"تايتنك الفقر".. مصريون يستنكرون تجاهل حكومتهم لكارثة قارب المهاجرين قبالة اليونان

الأحد 18 يونيو 2023 12:52 م

بعد نحو يومين من كارثة غرق قارب مزدحم بالمهاجرين الحالمين بجنة أوروبا "القاتلة"، خرجت مصر عن صمتها ببيان نعت فيه ضحاياها بالحادث، وسط انتقادات حادة للسلطات المصرية لتقصيرها في متابعة مواطنيها الذين قضوا في الحادث.

القارب المخصص للصيد انقلب وغرق في وقت مبكر من صباح الأربعاء، على بعد حوالي 50 ميلاً (80 كيلومتراً) من بلدة بيلوس الساحلية بجنوب اليونان، كان يحمل على متنه ما نحو 750 شخصا، مكدسين على متن قارب الصيد الذي يتراوح طوله ما بين 20 و30 متراً، حسب روايات شهود العيان.

وأخرجت السلطات اليونانية 104 ناجين وجثث 82 غريقا إلى الشاطئ في أعقاب الكارثة مباشرة، لكنها لم تعثر على أي شخص آخر منذ ذلك الحين، مع استمرار عمليات البحث والإنقاذ المكثفة، لكن الآمال تضاءلت في العثور على ناجين آخرين.

وأشارت السلطات إلى أن الناجين هم 47 من سوريا و43 من مصر و12 من باكستان و2 من فلسطين.

وقال اثنان من أقارب الشباب في مصر، إن عددا من المصريين المتواجدين في اليونان وإيطاليا، أخبروهم أن عدد المصريين الذين كانوا على المركب يتجاوز 79 شخصا، بينهم صبية صغار وغالبيتهم من قرى محافظات الشرقية والمنوفية (دلتا النيل/شمال) وأسيوط (جنوب)، وعلموا بنجاة بعضهم، لكن مازال العشرات مفقودين.

وبعد يومين من الواقعة، وانتشار أخبار القارب الغارق، خرجت مصر عن صمتها وأعلنت عبر وزارة الخارجية، أنها تتابع مع اليونان غرق مركب هجرة غير نظامية يُقل مصريين قبل يومين، قبالة سواحل البلد الأوروبي، مؤكدة أن المركب انطلق من أمام السواحل الليبية صوب أوروبا.

ونعى البيان "ببالغ الحزن والأسى ضحايا حادث غرق المركب"، موضحا أن "سفارة مصر في أثينا تتابع مع السلطات اليونانية المعنية، على مدار الساعة، عمليات البحث عن المفقودين وانتشال جثامين الضحايا، للتأكد من هوية وأعداد الضحايا من المصريين".

وأدانت مصر وفق بيان الخارجية "استمرار قيام العصابات المنظِّمة لجرائم الهجرة غير الشرعية باستغلال حاجة البعض ممن يبحثون عن فرص أفضل للحياة والعمل"، مؤكدة أنها "اضطلعت بإجراءات حاسمة على مدار السنوات الماضية، لوضع قوانين رادعة لمواجهة جريمة الهجرة غير الشرعية".

وشددت على "اتخاذ إجراءات لضبط الحدود، تمنع خروج مهاجرين غير شرعيين عبر السواحل المصرية".

فيما تقدم البرلماني المصري كريم السادات ببيان عاجل إلى رئيس مجلس الوزراء، طالب فيه الحكومة ببيان الخطوات التي تتخذها للحد من الهجرة غير الشرعية.

كما طالب السادات حكومة بلاده بالتواصل مع السلطات اليونانية لمعرفة مصير من فقد، ومن نجا في محاولة لتهدئة قلوب أسر وذوي المصريين ممكن كانوا علي متن المركب المنكوب.

لكن هذا التحرك لم يشفع للسلطات عند المصريين، لافتين إلى أن هذا التأخير جعل من القارب بمثابة "تايتنك الفقراء".

وانتقد الناشطون تأخر الحكومة في التحرك، لافتين إلى أن البيان الصادر بعد يومين من الواقعة، يثير الكثير من علامات الاستفهام حول جهود مصر لإنقاذ رعاياها في الخارج.

بينما قال البعض إن ما جرى يمثل نتيجة طبيعية لسياسات اقتصادية وسياسية مصرية فاشلة، دفعت الصبية إلى مغادرة البلاد هربا.

ودأبت الحكومة المصرية على التوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية بمبادرات مثل "مراكب النجاة" التي أطلقتها وزارة الهجرة، ومحاولات توفير مشروعات صغيرة أو متناهية الصغر.

وتأسست في 2014 اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية وهي تابعة لرئيس الوزراء المصري.

ورغم ذلك يعمد بعض الأهالي إلى إرسال أطفالهم للهجرة اعتمادا على القانون الإيطالي الذي يمنع ترحيل المهاجرين الأطفال دون 18 عاما، ليحصلوا على التعليم والإقامة ثم الجنسية، وهذا يفسر العدد الكبير من الأطفال الذي كان على متن القارب.

في وقت تكون المغريات التي تسوق لهؤلاء الشباب سببا آخر لخوض تجربة الهجرة غير الشرعية، حيث يقول رضا من مصر، إنه اضُطر لبيع ممتلكاته لتدبير مبلغ 140 ألف جنيه مصري (4500 دولار)، وهو ثمن تذكرة ابنه على المركب المنكوب المتجه إلى إيطاليا، بعدما سافر ابنه إلى ليبيا من دون معرفته.

يشار إلى أن 7 من شباب عائلة رضا خرجوا على متن هذا المركب، من بينهم ابنه، وابن أخيه.

فيما تقول إحدى المصريات، إن أخيها أحمد مجدي متزوج ولديه طفلة صغيرة، لكنه فضل الهجرة لتحسين الحال.

وتضيف باكية أن ما يسمى بالمندوب يمر على البيوت لجمع الأموال، بعد أن أغروه بمستقبل مختلف في أوروبا.

وبحسب شهادات من ذوي المهاجرين، فإن الشباب الموجودين في أوروبا، يقدمون طرف الخيط لكل من يريد الهجرة من مصر، وتنتشر بعض المقاطع المصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، لشباب أتموا الهجرة غير الشرعية بنجاح، وهو ما يغري الشباب لخوض التجربة.

جدير بالذكر أن اليونان إحدى الطرق الرئيسية لدخول اللاجئين والمهاجرين من الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا إلى الاتحاد الأوروبي.

ورصدت الأمم المتحدة أكثر من 20 ألف حالة وفاة واختفاء في عرض البحر المتوسط ​​منذ عام 2014، ما يجعله أخطر معبر للمهاجرين في العالم.

ووفقا لبيانات نشرتها المنظمة الدولية للهجرة في وقت سابق من هذا الشهر لقي نحو 3800 حتفهم على طرق الهجرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العام الماضي، في أعلى رقم مسجل منذ عام 2017.

وتقول وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس) إن عبور المهاجرين، عبر وسط البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، قد زاد بأكثر من الضعف في العام الجاري، مقارنة بالعام الماضي.

ويُعتقد أن نحو 50 ألف شخص قد استخدموا الطريق في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، وهو أعلى رقم مسجل منذ عام 2017.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اليونان قارب غرق قارب مصر

كارثة قارب المهاجرين.. السلطات اليونانية تقرر حبس 9 مصريين تمهيدا لمحاكمتهم

اليونان مرة أخرى.. اتهامات جديدة لأثينا بعد كارثة غرق قارب المهاجرين