مصر تجند أطفالا لقتال تنظيم الدولة في سيناء.. وتنديد حقوقي

الأربعاء 9 أغسطس 2023 06:45 ص

تتداول المجموعات القبلية في سيناء صوراً ومقاطع فيديو لأطفال يحملون أنواع الأسلحة المختلفة، خلال مشاركتهم في العمليات العسكرية المصرية المتواصلة هناك، في مواجهة عناصر تنظيم "ولاية سيناء"، الفرع المصري لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)؛ ما تسبب في إصابة عدد من هؤلاء الأطفال، أو قتلهم.

وظهر عشرات الأطفال المسلحين بجانب أفراد الجيش في مقاطع مصورة، بعض منها كان بثاً مباشراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي لقيادات وعناصر في "اتحاد قبائل سيناء" الذي يعمل تحت إمرة أجهزة الاستخبارات المصرية، في تأكيد على التعاون الميداني المباشر واليومي، مع تبرير مقتل بعضهم، أو إصابة آخرين، بأنه مدعاة للتفاخر باعتبارهم مقاتلين ضد تنظيم "ولاية سيناء"، الذي تعتبره السلطات إرهابيا.

ووفق مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان (مستقلة ومقرها بريطانيا)، فإنه بين عامي 2013 و2022 جُنِّد أطفالٌ لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً، وشارك البعض دون سن 18 عاماً مباشرةً في الأعمال العدائية.

وبينت أن هذا التجنيد يتم تحت إشراف السلطات المصرية، في تحدٍّ صارخ لكل القوانين والمواثيق الدولية التي تشدد على حماية حقوق الأطفال، خصوصاً أثناء النزاعات المسلحة.

ووجدت المؤسسة، في تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي"، وترجمه "الخليج الجديد"، أن آخرين كُلِفوا بالتجسس وعمليات التمشيط وإيصال الطعام إلى نقاط التفتيش العسكرية والكمائن والبحث عن المتفجرات وتفكيكها.

واستند التقرير، الذي استمر شهوراً، جزئياً إلى شهادات أقارب الأطفال وأعضاء القبائل الموالية للحكومة، وطفل يُزعُم أنَّ القوات المسلحة جنّدته.

وحسب التقرير، فقد قتلت "ولاية سيناء" بعض هؤلاء الأطفال، وكان من بينهم شاب يبلغ من العمر 17 عاماً قُتِل أمام والده بمشرط، ثم تُرِك رأسه عند معبر للسكك الحديدية في قريته.

وتلفت المؤسسة إلى أن آخرين أصيبوا بجروح خطيرة أثناء عملهم، من بينهم عدة جرحى إثر انطلاق متفجرات.

في بعض الحالات التي عرضها التقرير الحقوقي، وعد الجيش والمليشيات الأطفال بالوقود والطعام، أو بإمكانية العودة إلى القرى التي نزحوا منها لاحقا.

واستخدم الجيش والمليشيات هذه الاستراتيجية، لا سيما مع الأطفال المنحدرين من عائلات مهمشة لفترة طويلة لا تنتمي إلى أي من قبائل سيناء، بحسب التقرير.

ووُعد طفلان ببطاقات عضوية في جمعية مقاتلي سيناء، والتي قال أحد السكان للمنظمة الحقوقية من المفهوم أنها تجلب "نوعًا من الإفلات من العقاب والسلطة".

واعتبرت المنظمة الحقوقية أن "الأطفال وجدوا في تعاونهم مع الجيش فرصة للحصول على السلطة والامتيازات من خلال الاقتراب من ضباط الجيش".

ويُظهر مقطع فيديو، أحد هؤلاء الأطفال بعد تعافيه من إصابة ألمت به نتيجة انفجار عبوة ناسفة، ثم عودته مجدداً إلى ميدان القتال، وفي المقطع نوع من الفخر أو التباهي بشجاعة الطفل.

وقال أقارب الطفل جاسر الباطن، إنه تم تجنيده بشكل غير رسمي من قبل السلطات المصرية عندما كان في الـ12 من عمره.

وعلى مدى السنوات الأربع التالية، تم تكليفه بالتجسس في حيه ببلدة الشيخ زويد.

وفي سن الـ16، طلب منه الضباط القيام بتوصيل الطعام إلى المواقع العسكرية في سيارته الخاصة، مقابل "راتب رمزي" ووقود أو طعام له ولأسرته.

وحسب مؤسسة سيناء، فإن الفتى قتل بعبوة ناسفة في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، زرعها مقاتلو تنظيم "ولاية سيناء" على الأرجح وفجرت سيارته.

وقال طفل آخر من قرية بئر العبد، إن عمه أقنعه بالبدء في العمل بالجيش المصري عام 2018.

وتم تكليف الفتى، الذي لم يتم الكشف عن هويته حفاظا على سلامته، بإيصال الطعام إلى نقاط التفتيش الأمنية، لكن بعد عامين، قال عمه إنه يمكن أن "يشارك في الحرب".

وقال الفتى للمنظمة: "كنت خائفًا، كان عمري 17 عامًا فقط، لكنّ عمي وضابطا درباني على إطلاق النار لمدة شهرين تقريبًا، ثم أردت المشاركة لذا تركت المدرسة".

وبموجب القانون الدولي، الحكومات مُلزَمة بعدم تجنيد الأطفال دون سن 15 عاماً، أو إشراكهم في القتال.

ويصنف النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية هذا التجنيد سواء من الحكومة أو الجماعات المسلحة بأنه جريمة حرب.

وهذه ليست المرة الأولى التي تشير مؤسسة سيناء إلى انتهاكات بحق الأطفال خلال القتال المتصاعد من 2013.

وسبق أن ذكرت أن ما لا يقل عن 59 مدرسة قد هُدِّمَت أو تعرضت للهجوم، فيما تحولت 37 مدرسة إلى قواعد عسكرية؛ مما ترك جيلاً من التلاميذ خارج المدرسة.

والعام الماضي، زعمت الحكومة في وسائل إعلام محلية، أنها موَّلت بناء مدارس جديدة في شمال سيناء على مدى السنوات الماضية، لكن مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان تختلف مع هذه المزاعم، وتقول إن منطقة شمال سيناء فيها 96 مدرسة لم تعد صالحة للاستخدام، وكثير من الأطفال المسجلين رسميًا في مدارس قد خرجوا من التعليم في واقع الأمر.

وقالت المؤسسة إن الوضع المتدهور في المنطقة، لا سيما تدهورها الاقتصادي، دفع الأطفال نحو التجنيد.

وفي ختام تقريرها، دعت مؤسسة سيناء، الحكومة المصرية إلى "الوقف الفوري للتجنيد أو التطويع أو الاستخدام الذي يشمل الأطفال دون سن 18 للقتال أو في أدوار دعم عسكرية تعرضهم للخطر".

وأوصت أيضاً مجلس الأمن الدولي بإحالة النزاع في شمال سيناء إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم حرب محتملة.

كما دعت المؤسسة، الحكومات الأخرى إلى "محاسبة مصر على التزاماتها الدولية المتعلقة بتجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة".

ويقول التقرير: "يتعين على صانعي السياسة في الولايات المتحدة والعواصم الغربية الموازنة بين هذه الإجراءات والمساعدات الخارجية، ولا سيما المساعدات العسكرية؛ للتأكد من عدم تورط أموالهم في هذه الممارسات".

وتقاتل القوات المسلحة المصرية ولاية سيناء في شمال سيناء منذ 2013، التي هاجم خلالها التنظيم الإرهابي قوات الأمن والمدنيين.

وفي عام 2015، بدأت قوات موالية للحكومة، مكونة من قبائل من المنطقة، القتال لدعم السلطات المصرية.

وأثر الصراع بشدة في الجنود والمدنيين، على الرغم من صعوبة قياس الصورة الكاملة لأن الصحفيين غالباً ما يُمنَعون من دخول المنطقة.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن الفترة بين 2013 و2020 شهدت نزوح أكثر من 100 ألف من سكان شمال سيناء البالغ عددهم 450 ألف نسمة، أو مغادرتهم المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، هُدِم ما لا يقل عن 12530 مبنى وأُغلِقَت أراضٍ زراعية بمساحة 6000 هكتار.

المصدر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أطفال سيناء تجنيد أطفال تنديد حقوقي سيناء ولاية سيناء داعش الجيش المصري