تقدير أمريكي: الصين وروسيا لن توفرا الأمن لدول الخليج العربي

السبت 3 يونيو 2023 06:41 م

على الرغم من تراجع المظلة الأمنية الأمريكية لدول الخليج العربية، إلا أنها تظل الأفضل لتلك الدول، إذ لا يبدو أن الصين ولا روسيا يمكنهما تقديم ضمانات أمنية في ظل المنافسة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.

ذلك ما خلص إليه ديفيد أوتاواي، زميل شؤون الشرق الأوسط في "مركز ويلسون" البحثي الأمريكي (Wilson Center) في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفا أن شركاء واشنطن في الخليج، ولاسيما السعودية والإمارات، "يميلون نحو الصين، القوة الصاعدة؛ بسبب شعورهم بالإحباط جراء تعثر الالتزامات (الأمنية) الأمريكية".

ومنذ فترة تراجعت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أولويات الولايات المتحدة لصالح مواجهة الصين في آسيا والمحيط الهادئ والتصدي لروسيا التي تشن حربا على جارتها أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

وأضاف أوتاواي: "يؤكد الشريكان العربيان الأكثر أهمية في الخليج العربي للولايات المتحدة، وهما السعودية والإمارات، على حياد مدروس في الحرب الباردة الناشئة مع روسيا والصين، لكنهما يوسعان في الوقت نفسه علاقاتهما بسرعة مع الصين، في ظل إعلان عدم انحيازهما في الخلافات الجديدة حول أوكرانيا وتايوان".

ولفت إلى أنه في 2018 وقَّعت الإمارات والصين اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة، وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي وقَّعت السعودية والصين اتفاقية مماثلة، ورحب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بحرارة بالرئيس الصيني شي جين بينغ في الرياض للتوقيع على تلك الاتفاقية التي يعتبرها الصينيون "علامة فارقة في تاريخ العلاقات الصينية العربية".

وتابع أن "الإمارات أصبحت أول دولة خليجية عربية تشتري طائرات عسكرية صينية، بما في ذلك طائرات التدريب استعدادا على الأرجح لشراء الطائرات الحربية الصينية الأكثر تقدما، وهي المقاتلة الشبح إف سي-31".

وأردف أوتاواي: "كما لم يول البلدان الخليجيان سوى القليل من الاهتمام لدعوات الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات اقتصادية على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا".

واستطرد: "ولم يلتزما أيضا بمناشدات الرئيس (الأمريكي جو) بايدن لزيادة إنتاج النفط لتعويض خسارة النفط الروسي من أجل خفض أسعار البنزين للمستهلكين الأمريكيين، بل على العكس، خفضت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) الإنتاج بمقدار 3.6 مليون برميل يوميا خلال الأشهر الستة الماضية، بقيادة السعودية وبتعاون وثيق مع روسيا".

مجرد تطمينات لفظية

على الجانب الآخر، "لم تلتزم الولايات المتحدة كتابيا (لدول الخليج) بالضمان "الصارم" المتمثل في "الرد السريع والساحق والحاسم" الذي تعهد به الرئيس بايدن لكوريا الجنوبية في أبريل/ نيسان الماضي في حالة وقوع هجوم نووي من كوريا الشمالية"، بحسب أوتاواي.

وتابع: "اقتصرت الإدارة الأمريكية الحالية، مثل التي سبقتها، على التطمينات اللفظية التي لا تعد ولا تحصى بشأن مساعدة دول الخليج العربية كي تساعد نفسها. والالتزام الوحيد الذي قطعه بايدن لأمن دول الخليج هو عدم السماح لإيران بامتلاك قنبلة نووية".

واستطرد أوتاواي: "ومع ذلك، فشلت عقود من الجهود المبذولة لإقناع مجلس التعاون الخليجي بتشكيل نظام دفاع جوي مشترك تدعمه الولايات المتحدة ضد إيران".

وتتهم دول إقليمية وغربية، في مقدمتها السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة، إيران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إنها تلتزم بمبادئ حُسن الجوار وإن برنامجها النووي مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.

وبوساطة الصين، وقَّعت السعودية وإيران، في 10 مارس/ آذار الماضي، اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية، ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين دولتين يقول مراقبون إنهما تتصارعان على النفوذ في المنطقة.

وفي مواجهة التمدد والعدوان الإيراني في الخليج وما وراءه، بحسب أوتاواي، "ثبت أن مظلة الولايات المتحدة الأمنية تتراجع بشكل متزايد، فلم يحدث رد أمريكي عندما تسبب هجوم بطائرة بدون طيار وصواريخ إيرانية على منشآت النفط السعودية في تعطيل نصف إنتاج المملكة من النفط في سبتمبر/ أيلول 2019".

وأضاف: "آنذاك أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه ليس في عجلة من أمره لخوض الحرب مع إيران (...) كما لم ترد إدارة بايدن عندما شن المتمردون (الحوثيون) المدعومون من إيران في اليمن عدة هجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ على الإمارات في يناير/ كانون الثاني 2022. وفي الحالتين، اقتصر رد واشنطن على إرسال صواريخ باتريوت لتعزيز دفاعات البلدين مستقبلا".

ضمانات أمنية

لكن أوتاواي اعتبر أن "السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كانت هذه الملكيات العربية قادرة على تحمل سياسة عدم الانحياز مع الميل نحو الصين في مواجهة ضغوط واشنطن".

وتابع أن أمن تلك الدول "لا يزال يعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة والجزء الأكبر من أسلحتهم لا يزال "صنع في أمريكا"، أما الصين فلديها وجود عسكري ضئيل في الخليج ولم تقدم حتى الآن أي ضمانات أمنية من أي نوع".

ورجح أنه "قريبا، سيتعين على السعودية والإمارات أن تقرر ما إذا كانت ستعيش مع ترتيب أمني متراجع تقوده الولايات المتحدة أم ستغتنمان فرصهما مع الصين أو روسيا، ومن المؤكد أن شراء الأسلحة الصينية أو الروسية سيثير غضب واشنطن، لكن يظل من غير المرجح أن تحل الأسلحة الصينية أو الروسية المعضلة الأمنية السعودية".

وأضاف أوتاواي أن "الصين تتمتع أيضا بمصالح اقتصادية واسعة واتفاقية استراتيجية شاملة مع إيران، وحتى الآن، تمسكت بصرامة بسياسة عدم الانحياز في التنافس بين إيران والسعودية".

وأردف: "من ناحية أخرى، أصبحت روسيا أقرب إلى إيران عسكريا، حيث باعت لطهران الطائرت المقاتلة المتطورة إس يو-35 واشترت منها طائرات بدون طيار إيرانية لحربها في أوكرانيا. وقد تكون المظلة الأمنية للولايات المتحدة متراجعة، ولكن لا يبدو أن الصين ولا روسيا تقدمان حتى ذلك المستوى من الأمن".

المصدر | ديفيد أوتاواي/ مركز ويلسون- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الخليج أمن السعودية الإمارات الولايات المتحدة الصين روسيا

مفارقة خليجية: الرياض وأبوظبي تبتعدان عن واشنطن بينما تقترب الدوحة

أمريكا تندد بتصرفات الصين.. وبكين تحذر من ناتو في آسيا

السياسة أكثر تعقيدا.. نجاحات اقتصادية صينية مرتقبة في الشرق الأوسط

لماذا تسعى الصين لحفظ الأمن في مضيق هرمز؟

بسبب نشاط روسي متزايد.. أمريكا تنشر مقاتلات إف-22 رابتور في الشرق الأوسط

إمكانات وقيود التعاون الروسي الصيني في الشرق الأوسط

رغم التحدي الصيني.. تطبيع السعودية وإيران يخدم مصالح روسيا

شريك موثوق وليس شرطيا إقليميا.. ما يريده الخليج من واشنطن

لإطلاق حوار استراتيجي.. أمين عام الجامعة العربية يزور واشنطن

تزامنا مع انسحاب أمريكي.. العلاقة بين الصين والخليج آخذة في الاتساع

جغرافيا سياسية جديدة في غرب آسيا.. فهل حان الوقت لنظام أمني إقليمي؟

الشرق الأوسط من الوصاية إلى الشراكة.. فهل قلت فعالية واشنطن العسكرية؟

بعد تجاوز الشكوك.. الحوار الاستراتيجي لروسيا مع دول الخليج على المسار الصحيح

معاهدة دفاع أمريكية سعودية.. لماذا تشبه وضع العربة أمام الحصان؟

"حدث غير مسبوق".. استنفار أمريكي بعد اقتراب 11 سفينة روسية وصينية من ألاسكا