من السياحة والترفيه إلى الحليب والقهوة.. صندوق السعودية السيادي يراهن على الاستثمار المحلي

الخميس 10 أغسطس 2023 09:07 ص

سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء على اتجاه الصندوق السيادي السعودي نحو تركيز استثماراته محليا بعدما حقق نجاحا عالميًا من خلال استثمارات في "صندوق رؤية"، ذراع الاستثمار التكنولوجي لـ "سوفت بنك" الياباني، ونادي كرة القدم الإنجليزي "نيوكاسل يونايتد" ولعبة الجولف الأمريكية للمحترفين، مشيرة إلى أن رهان الصندوق على قطاعات التمور والقهوة والصحة والجمال.

وذكرت الصحيفة، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الصندوق، الذي ضخ عشرات المليارات من الدولارات في استثمارات عالمية رفيعة المستوى، يعمل حاليا على تسريع الإنفاق في الداخل، ويركز استثماراته في الشركات الناشئة.

 وأضافت أن الصندوق أعلن، الشهر الماضي، أنه سيبدأ الاستثمار في حليب الإبل والتمور المزروعة في المنطقة المحيطة بالمدينة المنورة، وإطلاق شركة مصدرة للحوم الحلال، واستهداف جعل القهوة السعودية تحظى بشعبية عالمية.

وتأتي كل هذه الرهانات في إطار مساعي ولي العهد الأمير، محمد بن سلمان، لتنويع اقتصاد السعودية بعيدًا عن النفط من خلال خلق فرص عمل للمواطنين وتعزيز الاستهلاك المحلي وجذب الاستثمار الأجنبي.

لكن نفوذ ولي العهد السياسي واتخاذه للقرارات بالصندوق السيادي بأوامر عليا يثير تساؤلات حول ما إذا كان عاملا ضاغطا على القطاع الخاص، حسبما يرى روبرت موجيلنيكي، الباحث المقيم في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، مشيرا إلى أن التحدي الذي يواجه الصندوق هو تسخير سمعته العالمية المتنامية لتوجيه اهتمام المستثمرين إلى السوق السعودية دون مزاحمة الأعمال الخاصة.

ومع تدفق السيولة بعد عام من الوفرة لأسعار النفط، تستخدم الحكومة السعودية صندوق الاستثمارات العامة لمضاعفة الاستثمارات المحلية، التي يغذيها ضخ رأس المال المخصص من الحكومة، وتوزيعات الأرباح من شركاتها، وتحويل الأصول من الدولة، كما أنها تقترض عشرات المليارات من الدولارات لتمويل مشروعات أكبر.

القطاع الخاص

وتريد الحكومة السعودية من صندوق الاستثمارات العامة المساعدة في إطلاق القطاع الخاص الذي يتجنب المخاطر تقليديًا وتحسين حوكمة الشركات.

ولتعزيز مشاركة القطاع الخاص في مشروعاته، أنشأ الصندوق قسماً للتنمية الوطنية برئاسة مستشار ماكينزي السابق، جيري تود، كما تنفق الدولة عشرات المليارات من الدولارات لتحفيز استثمارات القطاع الخاص.

وذكر الصندوق، في بيان أصدره الأربعاء، أن يهدف إسى استثمار طويل الأجل "يخلق فرصًا كبيرة للقطاع الخاص من خلال فتح قطاعات جديدة، وتوطين المعرفة، وبناء شراكات اقتصادية استراتيجية".

وكتب تود، في وقت سابق من هذا العام في صحيفة سعودية: "من خلال العمل كمستثمر أساسي، فإن حجم صندوق الاستثمارات العامة وأفقه الاستثماري الطويل يعني أنه يمكننا التدخل في المراحل المبكرة، ووضع الأسس والحشد في القطاع الخاص"، مضيفا: "هذا مهم بشكل خاص في القطاعات غير الموجودة حاليًا، أو التي في المراحل الأولى من النمو بالمملكة".

وحتى عام 2015، عندما أصبح بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة، لم تكن قطاعات، مثل الترفيه ودور السينما والسياحة موجودة في الدولة المحافظة، واستفاد قطاع البناء من الاستثمار في المشاريع الضخمة والإسكان، كما نما قطاع التجزئة أيضًا بعد تمكين تدفق العاملات من خلال التغييرات الاجتماعية في المملكة.

وقال بنك جدوى للاستثمار السعودي، الشهر الماضي، إنه يتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي غير المرتبط بالنفط بنسبة 5.9% هذا العام، مقارنة بانكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.5% المرتبط بالهيدروكربونات.

وقال حسنين مالك، المحلل بشركة "تليمر" لأبحاث الأسهم، إن "ما قد يبدو كمجموعة انتقائية من الاستثمارات في صندوق الاستثمارات العامة أمر منطقي"، مضيفا: "إنشاء موزع لحبوب البن المزروعة في المملكة أو لبن الإبل التي يتم تربيتها هناك أبسط من المبادرات رفيعة المستوى التي يقوم بها صندوق الاستثمارات العامة".

فعلى سبيل المثال، بدأ صندوق الاستثمارات العامة، هذا العام، في استثمار مليارات الدولارات في فرق كرة القدم المحلية لدفع مقابل انتقال مجزي للنجوم العالميين، في محاولة لجعل المنافسة المحلية في السعودية بحجم الدوري الإنجليزي الممتاز.

ونوه مالك، في هذا الصدد، على أن حبوب البن وحليب الإبل والتمر "في نهاية المطاف هي موارد أصلية"، لكن "لاعبي كرة القدم العالميين ليسوا كذلك".

وقال صندوق الاستثمارات العامة إنه يركز على تطوير 13 قطاعا يعتبره استراتيجيا، بما في ذلك الطيران والدفاع والرعاية الصحية والترفيه والرياضة.

وأشار الصندوق، في بيانه، إلى أنه يعمل على تعزيز القطاع الخاص بعد توقيع عقود مع شركات خاصة بقيمة 50 مليار دولار في عام 2022.

وفي الوقت نفسه، منح مشروع مدينة نيوم عقودًا، تزيد قيمتها على 5 مليارات دولار، لشركات تساعد في تطوير البنية التحتية، حسبما أضاف بيان الصندوق.

ومن منظور المشتريات، أفاد الصندوق بإنه يعتزم تشجيع جميع الشركات التي يمتلكها ويديرها للحصول على السلع والخدمات من السعودية.

توسع الصندوق

والصندوق السيادي السعودي ليس أول من يركز على خلق الصناعات في الداخل والاستثمار في الشركات بالخارج لتشجيعها على تأسيس فرع محلية، فقد تأسست شركة "تيماسيك" السنغافورية في عام 1974 كصندوق استثماري، وكانت من أوائل المستثمرين في الشركات، وساعدت في تطوير اقتصاد البلد الآسيوين كما تمتلك صناديق الثروة السيادية في أبو ظبي اختصاصات مماثلة.

ومنذ عام 2015، توسع صندوق الاستثمارات العامة من أقل من 50 موظفًا إلى أكثر من 2200 موظفا، وذهب إلى أبعد من أفق الصناديق السيادية الأخرى في سعيه لتطوير الاقتصاد المحلي.

ويقول الصندوق إنه أنشأ، في السنوات الخمس الماضية، 84 شركة وساعد في خلق نصف مليون وظيفة في المملكة، محققًا عائدًا يقارب 8% سنويًا.

وعلى غرار العديد من صناديق الثروة السيادية الأخرى، أعلن الصندوق السعودي عن خسارة استثمارية قياسية بقيمة 11 مليار دولار لعام 2022، وهو العام الذي كان شهد أداء ضعيفا للأسهم والأسواق الأخرى.

وقال دييغو لوبيز، العضو المنتدب لشركة Global SWF، للأبحاث: "إن عمق واتساع نطاق صندوق الاستثمارات العامة في إنشاء شركات جديدة ومتابعة المشروعات الضخمة لا مثيل له"، لكنه استدرك قائلاك: "التحدي المتمثل في مثل هذا النهج هو أن تطوير المشروعات المحلية يختلف تمامًا عن الاستثمار في الأسهم الخارجية".

وتواجه استراتيجية الحكومة السعودية مخاطر إذا انخفضت أسعار النفط، إذ يقدر المحللون أن المملكة بحاجة إلى إبقاء الأسعار فوق 80 دولارًا للبرميل لتمويل خطط ولي العهد.

وبعد التداول عند مستويات منخفضة، في وقت سابق من العام الجاري، وسط مخاوف من تباطؤ الطلب العالمي، ارتفع خام برنت، معيار النفط الدولي، بقوة فوق 80 دولارًا للبرميل بعد قفزة بنسبة 13% في يوليو/تموز وانخفض 1.8% إلى 83.82 دولار يوم الثلاثاء.

وتتوقع شركة كابيتال إيكونوميكس أن تنخفض أسعار النفط العام المقبل، وفي حين أن المملكة لديها مجال للاقتراض بمعدل أكبر، فإنها قد تقلص الإنفاق.

وذكرت الشركة في مذكرة لها أنه: "من المرجح أن تتلاشى دفعة النمو الاقتصادي من الإنفاق الحكومي وقد يتراجع الإنفاق الرأسمالي على المشاريع العملاقة في المملكة".

وفي غضون ذلك، يستمر ضخ صندوق السيادي السعودي للثروة نقدًا لبدء شركة لخطوط الرحلات البحرية، ومشغل طائرات هليكوبتر، ومصنع للسيارات الكهربائية، وشركة طيران وطنية ثانية.

وأعلن الصندوق، الإثنين عن إطلاق "شركة لياقة بدنية ورفاهية متكاملة" تركز على النساء، برئاسة الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، السفيرة السعودية في واشنطن.

كما أفاد الصندوق، في إعلان منفصل، بأنه يخطط لإطلاق شركة لإدارة المرافق الأسبوع الجاري.

المصدر | وول ستريت جورنال/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية صندوق الاستثمارات العامة محمد بن سلمان نيوم سوفت بنك

صندوق الاستثمارات السعودي يسيطر على كبرى شركات الحديد في المملكة

استدعاء الشيوخ الأمريكي للسيادي السعودي.. صفقة الجولف تثير الجدل مجددا حول شفافية الصندوق

طفرة السياحة في السعودية.. تداعيات اقتصادية وتأثيرات اجتماعية وتحديات متزايدة

بأيدي الشباب وعبر "بوابة مكة".. تطوير جدة لحماية التراث وجذب السياحة

عبر "هايبر سبيس".. السعودية تستثمر الملايين في متنزهات ترفيهية رقمية

"السيادي السعودي" يعتزم الاستحواذ على حصة بشركة لإعادة التأمين

استثمارات الصندوق السيادي.. توسع كبير بالسوق المحلية بـ "مخاطرة أعلى"