انتخابات مصر الرئاسية.. هل يتحدى جمال مبارك سلطة السيسي؟

الجمعة 4 أغسطس 2023 01:54 م

سلطت الزميلة غير المقيمة بمبادرة سكوكروفت الأمنية للشرق الأوسط، التابعة لمؤسسة "المجلس الأطلسي"، شهيرة أمين، الضوء على السيناريوهات المتوقعة للانتخابات الرئاسية في مصر 2024، في ظل تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية للبلاد والتوقعات بشأن منافسة جمال، نجل الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، للرئيس الحالي، عبدالفتاح السيسي.

وذكرت شهيرة، في تحليل نشرته المؤسسة البحثية وترجمه "الخليج الجديد"، أن العديد من المصريين يأملون في أن تؤدي المنافسة بانتخابات الرئاسة القادمة إلى التغيير الذي تمس الحاجة إليه، ويدركون، في الوقت ذاته، أن فرص فوز أي منافس للسيسي في صناديق الاقتراع ضئيلة أو ربما غير موجودة.

وأضافت أن تدابير التقشف القاسية، التي تبناها نظام السيسي منذ عام 2016، أثرت سلبا على العديد من الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، كما أدت الحملة الأمنية المستمرة على المعارضة والقيود المفروضة على حرية التعبير إلى إثارة استياء الرأي العام، ما دفع منتقدي الحكومة إلى العيش في خوف من الاعتقال أو الاختفاء القسري.

وفي الآونة الأخيرة، اضطر المصريون إلى الاستعداد لانقطاع التيار الكهربائي المتكرر وسط موجة الحر الشديدة، وتختبر الانقطاعات اليومية للتيار، الناجمة عن نقص في إمدادات الغاز لمحطات الطاقة، صبر المواطنين الذي بدأ ينفد بالفعل.

ويعود استبعاد انتخاب رئيس جديد لمصر إلى حقيقة مفادها أن الانتخابات الرئاسية لعام 2018 كانت "زائفة"، وفقًا للمنتقدين، إذ أعيد انتخاب السيسي بنسبة 97% من الأصوات وسط إقبال منخفض بعد خوضه ضد منافس وحيد، أعلن بنفسه أنه من أنصار السيسي.

وأُلقي القبض آنذاك على المنافس الرئيسي، سامي عنان، رئيس أركان الجيش المصري السابق، فيما وُضع المنافس الثاني، أحمد شفيق، قيد الإقامة الجبرية، ودفعت الاعتقالات المرشحين الآخرين إلى الانسحاب.

وسمحت التعديلات الدستورية، التي تمت الموافقة عليها بأغلبية ساحقة في استفتاء وطني أجري في عام 2019، بتمديد الولاية الرئاسية إلى 6 سنوات بدلا من 4 سنوات، كما ألغت الحد الأقصى لبقاء الرئيس في منصبه بفترتين، ومهدت الطريق أمام السيسي للترشح لولاية ثالثة، ولذا فمن المحتمل أن يظل في السلطة حتى عام 2030.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية لعام 2024، في أواخر ديسمبر/كانون الأول أو أوائل يناير/كانون الثاني، يشهد المصريون تكرارًا للأساليب القاسية المستخدمة في الانتخابات الأخيرة في عام 2018، والتي تهدف وفقًا للمرشح المعارض، أحمد طنطاوي، إلى "إسكاته".

ومنذ أواخر أبريل/ نيسان الماضي، تم اعتقال واحتجاز ما لا يقل عن 12 من أفراد عائلة وأنصار طنطاوي، وهو عضو سابق في البرلمان، بتهمة "التنظيم".

خنق المعارضة

قال الباحث بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، عمرو مجدي، إن الاعتقالات، التي جاءت في أعقاب إعلان طنطاوي عن ترشحه للرئاسة، تهدف إلى "خنق المعارضة السلمية".

وحزب الوفد الليبرالي، الذي دعم محاولة السيسي لإعادة انتخابه في الانتخابات الرئاسية 2018، هو، الحزب السياسي الوحيد الذي قدم زعيمه، عبدالسند يمامه، مرشحًا للانتخابات المقبلة، ومن المتوقع أن تسمي أحزاب سياسية أخرى مرشحين لها في الأسابيع القادمة.

وتلفت شهيرة إلى أن الهدف من هكذا ترشيحات هو "إعطاء شكل لما يشبه انتخابات حرة وديمقراطية"، لكن الواقع يتمثل في الردع المستمر للمنافسين المحتملين، مثل جمال مبارك، أصغر نجلي الرئيس المخلوع، حسني مبارك.

وفي هذا الإطار، شن الإعلام المصري، الموالي للنظام، حملة هجوم على إمكانية خوض طنطاوي أو مبارك لانتخابات الرئاسة، وفي إشارة إلى مادة في قانون الانتخابات تنص على عدم جواز ترشيح أي شخص صدر ضده حكم نهائي، أكد الإعلامي، مصطفى البكري، أنه لا يجوز لجمال مبارك الترشح للانتخابات.

فقد حُكم على جمال بالسجن 3 سنوات عام 2016 بتهمة اختلاس أموال الدولة فيما وصفته وسائل الإعلام المصرية بقضية القصور الرئاسية، وذلك بعدما اتُهم وشقيقه رجل الأعمال، علاء، بالاستيلاء على ما يقرب من 125 مليون جنيه مصري (حوالي 4 ملايين دولار) من أموال الدولة التي كانت مخصصة لترميم وصيانة القصور الرئاسية.

وفي مقابلة تليفزيونية على قناة العربية، في منتصف يوليو/تموز، سأل ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطني، جمال عما إذا كان يفكر في الترشح للانتخابات المقبلة، فيما رفض علاء مبارك السؤال على مواقع التواصل الاجتماعي، معلقا: "ليس من شأنك، لماذا أنت فضولي إلى هذا الحد؟".

ومنذ أن أثارت خطط جمال لخلافة والده الغضب العام في السنوات الأخيرة من حكم مبارك، ما أدى في النهاية إلى الإطاحة بالرئيس السابق في 11 فبراير/شباط 2011 عبر احتجاجات شعبية، تغير الكثير في مياه السياسة المصرية، وأثرت الأزمة الاقتصادية العميقة على شعبية السيسي، الذي بات متهما "بسوء الإدارة السياسية" و"القمع المنهجي" من قبل دعاة حقوق الإنسان والمنتقدين.

أنصار الإخوان

وتشير شهيرة إلى أن الكثير من المصريين المتعبين غيروا موقفهم من انتفاضة 2011 التي أدت إلى الإطاحة بمبارك، ويشعرون اليوم بالحنين إلى "الأيام الخوالي" في ظل حكم الرئيس السابق.

وفي هذا الإطار، يتداول مصريون صورا لمبارك مبتسما على منصات التواصل الاجتماعي، مع تعليقات حول أسعار السلع الأساسية في عهده وكيف تدهور الوضع الاقتصادي منذ ذلك الحين.

ويحرص أولئك الذين تضرروا بشدة من الأزمة على دعم جمال مبارك، إذا قرر تحدي السيسي في الانتخابات المقبلة، ربما بدافع اليأس المطلق، حسب تقدير الباحثة بالمجلس الأطلسي، التي لم تستبعد أن يلقي المتعاطفون مع الإخوان المسلمين بثقلهم وراء جمال، على أمل أن يفتح الباب لمصالحة وطنية، ويطلق سراح قيادات وأعضاء الجماعة المسجونين.

وفي عهد مبارك الأب، تم حظر الجماعة رسميًا، ولكن تم التسامح معها، وتمكنت منت تقديم مرشحين في الانتخابات التشريعية، أمان الآن فالجماعة محظورة ومصنفة "إرهابية" وأعضاؤها وأنصارها من بين آلاف المعارضين للحكومة الذين يقبعون بالسجون.

وفي ظهور علني نادر بجنازة محامي الدفاع عن مبارك، فريد الديب، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، رحب العشرات من أنصار جمال مبارك به، ونعته أحد المؤيدين بالسيد الرئيس"، بينما قبل آخر جبهته طالبًا "الصفح عن الانتفاضة التي أدت إلى الإطاحة بوالده".

وعكست الصور، التي انتشرت على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، مستوى الاستياء العام من نظام السيسي، بحسب الباحثة في المجلس الأطلسي، مشيرة إلى أن جمال مبارك اتخذ خطوات لتحقيق طموحاته السياسية، بعدما قضت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي، في أبريل/نيسان 2022، بتأييد إلغاء عقوبات الاتحاد ضد مبارك وعائلته، ووصفت تلك العقوبات بأنها "غير قانونية".

كما أسقط المدعون الفيدراليون السويسريون قضية غسيل الأموال ضد نجلي مبارك، وقررا فك تجميد 430 مليون دولار من الأصول المملوكة لأسرة مبارك.

وابتهج جمال بالحكم عبر بيان مصور على يوتيوب، قال فيه: "الادعاءات الكاذبة تم دحضها بشكل قاطع؛ وهكذا تم تصحيح السجل التاريخي بشكل مستقل وقضائي".

ومع ذلك، قوبلت محاولة جمال لاستعادة صورة عائلته الملوثة بالسخرية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة من النشطاء الذين شاركوا في ثورة 2011، الذين تساءلوا: كيف جمع آل مبارك هذه الثروة؟

خط أحمر

وهنا تشير شهيرة إلى أن محاولة جمال مبارك المحتملة للصعود إلى سدة الرئاسة المصرية تمثل خطا أحمر للقيادة المصرية أيضا، إذ أثبتت الأحداث أن الجيش لا يتسامح مطلقًا مع أي مدني في المنصب الأعلى.

وكانت خطة مبارك لتسليم مقاليد السلطة لابنه، الذي كان في ذلك الوقت رئيسا للجنة السياسات في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، هي أحد الأسباب الرئيسية لانقلاب الجيش ضده.

لكن الباحثة بالمجلس الأطلسي أشارت إلى أن حملة وسائل التواصل الاجتماعي الأخيرة باستخدام الهاشتاج العربي "جمال مبارك لمنصب رئيس مصر"، تسببت في إثارة الذعر في الأوساط الداعمة للسيسي.

وعلى مدار العام الماضي، استخدم قرابة 240 ألف مصري منصة تويتر لدعوة جمال إلى الترشح للرئاسة، ولا يزال من غير المؤكد ما إذا كان نجلس الرئيس المخلوع سيستجيب لتلك النداءات أم لا، لكن المؤكد هو أن السلطات المصرية ستفعل كل ما في وسعها لمنعه من الترشح.

وفي يوليو/تموز، رفع عبدالسلام إسماعيل، مدير المركز القومي لدعم المواطنة وحقوق الإنسان، دعوى أمام المحكمة الإدارية، تطالب بمنع أبناء مبارك من الترشح لأي منصب رفيع في الدولة، في رد فعل وصفته الباحثة في المجلس الأطلسي بأنه "يؤشر إلى مشاهدة ممتعة لما سيحدث في الأشهر المقبلة".

المصدر | شهيرة أمين/المجلس الأطلسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر عبدالفتاح السيسي جمال مبارك علاء مبارك أحمد طنطاوي مصطفى بكري الإخوان

لضمان نزاهتها.. الطنطاوي يسلم 12 مطلبا لرئيس هيئة الانتخابات المصرية

تصريحات بدراوي عن السيسي والانتخابات والاقتصاد تثير جدلا واسعا.. ماذا قال وكيف رد الناشطون؟

علاء مبارك يأكل الكشري في القاهرة.. جدل واسع وتكهنات قبل الانتخابات (فيديو)

هيئة الانتخابات بمصر تبدأ استعداداتها وتعلن موعد الاقتراع قريبا.. ومطالبات بإشراف قضائي

دعوة ترشيح صهر السيسي لرئاسة مصر تثير جدلا واسعا.. ماذا قال الناشطون؟

رئاسيات مصر.. أمر واقع آخر بالنسبة للسيسي وربما المعارضة