متلازمة الضفدع المغلي.. المفاوضات السعودية الحوثية تضر باليمن

الخميس 13 يوليو 2023 05:31 م

"متلازمة الضفدع المغلي"، هكذا وصف تحليل لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، المحادثات السعودية – الحوثية، لافتا إلى أنها تمثل مشهدا سرياليا، وسط تنازل كبير من الجانب السعودي، في وقت لم يبادل الحوثيون التنازلات والمرونة التي أظهرها الجانب السعودي، حتى لو رمزيًا.

جاء التقرير، بعد مضي 8 أشهر منذ استهل السعوديون مفاوضات مباشرة مع جماعة الحوثيين، استُبعدت منها الحكومة المعترف بها دوليا والأطراف اليمنية الأخرى.

يقول التقرير: "كان غياب الحكومة المعترف بها دوليًا كطرف في المحادثات كافيًا لتشبّث الحوثيين بمَزاعمهم القائلة إن الصراع هو بين الدولة اليمنية، التي يدّعون تمثيلها والدولة السعودية، وأن جميع الفصائل اليمنية الأخرى ما هي إلا مرتزقة مسخرة لخدمة التحالف الذي تقوده السعودية".

فيما قدّم السعوديون العديد من التنازلات الأخرى، بعضها كان منطقيًا، بل وضروريًا، كرَفع كل ما تبقى من قيود فرضها التحالف على دخول السفن إلى موانئ الحديدة (علمًا أن مهام آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة في اليمن التي أُنشئت بغرض منع تدفق الأسلحة عبر الميناء ما تزال نافذة)، إلا أن التنازلات الأخرى التي قدمتها السعودية كانت بمثابة انتصار سياسي للحوثيين على حساب الحكومة، وفقا للتقرير.

أبرز هذه التنازلات كان الموافقة على مناقشة ملف دفع رواتب جميع الأفراد الموالين للحوثيين، بمن فيهم مقاتلو الجماعة.

ورغم عدم التوصل بعد لصيغة اتفاق بشأن مصادر الإيرادات التي ستُستخدم لتمويل فاتورة الرواتب، تزعم الأذرع الدعائية للحوثيين حاليًا أنها ستُغطى من إيرادات مبيعات النفط والغاز (مع العلم أنها مصدر الإيرادات الرئيسي الوحيد الخاضع لسيطرة الحكومة، وقُدرت بنحو 1.2 مليار دولار أمريكي عام 2021).

لم يرد أي ذكر لإيرادات الحوثيين، التي بلغت على أقل تقدير نحو 6 مليارات دولار أمريكي في العام نفسه، وفق دراسات مركز صنعاء.

يأتي هذا في ظل توقف عائدات الحكومة من صادرات النفط والغاز منذ استهداف الطائرات الحوثية المسيّرة موانئ تصدير النفط في خريف العام الماضي.

يقول التقرير: "تطمح السعودية بلعب دور الوسيط لتعزيز صورتها، وهي التي كانت دائما تدعي أنها قادرة على هزيمة الحوثيين في غضون أيام، إذا قررت خوض قتال حقيقي ضد الجماعة".

في المقابل، وفقا للتقرير ذاته، لم يبادل الحوثيون التنازلات والمرونة التي أظهرها الجانب السعودي، حتى لو رمزيًا، بل وبدأت الجماعة برفع سقف المطالب، مُطالبة الحكومة بالكشف عن سجلاتها المالية والإفصاح عن مصير عائدات النفط في السنوات الماضية.

في أوائل مايو/أيار، حذر زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي من أنهم لن يلتزموا بالهدنة غير الرسمية لفترة طويلة إن لم يتم البت قريبًا في القضايا المطروحة على طاولة المفاوضات.

كما حذّر رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، من أن المعركة المقبلة ستكون أكثر ضراوة من أي وقت مضى.

ويتابع التقرير: "بغض النظر عن استئناف المفاوضات على نفس الخطى من عدمه، كانت التطورات التي شَهِدناها حتى الآن سريالية، كما لو أن السعودية تتفاوض على شروط استسلامها".

ويلفت التقرير إلى تفسيرين محتملين لهذا الوضع، الأول: هو صدور أوامر للمسؤولين السعوديين بحلحلة المعضلة اليمنية من أجل التركيز على رؤية 2030 (خطة التحوّل الاقتصادي الطموحة للبلاد)، وهو ما يبذل السعوديون قصارى جهدهم لتحقيقه.

في المقابل، يعمد الحوثيون إلى تنازلات صغيرة مرة تلو الأخرى، حيث لا يُمثل ذلك مشكلة لهم لو كان لديهم استعداد للدخول في مفاوضات بحسن نية مع أشقائهم اليمنيين من أجل التوصل إلى اتفاق معقول لتقاسم السلطة.

لكن للأسف، والحديث للتقرير، لم يُبدِ الحوثيون نيتهم القيام بذلك، فالاختلال الكبير في توازن القدرات العسكرية والمؤسسية بينهم وخصومهم يجعل من شبه المستحيل التوصل إلى اتفاق قابل للتطبيق لتقاسم السلطة.

أما التفسير الثاني، حسب التقرير، فهو ربما أن السعوديين، وبعد مفاوضات سرية طويلة وغير مثمرة قرروا التعاطي مباشرة مع العقبة الرئيسية التي حالت دون إرساء سلام قابل للاستمرار، ألا وهي اختلال ميزان القوى.

ويضيف: "لم يدخر السعوديون جهدًا في معالجة هذا الاختلال عبر تزويد حلفائهم بأسلحة ثقيلة استعدادًا لجولة أخرى من المعارك، لكن مع إدانة المجتمع الدولي لضُلوع السعودية في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم تحول الاهتمام نحو إثبات أنها (أي السعودية) حاولت كل ما في وسعها لطي صفحة الصراع سلميًا، إلا أن الحوثيين قابلوا ذلك بمزيد من التعنت".

ويتابع: "هذا ما قد تستخدمه السعودية لتبرير لجوئها إلى دخول معركة حقيقية لإجبار الحوثيين على قبول سلام ندي وجاد مع بقية المكونات اليمنية".

وفي أي حال، نجح الحوثيون العام الماضي في إحكام قبضتهم على مؤسسات الدولة وفرضوا رؤيتهم لتأسيس دولة شديدة المركزية.

من هذا المنطلق، يقول التقرير: "سيكون نجاح المفاوضات السعودية – الحوثية بمثابة دق المسمار الأخير في نعش الدولة اليمنية".

ويختتم: "المكونات الجنوبية ومعظم الشمال السني لن يقبلوا بالعيش تحت سيطرة الحوثيين، وهو ما يعني تشرذم اليمن لا محالة".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحوثيون اليمن الحرب في اليمن الضفدع المغلي اسلعودية التحالف

ليس الحوثيون ولا الحكومة.. سلام اليمن يحتاج لإرياني جديد من القوة الثالثة  

دبلوماسية الحج.. هل تقود إلى إحلال السلام بين التحالف والحوثيين في اليمن؟

بوساطة عمانية.. الحوثيون: المفاوضات مع السعودية مستمرة

إيكونوميست: التحدي الحوثي وخلافات السعودية والإمارات يهددان وحدة اليمن

في زيارة نادرة.. وفد حوثي يتجه إلى الرياض لبحث وقف إطلاق النار