مع مرور الجسم بالانسحاب، وفي هذا الوقت يكون المرضى في أمس الحاجة إلى المساعدة.

تجارة الأسد الرابحة

وتقول الصحيفة إنه على الرغم من الضبطات الهائلة للحبوب المخبأة في كل شيء، من الرمان إلى علب الحليب، في الموانئ من صقلية إلى دبي، والضربات الجوية على مرافق الإنتاج وإطلاق النار مع المهربين من قبل القوات الأردنية، فإن تجارة الكبتاجون آخذة في الازدياد.

ويضيف: قبل عام 2011، كانت بالكاد تلك التجارة معروفة دوليًا، والآن، وبعد 12 عامًا من الحرب، فإن قيمة التجارة غير المشروعة، المقدرة بنحو 10 مليارات دولار (8.1 مليار جنيه إسترليني)، تفوق بكثير أي صادرات سورية مشروعة.

كما أصبح الكبتاجون ورقة مساومة قيّمة للأسد في سعيه لإنهاء وضعه المنبوذ بعد أن ترأس تدمير بلاده وأشرف على موت وتشريد الملايين من شعبه.

ولم يتطلب الأمر سوى ديكتاتور يائس، مستعد لفعل أي شيء للبقاء على قيد الحياة، لتحويل الكبتاجون إلى صناعة بمليارات الدولارات موجودة اليوم، كما تقول الصحيفة.

وبعد حملته الدموية ضد المحتجين عليه، وإدخال البلاد في حرب أهلية مزقتها ودمرت الاقتصاد وجعلته في دائرة العقوبات الغربية، كان يحتاج إلى المال بسرعة، ووجده في الكبتاجون.

وسرعان ما بدأ عملاء النظام في إنشاء المصانع والاستيلاء على الأعمال لتحويلها إلى منشآت لإنتاج الأمفيتامين.

وتقول الصحيفة إن الأسد يبدو مصمما على استخدام قدرته على إغراق الشرق الأوسط بالأمفيتامينات الرخيصة كورقة مساومة في محاولته للعودة من العزلة، ويبدو أن تلك المحاولات نجحت، نسبيا، بعد استقباله وسط القادة العرب في القمة العربية التي استضافتها السعودية، قبل أيام.

وتوقعت لينا الخطيب، مديرة معهد سواس للشرق الأوسط في لندن، أن يكون الكبتاجون إحدى أدوات التفاوض التي سيستخدمها الأسد مع الدول العربية التي تمضي قدمًا لمحاولة عقد صفقات مالية في المنطقة، مردفة: "أتوقع أن يحاول نظام الأسد خفض كمية الكبتاجون التي يتم تهريبها إلى الخليج مقابل نوع من التعويض المالي".

تاريخ الكبتاجون

الكبتاجون اخترعه علماء من ألمانيا الغربية في الستينات من القرن الماضي لعلاج اضطراب نقص الانتباه، وتم حظره في معظم البلدان في عام 1986، بعد أن تم الاعتراف به على أنه مخدر يسبب الإدمان، وبالتالي توقف الإنتاج.

ومع ذلك، تم تهريب المخزونات المتبقية - كما يقول المحللون الذين وثقوا التجارة - من مراكز الإنتاج في أوروبا الشرقية إلى الشرق الأوسط من قبل التجار الأتراك والبلقان، وسرعان ما تلقف "حزب الله" اللبناني الأمر وظفر بحصة من التجارة.

من خلال العمل مع حلفاء مثل "حزب الله" والجماعات المسلحة الأخرى، يدير النظام وشركاؤه، ولا سيما شقيق ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام، الذي يرأس الفرقة الرابعة المدرعة، صناعة بمليارات الدولارات تنتج الأمفيتامينات وتوزعها في جميع أنحاء البلاد، والمنطقة، والعالم.

وينقل التقرير عن كارولين روز، من معهد "نيو لاينز" للاستراتيجية والسياسة ومقرها واشنطن، والتي تقود مشروعًا بحثيًا خاصًا في تجارة الكبتاجون، أن تلك التجارة كانت "مصدرًا كبيرًا جدًا لإدامة قبضة النظام على السيطرة على الأراضي، والسلطة السياسية أيضا.

حجم إنتاج الكبتاجون

ويقول التقرير إنه من الصعب المبالغة في حجم الإنتاج، ففي العام الماضي وحده، وفقًا لمعهد "نيولاينز"، تم ضبط ما لا يقل عن 370 مليون حبة في جميع أنحاء المنطقة، وتم العثور عليها في أكثر من 10 بلدان، مخبأة في برتقال بلاستيكي مزيف - ممزوج بين فواكه حقيقية - ألواح خشبية، وعلب بيض وأكياس قهوة.

وتأتي العديد من الشحنات من ميناء اللاذقية السوري الخاضع لسيطرة النظام.

ويضيف التقرير أن دول الشرق الأوسط لا تزال غارقة تمامًا في محاولاتها لوقف تدفقات الكبتاجون من سوريا، على الرغم من المضبوطات التي لا هوادة فيها والتي حظيت بدعاية كبيرة، لا تزال الحبوب تنتقل: بعضها براً إلى الخليج عبر الأردن أو العراق، والبعض الآخر عبر البحر.

أما الدول الغربية، فقد أطلقت رداً تمثل في عقوبات على الأسد ونظامه بسبب تجارة الكبتاجون، ففي العام الماضي، وقع الرئيس جو بايدن على قانون يطالب الوكالات الأمريكية باستهداف تجارة الكبتاجون، وكذلك أعلنت بريطانيا والاتحاد الأوروبي قائمة عقوبات لنفس السبب.

المصدر | لويز كالاهان | صنداي تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فورين بوليسي: تحقيق العرب ما يريدون من التطبيع مع بشار الأسد محل شك

بالفرقة 99 وإف 22.. تأهب أمريكي لردع إيران وروسيا في سوريا